كلمة التقوى المجلد 7

اشارة

سرشناسه : زین الدین، محمد امین، 1914 - 1998م.

عنوان و نام پديدآور : کلمه التقوی/ المولف فتاوی المرجع الدینی محمدامین زین الدین دام ظله.

مشخصات نشر : قم: موسسه اسماعیلیان، 14ق. = 13.

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : 1500ریال (ج.3) ؛ 1500 ریال (ج. 5)

يادداشت : فهرستنویسی براساس جلد سوم، 1413ق. = 1371.

يادداشت : کتاب حاضر در همین سال توسط چاپخانه مهر نیز منتشر شده است.

يادداشت : عربی.

يادداشت : ج. 5 (چاپ اول: 1413ق. = 1371).

مندرجات : ج. 3. کتاب الحج. بخش دوم.- ج. 5. کتاب الشفعه

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/ز9ک 8 1371

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : م 71-5360

المعاملات

كتاب النكاح و فيه عدة فصول:

الفصل الأول في مقدمات التزويج و أحكام الخلوة بالزوجة

المسألة الأولى:

النكاح من المستحبات المؤكدة في الإسلام، و هذا الحكم فيه غني عن البيان، و قد ورد عن الرسول (ص): ما بني بناء في الإسلام أحب الى اللّه عز و جل من التزويج، و عنه (ص) انه قال: (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس منى)، و عنه (ص): (من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق اللّه في النصف الآخر)، و عنه (ص): (من أحب أن يلقى اللّه طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة).

بل يستفاد من كثير من النصوص كراهة العزوبة، و قد ورد عن أبي عبد اللّه (ع): (ركعتان يصلّيهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب)، و عنه (ص): (رذال موتاكم العزاب)، و عن أبي عبد اللّه (ع):

(ما أفاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة إذا رآها سرته، و إذا غاب عنها حفظته في نفسها و ماله)، و عنه (ص): (من ترك التزويج مخافة العيلة فقد ساء ظنه باللّه (عز و جل)، ان اللّه (عز و جل) يقول إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ).

و

استحباب النكاح شامل لمن اشتاقت نفسه للنكاح و من لم تشتق نفسه اليه، و هو كذلك ثابت لمن لم يتزوج و لمن تزوج الواحدة و لمن تزوج الأكثر، و الظاهر ان الاستحباب فيه لا يختص بالنكاح الدائم، بل هو شامل له و للنكاح المنقطع و للتسري بالإماء المملوكة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 6

المسألة الثانية:

مما يهتم به في هذا السبيل أن ينظر الرجل في صفات المرأة التي يطلب الزواج بها، فقد ورد عن الرسول (ص) انه قال: (اختاروا لنطفكم فان الخال أحد الضجيعين)، و قد روي عنه (ص): (تخيروا لنطفكم فإن الأبناء تشبه الأخوال)، و الظاهر ان هذا الخبر نقل بالمعنى لرواية منقولة في كتاب كنز العمال.

و عن الإمام أبي عبد اللّه (ع): (إنما المرأة قلادة، فانظر ما تتقلد)، و عنه (ص): (إياكم و خضراء الدمن، قيل يا رسول اللّه (ص) و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء).

و عن أبي جعفر (ع) عنه (ص): (من تزوج امرأة لا يتزوجها الا لجمالها لم ير فيها ما يحب، و من تزوجها لمالها لا يتزوجها الا له و كله اللّه اليه، فعليكم بذات الدين).

و أن تنظر المرأة و أولياؤها في صفات الرجل الذي يريد الزواج بها فعن الرسول (ص): (النكاح رق فإذا أنكح أحدكم وليدته فقد أرقها، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته).

و أهم الصفات التي ينبغي أن يدور حولها الاختيار في كل من المرأة و الرجل على السواء: الخلق و الدين، فإنهما جماع الخصال الحميدة و السلوك الرضي، و أوثق ما تضمن به السعادة للأسرة، و أحفظ ما تصان به صلة الزواج المقدسة في الإسلام، و عنه (ص): (إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه،

الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير)، و مما يستحب من صفات المرأة أن تكون بكرا، ولودا، و دودا، عفيفة، كريمة الأصل، عزيزة في أهلها، ذليلة مع بعلها، إن أنفقت أنفقت بمعروف، و ان أمسكت أمسكت بمعروف، و مما يطلب فيها أن تكون جميلة، ضحوكا، حسناء الوجه، طويلة الشعر، كما نطقت بذلك كله أحاديث الرسول و أهل بيته الهداة (ع).

المسألة الثالثة:

يكره للرجل أن يتزوج بالمرأة العاقر، و ان كانت جميلة حسناء ذات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 7

رحم منه و ذات دين، و يكره له أن يتزوج بقابلته و هي المرأة التي تولت أمر أمه عند ولادته و التي تولت تربيته و أن يتزوج بنتها، و ان يتزوج بامرأة كانت ضرة أمه عند غير أبيه، و بالمجنونة و الحمقاء.

و يكره له التزوج بالمرأة المتولدة من الزنا، و يكره التزوج بالمرأة الزانية للرجل الزاني بها و لغيره، و لا يترك الاحتياط باجتناب التزوج بالمرأة المشهورة بالزنا، للزاني بها و لغيره، إلا إذا أظهرت توبتها، و يعلم ذلك كما في الخبر بأن تدعى إلى الفجور، فإن أبت عنه ظهرت بذلك توبتها.

و يكره ان يزوج سي ء الخلق من الرجال، و المخنث، و الفاسق و شارب الخمر، و الأعرابي، و يراد به من أبعدته بداوته و عدم تحضره عن الدين و أخلاق الإسلام.

المسألة الرابعة:

يستحب للرجل إذا هم بالتزويج و قبل أن يعين المرأة أن يصلي ركعتين و يحمد اللّه، ثم يقول: (اللهم اني أريد أن أتزوج، اللهم فأقدر لي من النساء أعفهن فرجا و أحفظهن لي في نفسها و مالي و أوسعهن رزقا، و أعظمهن بركة و اقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي). و يستحب أن يقول: (أقررت بالميثاق الذي أخذ اللّه، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).

المسألة الخامسة:

تستحب الخطبة أمام العقد، و يكفي فيها: (الحمد للّه و الصلاة على محمد و آله)، و أكملها ما اشتمل على الحمد و الصلاة و الشهادتين و الوصية بالتقوى و الدعاء للزوجين. و يستحب إعلان النكاح و الاشهاد عليه و إيقاعه ليلا، و يستحب أن يكون الزفاف ليلا كذلك.

و تستحب الوليمة للتزويج يوما أو يومين، و يكره أكثر من ذلك، و يستحب ان يدعى لها المؤمنون و أن يعم بها الفقراء و الأغنياء من اخوانه و قرابته، و تستحب لهم إجابة الدعوة و الأكل منها، و ينبغي ان لا يخص بها الأغنياء ففي الحديث عن الرسول (ص): (شر الولائم ما يدعى لها الأغنياء و يترك الفقراء).

كلمة التقوى، ج 7، ص: 8

المسألة السادسة:

يكره إيقاع العقد و القمر في برج العقرب، و إيقاعه يوم الأربعاء و في محاق الشهر، و ينبغي التوقي من الأيام السبعة المعروفة بالكوامل، و هي اليوم الثالث من الشهر القمري، و الخامس منه، و الثالث عشر و السادس عشر، و الحادي و العشرون، و الرابع و العشرون، و الخامس و العشرون.

المسألة السابعة:

يستحب عند الدخول أن يكون كل من الرجل و المرأة على طهر، و أن يصلي الرجل ركعتين و تصلي المرأة كذلك، و أن يدعو الرجل بعد الصلاة و يبدأ بالحمد للّه و التمجيد له، و الصلاة على محمد و آله، ثم يقول: (اللهم ارزقني الفها و ودها و رضاها بي، و أرضني بها و اجمع بيننا بأحسن اجتماع و آنس ائتلاف، فإنك تحب الحلال و تكره الحرام).

و يأمر من معها أن يؤمنوا على دعائه.

و يستحب أن يضع يده على ناصيتها، و يقول: (اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان).

المسألة الثامنة:

يجوز أن يؤكل ما ينثر في الأعراس و المواليد و غيرهما من مناسبات الأفراح و مواسمها، بل و ما ينثر في المشاهد المشرفة مع الاذن من المالك، و تكفي في ذلك دلالة القرائن و شاهد الحال عليه، و يجوز للملتقط تملكه إذا أعرض عنه صاحبه بعد بذله كما هو الغالب، أو قصد صاحبه ببذله التمليك للآخذين.

و إذا أعرض عنه صاحبه فأخذه الملتقط، فهل يجوز لصاحبه الرجوع به؟ فيه اشكال، و لا يترك الاحتياط لكل منهما.

المسألة التاسعة:

من آداب خلوة الرجل بزوجته، و لو في غير ليلة الزفاف: التسمية عند ارادة الجماع، و الاستعاذة باللّه من الشيطان الرجيم، و أن يقول

كلمة التقوى، ج 7، ص: 9

(بسم اللّه و باللّه، اللهم جنبني الشيطان و جنب الشيطان ما رزقتني)، أو يقول: (بسم اللّه الرحمن الرحيم الذي لا إله الا هو بديع السماوات و الأرض، اللهم ان قضيت مني في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا و لا نصيبا و لا حظا، و اجعله مؤمنا مخلصا مصفى من الشيطان و رجزه، جل ثناؤك)، أو يقرأ غير ذلك مما هو مأثور عن المعصومين (ع) و من الآداب أن يداعب الرجل المرأة قبل جماعها، و أن يمكث فيه و لا يتعجل، ففي الحديث: (إذا جامع أحدكم أهله فلا يأتيهن كما يأتي الطير، ليمكث و ليلبث). و في خبر آخر: (فلا يعجلها فان للنساء حوائج).

و يجوز له أن يقبل أي جزء أراد من جسد الزوجة، و ان تمس هي أي جزء من بدنه أرادت بأي جزء من بدنها، و مما يندب اليه على وجه العموم أن يكون الزوج على طهر عند الجماع، و يستحب ذلك إذا كانت المرأة حاملا. و

يستحب الجماع في ليالي الاثنين و الثلاثاء و الخميس و الجمعة، و في يوم الخميس عند الزوال و يوم الجمعة بعد العصر.

المسألة العاشرة:

يكره الجماع في يوم تنكسف فيه الشمس و في ليلة ينخسف فيها القمر، و في يوم أو ليلة تحدث فيها الزلزلة أو الريح السوداء، أو الريح الحمراء أو الصفراء، أو تحدث فيها آية سماوية أو أرضية أخرى توجب الخوف.

و يكره الجماع ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس، و من مغيب الشمس الى أن يذهب الشفق، و عند زوال النهار إلا في يوم الخميس، و في أولى ليلة من الشهر القمري الأشهر رمضان، و في النصف من كل شهر و في المحاق منه، و في ليلة الفطر و ليلة الأضحى، و يكره الجماع في السفر إذا لم يجد ماءا للغسل، و في أي ليلة يريد السفر فيها، و يكره الجماع في السفينة، و على ظهر الطريق، و تحت السماء، و تحت الشجرة المثمرة، و على الامتلاء من الطعام، و يكره و هو مستقبل القبلة و مستدبرها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 10

و يكره الجماع و أحد الزوجين أو كلاهما مختضب، و يكره للرجل أن يجامع بعد أن يحتلم قبل أن يغتسل من احتلامه، و تتكرر الكراهة إذا كرر الجماع قبل أن يغتسل من الاحتلام، و يكره له ان يجامع و هو عريان، و أن يجامع و عنده من ينظر اليه و ان كان طفلا غير مميز، و ان يتكلم في حال الجماع بغير ذكر اللّه، و ان ينظر عند الجماع الى فرج المرأة، و أن يكون معه خاتم فيه ذكر اللّه أو شي ء من القرآن.

و مما يندب اليه: أن تكون خرقة الرجل غير خرقة

المرأة فلا يمسحا بخرقة واحدة، ففي الخبر أن وقوع الشهوة على الشهوة تعقب العداوة بينهما.

المسألة 11:

يجوز للرجل أن يعود للجماع قبل أن يغتسل من جماعه الأول و لا كراهة عليه في ذلك و ان جامع مرارا، نعم، يستحب له غسل الفرج و الوضوء في كل مرة، سواء كان جماعه لامرأة واحدة أم لأكثر، و ربما كان التأكيد على غسل الفرج و الوضوء مع تعدد المرأة أكثر، فلا ينبغي تركه بل الأحوط عدم تركه.

المسألة 12:

يستحب تخفيف مئونة الزواج و تقليل المهر، ففي الحديث عن رسول اللّه (ص): (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها و أقلهن مهرا)، و يستحب التعجيل في تحصين البنت بتزويجها عند بلوغها، فقد ورد عن الامام الصادق (ع): (من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته).

و يستحب السعي في التزويج بين المؤمنين و الشفاعة فيه، ففي الحديث عن أمير المؤمنين (ع): (أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع اللّه بينهما).

و مما يندب للرجل إذا خشي العنت من العزوبة و لم يتمكن من الزواج أن يوفر شعر بدنه و أن يكثر من الصيام، ففي الرواية:

(أن رجلا جاء إلى النبي (ص) فقال يا رسول اللّه (ص) ليس عندي طول فأنكح النساء، فإليك أشكو العزوبة، فقال (ص) له و فر شعر جسدك و أدم الصيام، ففعل فذهب ما به).

كلمة التقوى، ج 7، ص: 11

المسألة 13:

المشهور بين فقهائنا قدس اللّه أرواحهم انه يجوز للرجل أن يطأ زوجته و مملوكته دبرا، و ان كان ذلك على كراهة شديدة، و هو الأقوى، و ان كان الأحوط تركه و يتأكد الاحتياط بالترك مع عدم رضا المرأة به، و لا فرق في هذا الحكم بين المرأة الطاهرة و الحائض، فإن الظاهر من تحريم وطء الحائض انما هو حرمة وطئها قبلا، فليس إلا الكراهة الشديدة في وطئها دبرا و الاحتياط المذكور.

المسألة 14:

إذا منعت المرأة زوجها فلم تمكنه من وطئها دبرا لم تكن بذلك ناشزا على الأقوى إذا مكنته من غيره، و ان قلنا بجوازه كما تقدم.

المسألة 15:

وطء المرأة في دبرها كوطئها في قبلها، فتترتب عليه جميع الأحكام التي تترتب على دخول الرجل بالمرأة عدا ما سيأتي التنبيه عليه في المسألة اللاحقة، فإذا وطأ الرجل زوجته المعقودة عليه دبرا استقر بذلك جميع مهرها كما يستقر في وطئها قبلا، و إذا طلقها بعده وجبت عليها العدة، و إذا دخل بها كذلك و هي صائمة أو و هو صائم بطل الصوم و ان لم ينزل، و تثبت به كذلك أحكام المصاهرة المشروطة بالدخول كحرمة الربيبة المشروطة بالدخول بأمها، و إذا وطأ امرأة أجنبية كذلك ثبت به حد الزنا، و إذا كان الوطء شبهة ثبت به مهر المثل للمرأة و وجبت عليها العدة، و إذا وطأ كذلك و أنزل وجب عليه الغسل، و إذا وطأها دبرا و لم ينزل ففيه تفصيل ذكرناه في مبحث الجماع من فصل غسل الجنابة فلتراجع المسألة الأربعمائة و السابعة و الثلاثون من كتاب الطهارة و ما بعدها.

المسألة 16:

يشكل الاكتفاء بوطء المرأة الشابة دبرا في حصول ما يجب لها من الوطء مرة في كل أربعة أشهر و لعل الأقوى عدم الاكتفاء بذلك، و سيأتي ذكر هذا الحكم قريبا (ان شاء اللّه تعالى). و يشكل الحكم بحصول الفئة بعد الإيلاء من الزوجة بوطئها دبرا، و يشكل الاكتفاء به في تحليل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 12

المرأة المطلقة ثلاثا إذا نكحها زوج آخر فوطأها دبرا و لم تذق عسيلته، و لا يترك الاحتياط في المسألتين.

المسألة 17:

عزل الرجل عن المرأة هو أن يخرج ذكره منها عند الانزال فيفرغ ماءه في الخارج، و بحكمه ما يستعمل لذلك من كيس و نحوه، يلبسه الرجل ذكره، فينزل فيه عند الجماع ثم يخرجه مع الذكر خارج الفرج بعد الفراغ.

و العزل جائز عن الأمة سواء كانت زوجة للواطي أم مملوكة له أم محللة، و هو جائز عن الحرة المتمتع بها سواء أذنت للزوج بذلك أم لم تأذن به، و جائز كذلك عن الزوجة الحرة الدائمة إذا أذنت للزوج بذلك أو كان الزوج قد اشترط ذلك عليها في عقد التزويج بها، بل الأقوى جواز ذلك مطلقا و ان لم تأذن به و لم يشترط عليها في العقد و لكنه مكروه.

و تزول الكراهة أو تخف في المرأة التي لا تلد، و في المرأة التي لا ترضع ولدها، و في المرأة المسنة من النساء، و في السليطة و البذية منهن، و السليطة هي طويلة اللسان كثيرة الصخب، و البذية هي التي تتكلم بالفحش و الكلام القبيح.

و لا تجب على الرجل دية النطفة إذا عزل عن زوجته فأفرغ ماءه في الخارج حتى على تقدير القول بحرمة ذلك.

و لا يحل للزوجة أن تعزل نفسها عن الرجل

عند الانزال حتى يفرغ ماءه في الخارج فان ذلك ينافي وجوب تمكين الزوج من نفسها.

المسألة 18:

لا يجوز للرجل أن يترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر، سواء كانت الزوجة حرة أم أمة، و سواء كانت دائمة أم منقطعة، بل حتى المرأة الموطوءة بالملك أو بالتحليل على الأحوط، و سواء طالبت الرجل بالوطء أم لا، و في شمول الحكم للمرأة غير الشابة تأمل بل منع، و ان كان الشمول لها أحوط، و الظاهر أن الحكم المذكور يختص بالرجل الحاضر،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 13

فلا يعم من كان مسافرا، سواء كان سفره واجبا لحج أو عمرة أو غير ذلك من الأسفار الواجبة أم لتجارة أو زيارة أو عمل أو تحصيل علم أو استشفاء و نحو ذلك من الأسفار المباحة أو المستحبة و خصوصا إذا كان السفر برضا الزوجة، و يشكل إذا كان السفر للأنس و التفرج فلا يترك فيه الاحتياط.

و يسقط وجوب الوطء هذا إذا رضيت المرأة بترك الوطء و ان طالت المدة، و إذا كان تركه مشروطا عليها في عقد النكاح، و مثال ذلك: أن يشترط الزوج عليها في العقد أن يكون الجماع تابعا لرغبة الزوج و ان طالت المدة، و يسقط وجوب الوطء إذا كانت الزوجة غائبة عن الزوج باختيارها، أو كان الزوج معذورا في تركه لمرض أو سجن، أو لعدم انتشار العضو، أو لخوف الضرر على نفسه أو عليها بذلك.

و يشكل الحكم بسقوط وجوب الوطء عن الزوج إذا كانت المرأة ناشزا، فلا يترك الاحتياط فيه.

و لا يكفي في حصول الواجب أن يطأها الزوج دبرا كما تقدم في المسألة السادسة عشرة، و لا يكفي أن يطأها قبلا بدون إنزال، و يكفي الدخول مع الانزال و

ان تجرد عن سائر الاستمتاعات الأخرى.

المسألة 19:

المراد من الحكم المذكور في المسألة المتقدمة ان لا يكون ما بين الوطء السابق للزوجة و الوطء اللاحق لها أكثر من أربعة أشهر، و ليس المعنى أن يطأها الزوج في كل أربعة أشهر مرة كيفما اتفقت، فلا يكفي مثلا أن يطأها في ابتداء الأربعة الأولى مرة و في آخر الأربعة الثانية مرة.

المسألة 20:

لا يجب على الرجل قضاء هذا الحق للزوجة إذا فات، فإذا ترك مواقعتها ثمانية أشهر أو سنة مثلا، لم يجب عليه ان يطأها مرتين أو ثلاثا قضاء لحقها الفائت، و ان كان عاصيا في ذلك إذا كان تركه لغير عذر، و الأحوط مصالحة الزوجة عن حقها الفائت و ارضاؤها عنه بمال أو غيره، و إذا ترك مواقعة زوجته أربعة أشهر أو أكثر لم يسقط عنه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 14

وجوب الوطء، بل يجب عليه فورا ففورا، و ان لم يكن قضاء، و يأثم بالتأخير لا لعذر.

المسألة 21:

يحرم على الرجل وطء الزوجة قبل ان تكمل لها تسع سنين، و لا فرق في هذا الحكم بين أن تكون حرة أو أمة و أن يكون الزواج بها دائما أو منقطعا، و كذلك في الأمة المملوكة له أو المحللة على الأحوط فيهما، فإذا وطأ الأنثى قبل أن تبلغ السن المذكورة كان آثما، سواء دخل بها أم لم يدخل، كما إذا وطأها ببعض الحشفة و يجوز له الاستمتاع بما سوى ذلك منها كالتقبيل و الشم و الضم و التفخيذ و غير ذلك.

المسألة 22:

إذا وطأ الرجل زوجته الدائمة أو المنقطعة قبل أن تكمل لها تسع سنين، فأفضاها- و سيأتي بيان المراد منه- فالمشهور بين الأصحاب أن وطأها بعد ذلك يكون محرما عليه أبدا، و قيل: انها تخرج بذلك عن زوجيته، و الأقوى أنها لا تخرج بذلك عن الزوجية، و لا يحرم على الزوج وطؤها بسبب ذلك و خصوصا إذا اندمل جرحها و برئت منه، سواء طلقها ثم جدد العقد عليها أم بقيا على نكاحهما الأول.

و يجب على الرجل أن يدفع لها دية الإفضاء، و هي دية النفس، فإذا كانت المرأة حرة كان لها نصف دية الرجل الحر، و إذا كانت أمة كان لها أقل الأمرين من قيمتها و دية الحرة، و تثبت لها الدية المذكورة و ان استمسك بنكاحها و لم يطلقها على الأحوط، و تجب على الرجل نفقتها ما دامت في الحياة و ان طلقها و لم يمسك بزوجيتها و لعل الأقوى وجوب نفقتها عليه و ان تزوجت بغيره بعد الطلاق.

و الإفضاء الذي تناط به هذه الأحكام هو أن يخلط الرجل بجماعة مسلكي المرأة، فيصير مسلكي الحيض و البول فيها مسلكا واحدا، قيل:

أو يصير مسلكي الحيض

و الغائط مسلكا واحدا، أو يخلط المسالك الثلاثة جميعا فيصيرها مسلكا واحدا، و في إمكان تحقق الإفضاء بالمعنى الثاني في الخارج تأمل فضلا عنه بالمعنى الأخير.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 15

المسألة 23:

إذا وطأ الرجل زوجته الحرة أو الأمة و الدائمة أو المنقطعة بعد أن كملت لها تسع سنين أو تجاوزت عنها فأفضاها بوطئه إياها على الوجه الآنف ذكره لم تحرم عليه بذلك، و لم تجب لها الدية، و وجبت عليه نفقتها ما دامت موجودة على نهج ما تقدم بيانه في الزوجة الصغيرة.

و إذا زنى بامرأة باكرة فأفضاها بوطئه إياها، لم يحرم عليه ان يتزوجها بعد ذلك و لم تجب عليه نفقتها سواء كانت كبيرة أم صغيرة لم تبلغ التسع، و وجبت لها الدية و قد تقدم ذكرها، و كذلك الحكم إذا وطأ المرأة شبهة فأفضاها، فتجب لها الدية و لا تجب عليه نفقتها و لا يحرم عليه التزويج بها إذا لم تحرم عليه من جهة أخرى، و كذلك إذا وطأ الأمة التي حللها له مالكها فأفضاها بالوطء.

المسألة 24:

إذا وطأ الرجل أمته المملوكة له فأفضاها بالوطء، على الوجه الذي تقدم ذكره لم تحرم عليه بذلك و لم تجب عليه ديتها و لم يجب عليه الإنفاق عليها إذا أخرجها عن ملكه.

المسألة 25:

لا تجري الأحكام الآنف ذكرها إذا أفضى المرأة بغير الوطء كما إذا أفضاها بإصبعه أو بشي ء آخر نعم تجب الدية على المفضي و ان كان امرأة مثلا.

المسألة 26:

إذا وجبت على الرجل نفقة الزوجة بإفضائها بالوطء قبل أن تبلغ التسع أو بعدها على ما مر بيانه وجبت عليه ما دامت في الحياة و لا يسقط وجوبها عن الزوج إذا طلق الزوجة و ان كان الطلاق برضا الزوجة أو بطلب منها، أو تزوجت بغيره بعد الطلاق، و لا تسقط النفقة بنشوز المرأة و خروجها من بيت الرجل بغير اذنه، و لا تسقط بإعسار الرجل و عدم تمكنه من الإنفاق عليها، فتكون دينا في ذمته، و كذلك إذا امتنع عن الإنفاق عليها مع قدرته، و تسقط بموت الزوجة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 16

أو موت الزوج، و لا يسقط منها ما استقر في ذمته بإعساره أو امتناعه عن دفع النفقة فيجب إخراجه من أصل تركته إذا مات.

المسألة 27:

إذا وطأ الرجل زوجته الصغيرة قبل أن تبلغ تسع سنين كاملة و دخل بها و لم يفضها أثم بفعله كما ذكرنا في المسألة الحادية و العشرين، و لم يترتب عليه شي ء من الأحكام الأخرى المتقدم ذكرها، فإنها منوطة بالإفضاء، و كذلك إذا وطأ أمته المملوكة له أو أمة غيره المحللة له من مالكها فدخل بها قبل ان تبلغ تسعا، فلا يترتب عليه شي ء من الأحكام المتقدمة غير الإثم.

المسألة 28:

إذا وطأ الرجل الأنثى قبل أن تبلغ تسع سنين، فأوجب وطؤه لها عيبا غير الإفضاء جرحا أو كسرا أو تمزقا في بعض العضلات أو غير ذلك كان ضامنا لأرش ذلك العيب، و لديته إذا كان مما فيه الدية، و إذا أفضاها و أحدث فيها مع الإفضاء عيبا آخر لزمته أحكام الإفضاء و وجب لها مع الإفضاء أرش العيب أو ديته.

المسألة 29:

إذا شك الرجل في أن زوجته المعقودة له قد بلغت تسع سنين كاملة أم لم تبلغ، لم يجز له ان يطأها حتى يعلم بأنها قد أكملت ذلك أو يحصل له الاطمئنان ببلوغها من قول الثقات من أهلها أو غير ذلك من الأمور المفيدة للاطمئنان، و كذلك الأمة المملوكة له أو التي حللها له مالكها.

الفصل الثاني في أحكام النظر

المسألة 30:

يجوز للزوج أن ينظر الى جسد زوجته المعقودة له ظاهره و باطنه حتى العورة، و يجوز له أن يمس أي عضو أراد من أعضائها بأي عضو شاء من أعضائه بتلذذ و بغير تلذذ، و يجوز للزوجة كذلك أن تنظر الى

كلمة التقوى، ج 7، ص: 17

جسد زوجها حتى العورة و ان تمس جميع أعضائه بأي عضو تشاء من أعضائها بتلذذ و بغير تلذذ.

المسألة 31:

يجوز للمالك أن ينظر الى جسد أمته المملوكة له، ظاهره و باطنه حتى العورة، و ان يمس جميع أجزاء بدنها بأي جزء يريد من بدنه، كما يجوز ذلك للأمة من السيد، و يستثنى من ذلك ما إذا كانت الأمة مزوجة من الغير أو محللة له، فلا يباح للسيد و لا للأمة ذلك، و كذلك إذا كانت الأمة معتدة من وطء التزويج للغير أو من وطء التحليل له، فلا يباح النظر و اللمس للسيد و لا للأمة على الأحوط فيهما.

و يستثنى من ذلك ما إذا كانت الأمة مشتركة في الملك بين الرجل و غيره، أو كانت مكاتبة، أو كانت مشركة أو وثنية أو مرتدة فلا يباح للسيد و لا للأمة النظر و اللمس على الأحوط في جميع ذلك.

المسألة 32:

المطلقة الرجعية بحكم الزوجة للرجل المطلق، فيجوز له النظر إليها و هي في العدة و ان لم يقصد بنظره الرجوع بها، و يجوز لها ان تنظر اليه، و يجوز للرجل أن ينظر الى زوجته أو أمته، و هي معتدة من وطء شبهة مع غيره، و ان حرم على الزوج وطؤها في أيام عدتها.

المسألة 33:

لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية عنه و الى شعرها و الى شي ء من جسدها، سواء كان نظره إليها بريبة أو تلذذ أم لا، و المراد بالأجنبية غير الزوجة و المملوكة فقد بينا حكمهما في المسائل المتقدمة و غير المحارم و سيأتي ذكر أحكامها في المسألة الثامنة و الثلاثين.

قيل: و يستثنى من حرمة النظر إلى الأجنبية وجه المرأة و كفاها، فيجوز النظر إليها إذا كان بغير ريبة و لا تلذذ، و هذا القول لا يخلو عن قوة و ان كان الأحوط الاجتناب.

و يحرم على المرأة أن تنظر الى الرجل الأجنبي عنها ما عدا الوجه و الكفين كذلك و ان كان الرجل اعمى لا يبصر، و يحرم على كل من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 18

الرجل و المرأة الأجنبيين أن يمس أي جزء من أجزاء الآخر، بأي عضو من أعضائه حتى السن و الظفر و الشعر مما لا تحله الحياة، فلا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية الا من وراء الثياب، و إذا صافحها كذلك، فلا يغمز كفها على الأحوط.

المسألة 34:

يجوز للرجل أن يسمع صوت المرأة الأجنبية عنه، و أن يتكلم معها، إذا لم يكن في ذلك تلذذ و لا ريبة، و يجوز لها أن تسمع الرجال الأجانب عنها صوتها إذا لم يكن في ذلك خوف فتنة، نعم، يحرم عليها ان تتكلم مع الأجنبي بصورة تطمع الذي في قلبه مرض كما في (الكتاب الكريم).

المسألة 35:

المراد من الريبة خوف الوقوع في الحرام مع الشخص المنظور اليه، أو الميل النفساني للوقوع في محرم معه و ان لم يخف الوقوع فيه، و التلذذ أن يحس في قلبه بوجود لذة محرمة في النظر الى الشخص أو في سماع صوته و نحوهما، فهو يتشهاها و يطلب المزيد منها، و هي مختلفة المراتب، و المدار في الحكم: أن تكون اللذة التي يجدها محرمة فلا تشمل مثل الالتذاذ بالنظر الى وجه ولده الذي يحبه أو صديقه الذي يأنس به، أو أخيه الذي يسكن اليه و يرغب في النظر الى وجهه و الاستماع الى صوته أو الى حديثه.

المسألة 36:

يحرم على الرجل أن ينظر الى العضو المقطوع من جسد المرأة الأجنبية، و يحرم على المرأة أن تنظر الى العضو المقطوع من الرجل الأجنبي عنها، كالذراع و الرجل و القدم و أصابع القدم، و لا يحرم النظر الى السن أو الظفر المقلوع.

اما الشعر المقطوع من جسد المرأة فالظاهر حرمة نظر الرجل الأجنبي اليه، فإذا وصلت المرأة شعرها بشعر امرأة أخرى لم يجز لزوجها النظر اليه، و قد ذكرنا هذا في فصل الستر و الساتر من كتاب الصلاة.

المسألة 37:

يستثنى من حرمة نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عنه و نظر المرأة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 19

الى الرجل الأجنبي عنها موارد:

(1): إذا توقف علاج المرأة من مرض أصابها أو كسر أو جرح أو شبه ذلك على مباشرة رجل أجنبي بحيث لم توجد المرأة المماثلة أو وجدت و لم تغن شيئا، جاز للرجل النظر إليها إذا توقف عليه العلاج، و جاز له لمسها إذا لم يمكن ذلك الا باللمس، و كذلك الحكم في الرجل إذا توقف علاجه على مباشرة المرأة، و إذا أمكن العلاج بالنظر وحده أو باللمس وحده اقتصر عليه و لم يجز الآخر.

(2): إذا استدعت الضرورة نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية أو لمسها، و مثال ذلك: أن يتوقف على النظر أو اللمس انقاذها من الحرق أو الغرق أو غيرهما من المهالك جاز له ذلك، و مثله العكس، و يجب أن تقدر الضرورة بمقدارها في كلتا الصورتين، فلا يجوز النظر أو اللمس أكثر مما يستدعي الإنقاذ، و كذلك في المورد الأول.

(3): إذا توقفت الشهادة لاحقاق الحق أو لإبطال الباطل على نظر الشاهد للمرأة، لمعرفة المشهود عليها و تعيينها، سواء كان ذلك في تحمل الشهادة أم عند أدائها،

فيجوز للشاهد ذلك، و قد يتفق مثل ذلك إذا كانت الشاهدة امرأة و المشهود عليه رجلا.

(4): القواعد من النساء، و هن المسنات اللاتي لا يرجون نكاحا، فيباح للرجل النظر الى رؤسهن و أيديهن، بل و الى رقابهن و أعالي صدورهن على الأقوى.

المسألة 38:

يجوز للرجل أن ينظر الى محارمه و الى شعورهن و أجسادهن ما عدا العورة بشرط ان لا يكون النظر إليهن بتلذذ أو ريبة، و يجوز لهن النظر اليه و الى جسده ما عدا العورة كذلك مع الشرط المذكور، و قد تقدم بيان المراد من الريبة و التلذذ في المسألة الخامسة و الثلاثين، و المراد من العورة: القبل و الدبر و البيضتان و العجان و هو ما بين القبل و الدبر، و الشعر النابت في أطراف العورة على الأحوط في الأخيرين.

و المحارم هن النساء اللاتي يحرم نكاحهن على الرجل من حيث النسب أو المصاهرة أو الرضاع، و سيأتي ذكر ذلك في فصل أسباب التحريم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 20

المسألة 39:

يختص الحكم الآنف ذكره من محارم المصاهرة بالنساء اللاتي نشأت الحرمة فيهن من جهة الزوجية كأم الزوجة و زوجة الولد و منكوحة الأب، فلا يعم النساء التي نشأت الحرمة فيهن من جهة الزنا أو اللواط، أو نكاح الشبهة كابنة المرأة المزني بها و أمها بالنسبة إلى الزاني، و ابنة المفعول به و أخته و أمه بالنسبة إلى اللائط، على أن المحرمات من النساء بسبب الزنا أو بسبب اللواط أو بسبب نكاح الشبهة ليست من محرمات المصاهرة، و انما أتبعها الفقهاء بها في مورد البحث لبعض الملاحظات، و على ما ذكرنا فلا يحل نظر الرجل إليهن و لا نظرهن اليه.

و يختص الحكم من محارم الرضاع، بالنساء التي نزلت في التحريم بسبب الرضاع بمنزلة محارم النسب، فلا يعم النساء التي ثبت تحريمها بقاعدة (يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن أو أولاد المرضعة)، فلا يجوز للرجل أن ينظر الى هذه المحرمات و لا يجوز لهن أن

ينظرن إليه.

المسألة 40:

يباح النظر الى وجوه نساء الكفار و أهل الذمة و الى شعورهن و أيديهن ما لم يكن النظر بتلذذ أو ريبة على ما سبق في معناهما في المسألة الخامسة و الثلاثين، و يقتصر- على الأحوط لزوما- على ما جرت عادتهن في ابدائه و عدم ستره في أيام الرسول (ص) و الأئمة (ع) لا في الأزمنة الحاضرة.

المسألة 41:

قيل: و يلحق بنساء أهل الذمة في جواز النظر إليهن و الى شعورهن نساء سكان البوادي و القرى من الاعراب و غيرهم ممن لا ينتهين إذا نهين، و هو مشكل، نعم، يجوز التردد في الأسواق و الطرق و المجامع العامة التي تحتويهن مع العلم بوقوع النظر عليهن، و لا يجب غض البصر عنهن إذا لم تكن ريبة أو تلذذ على ما سبق من معناهما.

المسألة 42:

يباح للرجل أن ينظر الى جسد الإنسان الذكر مثله، ما عدا العورة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 21

على ما سبق في بيان معناها في المسألة الثامنة و الثلاثين، سواء كان المنظور اليه شيخا أم شابا، و حسن الصورة أم قبيحا، ما لم يكن النظر اليه بتلذذ أو ريبة، فيحرم.

و يباح للمرأة أن تنظر الى جسد الأنثى مثلها ما عدا العورة، ما لم يكن النظر إليها بتلذذ أو ريبة، فيحرم كذلك و اما العورة فيحرم النظر إليها في الرجال و النساء على السواء.

المسألة 43:

يباح للرجل ان ينظر إلى الصبية الأجنبية قبل البلوغ إذا لم يكن النظر إليها بتلذذ أو ريبة أو تبلغ مبلغا يكون النظر إليها مثيرا للشهوة، و الأحوط لزوما أن لا ينظر منها إلى الأعضاء التي تستر عادة بالألبسة المتعارفة كالفخذين و الثديين و البطن و الصدر، و خصوصا إذا بلغت ست سنين، و يجوز له تقبيل الطفلة قبل أن تبلغ ست سنين و أن يضعها في حجره ما لم يكن بتلذذ.

و يباح للمرأة أن تنظر إلى الصبي قبل بلوغه ما لم يكن نظرها اليه بتلذذ أو ريبة كما في نظائره، أو يبلغ مبلغا يكون النظر اليه مثيرا، و يجب التستر منه إذا كان النظر منه الى المرأة أو النظر منها اليه مثيرا للشهوة.

المسألة 44:

لا يجوز للمملوك أن ينظر الى مالكته، و لا يجوز للخصي و لا للعنين و المجبوب أن ينظر للمرأة الأجنبية عنه و لا للمسن الكبير من الرجال الذي يشبه القواعد من النساء على الأحوط فيه.

المسألة 45:

يجب على المرأة ان تتستر عن الرجال كما يحرم على الرجال أن ينظروا إليها، و لا يجب على الرجل أن يستر غير العورة من بدنه، و ان علم بأن النساء يتعمدن النظر اليه، و لا يصدق عليه- بمجرد عدم تستره عن نظرهن إليه- أنه أعانهن على الإثم، إلا إذا قصد بعدم تستره عنهن اغراءهن أو ايقاعهن في الحرام.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 22

المسألة 46:

يحرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة على البعد و ان كان لا يميزها، أ هي فاطمة مثلا أم هند، أولا يميز أعضاءها بعضها عن بعض، و لا يحرم عليه النظر إذا كان بعده عنها بدرجة لا يميزها أ هي رجل أم امرأة، أو هي انسان أم حيوان.

المسألة 47:

لا يجوز للولد أن يدخل على أبيه إذا كانت مع الأب زوجته، بل مطلقا على الأحوط الا بعد الاستيذان، قالوا: و يجوز للأب أن يدخل على ولده و ان كانت معه زوجته بغير اذنه، و في إطلاق هذا الحكم تأمل.

المسألة 48:

يكره للرجل أن يجلس في مجلس المرأة إذا قامت عنه حتى يبرد موضع جلوسها، و يكره أن تزاحم النساء الرجال في الأسواق و المجتمعات و المواسم، و يكره لهن أن يخرجن إلى الجمعة و العيدين إلا العجائز.

المسألة 49:

ينبغي أن يفرق بين الأطفال في مضاجعهم إذا بلغوا عشر سنين، و روي لست سنين، و يكفي في استحباب التفريق بينهم على الظاهر أن يبلغ بعضهم هذه السن و ان كان الآخر دونها.

المسألة 50:

يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة التي يريد الزواج بها بثلاثة شروط:

الأول: أن لا يقصد الرجل التلذذ بالنظر إليها، و ان كان يعلم أن التلذذ يحصل له بالنظر.

الثاني: أن لا يكون عارفا بأوصاف المرأة قبل نظره إليها، بحيث لا يزيده النظر معرفة بصفاتها.

الثالث: أن يحتمل الرجل أنه يختارها للتزويج بها بعد رؤيتها.

فلا يجوز له أن ينظر إلى المرأة مع انتفاء بعض هذه الشروط الثلاثة، و إذا توفرت الشروط كلها، جاز له النظر الى وجه المرأة و كفيها و الى

كلمة التقوى، ج 7، ص: 23

شعرها و معاصمها و محاسنها، و إليها من وراء الثياب مقبلة و مدبرة، فيباح له أن ينظر إليها كذلك و ان أمكن له أن يتعرف على حالها و أوصافها من امرأة أو من رجل خبير بأمرها، سواء أذنت له بالنظر إليها أم لم تأذن، و يجوز له أن ينظرها أكثر من مرة إذا لم يحصل الغرض المطلوب بالنظر الأول أو الثاني.

و لا يختص جواز النظر بمن يريد التزويج بها بالخصوص، فإذا قصد التزويج و كان بصدد البحث عن امرأة توافق رغبته، و أراد النظر الى هذه المرأة لعله يختارها لذلك جاز له النظر إليها.

و يجوز له النظر الى أمة يريد شراءها، و ان كان نظره إليها بغير اذن سيدها، و لا يجوز للوكيل أو الولي أن ينظر المرأة أو الأمة التي يريد عقدها أو شراءها لموكله أو للمولى عليه. و لا يجوز للمرأة أن تنظر الى الرجل الذي

تريد الزواج منه.

الفصل الثالث في عقد النكاح و أحكامه

المسألة 51:

النكاح سواء كان دائما أم منقطعا عقد من العقود، و لذلك فلا بد فيه من الصيغة المشتملة على الإيجاب و القبول، و لا بد و أن يكون إنشاء الإيجاب و القبول فيه باللفظ الدال على المعنى المقصود دلالة يعتبرها أهل اللسان، فلا يكتفى فيه بالتراضي القلبي بين المتعاقدين، و لا تصح فيه المعاطاة فينشأ العقد بإيجاب و قبول فعليين، و لا يكتفى بإنشاء العقد بالكتابة أو بالإشارة المفهمة للمعنى لغير الأخرس.

و الأحوط أن يكون إنشاء العقد باللغة العربية مع التمكن من ذلك و لو بالتوكيل، و لا ينبغي تركه، و ان كان الظاهر صحة نكاح كل قوم إذا أنشئ بلسانهم، و إذا أجريت الصيغة بلغة غير العربية فلا بد و أن تكون ترجمة مطابقة للفظ العربي.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 24

المسألة 52:

الأحوط أن يكون الإيجاب في النكاح الدائم بلفظ النكاح أو التزويج، فيقول الوكيل للرجل: أنكحتك أو زوجتك موكلتي سعاد على المهر المعلوم، و ان كان الأقرب صحة الإيجاب أيضا إذا أنشئ بلفظ المتعة و أتى معه بما يدل على دوام النكاح، فقال الموجب للزوج: متعتك موكلتي سعاد متعة دائمة، أو ما دمتما حيين، و الأحوط كذلك أن يكون الإيجاب بلفظ الماضي، فيقول الموجب للزوج: زوجتك أو أنكحتك فلانة كما تقدم، و ان صح أن ينشأ بلفظ المستقبل، فيقول له: أزوجك فلانة، و بالجملة الخبرية فيقول له: أنا مزوجك إياها.

و الأحوط أن يكون القبول من الزوج أو وكيله بلفظ قبلت أو رضيت، و يصح أن يكون من الزوج بلفظ تزوجت أو نكحت.

المسألة 53:

الأحوط أن يتقدم الإيجاب على القبول كما هو المتعارف، و ان كان العكس صحيحا أيضا، فيقول الزوج مثلا: نكحت أو تزوجت، و الأحوط أن يذكر معه متعلقات العقد، ثم يقول الموجب بعده زوجتك فلانة على المهر المعلوم، و لا يصح تقديم القبول على الإيجاب إذا كان بلفظ قبلت أو رضيت.

المسألة 54:

الأحوط أن يكون الإيجاب في عقد النكاح من الزوجة أو وكيلها أو وليها إذا كانت قاصرة، و ان يكون القبول من الزوج أو وكيله أو وليه، و ان كان العكس صحيحا أيضا على الأظهر.

المسألة 55:

إذا كان إيجاب العقد من الزوج أو من وكيله فلا بد و أن يكون مفاد إيجابه إنشاء الزوجية له بضم الزوجة اليه و تبعيتها له، فيقول مثلا:

تزوجت فلانة أو نكحتها على الصداق المعلوم، و لا يصح إنشاؤه بمثل:

زوجت فلانة نفسي أو أنكحتها نفسي مما يدل على تبعيته للزوجة، فإذا تم الإيجاب من الزوج أو وكيله على الوجه المتقدم ذكره، قبلت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 25

الزوجة أو وكيلها، فقالت: قبلت أو رضيت، أو قالت: زوجتك نفسي.

المسألة 56:

لا يعتبر في القبول حين يأتي بعد الإيجاب أن تذكر فيه المتعلقات التي ذكرت في الإيجاب، فإذا قال الموجب للزوج: زوجتك موكلتي فاطمة على عشرة دنانير مثلا، فقال الزوج: قبلت، صح و لم يفتقر الى أن يقول: قبلت تزويج موكلتك فاطمة لنفسي على المهر المعلوم، و قد تقدم في المسألة الثالثة و الخمسين أن الأحوط أن تذكر متعلقات العقد مع القبول إذا قدم على الإيجاب.

المسألة 57:

إذا أريد إنشاء عقد النكاح بين الزوجين مباشرة بعد التفاهم و التراضي بينهما و تعيين المهر، قالت المرأة للرجل: زوجتك نفسي على مائة دينار مثلا، أو قالت له: زوجت نفسي منك، أو زوجت نفسي بك على المهر المعلوم، و قال الرجل بعد أن يتم الإيجاب من المرأة، قبلت التزويج لنفسي على المهر المعلوم.

أو قالت المرأة في الإيجاب: أنكحتك نفسي، أو أنكحت نفسي منك على الصداق المعين، فيقول الرجل بعدها: قبلت النكاح لنفسي على ذلك.

و إذا كان العقد بين وكيل المرأة و نفس الرجل، قال وكيلها للرجل:

زوجتك موكلتي ليلى مثلا، أو قال له: زوجت موكلتي ليلى منك، أو زوجت موكلتي بك على الصداق المعين، فيقول الرجل: قبلت التزويج لنفسي على ذلك.

أو قال الوكيل للرجل: أنكحتك موكلتي ليلى، أو أنكحت موكلتي ليلى منك على المهر المعلوم، فيقول الرجل قبلت النكاح لنفسي.

و إذا كان العقد بين الزوجة و وكيل الزوج، قالت المرأة للوكيل:

زوجت موكلك سعدا نفسي على مهر كذا، أو قالت له: زوجت نفسي من موكلك سعد، أو زوجت نفسي، بموكلك سعد على المهر المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت التزويج لموكلي سعد على المهر المعلوم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 26

أو قالت المرأة: أنكحت سعدا موكلك نفسي على مهر كذا، أو قالت:

أنكحت نفسي من

موكلك سعد على مهر كذا، فيقبل وكيل الزوج له على نهج ما تقدم.

و إذا كان العقد بين الوكيلين، قال وكيل الزوجة لصاحبه: زوجت موكلك سعدا موكلتي ليلى على مائة دينار معجلة، أو قال له: زوجت موكلتي ليلى من موكلك سعد على الصداق المعين، أو زوجت موكلتي ليلى بموكلك سعد على الصداق المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت التزويج لموكلي سعد على الصداق المعلوم.

أو قال وكيل الزوجة لصاحبه أنكحت موكلك سعدا موكلتي ليلى على مهر كذا، أو أنكحت موكلتي ليلى من موكلك سعد على الصداق المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت النكاح لموكلي سعد على المهر المعلوم، و يصح ان يقع القبول مجردا عن ذكر المتعلقات في جميع الصور، و قد ذكرنا هذا في المسألة السادسة و الخمسين.

و هكذا تجري الصيغة إذا كان العقد بين الوليين للقاصرين أو بين الولي لأحدهما و نفس الآخر أو وكيله. فيأتي الموجب بلفظ زوجت أو بلفظ أنكحت مخيرا بينهما، و يصح له أن يأتي باللفظ الذي يختاره منهما متعديا بنفسه الى المفعولين، و عليه في هذه الصورة أن يقدم ذكر الزوج على الزوجة، لأنه المفعول الأول، فيقول زوجت أو أنكحت سعدا ليلى، و يصح له أن يعدي لفظ زوجت أو أنكحت إلى الزوج بمن، و إذا صنع كذلك قدم الزوجة عليه بالذكر، فيقول زوجت ليلى من سعد أو أنكحت ليلى من سعد، و يصح له أن يعدي كلمة زوجت بالباء أيضا فيدخلها على الزوج و يقدم الزوجة بالذكر كذلك، فيقول: زوجت ليلى بسعد، و لا يصح في لفظ أنكحت أن يعديه بالباء، فلا يقال أنكحت فلانة بفلان.

المسألة 58:

يشترط في صحة عقد النكاح أن يكون كل واحد من الموجب و القابل قاصدا لإنشاء

مضمون العقد الذي يجريه مع صاحبه، فيقصد الموجب بقوله: زوجت مثلا- أنه ينشئ علاقة الزوجية بين الزوجين، و يقصد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 27

القابل بقوله: قبلت، انه ينشئ قبول هذه العلاقة التي ينشئها الموجب، و هذا يتوقف على أن يكون الشخصان عارفين بمعنى الصيغة حتى يقصداه، و يكفي في الصحة ان يعلم الموجب و القابل بالمعنى على وجه الاجمال، و ان لم يعلما بتفاصيل معاني الألفاظ و خصوصياتها التي تدل عليها، فإذا قصد الموجب بقوله: زوجت أو أنكحت أنه يوجد بذلك الرابطة المعلومة في الدين، و المعروفة بين الناس، و التي يسمونها بالزوجية، و أنه ينشئ وجودها بين الزوجين بعد ما لم تكن، طبقا لموازين الإسلام المقررة فيه، كفى ذلك و صح منه إيجابه، و إذا قصد القابل بقوله: قبلت أو رضيت انه ينشئ به قبول ما فعله الموجب، كفى منه و صح قبوله، و بتطابق كل من الإيجاب و القبول كذلك يتم العقد و تترتب عليه آثاره.

المسألة 59:

يشترط في صحة العقد أن تحصل الموالاة العرفية بين الإيجاب و القبول بحيث يعد الثاني قبولا لذلك الإيجاب في نظر أهل العرف، فلا يخل بالموالاة و بصحة العقد أن يتأخر القبول قليلا إذا كان مرتبطا به عرفا، و لا يخل بالموالاة بينهما أن تذكر المتعلقات الكثيرة في الإيجاب و ان طال ذكرها، و مثال ذلك: أن يكون المهر منه المعجل و المؤجل و يكون المؤجل مقسما على أقساط كثيرة، و تكون بين الزوجين شروط كثيرة كذلك، فإذا عدد الموجب جميع ذلك في إيجابه ثم وقع بعده القبول لم يكن ذلك من الفصل المضر بالموالاة و المخل بصحة العقد.

المسألة 60:

المعتبر في القبول أن يكون دالا على إنشاء الرضا بما أوجبه الموجب من المضمون المقصود كما تقدم بيانه و هذا المقدار هو المعتبر من التطابق بين الإيجاب و القبول، و لا يشترط فيه أن يتطابق مع الإيجاب في اللفظ، فإذا قال الموجب للرجل: زوجتك فلانة، فقال الرجل: قبلت النكاح صح، و كذا إذا قال الموجب له: أنكحتك زينب على المهر المعلوم، فقال: رضيت بزواجها على الصداق المعين أو المقرر أو المذكور.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 28

المسألة 61:

إذا قال الرجل لوكيل المرأة أو لولي أمرها: هل زوجتني فلانة بمائة دينار، فقال له: نعم، و قصد بقوله: نعم: إيجاب النكاح، و قال الزوج: قبلت، لم يكتف بذلك على الأحوط، بل لا يخلو من قوة.

المسألة 62:

إذا لحن الرجل في إجراء الصيغة لحنا يغير معناها كانت باطلة، كما إذا قال وكيل الزوجة: نكحت فلانة بدل أنكحت، أو قال: تزوجتها بدل زوجتها، فتكون باطلة، و كذلك إذا أتى بها على غير الوجه الصحيح، و ان لم يكن لحنا، و مثال ذلك: ان يقول الموجب للزوج: زوجت فلانة منك نفسها، على أن تكون فلانة هي فاعل زوجت و هي التي أوقعت التزويج، فلا يصح ذلك لأنها لم تزوج نفسها و انما زوجها الموجب بالوكالة عنها.

و إذا لحن في الصيغة لحنا لا يغير المعنى، فان كان اللحن في لفظ زوجت أو أنكحت أو في لفظ قبلت ففتح التاء من الكلمات بدل ضمها، أو فتح الباء من كلمة قبلت بدل كسرها، فالأحوط عدم الاكتفاء بها أيضا، فتعاد الصيغة على الوجه الصحيح، و كذلك إذا قال: جوزت بدل زوجت. و ان كان اللحن في المتعلقات و هو لا يغير المعنى فالظاهر الصحة.

المسألة 63:

لا يشترط في صحة العقد أن يكون الموجب و القابل في مجلس واحد، فإذا كانا في مجلسين و أمكن توجه الخطاب من الموجب للقابل لتقارب مجلسيهما بحيث يسمع كل منهما قول الآخر، أو أمكن التخاطب بينهما بواسطة الآلات الحديثة الموصلة للصوت كالهاتف و نحوه، فتتحقق المعاقدة بينهما و يرتبط الإيجاب بالقبول و بالعكس من غير فصل يخل بالموالاة و يصح العقد.

المسألة 64:

يشترط في صحة عقد النكاح أن يوقعه المتعاقدان منجزا غير معلق، فلا يصح العقد إذا أنشأ الموجب إيجابه معلقا على وجود شرط أو على

كلمة التقوى، ج 7، ص: 29

مجي ء زمان، و لا يصح إذا أنشأ القابل قبوله معلقا كذلك. و إذا علق الإيجاب أو القبول على وجود شي ء و هو حاصل بالفعل و كان كل من الموجب و القابل عالمين بحصول ذلك الشي ء، فالظاهر صحة العقد، و مثال ذلك أن يقول الموجب للرجل: زوجتك فلانة إذا كان هذا اليوم هو يوم الجمعة، و كان الموجب و القابل عالمين بأنه يوم الجمعة، و مثاله أيضا أن تقول المرأة للرجل: زوجتك نفسي ان لم أكن أختا لك من الرضاعة، و كانا معا يعلمان بأنها ليست أخته، و إذا كانا جاهلين بوجود الشرط أو كان أحدهما جاهلا به فالصحة مشكلة في كلا الفرضين.

المسألة 65:

يصح للأخرس أن يتولى عقد النكاح لنفسه، و يكون إيجابه أو قبوله بالإشارة المفهمة للمعنى المقصود، و يصح عقده إذا قصد الإنشاء بإشارته و ان أمكن له أن يوكل من يتولى الإيجاب أو القبول اللفظي عنه. فإذا كانت المرأة هي الخرساء، و أنشأت إيجاب العقد على نفسها بالإشارة، و كان القابل قادرا على النطق، فالأحوط له أن يجمع بين النطق بالقبول، و الإشارة المفهمة به، إذا كانت المرأة الخرساء لا تسمع نطقه أو تسمعه و لا تفهم معناه، و إذا كانت تسمع قوله و تفهم معناه، اكتفى بالنطق في قبوله و لم يفتقر إلى إنشائه بالإشارة.

و إذا كان الأخرس هو الزوج القابل، و كان الموجب قادرا على النطق بالصيغة، جمع الموجب على الأحوط بين إنشاء إيجابه بالنطق و إنشائه بالإشارة المفهمة، فإذا حصل الإيجاب

منه كذلك قبل الأخرس من بعده بالإشارة.

المسألة 66:

الأحوط أن لا يتولى الأخرس إجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، و إذا كان وليا و أراد تزويج طفله أو طفلته مثلا، فالأحوط له أن يوكل عنه من يجري صيغة العقد اللفظي لهما.

المسألة 67:

لا ريب في بطلان عقد الصبي إذا كان غير كامل التمييز، أو كان غير قاصد للمعنى أو كان القصد فيه مشكوك التحقق، سواء عقد لنفسه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 30

أم لغيره، و سواء أجاز وليه عقده أم أجاز هو بعد بلوغه أم لا.

و إذا كان الصبي كامل التمييز و عارفا بالصيغة و قاصدا للمعنى، و عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه أو عقد لنفسه مع اذن وليه له بإجراء الصيغة أو اجازة وليه لفعله بعد العقد، أو أجاز الصبي نفسه بعد بلوغه، ففي بطلان عقده في هذه الصور تأمل، و لكن لا يترك الاحتياط بتجديد العقد من غيره إذا أريد الإمساك، و اجراء الطلاق إذا أريد الفراق، و كذلك إذا عقد لغيره فضولا و حصلت الإجازة من المعقود له بعد ذلك.

المسألة 68:

لا ريب في بطلان عقد المجنون و ان كان جنونه أدوارا إذا أوقعه في حال جنونه، سواء عقد لنفسه أم لغيره و سواء أجاز الولي عقده أو أجازه هو بعد إفاقته أم لا، و يصح عقده في دور إفاقته، لنفسه و لغيره بالوكالة عنه، أو الولاية عليه، كما إذا اتفق عروض ذلك للأب أو للجد أبى الأب فعقد لولده الصغير أو لولد ولده في دور إفاقته من الجنون مع وجود الشرائط المعتبرة.

المسألة 69:

لا يصح عقد السكران لنفسه و لا لغيره و ان أجاز العقد بعد أن أفاق و كذلك الحكم في المرأة السكرى، و هذا مع السكر الذي لا يعي فيه السكران أو السكرى ما يقول.

و إذا زوجت المرأة السكرى نفسها و هي ملتفتة الى ما تقول، ثم رضيت بالعقد بعد إفاقتها فالظاهر صحة العقد، سواء كان تزويجها بتوكيل أحد على عقدها أم بإجرائها صيغة العقد بنفسها، و الظاهر ان الرجل السكران مثلها في ذلك إذا كان في حال سكره و عقده ملتفتا يعي ما يقول.

المسألة 70:

لا يمنع السفيه المحجور عليه في التصرف في الماليات من أن يتولى اجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، و يصح له أن يجري عقد النكاح لنفسه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 31

إذا أذن له وليه قبل إجراء الصيغة أو أجازه بعد العقد، و سنتعرض له ان شاء اللّه تعالى في فصل أولياء العقد بصورة أكثر تفصيلا.

و يشكل الحكم بصحة عقده لنفسه أو لغيره بل يمنع إذا كان سفهه عاما يوجب حجره في الماليات و غيرها، أو كان سفهه خاصا في التصرف في نفسه كما ذكرناه في كتاب الحجر، فإذا أريد تزويجه فلا بد من الرجوع الى وليه.

المسألة 71:

يصح عقد المكره إذا أكرهه أحد على اجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، و لا يبطله كونه مكرها عليه إذا كان جامعا لشرائط الصحة فيه من قصد الإنشاء و غيره.

و إذا أكره على اجراء عقد النكاح لنفسه، فأوقعه مكرها عليه لم يصح، و إذا زال الإكراه عنه و أجاز العقد بعد ارتفاعه صح العقد و ترتبت عليه آثاره، سواء كان المكره هو الزوج أم الزوجة.

المسألة 72:

لا يشترط في صحة العقد أن يكون العاقد ذكرا، فيصح للمرأة أن تتولى عقد النكاح لغيرها بالوكالة عنه إيجابا و قبولا، كما يصح لها أن تتولى عقد نفسها بالأصالة.

المسألة 73:

إذا أوقع الموجب الإيجاب في عقد التزويج، ثم جن أو أغمي عليه أو نام قبل أن ينطق صاحبه بالقبول بطل العقد، و كذلك الحكم إذا قدم القبول على الإيجاب بناء على صحة ذلك كما اخترناه في المسألة الثالثة و الخمسين فإذا اعترض القابل الجنون أو الإغماء أو النوم قبل أن يؤتى بالإيجاب بطل العقد.

و أولى من ذلك ببطلان العقد ما إذا عرض مثل ذلك للقابل في أثناء الإيجاب، و الوجه في بطلان العقد في هذه الفروض هو عدم صدق المعاقدة بين الطرفين إذا انتفت الأهلية من أحدهما قبل أن يتم العقد، و عدم شمول الأدلة لمثل هذا ان سمي عقدا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 32

المسألة 74:

يشترط في صحة عقد النكاح أن يعين فيه الرجل و المرأة اللذين يقع لهما العقد، بحيث يتميز الرجل المعقود له عن غيره من الرجال، و تتميز المرأة المعقودة عمن سواها من النساء، اما بذكر الاسم الخاص بالشخص، و اما بوصفه توصيفا يعين شخصه و يميزه عما عداه، أو بالإشارة إليه إشارة مشخصة، و إذا كان الاسم مشتركا بينه و بين غيره، فلا بد من ذكر ما يدل على الفرد المقصود من اسم أبيه أو لقبه أو أحد مشخصاته. فيبطل العقد إذا قال الموجب لصاحبه: زوجتك إحدى بناتي، أو قال له: زوجتك ابنة زيد و كانت لزيد أكثر من بنت واحدة و لم يعين المقصودة منهن، أو قال له: زوجت ابنتي مريم من أحد بنيك، أو زوجت احدى موكلاتي من أحد موكليك، أو عين الموجب زوجة أو زوجا، و عين القابل غير ذلك.

المسألة 75:

إذا عين العاقدان بينهما المرأة المقصودة و الرجل المقصود قبل اجراء العقد، و لكنهما حين إجراء الصيغة ذكرا أحد الزوجين أو كليهما بلفظ مشترك لا يدل على التعيين، لم يبعد القول بالصحة، و مثال ذلك أن يخطب الرجل من زيد ابنته الكبرى، و يتفقا على تزويجها منه، ثم يقول له عند العقد: زوجتك ابنتي مع ان له أكثر من بنت واحدة، أو يقول له: زوجتك ابنتي سعاد مع ان هذا اسم لبنتين عنده، فلا يبعد الحكم بالصحة و الأحوط لهما ان يجددا العقد على الزوجة المقصودة.

المسألة 76:

هل يكفي في صحة العقد أن تكون المرأة المعقود عليها معينة في الواقع و هي غير متميزة عند العاقدين أو عند أحدهما في حال إجراء الصيغة، ثم يحصل العلم بها بعد العقد، و مثال ذلك أن يقول الأب الموجب للرجل: زوجتك ابنتي الكبرى، و هما لا يعلمان في حال العقد ان الكبرى هي زينب أو فاطمة، و لكنهما سيعلمان بها تفصيلا بعد العقد إذا رجعا الى سجل موجود يضبط فيه ولادة البنتين؟. لا يبعد القول بصحة العقد، و كفاية التعين في الواقع، لتحقق القصد التزويج المرأة المعينة مع رضا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 33

الزوج بزواجها و ان لم يميزها في حال العقد، فإذا رجعا الى السجل الموجود تميزت المرأة المعقودة و ارتفع اللبس الذي أوجبه الجهل بالتأريخ، و الأحوط استحبابا تجديد العقد إذا أرادا الإمساك، و لا بد من الطلاق إذا أرادا الفراق.

و كذلك الحكم إذا كان الرجل المعقود له معينا في الواقع و هو غير متميز عند العاقدين على النحو الذي ذكرناه في المرآة فيجري فيه الحكم الآنف ذكره.

المسألة 77:

يصح التوكيل في عقد النكاح، فتوكل المرأة الرشيدة من يتولى إيجاب العقد بالنيابة عنها، و يوكل الرجل الرشيد من يتولى قبول الزواج عنه، و يصح للولي على الصبي الصغير أو على الصبية الصغيرة أن يوكل من يتولى إجراء الصيغة للطفل أو للطفلة بالنيابة عن الولي.

المسألة 78:

يجب على الوكيل أن يتبع في تصرفه ما عين له موكله في توكيله، فإذا وكلته المرأة على عقدها من رجل معين لم يصح له أن يعقدها على غيره، و إذا ذكرت لها صداقا لم يجز له أن يعقدها على صداق غيره، و إذا حددت شروطا لم يجز له التعدي عنها فيعقدها بغير شرط أو بشروط أخرى غيرها، فان تعدى شيئا من ذلك كان فضوليا و توقفت صحة عقده على اجازة موكلته للعقد، و كذلك الحكم في وكيل الرجل في قبول العقد عنه.

و إذا وكلته المرأة أو وكله الرجل و أطلق الموكل له التوكيل في اختيار الزوج أو الزوجة مثلا و في تحديد المهر و الخصوصيات وجبت على الوكيل مراعاة المصلحة في الاختيار لموكله، فإذا تعدى في فعله ما تقتضيه المصلحة لم ينفذ عقده و كان فضوليا، فلا يصح عقده إلا بالإجازة من موكله، فإذا اختلف الموكل معه في بعض الخصوصيات و لم يجز العقد كما حصل بطل العقد و جددا الوكالة و العقد إذا شاءا على خصوصية أخرى، و إذا أريد تجديد العقد وفق رأي الموكل لم يحتج إلى وكالة أخرى.

المسألة 79:

إذا ذكرت المرأة لوكيلها شروطا و خصوصيات تشترطها على الزوج

كلمة التقوى، ج 7، ص: 34

و وكلت الوكيل على اجراء عقدها وفقا لتلك الشروط، و ذكر الرجل لوكيله شروطا و خصوصيات، و وكله على قبول العقد وفقا لما يطلب، صح للوكيلين أن يجريا صيغة العقد مع الاتفاق في الحدود المشترطة.

و إذا اختلفا في ذلك لم يصح لهما العقد، و إذا أجرى وكيل الزوجة صيغة العقد طبقا للشروط التي عينتها الزوجة، و قبل وكيل الزوج العقد عنه مع مخالفته لشروط موكله كان وكيل الزوج فضوليا

في قبوله، فان أجازه موكله صح العقد و لم يحتج إلى إجازة الزوجة عقد وكيلها أو إجازتها فعل وكيل زوجها. و إذا انعكس الفرض فأجري العقد وفقا للشروط التي عينها الزوج لوكيله انعكس الحكم، فكان وكيل الزوجة هو الفضولي فيصح العقد إذا أجازته الزوجة و يبطل إذا لم تجزه.

المسألة 80:

إذا وكلت المرأة وكيلا على إجراء صيغة عقدها من فلان، فظاهر هذا التوكيل أن يتولى وكيلها إيجاب العقد عليها سواء قدمه على قبول الزوج أم أخره عنه، فلا تتناول وكالته ان يتولى القبول عنها، و ان قلنا بصحة عقد النكاح إذا كان الإيجاب فيه من الزوج أو من وكيله و كان القبول من الزوجة أو من وكيلها، فلا يصح منه ذلك، و إذا وكل الرجل وكيلا على قبول عقد النكاح له بفلانة، فظاهر هذه الوكالة أن يتولى القبول عنه، سواء أخره عن الإيجاب أم قدمه عليه، و لا يصح له أن يتولى إيجاب العقد عن الزوج، لعدم توكيله في ذلك، و إذا وكل الرجل و المرأة وكيليهما وكالة مطلقة في إجراء العقد بينهما حسبما يختاران من صور العقد، صح لكل من الوكيلين أن يتولى الإيجاب عن صاحبه أو القبول، و ان يقدم الإيجاب على القبول أو يؤخره عنه كما يختاران.

المسألة 81

إذا وكلت المرأة رجلا على تزويجها لم يصح له أن يعقدها من نفسه، و ان صرحت له بالتعميم في وكالته، فقالت له: وكلتك على أن تزوجني و تتولى عقد زواجي من اي شخص تريد.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 35

المسألة 82:

الأحوط أن لا يتولى شخص واحد طرفي العقد، فيتولى إنشاء الإيجاب بالوكالة عن الزوجة أو عن وليها مثلا، و يتولى القبول لنفسه أو بالوكالة عن الزوج أو عن وليه، بل المنع لا يخلو من قوة في توكيل المرأة للرجل في زواجها منه.

المسألة 83:

إذا وكل الزوجان وكيلين في إجراء عقد النكاح بينهما، و اتفقا معهما على إجرائه في وقت معين و مضى ذلك الوقت، لم تجز للزوجين المقاربة حتى يعلما بأن الوكيلين قد أجريا صيغة العقد أو يخبرهما العاقد بأنه قد أجراها، و لا يكفي حصول الظن بذلك و ان أخبرهما به ثقة، بل و ان حصل العلم به لأحدهما دون الآخر.

المسألة 84:

لا يجوز أن يشترط خيار الفسخ في عقد النكاح، سواء اشترط للزوج أم للزوجة أم لكليهما، أم لشخص ثالث، و سواء كان النكاح دائما أم منقطعا. و إذا شرطه أحد الزوجين أو كلاهما كان الشرط باطلا، و المشهور بين الفقهاء بطلان العقد بذلك، و هو مشكل، فلا بد من الاحتياط إذا اشترط ذلك، بتجديد العقد من غير شرط إذا أريد الإمساك، و بإيقاع الطلاق إذا أريد الفراق.

المسألة 85:

يصح لأحد الزوجين أن يشترط لنفسه الخيار في الصداق الذي جرى عليه العقد بينهما، بأن يفسخ الصداق المسمى وحده من غير ان يفسخ العقد، و هذا إذا كان النكاح دائما، و كانت للخيار المشترط مدة معلومة فإذا شرط ذلك لنفسه أو شرطه لكليهما ثبت الحق للمشروط له، و إذا فسخ صاحب الخيار في المدة المعينة سقط المهر المسمى في العقد و كانت المرأة بحكم مفوضة البضع، فإذا دخل الزوج بها ثبت لها مهر أمثالها من النساء، و إذا طلقها قبل دخوله بها وجبت لها المتعة، و سيأتي تفصيل ذلك في أحكام مفوضة البضع من فصل المهر (ان شاء اللّه تعالى).

كلمة التقوى، ج 7، ص: 36

و لا يصح اشتراط الخيار في الصداق إذا كان عقد النكاح منقطعا، و إذا شرطه أحد الزوجين أو كلاهما بطل الشرط و لزمت مراعاة الاحتياط الآنف ذكره، فيجددان العقد من غير شرط إذا أرادا بقاء النكاح، و يهبها المدة إذا أرادا الفراق.

المسألة 86:

إذا تصادق الرجل و المرأة على زوجية أحدهما للآخر ثبتت الزوجية بينهما في الظاهر و ترتبت عليها جميع أحكامها و لوازمها من جواز وطء و ثبوت مهر و نفقة و ميراث و غير ذلك، إذا لم يعلما أو يعلم أحدهما بكذب قولهما.

و إذا ادعى أحدهما الزوجية و أنكرها الثاني، فإن أقام المدعي بينة على صدق قوله ثبتت الزوجية ظاهرا، و كان على الطرفين ترتيب آثارها المحللة كالإنفاق من جانب الزوج، و كعدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج من جانب الزوجة، و اما في واقع الأمر فيجب عليهما العمل بالتكليف الذي يعلمان به في الحقيقة، و كذلك الحكم إذا لم تكن للمدعي بينة و لكن المنكر رد عليه اليمين

فحلف المدعي على صدق مدعاه، فتجري الأحكام الظاهرية المذكورة، و الواقع كما هو لا يتغير و لا تتبدل أحكامه.

و إذا لم تكن لمدعي الزوجية بينة تثبت قوله توجه اليمين على منكرها، فإذا أحلف حكم ظاهرا بعدم الزوجية. و يلزم مدعي الزوجية- و هو الطرف الثاني من الدعوى- بلوازم إقراره بالزوجية، فإن كان هو الرجل، وجب عليه أن يوصل المهر إليها، و لم يحل له أن يتزوج بأمها و لا ببنتها إذا كان قد دخل بالأم أو لم يطلقها، و لا يجوز له التزويج بأختها ما دامت المرأة في حباله، و لا يتزوج بنت أخيها و لا بنت أختها إلا برضاها ما دامت في حباله كذلك، و لا يتزوج خامسة إذا كانت عنده ثلاث زوجات غيرها.

و إذا كان مدعي الزوجية هي المرأة لم يجز لها الزواج بغيره إلا إذا فارقها بموت أو طلاق و نحوه.

المسألة 87:

إذا أنكر أحدهما الزوجية في المسألة السابقة ثم رجع بعد إنكاره

كلمة التقوى، ج 7، ص: 37

فاعترف بها و أبدى العذر عن إنكاره الأول و كان غير متهم في ذلك سمع منه إقراره، و ثبتت الزوجية، و ان كان ذلك بعد حلفه على عدم الزوجية.

المسألة 88:

إذا ادعت المرأة أنها خلية لا زوج لها، و كان الرجل لا يعلم حالها و يحتمل صدقها في قولها، حكم بصدقها و جاز له أن يتزوجها أو يزوجها من يريد، من غير أن يفحص عن أمرها، سواء حصل له العلم أو الوثوق من قولها أم لم يحصل.

و كذلك إذا دعاها هو أو غيره الى الزواج منها فأجابت، أو ابتدأت هي فدعت أحدا إلى الزواج منها، سواء كان المدعو هو أم غيره، فيصح الاعتماد على قولها في جميع ذلك. و مثله ما إذا علم الرجل بأنها كانت ذات بعل في السابق، فادعت ان بعلها قد مات أو طلقها.

و يستثنى من ذلك ما إذا كانت متهمة في دعواها، فيستحب للرجل أن يسأل عن حالها إذا أراد الزواج بها بل هو الأحوط.

و إذا كانت ذات بعل فغاب زوجها عنها غيبة انقطع فيها خبره، ثم ادعت أنها علمت بموته و اعتدت منه صدقت في قولها و جاز للرجل أن يتزوجها، و إذا وكلت أحدا على إجراء صيغة العقد عليها صح له أن يقبل الوكالة منها و يتولى عقد نكاحها إلا إذا علم بكذبها، و ان كان الأحوط استحبابا الترك.

المسألة 89:

إذا ادعت المرأة أنها خلية ليس لها زوج، فصدقها الرجل و تزوجها، ثم ادعت بعد زواجه بها أنها ذات بعل غيره، لم تسمع منها هذه الدعوى الثانية، فلا يفرق الحاكم بينها و بين الرجل الذي تزوجها و لا يجب على الرجل الاجتناب عنها، إلا إذا أقامت بينة على صدق دعواها، فإذا شهدت البينة بذلك، وجب التفريق بينها و بين الزوج الثاني.

و لا تستحق عليه شيئا إذا كانت حين زواجها به عالمة بأنها ذات بعل، لأنها بغي، و إذا كانت تجهل

ذلك، كما إذا اعتقدت بأن بعلها قد مات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 38

فاعتدت منه و تزوجت، ثم تبين لها خطأها في الاعتقاد، كان نكاحها شبهة، فإذا كان الرجل الثاني قد دخل بها استحقت عليه مهر المثل.

و يكفي في جريان هذه الأحكام أن تشهد البينة بأن المرأة ذات بعل حين ما تزوجها الثاني، و ان لم تعين من هو البعل الأول، و لم تشهد بأنه مات بعد ذلك أم لا يزال حيا.

الفصل الرابع في أولياء العقد

المسألة 90:

تثبت للأب و للجد أبى الأب و ان علا بأكثر من واسطة واحدة، ولاية شرعية على ولده و ولد ولده الصغيرين و على ابنته و بنت ابنه الصغيرتين و على المجنون و المجنونة من أولادهما إذا اتصل جنونهما بصغرهما و ان كانا بالغين بالفعل فيصح للأب و للجد أبى الأب ان يتوليا عقد الزواج عليهم، إذا لم تكن في ذلك مفسدة على القاصرين المولى عليهم.

و يشكل الحكم بثبوت ولاية لهما على المجنون و المجنونة اللذين يتأخر عروض الجنون عليهما عن البلوغ، فإذا اقتضت الضرورة تزويج أحدهما، فلا يترك الاحتياط بالاستيذان من الأب أو الجد و من الحاكم الشرعي معا.

المسألة 91:

لا تثبت الولاية للأم على القاصرين من أبنائها و بناتها و لا على ذريتهم و لا للجد أبي الأم، حتى أم الأب و أبيها سواء كانوا بواسطة أم أكثر، لا في عقد نكاح و لا في تصرف في مال أو إجراء معاملة أو في شي ء من شؤونهم، و لا تثبت الولاية للأخ و ان كان شقيقا كبيرا على أخيه الصغير و لا للعم أو الخال و لا لسائر الأرحام.

المسألة 92:

لا ولاية للأب و لا للجد أبى الأب على الولد في عقد النكاح بعد بلوغه و رشده، و لا ولاية لهما في عقد النكاح على البالغة الرشيدة إذا كانت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 39

ثيبا. و اما البكر البالغة الرشيدة، فالأقوى استقلال كل منها و من أبيها بأمر تزويجها، فإذا زوجت هي نفسها، صح عقدها و نفذ، و ان لم تستأذن أباها في إجراء العقد، سواء أجرت الصيغة بنفسها أم وكلت أحدا سواها في ذلك، و إذا زوجها أبوها نفذ تزويجه و صح و ان لم يستأذن منها في إجراء العقد، و الأفضل بل الأحوط لكل منهما أن يستأذن الآخر إذا أراد العقد عليها. بل يجوز للأب أن ينقض عقد البنت إذا زوجت نفسها من غير اذنه، و ان كان عقدها صحيحا في نفسه كما ذكرنا، و كل هذا مع مراعاة الشروط في ولاية الأب عليها و سيأتي بيان ذلك.

المسألة 93:

لا أمر و لا ولاية للجد أبى الأب و لا لغيره من الأولياء على البنت الباكر في عقدها بعد بلوغها و رشدها فلا يجري للجد الحكم الذي تقدم ذكره في ولاية الأب.

المسألة 94:

إذا منع الأب بنته البكر البالغة الرشيدة من التزويج بالكفؤ مع رغبتها بالزواج منه، سقطت ولايته عليها، فإذا زوجت نفسها منه بغير إذن الأب و قد منعها من ذلك، صح زواجها منه، و ليس للأب أن ينقض عقدها الذي أوقعته أو أوقعه وكيلها.

و سقوط ولاية الأب في هذا المورد لا يعني سقوط ولايته في غيره، فإذا لم تتزوج البنت من ذلك الرجل ثم زوجت نفسها من رجل آخر ليس بكفؤ، صح للأب أن ينقض عقدها.

المسألة 95:

لا يسقط اعتبار إذن الأب إذا منعها من الزواج بغير الكفؤ شرعا، و مثال ذلك ان يمنعها من الزواج بكافر أو بمرتد أو بغير مؤمن، و لا يسقط اعتبار إذنه إذا منعها من الزواج بغير الكفؤ عرفا ممن يكون في تزويجه غضاضة أو منقصة عليهم، و لا يسقط اعتبار إذنه إذا منعها من الزواج بكفؤ معين مع وجود كفؤ آخر يطلب الزواج بها، فإذا عقدت نفسها على أحد هؤلاء بغير إذن الأب جاز له ان ينقض عقدها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 40

و يسقط اعتبار إذن الأب إذا كان غائبا لا يمكن للبنت أن تستأذن منه، لسفر أو سجن مع حاجة البنت الى الزواج.

المسألة 96:

البنت التي تذهب بكارتها بغير الوطء لها حكم البكر، و حكم الولاية عليها قد تقدم بيانه في الولاية على البكر البالغة الرشيدة في المسألة الثانية و التسعين، و كذلك إذا ذهبت بكارتها بالزنا أو بوطء الشبهة على الأقوى.

المسألة 97:

لا يشترط في ولاية الجد على القاصر أو القاصرة أن يكون الأب حيا كما يراه جماعة من الأصحاب و لا يعتبر فيها أن يكون الأب ميتا كما يراه البعض من غيرهم، بل هو ولي مستقل في الولاية في حال وجود الأب و في حال موته، و إذا كان الأب و الجد كلاهما موجودين، كان كل واحد منهما مستقلا في ولايته، فلا تتوقف صحة عمله على أن يشترك فيه مع الآخر أو يستأذن منه، بل و يصح تصرفه مع مراعاة شروط الولاية و ان خالفه الثاني في الرأي إذا لم يؤد ذلك الى تشاح بينهما أو تعارض في التصرف، و تلاحظ المسائل الآتية في ما يتعلق بذلك.

المسألة 98:

يشترط في ولاية الأب و الجد أبى الأب أن لا تكون في تصرفه في شؤون القاصر أو أمواله مفسدة للمولى عليه، كما ذكرناه أكثر من مرة، فإذا زوج أحدهما الصبي أو الصبية، أو المجنون الذي اتصل جنونه بصغره مع وجود المفسدة في التزويج لم يصح و كان العقد فضوليا، لا ينفذ إلا بإجازة الطفل أو الطفلة المعقود لهما بعد أن يبلغا و يرشدا، و اجازة المجنون بعد أن يفيق من جنونه و يصحو.

و إذا تم عقد الأب أو الجد وفقا للشروط المعتبرة في ولايتهما على القاصر، صح العقد و لزم، و لم يكن للصبية المعقودة خيار فيه بعد بلوغها و رشدها، و لا خيار للصبي المعقود له في العقد بعد بلوغه و رشده، و لا للمجنون المعقود له بعد إفاقته و برئه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 41

المسألة 99:

إذا زوج الصبية القاصرة أبوها أو جدها بأقل من مهر أمثالها أو بشخص لا يقدر على الإنفاق عليها، فان كان ذلك لوجود مصلحة في التزويج تغلب على المفسدة الموجودة فيه، صح العقد و المهر و لزم، و ان لم توجد فيه مصلحة أو كانت فيه مصلحة عادية غير غالبة على المفسدة كان العقد فضوليا، يتوقف نفوذه على اجازة البنت بعد بلوغها و رشدها، فلا يصح إذا لم تجزه، و كذلك الحال في الصبي إذا زوجه أحدهما بأكثر من مهر المثل.

المسألة 100:

إذا زوج الصبية القاصرة أبوها أو جدها مع وجود المفسدة في تزويجها لم ينفذ العقد كما ذكرناه، في ما تقدم و كان فضوليا لا يصح الا بإجازة المعقودة بعد بلوغها، فإذا تغيرت الحال فارتفعت المفسدة الموجودة في التزويج، أو تجددت فيه مصلحة تغلب على المفسدة، أمكن للولي الثاني منهما غير العاقد أن يجيز العقد فيكون صحيحا بإجازته، و يشكل الحكم بالصحة إذا أجازه الولي العاقد نفسه.

المسألة 101:

إذا تشاح الأب و الجد في أمر تزويج القاصر أو القاصرة، فاختار كل واحد منهما للصبي زوجة أو اختار للصبية زوجا مثلا، قدم اختيار الجد، و إذا بادر الأب في هذا الفرض فعقد على الطفلة للزوج الذي الذي اختاره لها قبل الجد، فلا يترك الاحتياط اما باسترضاء الجد و تجديد العقد عليها لمن اختاره الأب، و اما بطلاق الزوج لها.

المسألة 102:

إذا زوج الأب بنته الصغيرة من رجل، و زوجها جدها من رجل آخر، فللمسألة صور، و لكل صورة منها حكمها الخاص بها:

(الصورة الأولى): أن يسبق الأب أو الجد في تزويجه للبنت على تزويج الآخر لها، و يعلم السابق منهما على نحو التعيين فيعلم أن الأب قد عقد على البنت قبل جدها، أو أن الجد قد أجرى عقده قبل أبيها،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 42

فيكون عقد الولي السابق منهما هو الثابت، و يبطل عقد اللاحق، سواء كان السابق هو الأب أم الجد.

(الصورة الثانية): أن يقترن عقد الأب على البنت مع عقد الجد عليها في الزمان، فيتفق إجراؤهما للصيغة في وقت واحد و يعلم التقارن بينهما، و الحكم في هذه الصورة ان تثبت الولاية للجد على الخصوص، فيكون عقده على البنت هو الثابت، و يبطل عقد الأب عليها.

(الصورة الثالثة): أن يعلم الوقت الذي أجرى فيه الجد عقده على البنت فيعلم بأنه أوقع الصيغة في الساعة الأولى من يوم الخميس مثلا، و يجهل وقت عقد الأب، فهل أوقعه قبل ذلك الوقت أم بعده أم وقع العقدان متقارنين في زمان واحد، و الحكم في هذه الصورة أيضا هو صحة عقد الجد و نفوذه و بطلان عقد الأب.

(الصورة الرابعة): أن يعلم الوقت الذي أوقع الأب فيه عقده على بنته كما

تقدم، و يجهل زمان عقد الجد، فهل أوقعه في وقت عقد الأب أيضا أم قبله أم بعده، فيحكم بصحة عقد الأب و نفوذه و بطلان عقد الجد.

(الصورة الخامسة): أن يجهل وقت كل من عقد الأب و عقد الجد، فلا يعلم في أي ساعة حدثا؟ و هل سبق أحدهما على الآخر أم اقترنا في الوقت؟ و الحكم في هذه الصورة أن المرأة تكون معلومة الزوجية لأحد الرجلين المعقود لهما على وجه الإجمال فإذا كان في الصبر عسر و حرج، فلا بد من الرجوع الى القرعة في تعيين الزوج الذي ثبتت له الزوجية منهما، فأيهما عينته القرعة حكم بأنه هو الزوج، أو طلاق الزوجين كليهما للمرأة، و تجديد العقد بعد ذلك لمن تشاء أو طلاق أحد الزوجين ثم يتزوجها الثاني بعقد جديد.

و المسألة في جميع صورها الخمس الآنف ذكرها انما تفرض في غير حالة التشاح بين الأب و الجد في تعيين الزوج، و إذا فرض وقوع تشاح بينهما في ذلك رجع الى حكمها الذي بيناه في المسألة المائة و الواحدة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 43

المسألة 103:

إذا تحقق سفه الرجل أو المرأة في الأمور المالية و حكم عليه بالحجر شرعا، لم يصح له أن يتولى عقد النكاح لنفسه إلا إذا أذن له وليه بذلك، فيكون الولي هو الذي يعين له المهر و يعين له الزوجة إذا كان رجلا، و يكون الولي هو المشرف على الإنفاق على الزوجة من مال السفيه بعد التزوج بها، و يكون الولي هو الذي يعين الزوج و يقدر الصداق إذا كان السفيه المولى عليه هو المرأة، و إذا زوج السفيه نفسه أو زوجت المرأة السفيهة نفسها بغير اذن الولي كان العقد فضوليا، فلا ينفذ

إلا بإجازة الولي، فإذا أجازه صح و لم يفتقر الى تجديد العقد.

و كذلك الحكم إذا كان سفهه عاما في الماليات و غيرها، أو كان خاصا في الشؤون غير المالية كما إذا كان سفيها في التزويج أو في التصرف في نفسه، بناء على ما اخترناه من اجراء حكم السفه في جميع ذلك، و قد ذكرناه في كتاب الحجر- فيكون محجورا عن أن يتولى عقد النكاح لنفسه إلا بإذن الولي.

المسألة 104:

ولي السفيه هو الأب أو الجد أبو الأب إذا كان قد اتصل سفهه بصغره، فان لم يكن له أب و لا جد، فوليه هو القيم الذي ينصبه الأب أو الجد لذلك، و ان لم يكن لهما وصي منصوب فالولي على السفيه هو الحاكم الشرعي، و إذا طرأ له السفه بعد أن بلغ الحلم و رشد، فالولاية عليه للحاكم الشرعي و ان كان أبوه وجده موجودين.

المسألة 105:

السفيه غير مسلوب العبارة، فإذا كان ممن يحسن إجراء الصيغة في عقد التزويج صح له أن يتولى عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، و يصح له ان يتولى اجراء العقد لنفسه أيضا إذا قام وليه بأصل المعاملة حتى أتمها فعين الزوجة و قدر المهر و حدد الشروط ثم أذن للمولى عليه أو وكله في إجراء الصيغة على ما عينه، و إذا أجرى السفيه عقد النكاح لنفسه بنفسه ثم أجاز وليه عقده بعد ذلك، صح و لم يفتقر الى تجديد، و قد تقدم ذكر هذا قبل مسألتين.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 44

المسألة 106:

يجوز للوصي المنصوب من قبل الأب أو الجد أبى الأب أن يزوج الطفل الصغير و الطفلة الصغيرة إذا نص أبوهما أو جدهما الموصى على ولايته في التزويج، سواء عين الزوج و الزوجة لهما أم لم يعين، فيجوز للوصي ان يتولى العقد لهما بنفسه و أن يوكل غيره في إنشائه، إلا إذا عين له الموصى أن يباشر بنفسه أو يوكل فيتبع ما حدد له. و يجوز للوصي القيم كذلك أن يزوج ابنهما المجنون أو بنتهما المجنونة اللذين اتصل جنونهما بصغرهما مع نص الأب أو الجد على ذلك في وصيته كما ذكرنا في الصغير، و يجوز لهذا الوصي القيم أن يزوج السفيه الذي اتصل سفهه بصغره إذا نص الموصى على أن يتولى أمر تزويجه كذلك.

المسألة 107:

إذا لم يكن للطفل الصغير أو الطفلة الصغيرة أب و لا جد يتولى أمرهما، و لا وصي منصوب من أبيهما أو جدهما و اقتضت المصلحة الملزمة تزويجهما أو دعت الى ذلك ضرورة ملحة بحيث تترتب على تركه مفسدة شديدة يجب الاحتراز عنها، فللحاكم الشرعي أن يتولى تزويجهما، و كذلك الحكم في المجنون و المجنونة اللذين لا ولي لهما إذا اقتضت الضرورة تزويجهما. و قد تقدم في المجنون الذي عرض له الجنون بعد البلوغ و كان له أب أو جد أو وصي من أحدهما، أن الأحوط لزوما في صحة تزويجه إذا اقتضت ذلك ضرورة ملزمة أن يستأذن منهم و من الحاكم الشرعي.

المسألة 108:

الولاية على العبد المملوك في التزويج و غيره لسيده، سواء كان عبدا أم أمة و كبيرا أم صغيرا، و عاقلا أم مجنونا، و إذا تزوج أو زوجه أحد بغير اذن سيده كان العقد فضوليا، فان أجازه السيد صح و ان لم يجزه بطل.

المسألة 109:

يشترط في ولاية الولي ان تتوفر فيه عدة أمور:

الأول: أن يكون بالغا، فلا ولاية للصبي الصغير أو الصبية الصغيرة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 45

على أحد، فإذا كان لأحدهما عبد مملوك أو أمة مملوكة فالولاية عليه للولي على السيد الصغير.

الثاني: أن يكون عاقلا، فلا ولاية للمجنون على غيره، و ان كان أبا أو جدا أو مالكا.

الثالث: أن يكون حرا، فلا ولاية للمملوك على ولده و لا على عبده، بل الولاية لمالك الولد، و إذا كان الولد حرا فالولاية عليه للجد إذا كان حرا و لوصيه القيم من بعده، و الا فالولاية للحاكم الشرعي، و تكون الولاية على عبده، لمالك العبد المالك.

الرابع: أن يكون مسلما إذا كانت الولاية على مسلم، فلا ولاية للكافر و لا للمرتد على ولده و لا على ولد ولده إذا كان مسلما، و تثبت ولاية الكافر على ولده إذا كان كافرا على الأقوى.

المسألة 110:

لا يصح للولي أن يتولى عقد التزويج للمولى عليه إذا كانا محرمين بحج أو بعمرة، واجبين أو مندوبين، أو مختلفين، أو كان أحدهما محرما كذلك و لا يصح له أن يوكل في تزويجه في هذه الفروض و ان كان الوكيل محلا، و يصح له أن يوكل في حال الإحرام من يتولى العقد للمولى عليه بعد أن يحل الولي و المولى عليه من إحرامهما.

المسألة 111:

العقد الفضولي هو العقد الذي يصدر من شخص غير مخول شرعا في أن يجري ذلك العقد للشخص المعقود له، سواء كان الشخص الذي أجرى العقد قريبا للشخص المعقود له أم أجنبيا عنه، و قد يطلق الفقهاء كلمة الفضولي و يجعلونها وصفا لنفس العقد الصادر كما ذكرنا، و هذا هو الأكثر، و قد يجعلونها وصفا للشخص الذي أجرى العقد، فيقولون: عقد الفضولي، و يقولون إذا تعدى الوكيل ما حدد له الموكل كان فضوليا.

و من الفضولي عقد الولي و الوكيل إذا وقع على غير الوجه الذي يصح لهما إيقاعه عليه، و مثال ذلك أن يعقد الأب أو الجد مع وجود

كلمة التقوى، ج 7، ص: 46

مفسدة للمولى عليه، أو يعقد غيرهما من الأولياء على غير مصلحة له، و أن يتجاوز الوكيل ما عين له موكله في وكالته، فيعقد له على غير الزوجة المعينة أو على غير المهر المحدد، و من الفضولي أن يعقد العبد لنفسه أو تعقد الأمة نفسها بغير اذن سيدهما.

و الأقوى صحة العقد الفضولي إذا لحقته الإجازة ممن بيده أمر العقد، سواء كان المعقود له كبيرا أم صغيرا و حرا أم مملوكا، و رجلا أم امرأة، و سواء كان العقد فضوليا من جانب الزوج و الزوجة كليهما أم من أحد الجانبين، فإذا

أجاز الأصيل أو الولي و هما يملكان الأمر في العقد صح و نفذ.

المسألة 112:

إذا كان الشخص المعقود له بالعقد الفضولي ممن يصح له أن يتولى العقد لنفسه- و هو البالغ الحر العاقل- سواء كان رجلا أم امرأة، فلا يصح العقد الفضولي له الا بإجازته بنفسه، و إذا كان ممن لا يصح له أن يتولى ذلك، و هم الصغير و المجنون و السفيه و المملوك، فيصح العقد الفضولي لأحدهم بإجازة ولي أمره ما دام قاصرا، فإذا أجازه الولي كذلك نفذ مع اجتماع شروط ذلك، و لم يكن للمولى عليه رده بعد ذلك، و إذا رده الولي كان باطلا و لا تصححه اجازة المولى عليه بعد كماله و ارتفاع الولاية عنه، و إذا لم يجز الولي العقد الفضولي و لم يرده حتى كمل المولى عليه و ارتفع الحجر عنه، فبلغ الصغير مثلا و أفاق المجنون و رشد السفيه و أعتق العبد كان له أن يجيز العقد الفضولي، فإذا أجازه نفذ.

المسألة 113:

ليس للأب و لا للجد أبى الأب أن يجيز العقد الفضولي للطفل أو الطفلة أو غيرهما ممن تثبت ولايتهما عليه، إذا كانت فيه مفسدة للمولى عليه، كما لا يصح لهما تزويجه مع المفسدة، و ليس لغيرهما من الأولياء أن يجيز العقد الفضولي للمولي عليه إذا لم تكن فيه مصلحة له، كما لا يصح لهم تزويجه حيث لا مصلحة، فإذا لم يجز الولي العقد في الفرضين الآنف ذكرهما و لم يرده حتى كمل المولى عليه و ارتفع عنه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 47

الحجر، كان له أن يجيز العقد كما ذكرناه قريبا، فإذا أجازه نفذ.

المسألة 114:

لا يبطل العقد الفضولي بتأخر الإجازة عنه و ان تأخرت زمنا طويلا، لبعض الأسباب الطارئة، فإذا لم يجزه الأصيل أو الولي لجهله بحصول العقد، أو لجهله بأن الإجازة توجب صحته و نفوذه، أو للتروي و الاستشارة لأحد في الإجازة و الرد، أو للنسيان، أو لرغبة الصبي في إخفاء ذلك على الولي خوفا من رده فيبطل العقد، فإذا لم يجز الأصيل أو الولي العقد لبعض هذه الأسباب أو غيرها، ثم أجازه بعد ذلك صح و نفذ.

المسألة 115:

إذا رد الأصيل العقد الفضولي أو رده الولي لغى العقد، فلا تصححه الإجازة إذا لحقته بعد الرد على الأحوط ان لم يكن ذلك هو الأقوى، سواء كانت الإجازة اللاحقة من الولي أم من الأصيل، و إذا أجازه الأصيل أو الولي صح العقد و نفذ كما تقدم و لم يبطله الرد اللاحق بعد ذلك سواء كان الرد من الولي أم من الأصيل.

المسألة 116:

يكفي في إجازة العقد الفضولي أي لفظ يكون دالا على إنشاء الرضا بالعقد في متفاهم أهل العرف و اللسان، و ان كان ظهوره في ذلك بمعونة القرائن، و يكفي فيها الفعل الدال على ذلك أيضا.

المسألة 117:

إذا أوقع الفضولي العقد عن الزوج و كان الزوج راضيا في نفسه بالتزويج حين اجراء العقد له و لم يظهر منه قول أو فعل يدل على رضاه بالعقد، فالعقد فضولي لا ينفذ إلا بالإجازة و كذلك إذا أوقعه فضولا عن المرأة و هي راضية به في نفسها و لم تدل على رضاها بقول أو بفعل، فالعقد فضولي لا يصح الا بالإجازة.

المسألة 118:

إذا أوقع الفضولي العقد عن الزوج و كان الزوج كارها في نفسه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 48

لذلك حين العقد و لم يقع منه فعل أو لفظ يدل على الرد، فالظاهر صحة العقد إذا لحقته الإجازة بعد ذلك، و كذلك إذا استأذنه في العقد له فنهاه و لم يأذن له، فإذا أجرى له العقد مع نهيه فهو من الفضولي فإذا لحقته الإجازة صح و نفذ، و لا يكون نهيه المتقدم بمنزلة الرد، و كذلك الحكم في الزوجة في كلا الفرضين.

المسألة 119:

الفضولي- كما ذكرناه سابقا- هو العقد الصادر عن شخص غير مخول شرعا في إجراء ذلك العقد للإنسان المعقود له سواء كان الشخص العاقد يعلم بذلك حين إجرائه للعقد أم كان يتخيل خلافه، فإذا أجرى العقد بعنوان الفضولية ثم اتضح بعد ذلك انه ولي للشخص المعقود له أو وكيل عنه، صح عقده و نفذ و لم يفتقر إلى إجازة، إلا إذا تعدى الوجه المحدد له شرعا. و إذا أجرى العقد و هو يعتقد انه ولي للمعقود له أو وكيل عنه، ثم استبان له انه مخطئ في اعتقاده، فهو فضولي لا ينفذ عقده إلا بالإجازة.

المسألة 120:

إذا زوج الصبية الصغيرة بالصبي الصغير غير ولييهما فضولا، توقفت صحة العقد على الإجازة من كلا الجانبين، سواء حصلت من وليي الصغيرين قبل أن يدركا و يرشدا أم من الصغيرين بعد البلوغ و الرشد، أم من ولي أحدهما قبل بلوغه و من الآخر بعد كماله، و يكفي في بطلان العقد ان يحصل الرد من أحد الجانبين قبل الإجازة، سواء حصل من ولي أحدهما قبل بلوغه أم من أحدهما بعد كماله، و يبطل العقد كذلك إذا مات الصبيان المعقود لهما قبل ان تحصل الإجازة منهما أو من ولييهما، أو مات أحدهما قبل الإجازة منه.

المسألة 121:

إذا بلغ أحد الصغيرين المعقود لهما بالعقد الفضولي، فأجاز العقد ثم مات قبل أن يجيز الآخر عزل للآخر نصيبه من الميراث لو كان وارثا، فإذا بلغ و أجاز العقد أحلف أنه لم يدعه إلى أخذ الميراث الا الرضا بالزواج، فإذا حلف كذلك دفع اليه نصيبه من الميراث، و إذا كانت هي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 49

الزوجة دفع إليها نصف المهر المسمى، و إذا لم يجز العقد، أو لم يحلف اليمين المذكورة لم يدفع إليه شي ء ورد المال إلى الورثة، و كذلك الحكم إذا مات قبل ان يجيز، أو مات بعد الإجازة و قبل الحلف، و إذا كان الشخص الباقي منهما غير متهم بالطمع في المال لم يتوجه عليه اليمين و ثبت له الميراث بعد أجازته.

و إذا أجاز العقد و حلف اليمين المذكورة ترتبت جميع الأحكام الأخرى للزوجية أيضا، فإذا كان هو الزوج حرمت عليه أم المعقودة، و إذا كانت هي الزوجة حرمت على أبي الزوج و ابنه، بل الأحوط ترتيب هذه الآثار بمجرد الإجازة منه، و ان لم يحلف، و ان

كان متهما.

المسألة 122:

الظاهر جريان الحكم الآنف ذكره في الكبيرين إذا زوجهما أحد بالعقد الفضولي، فأجاز أحدهما العقد ثم مات بعد أجازته و قبل أن يجيز الآخر، و يجزي الحكم أيضا في ما إذا وقع العقد بين أحد الكبيرين و الفضولي عن الآخر ثم مات الأصيل قبل أن يجيز صاحبه عقد الفضولي عنه، و يجري كذلك في ما إذا وقع العقد بين ولي أحد الصغيرين و الفضولي عن الآخر و مات الصغير الذي عقد له الولي قبل أن يجيز الآخر أو وليه، أو عقد الفضولي للمجنونين أو لأحدهما مع ولي الآخر، و سائر نظائر المقام.

فإذا لزم العقد في هذه الموارد من أحد الجانبين لأنه أصيل، أو لأن العقد جرى له من وليه، أو لأنه أجاز العقد لنفسه بعد ارتفاع الحجر عنه أو أجازه وليه، ثم مات قبل أن يجيز صاحبه العقد، جرى فيه الحكم المتقدم، فيعزل مقدار نصيب الزوج الآخر الموجود من تركة الزوج الميت لو كان وارثا منه، و ينتظر، فإذا رد هذا الزوج المعقود له عقد الفضولي، بطل العقد ورد المال إلى ورثة الزوج الميت، و إذا أجاز العقد ترتبت أحكام الزوجية على نهج ما تقدم بيانه، و الأحوط في الجميع مع اتهام الزوج الموجود في إجازته ان لا يدفع له نصيبه من الميراث الا بعد الحلف، و إذا كانت الباقية هي الزوجة فلا تعطى نصف

كلمة التقوى، ج 7، ص: 50

المهر كذلك الا بعد الحلف.

المسألة 123:

لا تثبت في العقد الفضولي أحكام الزوجية و لا أحكام المصاهرة قبل أن تحصل الإجازة، و ان كان العقد لازما من أحد الجانبين، لأنه أصيل كما قلنا في المسألة السابقة، أو لأن العقد قد جرى له من وليه أو لأنه

أجاز العقد لنفسه بعد أن ارتفع عنه الحجر أو أجازه وليه، فإذا كان هو الزوج فلا يحرم عليه قبل حصول الإجازة نكاح أم المعقودة و بنتها و أختها، و لا يحرم عليه التزويج بالخامسة إذا كانت المعقودة فضولا هي الرابعة، و إذا كانت هي الزوجة فلا يحرم عليها أن تتزوج بغيره حتى مع العلم بأن الإجازة تحصل بعد ذلك، و هذا بناء على ان الإجازة كاشفة كشفا انقلابيا كما هو المختار في المسألة، و نتيجة لذلك فإذا تزوج الرجل أم المرأة المعقودة عليه فضولا أو تزوج بنتها أو أختها أو الخامسة، ثم حصلت الإجازة من الزوج الآخر بعد ذلك كشفت الإجازة عن بطلان تزويجه بهن. و كذلك إذا تزوجت المرأة بغيره ثم حصلت الإجازة منه كشفت أجازته عن بطلان تزويج المرأة بغيره. و إذا حصل الرد من أحد الجانبين بطل العقد كما تقدم ذكره، و لم تترتب أحكام المصاهرة و ان كان الجانب الآخر أصيلا أو مجيزا.

المسألة 124:

إذا عقد الفضولي امرأة على رجل من غير أن تعلم المعقودة بذلك، و زوجت المرأة نفسها من رجل آخر صح عقد الثاني عليها و بطل العقد الفضولي فليس لها أن تجيزه إذا علمت به بعد ذلك، و كذلك إذا كانت تعلم بعقد الفضولي لها فان تزويجها بالثاني يكون ردا له فيبطل، إلا إذا إجازته قبل ذلك فيكون هو الصحيح و يبطل عقدها على الثاني.

و إذا عقد الفضولي امرأة على رجل من غير أن يعلما بعقده، ثم تزوج الرجل المعقود له بنت المرأة المعقودة أو أمها صح زواجه كذلك و ثبت و بطل العقد الفضولي، فلا يجوز للرجل أن يجيزه إذا علم به بعد ذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 51

المسألة 125:

إذا زوج فضولي امرأة معينة برجل، ثم زوجها فضولي آخر برجل آخر، تخيرت المرأة في العقدين فان شاءت ردتهما معا فيبطلان، و ان شاءت أجازت أحدهما وردت الآخر، من غير فرق بين ان يسبق أحد العقدين على الآخر أو يقترنا في الوقت.

المسألة 126:

إذا زوج فضولي رجلا بالمرأة معينة، ثم زوجه فضولي آخر ببنت تلك المرأة المعقودة له أو بأختها، أمكن للرجل المعقود له أن يختار اي العقدين فيجيزه و يرد الآخر سواء سبق أحد العقدين على الآخر في الوقت أم تقارنا في الحدوث، و أمكن له أن يرد العقدين كليهما.

المسألة 127:

إذا زوج الفضولي امرأة برجل على مهر عينه في العقد، فلا يصح للمرأة أو الرجل في إجازة العقد أن يسقط المهر فيكون التزويج من غير مهر، و لا يصح أن يبدل المهر المعين بمهر آخر أقل منه أو أكثر أو يخالفه في الجنس، أو يذكر في الإجازة شرطا أو شروطا لم يذكرها الفضولي في العقد أو يسقط شرطا ذكره في العقد فإذا اختلفت الإجازة عن العقد ببعض ذلك لم تصح، فإذا أريد ذلك فلا بد من رد العقد الفضولي و تجديد عقد آخر بين الرجل و المرأة حسب ما يتفقان عليه من المهر و الشروط.

المسألة 128:

إذا عقد الفضولي المرأة للرجل، و اعتقدت المرأة المعقودة ان النكاح قد لزمها بعقد الفضولي لها و ان لم توكل، فرضيت به لذلك، أشكل الحكم بصحة هذه الإجازة و صحة العقد بها، فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد عليها إذا أريد بقاء الزواج، و بإجراء الطلاق إذا أريد الفراق.

و كذلك الإشكال إذا فرض مثل ذلك في الزوج، فاعتقد ان النكاح قد تم بعقد الفضولي و لزمه و ان لم يوكله في القبول، فرضي به و اجازه لذلك، فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 52

الفصل الخامس في أسباب التحريم

اشارة

سبب التحريم هو الأمر الذي إذا تحقق وجوده بين الرجل و المرأة حرم عليه الزواج بها و لم يصح له العقد عليها، و أسباب تحريم النكاح عدة أمور:

السبب الأول: النسب.
المسألة 129:

يحرم على الرجل من النسب نكاح سبعة أصناف من النساء:

الصنف الأول: الأم، و هي كل امرأة ينتمي إليها الإنسان بالولادة، سواء كانت بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم بوسائط متعددة، و سواء كانت الوسائط بين الإنسان و بينها ذكورا أم إناثا، أم ذكورا و إناثا، فالأم هي الأنثى التي ولدت الإنسان، أو ولدت أباه أو ولدت أمه، أو ولدت أحد آبائه من قبل الأب أو من قبل الأم، أو ولدت احدى أمهاته من قبل الأب أو من قبل الأم و ان تعددت الوسائط ما بينه و بينها.

الصنف الثاني: البنت، و هي كل أنثى تنتمي إلى الإنسان بالولادة، سواء كانت بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم بوسائط متعددة، و سواء كانت الوسائط ذكورا أم إناثا، أم ذكورا و إناثا.

فالبنت هي الأنثى التي ولدها الإنسان أو ولدها أحد أبنائه، أو إحدى بناته، أو أحد أحفاده، أو أحد أسباطه و ان تعددت الوسائط و اختلفت في الذكورة و الأنوثة، و يراد بالحفيد: ابن الابن و ان نزل، و السبط ابن البنت كذلك.

الصنف الثالث: الأخت، و هي كل أنثى ولدها أحد أبوي الإنسان بلا واسطة، أو ولدها كلاهما كذلك، فأخت الإنسان هي بنت أبيه، أو بنت أمه، أو بنت أبيه و أمه معا.

الصنف الرابع: بنت الأخ، و هي كل أنثى تنتمي الى أخي الإنسان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 53

بالولادة، سواء كان أخاه لأبيه و أمه معا، أم لأحدهما، و سواء كانت الأنثى بنت الأخ بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم

بوسائط متعددة، و سواء كانت الوسائط ذكورا أم إناثا، أم ذكورا و إناثا.

فبنت الأخ هي الأنثى التي ولدها أخو الإنسان أو ولدها أحد أبناء أخيه، أو ولدتها احدى بنات أخيه، أو ولدها أحد أحفاد الأخ أو أحد أسباطه، و ان تعددت الوسائط و اختلفت كما ذكرنا في البنت.

الصنف الخامس: بنت الأخت، و هي كل أنثى تنتمي بالولادة الى أخت الإنسان لأبيه، أو لأمه، أو لكليهما، على ما تقدم بيانه في بنت الأخ سواء بسواء.

الصنف السادس: العمة، و هي كل أنثى تكون أختا لرجل ينتمي الإنسان إليه بالولادة بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم بوسائط متعددة، و ان اختلفت الوسائط في الذكورة و الأنوثة.

فالعمة هي أخت أبي الإنسان و أخت جده لأبيه، أو جده لأمه، و أخت أحد أجداده من قبل أبيه أو من قبل أمه و ان اختلفت الوسائط كما ذكرنا، و على ما بيناه في معنى الأخت، و بعبارة ثانية، المحرمة في النكاح هي عمة الرجل و عمة أبيه، و عمة أمه، و عمة أحد من أجداده أو جداته من قبل الأب أو من قبل الأم.

الصنف السابع: الخالة، و هي كل أنثى تكون أختا لامرأة ينتمي الإنسان إليها بالولادة و ان كانت بالواسطة كما تقدم في العمة.

فالخالة هي أخت أم الإنسان و أخت جدته لأبيه، و أخت جدته لأمه، و أخت إحدى جداته من قبل أبيه أو من قبل أمه، و ان تعددت الواسطة و اختلفت في الذكورة و الأنوثة، و بتعبير آخر، المحرمة في النكاح هي خالة الإنسان و خالة أبيه و خالة أمه و خالة أحد من أجداده أو جداته من قبل أبيه أو من قبل أمه.

تنبيه: ليست من المحارم أخت أخيك

و لا أخت أختك، و هي أن تكون لزوجة أبيك بنت من زوج آخر، أو تكون لزوج أمك بنت من زوجة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 54

أخرى غير أمك، فتكون هذه البنت في كلا الفرضين أختا لأخيك أو أختك، و ليست من محارمك.

و ليست من المحارم أخت العمة، و هي أن تكون لزوجة جدك من قبل أبيك بنت من زوج آخر غير جدك فتكون هذه الأنثى أختا لعمتك و ليست من محارمك. و ليست من المحارم عمة العمة، و هي أن تكون لزوجة جدك الأعلى من قبل الأب بنت من زوج آخر غير جدك، فتكون هذه الأنثى عمة لعمتك و ليست من محارمك.

و ليست من المحارم أخت الخالة، و هي أن تكون لزوجة جدك من قبل أمك بنت من زوج آخر، فتكون أختا لخالتك و ليست من محارمك، و هكذا في خالة الخالة، و لبعض ما ذكر فروض أخرى لا تخفى على المتفطن.

المسألة 130:

النسب الشرعي هو ما كانت الولادة فيه حاصلة من وطء صحيح، بسبب نكاح دائم أو منقطع، أو ملك يمين أو تحليل أمة، و يلحق به في الحكم وطء الشبهة، و على النسب الشرعي و ما يلحق به تدور عامة الأحكام الشرعية في المواريث و المصاهرات و غيرها.

و لكن الحكم بتحريم النكاح لا يختص بذلك، بل يعم ما حصل بالسفاح أيضا، فتحرم على الرجل أمه التي ولدته من الزنا و تحرم عليه بنته من الزنا، و تحرم عليه أخته و عمته و خالته و بأنه أخيه و ابنة أخته و ان كان النسب بينه و بينهن من السفاح، و تحرم بنته من الزنا على أولاده من النكاح الصحيح أو من وطء الشبهة أو

من الزنا بتلك المرأة أو بامرأة أخرى، و يعم الحكم بالتحريم جميع طبقات النسب كما في النسب الشرعي سواء بسواء.

المسألة 131:

وطء المرأة شبهة هو الوطء الذي لا يستحقه الواطئ في حكم الشرع، إذا فعله و هو يعتقد انه يستحق ذلك، لجهله بالحكم أو لجهله بالموضوع، سواء كان معذورا في ذلك أم غير معذور، فإذا وطأ المرأة الأجنبية و هو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 55

يعتقد صحة فعله، و علقت منه لحق به الولد و ثبت به نسبه اليه و ان كان مأثوما بفعله في صورة عدم العذر.

و يلحق بوطء الشبهة وطء النائم و المجنون و نحوهما من فاقد العقل عند العمل، ما عدا السكران إذا شرب الخمر عامدا عاصيا فإن الأقوى أن فعله كفعل العامد، فلا تسقط عنه أحكام الزنا و لا يثبت به النسب.

السبب الثاني من أسباب تحريم النكاح: الرضاع
المسألة 132:

لا يكون الرضا سببا لتحريم نكاح المرأة إلا إذا استجمع شروطا:

الشرط الأول: أن يتكون اللبن الذي يرتضعه الرضيع عن وطء صحيح و الوطء الصحيح ما كان بعقد نكاح دائم أو بعقد نكاح مؤقت، أو بملك يمين، أو بتحليل الأمة من مالكها، أو بشبهة لكل من الرجل و المرأة.

المسألة 133:

لا ينشر الرضاع الحرمة إذا كان اللبن ناشئا عن الوطء بالزنا، و لا ينشر الحرمة رضاع ما يدر من ثدي الرجل إذا اتفق حدوث ذلك، و لا من الخنثى المشكل الذي لا يتضح حاله أذكر هو أم أنثى، و لا ينشر الحرمة رضاع ما يدر من ثدي المرأة إذا تكون اللبن فيه من غير وطء.

المسألة 134:

إذا سبق ماء الزوج إلى المرأة في المداعبة من غير دخول، فحملت منه و ولدت و تكون اللبن بسبب ذلك، فالظاهر أن رضاع لبنها ينشر الحرمة إذا اجتمعت فيه بقية الشروط، و كذلك الأمة إذا سبق إليها ماء مالكها أو الشخص الذي حللت له، فحملت منه و تكون اللبن فيها، و مثلها المرأة الموطوءة بالشبهة إذا كانت الشبهة من الطرفين.

المسألة 135:

انما ينتسب اللبن الى الوطء إذا تكون في المرأة بعد علوقها و حملها من وطء الرجل أو بسبب سبق ماء الرجل إليها كما ذكرنا، و قد يلحق بذلك في وجه قوي ما يتكون في ثدي المرأة بعد حملها من التلقيح الصناعي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 56

بنطفة زوجها، فما يتكون من اللبن في ثدي المرأة قبل أن تحمل لا يكون رضاعه سببا لتحريم النكاح و ان كانت المرأة موطوءة، و المتيقن نشره للحرمة هو الرضاع بعد ولادة المرأة لحملها، و اما ما يكون حال الحمل و قبل ولادة الجنين فالحكم فيه مشكل و لا يترك الاحتياط فيه.

المسألة 136:

يشكل الحكم بنشر الحرمة برضاع اللبن المتكون من وطء الشبهة إذا كانت الشبهة من أحد الطرفين، و كان الطرف الآخر عالما بتحريم الوطء، و خصوصا إذا كان العالم بالتحريم هو الرجل، و لا يترك الاحتياط.

المسألة 137:

الشرط الثاني من شرائط نشر الحرمة بالرضاع، أن يكون شرب الطفل للبن بامتصاصه من ثدي المرأة، فإن ذلك هو الذي يتحقق به مسمى الرضاع منها، فإذا حلب لبنها و وضع في إناء ثم سقي الطفل لم يكن ذلك رضاعا و لم ينشر حرمة، و ان شرب الطفل بالامتصاص منه كما في القوارير التي أعدت لتغذية الرضيع، و كذلك إذا صير اللبن جبنا أو مخيضا ثم أطعم الطفل منه أو سقي، أو دفع في عروق الطفل و أوردته ببعض آلات التغذية الحديثة التي تستعمل للمغذيات الأخرى، فلا يكون اللبن سببا للتحريم.

المسألة 138:

إذا وضعت على رأس ثدي المرأة آلة تجذب ما في باطنه من اللبن أو تنقيه من بعض الرواسب، ثم تدفعه في فم الطفل، فالظاهر صدق الرضاع على الشرب منها و نشر الحرمة به كشرب الطفل من ثدي المرأة مباشرة.

و إذا كانت الآلة تجمع اللبن فيها، بحيث يكون شرب الطفل مما يجتمع فيها لم يكن ذلك رضاعا محرما و كان من أفراد المسألة السابقة.

المسألة 139:

الشرط الثالث أن تكون المرأة التي يرتضع الطفل من لبنها حية غير

كلمة التقوى، ج 7، ص: 57

ميتة، فإذا ارتضع الطفل من ثدي امرأة ميتة خمس عشرة رضعة تامة- و ذلك هو العدد الذي يوجب تحريم النكاح إذا كان الرضاع من امرأة حية- لم ينشر هذا الرضاع حرمة، فلا يحرم على هذا الرضيع ان يتزوج من بناتها إذا كان ذكرا، و لا يحرم عليه ان يتزوج من أولادها إذا كان أنثى.

و كذلك الحكم إذا ارتضع الطفل من المرأة بعض العدد و هي حية ثم أتمه بعد موتها فلا يكون سببا للتحريم. نعم إذا ماتت المرأة و قد بقي من عدد الرضعات المعتبرة في الحكم بالحرمة رضعة واحدة أو بعض رضعة، فأتمها الطفل بعد موت المرضعة ففي ثبوت التحريم اشكال و لا يترك الاحتياط بالاجتناب في هذا الفرض.

المسألة 140:

الشرط الرابع أن يكون الرضاع في أثناء الحولين للطفل المرتضع من حين ولادته، و الحولان هما المدة التي حددت في شريعة الإسلام لرضاع الطفل و بانتهائها يحق فطامه، أو يكون الرضاع في آخر المدة بحيث ينتهي عدد الرضعات المعتبرة بانتهاء الحولين.

المسألة 141:

إذا كان رضاع الطفل من لبن المرأة بعد انتهاء مدة الحولين من حين ولادته لم ينشر رضاعه حرمة بينه و بين المرأة التي أرضعته، و لا بينه و بين زوجها صاحب اللبن، و لا بينه و بين فروعهما و أقاربهما من بنين و بنات، و اخوان و أخوات و آباء و أمهات، و كذلك الحكم إذا رضع الطفل بعض العدد الآنف ذكره في أثناء الحولين و أتم العدد بعد انتهاء الحولين، فلا يكون هذا الرضاع موجبا للتحريم.

المسألة 142:

لا أثر للفطام قبل أن يحل وقته المحدد له في الشريعة، و هو أن يتم للطفل حولان منذ ولادته، فإذا فطم الطفل قبل وقت فطامه، ثم عاد فارتضع و هو في أثناء الحولين من لبن امرأة خمس عشرة رضعة كاملة الشروط كان رضاعه موجبا للتحريم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 58

المسألة 143:

الحولان الكاملان اللذان جعلا في الإسلام مدة للرضاع هما أربعة و عشرون شهرا هلاليا، و الشهر الهلالي هو ما بين الهلالين، سواء كان ناقصا أم تاما، و إذا كانت ولادة الطفل في أثناء الشهر، اعتبرت الثلاثة و العشرون شهرا بعد الشهر الأول المنكسر أشهرا هلالية، ثم يتم من الشهر الخامس و العشرين ما نقص من أيام الشهر الأول الذي تولد الطفل فيه فيتم ثلاثين يوما على الأحوط بل على الأقوى.

المسألة 144:

إذا ارتضع الطفل من لبن امرأة العدد الكامل من الرضعات و كان عمر الطفل المرتضع دون الحولين منذ يوم ولادته، و كان لبن المرضعة قد تجاوزت أيامه الحولين منذ ولادتها التي يتبعها ذلك اللبن، فهل يكون رضاع الطفل من ذلك اللبن سببا لتحريم النكاح؟ فيه اشكال، و لا يترك الاحتياط بالاجتناب.

المسألة 145:

الشرط الخامس ان لا يمتزج اللبن الذي يرتضعه الطفل من ثدي المرأة بشي ء آخر يخرج به عن اسم اللبن المعروف بين الناس، فإذا وضع في فم الطفل شي ء جامد أو مائع يختلط باللبن حال امتصاصه بحيث لا يسمى اللبن بعد امتزاجه بذلك الخليط لبنا في متفاهم أهل العرف، أو يكون اختلاطه به موجبا للشك في تسميته عندهم لبنا، لم يسبب ذلك الرضاع حرمة، و إذا كان الخليط لا يوجب تغيرا في مسمى اللبن كقليل من السكر، كان رضاعه موجبا للتحريم.

المسألة 146:

الشرط السادس و السابع ان يكون جميع عدد الرضعات المعتبرة من امرأة واحدة و من لبن فحل واحد، فإذا رضع الطفل بعض الرضعات من امرأة، ثم أتم العدد من امرأة أخرى لم يوجب ذلك تحريما و ان كان لبن المرأتين لرجل واحد.

و كذلك إذا رضع من امرأة واحدة و كان بعض الرضعات من لبن فحل و بقية العدد من لبن فحل آخر كما قد يتفق ذلك و سنذكره في

كلمة التقوى، ج 7، ص: 59

المسألة اللاحقة ان شاء للّه تعالى، فلا يكون هذا الرضاع موجبا للتحريم حتى للمرضعة نفسها.

المسألة 147:

إذا طلق الرجل زوجته و هي حامل منه ثم وضعت حملها كان اللبن لذلك الزوج و ان بانت المرأة منه بالطلاق و انتهت عدتها منه بالوضع، فإذا تزوجت بعد ذلك و حملت من زوجها الثاني فاللبن لا يزال للزوج الأول حتى تضع، فإذا وضعت حملها من زوجها الثاني و اللبن لا يزال مستمرا، فالمعروف بين الفقهاء ان اللبن بعد الولادة يكون للزوج الثاني.

و على هذا القول، فإذا أرضعت هذه المرأة طفلا أجنبيا بعض الرضعات قبل أن تلد، و أتمت عدد رضعاته بعد الولادة كانت رضاعتها لذلك الطفل من لبن فحلين، فلا تكون موجبة للتحريم بين الطفل و المرضعة و لا بين الطفل و الفحلين كما ذكرناه في المسألة المتقدمة.

و لكن المسألة موضع تأمل ما دام اللبن مستمرا منذ ولادتها الأولى، و خصوصا إذا كانت مدة رضاع طفلها من زوجها الأول لم تنته بعد، لاحتمال أن يكون اللبن للفحلين معا، و لا مانع من ذلك، و على هذا فيكون رضاعها للطفل الأجنبي محرما بالإضافة إلى المرأة المرضعة و بالإضافة إلى زوجها الأول و لا يكون محرما بالإضافة

إلى الزوج الثاني، و الحكم في المسألة مشكل فلا بد من الاحتياط.

و قد يتحقق نظير الفرض الآنف ذكره في المرأة إذا توفي عنها زوجها و هي حامل منه، و إذا حملت من وطء الشبهة، فإذا وضعت حملها من الزوج المتوفى أو من واطئ الشبهة كان لبنها يتبع ذلك النكاح فإذا استمر لبنها حتى تزوجت بعد العدة و حملت من الزوج الثاني ثم وضعت جرى فيها الكلام المتقدم، و الحكم في الجميع سواء و الاحتياط لازم في الجميع.

المسألة 148:

الشرط الثامن أن يرتضع الطفل من اللبن الذي توفرت فيه الشروط

كلمة التقوى، ج 7، ص: 60

المتقدمة مقدارا ينبت به لحم الرضيع و يشد عظمه، أو يستمر رضاعه بحسب الزمان يوما و ليلة، أو يبلغ بحسب العدد خمس عشرة رضعة كاملة فلا ينشر الحرمة رضاع لا يبلغ أحد هذه التقديرات الثلاثة، و سنتعرض لتفصيلها في ما يأتي ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 149:

التقدير الأول هو تقدير الرضاع بحسب ما يؤثره في نمو الطفل، و الميزان فيه أن يحصل العلم بأن الرضاع قد أنبت اللحم في الطفل و شد عظمه أو يثبت ذلك بقول أهل الخبرة الموثوقين بأنه قد أوجب حصول الأثر المذكور، و لا يشترط في هذا التقدير أن تكون كل واحدة من الرضعات كاملة يرتوي الطفل منها حتى يصدر بنفسه أو ينام، و لا يشترط فيه ان تكون الرضعات متوالية بأن لا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى.

المسألة 150:

إذا رضع الطفل من لبن المرأة حتى علم بأن رضاعه منها قد أنبت له اللحم في بدنه و شد العظم، أو شهد الثقات من أهل الخبرة بذلك، أوجب الرضاع التحريم و ترتبت عليه الآثار، و ان كان بعض رضعاته من المرأة أو جميعها ناقصا لم يرتو فيه الطفل، الا أن مجموع الرضاع كان كاملا و مؤثرا في نموه، و لا يضر كذلك بثبوت أحكام الرضاع له أن تكون الرضعات غير متوالية بل كانت مفصولة برضاع الطفل من امرأة أخرى أو بتناول بعض المأكول و المشروب، إذا حصل العلم أو شهد أهل الخبرة بأن الرضاع قد أوجب الأثر المذكور.

و إذا كان لهذا الخليط الذي يفصل بين الرضعات دخل في حصول الأثر و النمو في نظر أهل الخبرة، بحيث كان نبات اللحم و اشتداد العظم في الطفل أثرا للجميع، لم ينشر الرضاع الحرمة، فإن معنى ذلك ان الرضاع بمفرده لم يكن هو الموجب لحصول الأثر في رأي أهل الخبرة، و كذلك إذا كان وجود الخليط موجبا للشك في ذلك عندهم.

المسألة 151:

الظاهر الاكتفاء بحصول أحد الأثرين المذكورين من النمو بسبب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 61

الرضاع، فإذا رضع الطفل من المرأة حتى نبت لحمه بالرضاع حكم بالتحريم و ان لم يعلم بأنه قد شد العظم أيضا، أو علم بأنه لم يشد العظم، كما إذا كان الطفل مبتلى ببعض العوارض التي تمنع من ذلك، و كذا إذا رضع حتى اشتد عظمه و لم يعلم أن الرضاع أنبت لحمه أم لا و ان كان هذا الفرض نادرا.

المسألة 152:

التقدير الثاني للرضاع الموجب لتحريم النكاح هو تقديره بحسب الزمان، بأن يبلغ الوقت الذي يرتضع الطفل فيه من لبن المرأة مدة يوم و ليلة، و المراد أن يرتضع الطفل من هذه المرأة كل ما احتاج الى الرضاع في الفترة المذكورة فلا يعتبر استيعاب جميع الوقت بالرضاع.

و يشترط في هذا التقدير ان تتوالى رضعات الطفل من المرأة المعينة في المدة المذكورة، فلا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى و ان كان قليلا، و لا يضر بتوالي الرضعات أن يفصل ما بينها بتناول بعض المأكول و المشروب غير الرضاع.

و لا يشترط في هذا التقدير أن تكون كل واحدة من الرضعات في هذه المدة كاملة يرتوي فيها الطفل من الرضاع حتى يصدر بنفسه، بل يكفي أن يكون مجموع ما يرضعه من المرأة في المدة المذكورة كافيا له و وافيا بحاجته الى الغذاء في جميع الوقت بحيث لا يكون محتاجا إليه في أثناء المدة.

المسألة 153:

إذا أكمل الطفل رضاع يوم و ليلة من لبن امرأة على الوجه الآنف ذكره كان رضاعه سببا للتحريم و ان كان بعض رضعاته غير كاملة كما بيناه.

المسألة 154:

يكفي التلفيق في اليوم أو الليلة، فإذا بدأت المرأة في إرضاع الطفل أثناء النهار أتمت من اليوم الثاني ما نقص من ساعات اليوم الأول، و إذا ابتدأت في إرضاعه في أثناء الليل أتمت من الليلة الثانية ما نقص من ساعات الليلة الأولى، و صدق بذلك انها أرضعت الطفل يوما و ليلة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 62

المسألة 155:

التقدير الثالث للرضاع الموجب للتحريم هو تقديره بحسب العدد:

بأن يبلغ عدد رضعات الطفل من لبن المرأة خمس عشرة رضعة، و يشترط في هذا التقدير:

أولا: أن تكون كل واحدة من رضعات الطفل كاملة، و المراد بكمال الرضعة أن يرتوي الطفل فيها ارتواء تاما من اللبن، و علامة ارتوائه أن يكف بنفسه عن الرضاع، أو ينام بعد الرضعة اكتفاء، و هذا هو كمال الرضعة في نظر أهل العرف.

و ثانيا: أن تكون الرضعات التي يتناولها من ثدي المرأة متوالية، لا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى.

المسألة 156:

إذا ارتضع الطفل من لبن المرأة خمس عشرة رضعة كاملة متوالية و كان الرضاع جامعا للشروط المتقدم ذكرها كان سببا لتحريم النكاح.

المسألة 157:

إذا كان بعض الرضعات الخمس عشرة ناقصا لا يكتفى به الطفل، كما إذا منع عن استكمال الرضعة، أو نام مقسورا قبل أن يرتوي لم يوجب ذلك الرضاع حرمة.

المسألة 158:

لا تدخل الرضعة الناقصة في العدد كما ذكرنا في ما تقدم، و لا تكون مخلة بالتوالي بين الرضعات، فإذا أتم الطفل خمس عشرة رضعة كاملة كان رضاعه موجبا للحرمة و ان تخلل في أثنائه بعض الرضعات الناقصة من تلك المرأة نفسها.

المسألة 159:

لا يخل بوحدة الرضعة و بكمالها أن يعرض الطفل في أثنائها عن الثدي قليلا لسبب من الأسباب، أو لينتقل من ثدي إلى آخر، فإذا عاد الى رضاعه حتى اكتفى كانت الرضعة واحدة و كاملة، و نتيجة لهذا، فإذا ارتضع الطفل رضعة ناقصة أمكن إعادته إلى الرضاع قبل أن يتحقق

كلمة التقوى، ج 7، ص: 63

الفاصل العرفي من الزمان ما بين الرضعات، فإذا عاد و أكمل رضاعه حتى ارتوى عدت رضعة كاملة، و دخلت في العدد.

المسألة 160:

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 7، ص: 63

إذا كانت الرضعات الخمس عشرة غير متوالية- و هي أن يفصل ما بينها رضاع من امرأة ثانية- لم تنشر حرمة، و ان كان الفصل برضعة غير كاملة على الأحوط، أو كان الرضاع الفاصل بلبن ذلك الفحل من زوجة أخرى أو مملوكة مثلا.

المسألة 161:

لا يضر بالتوالي الذي اشترطناه في الرضعات أن يتناول الطفل ما بينها بعض المأكولات أو بعض المغذيات فإذا أكمل العدد من الرضعات نشر الحرمة.

المسألة 162:

يشترط في ثبوت الأخوة الرضاعية بين الطفلين إذا لم يكن أحدهما ولدا نسبيا للمرأة المرضعة أن يكون اللبن الذي يرتضعان منه لفحل واحد، فإذا ارتضع طفلان أحدهما أجنبي عن الآخر من ثدي امرأة واحدة و كان رضاع أحدهما بلبن فحل و رضاع الثاني بلبن فحل آخر لم تتحقق بين الطفلين أخوة بسبب الرضاع و ان كانت الأم المرضعة لهما واحدة، و لا يكون أحدهما عما لولد الآخر و لا عمة و لا خالا و لا خالة، فيجوز للذكر من أحد الجانبين أن يتزوج الأنثى من الجانب الآخر.

و إذا كان أحد الطفلين ولدا نسبيا للمرضعة تحققت الأخوة بين الطفلين و تحققت توابعها و ثبتت أحكامها و ان كان صاحب اللبن الذي استقى منه الرضيع ليس أبا للطفل الآخر.

المسألة 163:

المدار في ثبوت الأخوة من الرضاع بين الطفلين أن يكون اللبن الذي ارتضعا منه لفحل واحد كما ذكرنا، سواء كانت المرأة التي أرضعتهما واحدة أيضا أم متعددة، فإذا كانت للرجل زوجتان، فأرضعت إحداهما بلبن ذلك الرجل طفلا رضاعا تاما، و أرضعت الثانية بلبن الرجل أيضا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 64

طفلا آخر رضاعا تاما، ثبتت الأخوة بين الرضيعين، فإذا كانت إحداهما أنثى حرم نكاحها على الطفل الآخر لأنها أخته، و حرم نكاحها على أولاده لأنها عمتهم، و حرم على بناتها أن يتزوجن به، لأنه خالهن، و هكذا إذا كانت للرجل عدة زوجات أو عدة إماء ذوات لبن منه و أرضعت كل واحدة منهن بلبنه طفلا أو طفلة أو أكثر نشأت الأخوة بين المرتضعين كلهم لوحدة صاحب اللبن.

المسألة 164:

إذا كمل رضاع الرضيع من المرأة على الوجه الذي ذكرناه، و توفرت فيه جميع الشروط التي فصلناها كانت المرأة المرضعة أما للرضيع، و كان الرجل صاحب اللبن أبا رضاعيا له، و كان الطفل الرضيع ابنا لهما، فيحرم عليه أن يتزوج المرضعة إذا كان ذكرا، و يحرم على صاحب اللبن أن يتزوجها إذا كانت أنثى.

و كان آباء المرضعة و صاحب اللبن للرضيع أجدادا و جدات، و كان أبناؤهما له إخوانا و أخوات، سواء كان أبناء المرضعة من الرجل صاحب اللبن أم من غيره، و سواء كان أبناء صاحب اللبن من المرضعة أم من غيرها، و من غير فرق في أبنائهما بين من قارنت ولادته رضاع الرضيع في الوقت و من تقدمت ولادته عليه أو تأخرت عنه.

و كان أحفاد المرضعة و أحفاد صاحب اللبن أبناء أخ للرضيع و أبناء أخت.

و كان أخوة صاحب اللبن له أعماما و عمات، و كان

اخوة المرضعة أخوالا له و خالات، و كان أخوة أجداده أعماما و عمات كذلك في الدرجة الثانية سواء كان الأجداد من قبل صاحب اللبن أم من قبل المرضعة، و كان اخوة الجدات أخوالا له و خالات كذلك في الدرجة الثانية، سواء كانت الجدات من قبل أبيه الرضاعي أم من قبيل أمه الرضاعية كما هو الحال في النسب على السواء.

و كان أبناء الرضيع أحفادا للمرضعة و لصاحب اللبن و لآبائهما الرجال و النساء، و سواء كان الأجداد من قبل الأب أم من قبل الأم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 65

و كان أبناء الرضيع أبناء أخ أو أبناء أخت لأولاد المرضعة و لأولاد صاحب اللبن و لاخوانهما و أعمامهما و أخوالهما في الدرجة الأولى أو الثانية، فيجوز في الجميع أن ينظر بعضهم الى بعض مع اختلاف الجنس و يحرم النكاح كما هو الحكم في محارم النسب على السواء.

المسألة 165:

يحرم على الرضيع إذا تم رضاعه على الوجه الآنف ذكره نكاح جميع أولاد صاحب اللبن من الرضاع و ان اختلفت المرضعات بينه و بينهم، و يحرم عليه من أولاد صاحبة اللبن الرضاعيين من يتحد معه في الفحل و لا يحرم عليه أولادها الآخرون من الرضاعة الذين يختلفون معه في الفحل كما ذكرناه في المسألة المائة و الثانية و الستين و ما بعدها.

و يحرم على الرضيع آباء الفحل من الرضاعة و ان علوا سواء كانوا رجالا أم نساء، و يحرم عليه آباء المرضعة من الرضاعة كذلك، و يحرم عليه اخوانهما و أخواتهما من الرضاعة، و أعمامهما و عماتهما، و أخوالهما و خالاتهما من الرضاعة كذلك.

و إذا كانت الأخوة الرضاعية في الأخوة و في الأعمام و الأخوال ناشئة من قبل الأم المرضعة

فلا تنشر الحرمة إلا مع اتحاد الفحل بين الرضيعين على ما ذكرناه في المسألة التي أشرنا إليها. فلا يكون أخو الأب الرضاعي و لا أخو الجد عما، و لا يكون أخو المرأة المرضعة و لا أخو الجدة خالا إذا اختلف الفحل بينهما و هما أجنبيان عن مرضعتهما.

المسألة 166:

يحرم على الرجل أن ينكح حليلة ابنه من الرضاع كما يحرم عليه أن ينكح حليلة ابنه في النسب، و يحرم عليه أن يطأ المملوكة التي وطأها ولده الرضاعي بالملك أو بالتحليل كما هو الحكم في النسب أيضا.

و يحرم على الولد أن ينكح زوجة أبيه من الرضاع و الأمة التي وطأها أبوه الرضاعي بالملك أو بالتحليل، كما يحرم عليه أن ينكح ما نكح أبوه في النسب من النساء.

و يحرم على الرجل أن ينكح أم زوجته من الرضاع كما يحرم عليه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 66

أن ينكح أم زوجته في النسب، و يحرم عليه أن يتزوج مرضعة الأمة التي وطأها بالملك أو بالتحليل.

و يحرم على الرجل أن يتزوج ربيبته من الرضاع، و هي البنت التي أرضعتها زوجته بلبن غيره رضاعا محرما إذا كان قد دخل بالزوجة كما يحرم عليه أن يتزوج بنت زوجته في النسب مع الدخول بالزوجة، و كذلك البنت الرضاعية للأمة التي وطأها بالملك أو بالتحليل. و يحرم على الرجل أن يجمع بين الأختين من الرضاعة في التزويج أو في الوطء بالملك أو بالتحليل، كما يحرم عليه أن يجمع بين الأختين في النسب.

و لا يجوز أن يدخل المرأة على عمتها أو خالتها الرضاعيتين في التزويج إلا بإذن العمة و الخالة كما هو الحكم في العمة و الخالة النسبتين.

و إذا لاط أحد غلاما فأوقبه، حرم على الواطئ أن

يتزوج أم الموطوء من الرضاع و كذلك أخته و بنته من الرضاع كما يحرم عليه أن يتزوج أم الموطوء و أخته و بنته في النسب.

المسألة 167:

لا يحل لأبي المرتضع أن يتزوج من أولاد صاحب اللبن الذي ارتضع منه ولده أو بنته، من غير فرق بين أولاد صاحب اللبن في النسب و أولاده من الرضاع، و سواء كن من أولاد المرضعة التي أرضعت ولده أم من أولاد امرأة أخرى دائمة أو متمتع بها أو مملوكة، و سواء أراد التزويج بهن دواما أم متعة فلا يحل له جميع ذلك، و إذا كانت بنات صاحب اللبن اماءا فلا يحل له وطؤهن بملك و لا بتحليل، و يحرم عليه نكاح أحفاد صاحب اللبن من بناته و بنات أبنائه، و يشمل التحريم من كانت زوجته أو أمته قبل الرضاع، فإذا تم رضاع الولد، حرمت زوجة أبيه و أمته عليه إذا كانت من ذرية صاحب اللبن من غير فرق بين أم المرتضع و غيرها.

و بحكم أبي المرتضع في جميع ما فصلناه أجداد المرتضع لأبيه أو لأمه، و أبوه وجده من الرضاعة، فلا يحل لأحد منهم أن ينكح في أولاد صاحب اللبن و لا في أحفاده على المنهج المتقدم بيانه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 67

و لا يحل لأبي المرتضع و لا لجده كذلك من النسب أو من الرضاعة أن ينكح في أولاد مرضعة الطفل إذا كانوا من النسب و اما أولادها من الرضاعة، فتحرم عليهم منهن من أرضعتها بلبن الفحل الذي شرب منه ولدهم المرتضع، و لا تحرم عليهم الأخريات اللاتي يختلفن معه في الفحل.

و نتيجة لما تقدم فإذا ارتضع الطفل من لبن جده لأمه رضاعا كملت فيه شروط التحريم حرمت أم

الطفل المرتضع على أبيه، سواء كانت المرضعة له جدته أم زوجة أخرى لجدة أم مملوكة موطوءة لجده بالملك أو بالتحليل، أو موطوءة له بالشبهة.

و تحرم أم الطفل المرتضع على أبيه كذلك إذا أرضعت الطفل جدته لأمه بلبن فحل آخر غير جده، كما إذا تزوجت بعده رجلا غيره أو وطئت بالملك أو بالتحليل أو بالشبهة.

المسألة 168:

الأحوط لزوما إلحاق أم المرتضع بابي المرتضع في الأحكام المذكورة، فلا تتزوج أم المرتضع و لا جدته في النسب و لا في الرضاع من أولاد صاحب اللبن و لا من أحفاده نسبا و لا رضاعا، و لا من أولاد المرضعة أو أحفادها نسبا لا رضاعا، على نهج ما تقدم بيانه في أبي المرتضع على الأحوط في جميع ذلك.

المسألة 169:

لا يحرم على اخوة المرتضع ان يتزوجوا من أولاد صاحب اللبن الذي ارتضع منه أخوهم سواء كانوا أخوته لأبيه و أمه أم لأحدهما، الذكور منهم و الإناث، و لا يحرم عليهم كذلك أن يتزوجوا من أولاد المرضعة التي أرضعت أخاهم، بل يجوز لبعض أخوته الذكور أن يتزوج مرضعة أخيه إذا فارقها زوجها، و يجوز لصاحب اللبن أن يتزوج بعض أخوات المرتضع.

المسألة 170:

إذا تم الرضاع على الوجه الذي تقدم بيانه و توفرت فيه الشروط المعتبرة في تحريم النكاح منع من وقوع النكاح بعده إذا كان الرضاع

كلمة التقوى، ج 7، ص: 68

سابقا عليه، و أبطل النكاح إذا كان لاحقا له من غير فرق بين أن يكون سبب النكاح عقدا أو ملكا أو تحليلا، فإذا كانت للرجل زوجة في الحولين من عمرها، فأرضعتها أمه أو جدته أو أخته أو بنته، أو أرضعت بلبن أخيه أو أبيه مثلا حرمت تلك المرتضعة عليه و بطل عقدها السابق و لم يفتقر في فراقها الى طلاق أو فسخ.

المسألة 171:

إذا أرضعت زوجة الرجل الكبيرة زوجة له صغيرة في الحولين من عمرها رضاعا تاما انفسخ نكاح الزوجتين معا، و حرم عليه نكاح الكبيرة منهما، و إذا كان رضاع الزوجة الصغيرة بلبنه حرم عليه نكاحها لأنها بنته و إذا كان رضاعها بلبن غيره و كانت الزوجة الكبيرة مدخولا بها حرمت عليه الصغيرة أيضا لأنها ربيبته من زوجته المدخول بها، و إذا كان رضاع الصغيرة بلبن غيره و كانت زوجته الكبيرة غير مدخول بها لم يحرم عليه نكاح الصغيرة، فيجوز له أن يجدد العقد عليها إذا شاء.

و كذلك الحكم إذا أرضعت أمته الكبيرة زوجته الصغيرة، فيحرم عليه نكاح الأمة لأنها أم زوجته، و تحرم عليه زوجته الصغيرة إذا كان الرضاع بلبنه، و تحرم عليه أيضا إذا كان الرضاع بلبن غيره و كانت الأمة المرضعة مدخولا بها، و إذا كان رضاع الصغيرة بلبن غيره و كانت الأمة المرضعة غير مدخول بها لم يحرم عليه نكاح الصغيرة.

المسألة 172:

إذا أرضعت زوجة الرجل الكبيرة أمة له صغيرة في الحولين من عمرها، لم تحرم الزوجة المرضعة على الرجل، و حرم عليه نكاح الأمة الصغيرة إذا كان رضاعها بلبنة أو كان رضاعها بلبن غيره و كانت الزوجة المرضعة لها مدخولا بها، و لا تحرم الأمة المرتضعة عليه إذا كان الرضاع بلبن غيره و كانت الزوجة المرضعة غير مدخول بها، فإذا هو استمر على نكاح المرضعة و دخل بها حرمت المرتضعة الصغيرة عليه.

المسألة 173:

إذا أرضعت أمة الرجل الكبيرة الموطوءة له بالملك أمته الصغيرة، حرم عليه نكاح الأمة الصغيرة و لم يحرم عليه نكاح الكبيرة، و إذا كانت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 69

الأمة الكبيرة غير موطوءة له في حال الرضاع لم تحرم عليه كلتاهما، فإذا دخل بإحداهما حرمت عليه الثانية منهما.

المسألة 174:

إذا كانت للرجل زوجتان كبيرتان و زوجة صغيرة في الحولين من عمرها فأرضعتها إحدى زوجتيه الكبيرتين رضاعا تام الشرائط انفسخ نكاح كل من الزوجة المرضعة و الزوجة الصغيرة، و حرم عليه نكاح الزوجة الكبيرة المرضعة لأنها أصبحت أم زوجته، فإذا أرضعتها الزوجة الكبيرة الثانية بعد ذلك لم تحرم عليه الكبيرة الثانية و لم ينفسخ نكاحها.

و إذا كان رضاع الزوجة الصغيرة بلبن الزوج نفسه، و لو من احدى المرضعتين حرم عليه نكاحها لأنها تكون بنته، و كذلك إذا كان رضاعها من كلتا الزوجتين بلبن غير الزوج، و كان قد دخل بالزوجتين أو بإحداهما فيحرم عليه نكاحها فإنها ربيبته من زوجة مدخول بها.

و لا تحرم عليه الصغيرة إذا كان رضاعها من الزوجتين بلبن غير الزوج مع عدم الدخول بهما معا، فيجوز له أن يجدد العقد على الصغيرة إذا شاء، و متى جدد العقد عليها حرمت عليه المرضعة الثانية بعد العقد فإنها تصبح أم زوجته، و كذلك إذا كانت له أمتان كبيرتان و زوجة صغيرة فأرضعت الأمتان زوجته فتجري الفروض المتقدمة و تترتب أحكامها.

المسألة 175:

إذا كانت للرجل زوجتان كبيرتان و أمة صغيرة، فأرضعت الزوجتان الأمة، لم تحرم على الرجل زوجتاه، و حرم عليه نكاح الأمة إذا كان رضاعها بلبنة، أو كان الرضاع بلبن غيره مع الدخول بإحدى الزوجتين المرضعتين، و لا تحرم عليه الأمة إذا كان الرضاع بلبن غيره و لم يدخل بكلتا الزوجتين.

و إذا هو استبقى نكاح الزوجتين حتى وطأهما أو وطأ إحداهما حرمت عليه الأمة و كذلك إذا أبقى نكاح واحدة منهما حتى وطأها فتحرم عليه الأمة، و إذا هو لم يدخل بالزوجتين و استبقى ملك الأمة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 70

حتى كبرت فوطأها بالملك

حرمت عليه الزوجتان معا.

إيضاح المدار في التحريم بسبب الرضاع أن يتحقق به أحد العناوين الخاصة التي حكم الشارع فيها بالتحريم إذا كانت من النسب، كعنوان الأم و البنت و الأخت و سائر محرمات النسب، و كعنوان أم الزوجة و حليلة الابن و منكوحة الأب و باقي محرمات المصاهرة، فتحرم الأم و البنت و الأخت كذلك إذا كانت من الرضاع، و تحرم الأم الرضاعية للزوجة، و حليلة الابن الرضاعي و منكوحة الأب الرضاعي، كما حرم ذلك في النسب.

و إذا لم يتحقق أحد هذه العناوين الخاصة المحكومة بالتحريم في النسب لم تثبت الحرمة بالرضاع و ان استلزم ذلك استلزاما، و سنذكر له بعض الأمثلة في ما يأتي، فالقول بعموم المنزلة ضعيف.

المسألة 176:

يجوز للمرأة أن ترضع أخاها، و لا تحرم برضاعه على زوجها، و ان أصبحت أختا لولده من الرضاعة، فان أخت الولد لا تحرم في الشريعة على الرجل إلا إذا كان بنتا، أو ربيبة قد دخل بأمها.

و يجوز للمرأة أن ترضع ابن أخيها، و لا تحرم بذلك على زوجها، و ان أصبحت بعد الرضاع عمة ولده من الرضاعة فإن عمة الولد انما تكون محرمة على الرجل إذا كانت أختا له من النسب أو الرضاع.

و يجوز للمرأة أن ترضع ابن أختها، و لا تحرم بالرضاع على زوجها و ان كانت خالة ولده فإن خاله الولد لا تكون محرمة إلا إذا جمع بينها و بين أختها و هي زوجته.

و يجوز للمرأة أن ترضع ابن ابنها، و لا يضر بزوجيتها لصاحب اللبن انها تكون جدة لولده من الرضاعة، فان جدة الولد انما تحرم على الرجل لأنها أم للأب أو أم للزوجة.

و يجوز للمرأة أن ترضع أخا زوجها أو أخته، و

لا يحرمها على الزوج أنها أصبحت بالرضاع أما لأخيه أو أخته فإن أم الأخ و الأخت المحرمة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 71

في الإسلام، انما هي الأم أو زوجة الأب. و يجوز للمرأة أن ترضع ابن ابن زوجها و لا يحرمها على الزوج أنها أصبحت أما لولد ولده فإن أم الحفيد المحرمة في الإسلام انما هي البنت أو حليلة الابن.

و يجوز لها أن ترضع عم زوجها و خاله و لا يضر بالنكاح انها تكون بعد الرضاع أما لعم زوجها أو خالة، فإن أم العم و أم الخال المحرمتين في الإسلام انما هما الجدة من قبل الأب أو من قبل الأم أو زوجة أحد الجدين. الى كثير من هذه النظائر و الفروض التي قال فيها بعضهم بالتحريم لعموم المنزلة، و الأصح ان الرضاع لا يكون سببا لتحريم النكاح في جميع ذلك.

المسألة 177:

إذا علم بتحقق الرضاع، و علم بتوفر جميع الشروط المعتبرة فيه ثبت التحريم المؤبد في النكاح بين الرجل و المرأة و أصبحت المرأة من محارم الرجل و ترتبت جميع أحكام ذلك و آثاره، و تترتب جميع أحكامه و آثاره كذلك إذا شهد بثبوته و تحقق شروطه شاهدان عادلان من الرجال أو أربع شاهدات عادلات من النساء، و لا تكفي شهادة الأربع إذا كانت المرضعة إحداهن.

السبب الثالث من أسباب التحريم المؤبد في النكاح: المصاهرة و توابعها
المسألة 178:

المصاهرة علاقة تحدث بسبب الزوجية بين أحد الزوجين و أقرباء الزوج الآخر، و هي قد توجب التحريم عينا، و قد توجب التحريم جمعا، و قد لا توجب شيئا، لعدم قابلية المورد للتحريم كما في العلاقة بين الزوج و أبي الزوجة و أخيها.

و اما العلاقة التي تحدث بسبب وطء الأمة بالملك أو بالتحليل، و بسبب الوطء للشبهة، و الزنا و اللواط بين الواطئ و أقرباء الموطوء و بالعكس، فهي ليست من المصاهرة، و ان شاركتها في بعض الأحكام كما سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 72

المسألة 179:

إذا عقد للرجل عقد النكاح على امرأة حرمت المعقودة على ولده تحريما مؤبدا سواء دخل بها الأب أم لم يدخل، و سواء كان عقد النكاح عليها دائما أم مؤقتا، و سواء كان الولد للنسب أم للرضاع، و سواء كان ولده بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم أكثر، و سواء كانت الوسائط ذكورا أم إناثا، و تحرم كذلك معقودة الابن على أبيه تحريما مؤبدا في جميع ما ذكرناه من الفروض.

المسألة 180:

إذا ملك الرجل أمة و وطأها بالملك أو لمسها بشهوة أو نظر إليها كذلك حرمت على ولده تحريما مؤبدا فلا يحل له وطؤها بالملك و لا بالتحليل و لا بالتزويج و لا يحل له غير ذلك من التقبيل و اللمس و النظر بشهوة، و كذلك الحكم في الأمة التي حللها مالكها للرجل فوطأها أو لمسها بشهوة أو نظر إليها كذلك فإنها تحرم على ولده تحريما مؤبدا في كل ما تقدم.

و لا تحرم على الولد مملوكة أبيه و لا الأمة المحللة له إذا لم يدخل بهما الأب و لم يلمسهما أو ينظر إليهما بشهوة.

و تحرم على الأب مملوكة ابنه و الأمة المحللة له إذا دخل بهما الولد أو نظر إليهما أو لمسهما بشهوة كما تقدم، و لا تحرمان على الأب إذا لم يوجد الشرط المذكور.

و تجري الأحكام المذكورة في كل من الابن و الأب النسبيين و الرضاعيين، و سواء كانا بلا واسطة أم مع الواسطة ذكورا و إناثا.

المسألة 181:

إذا عقد للرجل على امرأة صغيرة أو كبيرة حرم عليه الزواج بأم زوجته سواء كانت أمها بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم أكثر و سواء كانت الوسائط متفقة في الذكورة و الأنوثة أم مختلفة و سواء كانت أمها نسبا أم رضاعا، و سواء كان زواجه بالمرأة دائما أم موقتا، و سواء دخل بالزوجة أم لم يدخل بها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 73

و تحرم على الزوج بنت زوجته في جميع الفروض التي ذكرناها، إذا كان الرجل قد دخل بالزوجة، و لو دبرا، و لا تحرم عليه بنت زوجته إذا لم يدخل بأمها، فإذا فارق الزوجة بموت أو بطلاق أو بفسخ و لم يكن دخل بها جاز له أن يتزوج

بنتها.

و لا فرق في بنت الزوجة في أحكامها المذكورة بين البنت الموجودة في حال الزواج بأمها و المولودة بعد ذلك، فإذا طلق المرأة أو فسخها و تزوجت بغيره و ولدت منه جرت في بنتها الأحكام المتقدمة.

و إذا وطأ الرجل أمة بالملك أو بالتحليل حرمت عليه أمها و بنتها كذلك نسبا و رضاعا مع الواسطة و بدونها.

المسألة 182:

يكفي في تحريم بنت الزوجة على الرجل أن يدخل بأمها قبلا أو دبرا، و لو بالحشفة، و ان كان مكرها على ذلك منها أو من غيرها، و لا يكفي في تحريم البنت عليه أن يداعب الزوجة الأم أو يتفخذها أو ينزل على فرجها من غير دخول، و ان حملت منه بسبب ذلك.

المسألة 183:

إذا وطأ الرجل امرأة بالشبهة، فالأحوط لزوما ان لا يتزوج الواطئ بعد الوطء أم المرأة الموطوءة و لا احدى جداتها و ان علت، و ان لا يتزوج بنتها و لا بنت ولدها أو بنت بنتها و ان تعددت الواسطة بينهما، و الأحوط لزوما كذلك حرمة نكاح المرأة الموطوءة بالشبهة على أبي الواطئ وجده و ان علا، و على ولده و ان نزل، و هذا كله إذا كان الوطء بالشبهة سابقا على التزويج بالنساء المذكورات أو الرجال المذكورين.

و لا تثبت الحرمة في الجميع إذا كان التزويج و الدخول سابقا، ثم حدث الوطء بالشبهة للمرأة بعد ذلك، فلا تحرم الزوجة المدخول بها إذا وطأ الرجل بنتها شبهة بعد ذلك أو وطأ أمها شبهة كذلك، و لا تحرم الزوجة المدخول بها على زوجها إذا وطأها أبوه أو ولده شبهة بعد ذلك.

و إذا حدث وطء الشبهة بعد العقد في الفروض المذكورة و قبل الدخول

كلمة التقوى، ج 7، ص: 74

بالمرأة المعقودة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب في جميع الفروض في هذه الحالة.

المسألة 184:

تجري الأحكام المذكورة كلها في وطء الشبهة إذا تحقق حدوثه سواء كان قبلا أم دبرا فتجري الفروض و التفصيلات المتقدمة و تنطبق أحكامها.

المسألة 185:

يجري في الزنا جميع ما ذكرناه في وطء الشبهة، فإذا زنى الرجل بامرأة حرم الزواج بالمرأة المزني بها على الأحوط لزوما على أبي الرجل الزاني و على جده و ان علا، و على ولده و ان نزل إذا كان زنى الرجل بالمرأة سابقا على زواج المذكورين بها، و حرم على الزاني على الأحوط كذلك أن يتزوج بأم المرأة التي زنى بها و بابنتها إذا كان الزنا سابقا على العقد كما تقدم أيضا، و لا يحرم النكاح في الجميع إذا حدث الزنا بعد العقد و الدخول فلا تحرم على الرجل زوجته المدخول بها إذا زنى بها أبوه أو ولده بعد العقد و الدخول، و لا تحرم عليه الزوجة المدخول بها إذا زنى هو بعد ذلك بأمها أو ببنتها، و إذا كان الزنا في الفروض المذكورة طارئا بعد العقد و قبل الدخول بالمعقودة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب كما هو الحكم في وطء الشبهة من غير فرق بين أن يكون الزنا بالمرأة قبلا أو دبرا.

المسألة 186:

الأقوى أن لمس الرجل للمرأة الأجنبية بشهوة لا يوجب تحريما، و كذلك نظره إليها بشهوة، فلا تحرم المرأة المنظورة أو الملموسة بشهوة على أبي الناظر و اللامس أن يتزوجها و لا على ابنه، و لا يحرم على الناظر أو اللامس بشهوة أن يتزوج أم المنظور إليها أو الملموسة و لا بنتها، سواء كان النظر و اللمس سابقا على العقد أم لا حقا له و ان كان اللمس و النظر إلى أعضاء خفية.

و يستثنى من ذلك ما قدمنا ذكره في المسألة المائة و الثمانين في الأمة المملوكة للأب و الأمة المملوكة للولد فتحرم الأمة المملوكة للأب على

كلمة التقوى، ج 7، ص: 75

الولد أن

يتزوجها أو يطأها بالملك أو بالتحليل إذا كان الأب قد نظر إليها أو لمسها بشهوة و ان لم يطأها و تحرم الأمة المملوكة للولد على أبيه ان يتزوجها أو يطأها بالملك أو بالتحليل إذا كان الولد قد نظر إليها أو لمسها بشهوة و ان لم يطأها، و كذلك الأمة المحللة لأحدهما إذا نظرها أو لمسها بشهوة و ان لم يطأها تكون محرمة على الآخر منهما حتى اللمس للوجه و الكفين إذا كان بمثل الشم و التقبيل من أنواع الاستمتاع فتحرم المملوكة و المحللة به على الآخر.

و لا تثبت الحرمة إذا كان النظر و اللمس إليها بغير شهوة و ان كان لغير الوجه و الكفين، كما إذا نظرها أو لمسها للعلاج من بعض الأمراض، فلا تحرم به على الآخر، و إذا نظر الأب أو الولد إلى الأمة لا بقصد التلذذ أو الشهوة فحصل ذلك من غير قصد فالأحوط الاجتناب.

المسألة 187:

لا يجوز للرجل أن يتزوج ابنة الأخ و هو متزوج بعمتها، أو يتزوج ابنة الأخت و هو متزوج بخالتها إلا بإذن العمة أو الخالة الموجودة عنده من غير فرق بين أن تكون العمة أو الخالة زوجة له بالعقد الدائم أو العقد المنقطع، و أن يتزوج ابنة الأخ أو ابنة الأخت عليها بالعقد الدائم أو المنقطع، و سواء كان قد دخل بالعمة و الخالة أم لم يدخل بها، و سواء كانت الداخلة و المدخول عليها كبيرتين أم صغيرتين أم مختلفتين، و سواء علمت العمة أو الخالة بذلك في حال العقد أم لم تعلم، بل و ان لم تطلعا على تزويج ابنة الأخ أو ابنة الأخت أبدا، أو كانتا في بلد آخر.

فلا يصح العقد على ابنة الأخ إلا مع

اذن العمة و لا يصح عقد ابنة الأخت إلا مع اذن الخالة في جميع الحالات المذكورة، و إذا تزوج البنت من غير اذن منهما كانت صحة عقد البنت موقوفة على إجازتهما فإذا أجازت العمة عقد ابنة أخيها صح و الا بطل، و كذلك الخالة مع ابنة أختها.

المسألة 188:

إذا تزوج الرجل العمة و هي صغيرة فعقدها له وليها، ثم أراد أن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 76

يتزوج ابنة أخيها، أشكل الأمر في عقدها، فان العمة غير قابلة للاذن لصغرها، و لا يكفي إذن ولي العمة في عقد ابنة الأخ، و لذلك فالأحوط ترك العقد على ابنة الأخ في هذه الصورة حتى تكبر العمة و ترشد، و كذلك الحال إذا تزوج الخالة و هي صغيرة و أراد أن يتزوج ابنة أختها، فالأحوط ترك العقد عليها للسبب المذكور حتى تكبر الخالة و ترشد.

المسألة 189:

يجوز للشخص أن يتزوج العمة و هو متزوج قبلها بابنة أخيها، و لا يشترط في صحة العقد ان تأذن العمة بزواجها على ابنة أخيها، أو تجيز العقد بعد وقوعه، سواء كانت عالمة بذلك أم جاهلة، و لا يثبت لها خيار في عقدها و لا في عقد ابنة أخيها، و يجوز له أن يتزوج الخالة و هو متزوج قبلها بابنة أختها، و لا يعتبر إذن الخالة في صحة العقد و ان كانت جاهلة بأنها تدخل على ابنة أختها، و لا خيار لها في العقدين.

المسألة 190:

يجري الحكم الآنف ذكره في العمة القريبة و هي أخت الأب، و في عمة الأب و هي أخت الجد، و عمة الأم و هي أخت الجد للأم و في سائر طبقات العمات التي ذكرناها في مبحث النسب في المسألة المائة و التاسعة و العشرين و يجري الحكم في الخالة القريبة و هي أخت الأم، و في خالة الأب و خالة الأم و في جميع طبقات الخالات الدانية منها و العالية، و يجري الحكم في العمة و الخالة للنسب و للرضاع.

المسألة 191:

لا يكفي الرضا القلبي بالعقد من العمة أو الخالة على الأحوط حتى تظهر ذلك بالإذن في العقد قولا أو فعلا.

المسألة 192:

إذا أذنت العمة أو الخالة فعقد على البنت ثم رجعت العمة أو الخالة عن اذنها لم يبطل الاذن و صح العقد و نفذ، و إذا أذنت بالعقد ثم رجعت عن أذنها قبل ان يحصل العقد بطل الاذن، فإذا عقدت البنت كانت صحة العقد موقوفة على إجازة العمة أو الخالة فإن أجازت صح و الا بطل.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 77

المسألة 193:

اعتبار إذن العمة أو الخالة في صحة عقد ابنة أخيها أو ابنة أختها انما هو حكم شرعي و ليس حقا من حقوق العمة أو الخالة، و لذلك فلا يسقط بإسقاطهما، حتى إذا اشترط الاسقاط عليهما في ضمن عقدهما أو في عقد لازم آخر.

المسألة 194:

إذا اشترط الرجل على العمة في عقد النكاح بينهما أن تأذن له بالزواج من ابنة أخيها، وجب عليها ان تفي له بالشرط و كذلك الخالة، فإذا هي لم تأذن به كانت عاصية آثمة، و لم يصح عقد البنت، و إذا أجبرها هو أو أجبرها الحاكم الشرعي على الاذن عملا بالشرط فأذنت لم يكف ذلك في صحة العقد، لأن الاذن مع الجبر لا يكون كاشفا عن الرضا.

المسألة 195:

إذا تزوج الرجل العمة و ابنة أخيها، أو تزوج الخالة و ابنة أختها، و شك بعد ذلك في ان السابق أي العقدين، فالظاهر صحة العقدين، إلا إذا علم بأنه كان في غفلة عن ذلك في حال العقد فيكون الحكم بالصحة مشكلا و لا بد فيه من مراعاة الاحتياط.

و كذلك الحكم إذا تزوج ابنة الأخ و كانت عنده عمتها، أو تزوج ابنة الأخت و كان متزوجا قبلها بخالتها، و شك بعد ذلك في أن تزوجه كان بإذن العمة أو الخالة فيصح أم كان بغير اذن فلا يصح، فالظاهر الصحة، إلا إذا علم بغفلته عن ذلك في حال العقد فيشكل الحكم بالصحة و لا بد من الاحتياط.

المسألة 196:

إذا كانت للرجل زوجة كبيرة و لها أخت مرضعة، ثم عقد له زوجة صغيرة في الحولين من عمرها فأرضعت أخت زوجته الكبيرة تلك الطفلة رضاعا تاما، لم يضر ذلك بنكاح زوجته الصغيرة و لم تتوقف صحته على اجازة زوجته الكبيرة لعقدها من حيث أن الصغيرة أصبحت بنت أختها من الرضاع.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 78

و كذلك إذا أرضعت الصغيرة بلبن أخي الزوجة الكبيرة من زوجته أو مملوكته، فلا تكون صحة نكاح الصغيرة متوقفة على إجازة الكبيرة لأنها أصبحت بنت أخيها من الرضاع.

المسألة 197:

إذا كانت عند الرجل جارية قد وطأها بملك اليمين أو بالتحليل من مالكها، ثم أراد أن يطأ ابنة أخيها أو ابنة أختها بالملك أو بالتحليل أو بالزواج، جاز له ذلك و لم تتوقف صحة الوطء على إذن العمة أو الخالة، و كذلك إذا كانت له زوجة ثم أراد وطء بنت أختها أو بنت أخيها بالملك أو بالتحليل من مالكها.

المسألة 198:

المطلقة الرجعية بحكم الزوجة، فإذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا و أراد أن يتزوج ابنة أخيها أو ابنة أختها، فلا يجوز أن يتزوجهما إلا بإذن زوجته المطلقة ما دامت في العدة منه.

و إذا طلق زوجته طلاقا بائنا جاز له العقد على ابنة أخيها و ابنة أختها من حين الطلاق، و لا يتوقف على الاذن، حتى إذا كانت مباراة أو مختلعة، فإذا عقد على البنت صح العقد و جاز له الدخول، و لا يبطل العقد إذا رجعت عمتها أو خالتها بالبذل و ان انقلب الطلاق رجعيا، فإذا أراد الرجل الرجوع بالمرأة بعد رجوعها بالبذل فالأحوط له أن يستأذنها في عقد البنت، و إذا لم يكن الرجل قد عقد على البنت حتى رجعت عمتها أو خالتها بالبذل، فالأحوط ان لم يكن هو الأقوى لزوم الاستيذان منها.

المسألة 199:

لا يجوز للرجل أن يجمع في الزواج بين الأختين في النسب و لا بين الأختين من الرضاع، بل و ان كانتا أختين من الزنا، بأن كانتا بنتين لزان واحد أو لزانية واحدة أو لزان و زانية، و سواء كانت كلتاهما للزنا أو كانت إحداهما من النسب، فلا يجوز له أن يجمع بينهما في نكاح دائم و لا في نكاح منقطع و لا يتزوج إحداهما دواما و الأخرى متعة، و إذا تزوج إحداهما ثم تزوج الثانية بعدها بطل العقد اللاحق منهما

كلمة التقوى، ج 7، ص: 79

سواء دخل بالأولى أم لم يدخل.

المسألة 200:

إذا تزوج الأختين بصيغة واحدة، تخير أي الأختين أرادها فأمسك بعقدها و خلى سبيل الأخرى منهما، كما دلت عليه صحيحة جميل، و لا موجب لحمل هذه الصحيحة على ما يخالف ظاهرها، كما عليه أكثر المتأخرين على ما قيل، و إذا تزوج الأختين بعقدين مقترنين في وقت واحد، فلا يترك الاحتياط بأن يطلق واحدة منهما يعينها و يجدد العقد على الثانية، أو يطلقهما معا ثم يعقد على من يختارها، و إذا كان قد دخل بالمرأة التي طلقها منهما، لم يجز له أن يعقد على الأخرى حتى تخرج تلك من عدتها، و كذلك الحال إذا شك في سبق أحد العقدين على الآخر و اقترانهما في زمان واحد، فلا يترك الاحتياط بذلك.

المسألة 201:

إذا تزوج إحدى الأختين، ثم تزوج بالثانية بعدها بطل العقد الثاني كما تقدم، و لم يحرم عليه وطء زوجته الأولى، و ان دخل بالثانية، و إذا دخل بالثانية و هو جاهل بأنها أخت زوجته بحيث كان وطؤها شبهة فالأحوط له ان لا يطأ الأولى حتى تخرج أختها من عدة وطء الشبهة، و كذلك إذا دخل بالثانية و هو يعتقد مخطئا جواز ذلك فيكون الوطء شبهة و ان كان آثما بفعله، فالأحوط له ترك وطء الأولى في مدة العدة، و في لزوم الاحتياط تأمل في كلا الفرضين بل الظاهر عدم لزومه.

المسألة 202:

يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين الأمتين في ملك اليمين إذا كان لا يطأهما معا، و لا يستمتع بهما بما دون الوطء من الاستمتاعات، و لا يحل له أن يجمع بينهما في الملك و الوطء معا، و الأحوط له أن لا يجمع بينهما في الملك لهما مع وطء إحداهما و الاستمتاع بالأخرى بما دون الوطء، أو مع الاستمتاع بكلتيهما بما دون الوطء.

المسألة 203:

إذا تزوج الرجل إحدى الأختين بالنكاح الدائم أو المؤقت، ثم ملك

كلمة التقوى، ج 7، ص: 80

الأخت الثانية لم يجز له وطء الجارية المملوكة إلا بعد أن يطلق أختها، و بعد أن تخرج عن عدته إذا كان طلاقها رجعيا، و لا فرق في الحكم المذكور بين أن يكون قد دخل بالزوجة أم لم يدخل، و إذا وطأ الأخت المملوكة من غير أن يطلق أختها عصى و آثم بفعله و وجب تعزيره و لم تحرم عليه زوجته بذلك سواء كان قد دخل بها قبل ذلك أم لم يدخل.

المسألة 204:

إذا وطأ الرجل جاريته بملك اليمين ثم تزوج بأختها بعد وطء الأولى لم تحرم المملوكة عليه بزواج أختها و حرم عليه الاستمتاع بالزوجة، و في بطلان تزويجها اشكال، فلا يترك الاحتياط بطلاق الزوجة.

المسألة 205:

إذا جمع الرجل بين الأمتين الأختين في ملكه، و وطأ إحداهما لم يجز له أن يطأ أختها حتى تموت الأولى أو يخرجها عن ملكه ببيع أو هبة أو غيرهما من المملكات، و الأحوط ان يكون لازما لا خيار فيه، و لا يكفي في حل الجارية الثانية أن يزوج الأولى لغيره أو يرهنها أو يكاتبها و هي في ملكه.

و إذا وطأ الجارية الثانية بعد أن وطأ الأولى منهما و هو يعلم بأنهما أختان و ان الحكم في الأختين هو حرمة الجمع بينهما حرمتا عليه معا، و يحل له وطء الثانية منهما في هذه الصورة إذا أخرج الأولى عن ملكه، و أما الأولى فلا تحل له حتى يخرج الثانية عن ملكه بشرط ان لا يقصد بذلك الرجوع الى الأولى، فإذا هو أخرج الثانية عن ملكه بقصد ان يرجع الى وطء الأولى لم تحل له الأولى بذلك.

و إذا وطأ الجارية الثانية بعد أن وطأ الأولى و هو يجهل أنهما أختان أو يجهل ان الحكم هو حرمة الجمع بينهما لم تحرم عليه الأولى بذلك.

المسألة 206:

إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، لم يجز له أن يتزوج أختها ما دامت أختها المطلقة في العدة، و إذا طلقها طلاقا بائنا، أو فارقها بفسخ و نحوه جاز له أن يتزوج أختها بعد الفراق و ان كانت في العدة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 81

و إذا بذلت الزوجة للرجل فطلقها خلعا أو مبارأة ثم تزوج أختها لم يصح للزوجة ان ترجع ببذلها.

المسألة 207:

إذا تزوج الرجل امرأة بالعقد المنقطع و دخل بها ثم فارقها لم يجز له ان يتزوج أختها و هي في العدة منه و ان كانت بائنة منه، سواء كانت العدة بعد انتهاء مدة النكاح أم بعد هبة المدة.

المسألة 208:

الأقوى جواز الجمع بين الفاطميتين على كراهة، سواء كان الرجل فاطميا أم لا، و لا كراهة في الجمع بين امرأتين تنتسبان إلى فاطمة (ع) بالأم.

المسألة 209:

لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج أمة بالنكاح الدائم و لا بالنكاح المنقطع على الأقوى إلا مع وجود شرطين.

الأول: عدم الطول، و المقصود به أن لا تكون للرجل استطاعة مالية لدفع مهر الحرة.

الشرط الثاني: خشية العنت في ترك التزويج، و العنت هو المشقة الشديدة، و خشية العنت هي الخوف من وطأه ذلك بما يجلبه على النفس من ضغط و كبت و بما قد تتبعه من آثار و محاذير شرعية أو عرفية، و لا تختص محاذيره بخوف الوقوع في الزنا أو المحرمات الأخرى، فقد تكون المحاذير أمراضا بدنية أو نفسانية لا تتحمل عادة أو ارتكابات فكرية تجر الى ما لا يسعد أولا يحمد.

و إذا اجتمع الشرطان الآنف ذكرهما للرجل الحر، جاز له أن يتزوج بالأمة دواما و أن يتزوج بها متعة. و يجوز للرجل الحر أن يطأ الإماء بملك اليمين و بالتحليل من مالكهن، و لا يعتبر في جواز ذلك وجود الشرطين المذكورين.

و إذا تزوج الحر أمة مملوكة مع عدم وجود الشرطين المذكورين، فالظاهر بطلان تزويجه، و ان كان الأحوط استحبابا له ان يطلق الأمة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 82

إذا كان النكاح دائما، و ان يهبها المدة إذا كان الزواج منقطعا، و إذا اجتمع له الشرطان فتزوج الأمة ثم زال الشرطان بعد ذلك كلاهما أو زال أحدهما لم يبطل عقده للأمة و لم يجب عليه طلاقها.

المسألة 210:

لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج بالأمة عند وجود الشرطين المتقدم ذكرهما إذا كان من المستطاع له أن يسد حاجته الجنسية و يدفع خشية العنت بالوطء بملك اليمين أو بالتحليل.

المسألة 211:

لا يجوز للرجل الحر أو العبد أن يتزوج أمة على حرة إلا بإذن الحرة بزواج الأمة عليها، و إذا كان الزوج حرا فلا بد مع اذن الحرة من وجود الشرطين الآنف ذكرهما في المسألة المائتين و التاسعة.

و إذا عقد الرجل على الأمة بغير إذن الحرة كانت صحة عقد الأمة موقوفة على إجازة الحرة و رضاها بالعقد، فإذا أجازته صح و نفذ و إذا لم تجزه كان باطلا، سواء كان نكاح الحرة دائما أم مؤقتا، و سواء كان نكاح الأمة كذلك دائما أم مؤقتا، و سواء كانت الحرة قابلة للوطء أم غير قابلة له، لمرض أو قرن أو رتق أو غيرها فلا يصح عقد الأمة إلا بإذنها في جميع الحالات، و حتى إذا كانت الحرة مطلقة رجعية و هي لا تزال في عدتها.

المسألة 212:

يجوز للرجل أن يتزوج حرة على أمة، سواء كانت الحرة تعلم بأنها تتزوج على أمة أم تجهل ذلك و إذا كانت تجهل ذلك ثم علمت به بعد العقد كان لها الخيار في أن تفسخ عقد نفسها أو تبقية و لا خيار لها في عقد الأمة، و يجوز للزوج أن يخفي الأمر عليها و لا يخبرها به.

المسألة 213:

إذا تزوج الرجل أمة على حرة و لم يستأذنها، و ماتت الحرة قبل أن تجيز عقد الأمة لم يصح عقد الأمة بموت الحرة، فإذا أراد الزوج بقاء نكاحها فلا بد له من تجديد العقد عليها، و إذا أراد فراقها احتاط

كلمة التقوى، ج 7، ص: 83

بطلاقها، و كذلك الحكم إذا طلق الحرة طلاقا بائنا قبل أن تجيز عقد الأمة، أو انقضى أجلها في عقد المتعة، أو وهبها المدة، و أما المطلقة الرجعية فهي بحكم الزوجة فلا بد من اذنها إذا كانت في العدة كما تقدم، و إذا انقضت عدة المطلقة الرجعية و لم تجز عقد الأمة جرى الحكم المتقدم في المطلقة البائن.

المسألة 214:

إذا كانت عند الرجل الحر زوجة حرة لا يتمكن من مقاربتها لأنها غائبة أو لأنها مريضة أو لوجود ما يمنع الجماع من رتق أو قرن أو غيرهما من الموانع، فإذا خشي الرجل العنت لذلك و لم يجد الطول أن يدفع مهر حرة غيرها جاز له أن يتزوج أمة، و لا بد من اذن الحرة الموجودة عنده مع الإمكان.

المسألة 215:

إذا أذنت الزوجة الحرة لزوجها في أن يتزوج الأمة عليها، فعقد على الأمة صح العقد، فإذا رجعت الحرة عن اذنها بعد ذلك لم يبطل العقد و لم يؤثر رجوعها شيئا، و إذا هي رجعت عن الاذن قبل أن يجري العقد على الأمة بطل الاذن السابق و لم يصح العقد حتى تأذن به قبل وقوعه أو تجيزه بعد أن يقع.

المسألة 216:

لا يصح للرجل أن يتزوج امرأة ذات عدة من رجل غيره، لا زواجا دائما و لا منقطعا، و لا فرق بين ان تكون عدة المرأة عدة طلاق رجعي أو طلاق بائن أو عدة وفاة أو عدة وطء شبهة.

فإذا عقد على المرأة في أيام عدتها و كان الرجل و المرأة يعلمان معا بأنها ذات عدة، و يعلمان بأن الزواج بذات العدة محرم في الإسلام بطل نكاحهما و حرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا، و كذلك الحكم إذا كان الرجل وحده أو كانت المرأة وحدها تعلم بالأمرين كليهما، سواء دخل الرجل بالمرأة المعتدة بعد العقد أم لم يدخل بها في الفروض الثلاثة كلها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 84

و إذا عقد عليها في أيام عدتها و هما معا يجهلان بأن المرأة صاحبة عدة، أو يجهلان الحكم عليهما بالتحريم، فان دخل بالمرأة بعد العقد عليها حرمت عليه كذلك تحريما مؤبدا، سواء كان الدخول قبلا أم دبرا، و ان لم يدخل بها لم تحرم عليه، فيجوز له أن يجدد العقد عليها بعد انقضاء العدة.

المسألة 217:

إذا عقد الرجل على المرأة و هي في العدة، و كان الرجل و المرأة كلاهما يجهلان بأنها صاحبة عدة، أو يجهلان بأن الحكم في ذات العدة حرمة الزواج بها ثم دخل بالمرأة بعد انقضاء العدة، فالظاهر أن المرأة لا تحرم على الرجل بذلك، و لكن لا يترك الاحتياط، و كذلك الحكم إذا علم الرجل بأنه عقد على المرأة في عدتها، و شك في أنه دخل بها أم لم يدخل فلا تحرم المرأة عليه إذا كانا جاهلين بالحكم أو الموضوع فإذا أراد التزويج جدد العقد بعد العدة في كلتا المسألتين.

المسألة 218:

إذا عقد للرجل وكيله أو وليه على امرأة ذات عدة، و كان الرجل المعقود له لا يعلم بحالها لم تحرم المرأة عليه بذلك، و ان كان الوكيل أو الولي العاقد يعلم بأنها صاحبة عدة يحرم زواجها، فلا تحرم المرأة المعقودة على الرجل إلا إذا دخل بها بعد العقد أن تكون المرأة عالمة بعدتها و تحريمها فتحرم كما تقدم.

و إذا عقد له وكيله عليها و كان المعقود له يعلم بحال المرأة و بأن التزويج بها محرم، حرمت عليه و ان كان وكيله أو وليه العاقد يجهل ذلك.

المسألة 219:

إذا وطأ الرجل المرأة صاحبة عدة وطء شبهة من غير عقد لم يحرم عليه التزويج بها بعد انقضاء عدتها، و كذلك إذا زنا بها في أيام عدتها، فلا تحرم عليه بذلك حرمة مؤبدة، و يستثنى من ذلك ما إذا كانت عدتها من طلاق رجعي، فان المطلقة الرجعية ذات بعل فإذا زنا بها حرمت عليه مؤبدا، كما سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 85

المسألة 220:

إذا شك الرجل في المرأة انها ذات عدة أم لا، بنى على عدم ذلك و جاز له أن يتزوج بها و لم يجب عليه ان يفحص عن أمرها، و إذا كانت في عدة و أخبرت بانقضاء عدتها صدقها إذا كانت غير متهمة.

المسألة 221:

إذا تيقن الرجل بأنه قد عقد على فلانة في أيام عدتها و كانا معا جاهلين بالعدة أو بالتحريم و شك في أنه هل دخل بها في العدة فتكون محرمة عليه أم لم يدخل بها فلا تحرم، بنى على عدم الدخول بها، فلا تكون محرمة.

المسألة 222:

إذا مات زوج المرأة لم تدخل المرأة في العدة الى أن يبلغها خبر وفاته، فالمدة التي تقع بين وفاة الرجل و بلوغ الخبر لزوجته لا تكون من العدة، و لا تكون المرأة فيها ذات بعل و لا ذات عدة، و لا يصح العقد عليها لأحد في تلك المدة، و إذا عقد عليها رجل في هذه المدة فالظاهر ان هذا العقد لا يوجب تحريم المرأة عليه إذا كان عالما بالوفاة، و إذا أراد الزواج بها فلا بد من تجديد العقد عليها بعد انقضاء العدة، و ان كان الأحوط استحبابا اجتناب التزويج بها.

المسألة 223:

يجوز للرجل أن يتزوج المرأة و هي ذات عدة منه بنفسه، فإذا طلق زوجته طلاق خلع أو مبارأة فاعتدت منه، جاز له أن يتزوجها في أثناء عدتها، و لا يجب عليه التربص إلى نهاية العدة، و إذا وطأ امرأة خلية من الزوج وطء شبهة فاعتدت منه، جاز له أن يعقد عليها عقدا دائما أو منقطعا قبل أن تنقضي عدتها منه، و إذا تزوج امرأة بالمتعة و انتهى أجلها، جاز له أن يتزوجها زواجا دائما أو يعقد عليها بالمتعة مرة أخرى في أثناء عدتها من زواجها الأول، و لا يجب عليه الصبر حتى تنتهي العدة.

و يستثنى من ذلك مطلقة الإنسان الرجعية فإنها بمنزلة الزوجة له، فلا يجوز له أن يعقد عليها، فإنه من عقد الزوج على زوجته و هو باطل،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 86

و يستثنى من ذلك ما إذا كانت لديه زوجة بالعقد الدائم، و رغب و رغبت هي معه في أن يكون زواجهما بالعقد المنقطع، فإذا طلقها طلاقا رجعيا، لم يصح له أن يعقد عليها بالعقد المنقطع، حتى تنقضي جميع عدتها، و إذا

طلقها طلاقا بائنا، جاز له ذلك لأنها ليست بزوجة، و يستثنى من ذلك مطلقته بالطلاق الثالث فلا يجوز له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره، و مطلقته بالطلاق التاسع إذا كان للعدة فإنها تحرم عليه مؤبدا و سيأتي بيانه.

المسألة 224:

إذا عقد الرجل على امرأة ذات بعل، و هما معا يعلمان بأنها ذات بعل، حرمت المرأة على الرجل حرمة مؤبدة، سواء دخل الرجل بالمرأة بعد العقد عليها أم لم يدخل، و كذلك الحكم إذا كان الرجل خاصة أو المرأة خاصة تعلم بأنها ذات بعل، فلا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة بعد ان يفارقها بعلها في جميع الفروض الثلاثة.

و إذا عقد عليها و هما يجهلان بأن المرأة ذات بعل، فان دخل بها بعد العقد عليها قبلا أو دبرا حرم عليه نكاحها كذلك تحريما مؤبدا، و ان لم يدخل بها بعد العقد لم تحرم، و لا فرق بين أن تكون المرأة حرة أو أمة، و سواء كان تزويجها الأول بالبعل و تزويجها الثاني بالرجل الآخر متعة أم دائما أم مختلفين.

المسألة 225:

لا يحرم على الرجل أن يتزوج بالمرأة الزانية إذا لم تكن ذات بعل أو ذات عدة، و الأحوط لزوما أن يكون الزواج بها إذا أراد ذلك بعد أن يستبرئ رحمها من ماء الزنا بحيضة، حتى إذا كان الزوج هو الزاني.

المسألة 226:

لا يترك الاحتياط بعدم التزويج بالمرأة المشهورة بالزنا، من غير فرق بين الزاني بها و غيره الا بعد ظهور توبتها، و قد ذكر في النصوص أن ذلك يعرف بأن تدعى إلى الزنا فإذا امتنعت عن ذلك ظهرت توبتها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 87

المسألة 227:

لا تحرم المرأة على زوجها إذا زنت و هي في حباله، و ان أصرت على فعلها، إلا إذا أصبحت مشهورة بالزنا، فيجري فيها الاحتياط الذي قدمناه في المسألة السابقة.

المسألة 228:

إذا زنى الرجل بامرأة ذات بعل، حرمت المرأة على الرجل الزاني حرمة مؤبدة، فإذا فارقها بعلها بموت أو طلاق أو فسخ لم يجز لذلك الرجل أن يتزوجها أو يطأها بملك أو بتحليل إذا كانت أمة، و لا فرق في ثبوت هذا الحكم و عمومه بين أن يكون الرجل الزاني يعلم بأنها ذات بعل و أن يجهل ذلك و لا بين ان تكون المرأة حرة و أن تكون أمة، و لا بين أن تكون مسلمة و كافرة، و أن تكون زوجة دائمة لبعلها و منقطعة، و مدخولا بها و غيرها، و سواء كان بعلها صغيرا أم كبيرا، حتى إذا كان طفلا عقد المرأة له وليه، و حتى إذا كانت زوجة كافر و قد زنى بها مسلم، و حتى إذا كانت المرأة مشتبهة أو مكرهة و كان الرجل هو الزاني خاصة، و حتى إذا خادعها فأجرى عليها صورة العقد فتحرم عليه حرمة مؤبدة في جميع الصور.

المسألة 229:

إذا زنى الرجل بامرأة ذات عدة من طلاق رجعي حرمت على الزاني حرمة مؤبدة، و لا يعم الحكم بالتحريم من زنى بذات العدة من طلاق بائن أو من فسخ أو من وطء شبهة أو من وفاة، فإذا زنى بواحدة منهن لم يحرم عليه أن يتزوج بها بعد انقضاء العدة.

المسألة 230:

إذا لاط الفاعل بذكر فأوقبه و لو ببعض الحشفة على الأحوط، حرم على الفاعل تحريما مؤبدا ان يتزوج بأم الموطوء و بجدته و ان علت، و ببنته و لو بالواسطة و ان تعددت، و أخته، و هذا إذا كان الواطئ كبيرا سواء كان الموطوء صغيرا أم كبيرا، و يعم الحكم بالتحريم أم الموطوء و بنته و أخته من الرضاع فيحرم نكاحهن جميعا على الواطئ إذا سبق اللواط على العقد، و لا يحرم النكاح على الواطئ إذا سبق

كلمة التقوى، ج 7، ص: 88

العقد على إحداهن و الدخول بها على اللواط، و إذا حصل اللواط بعد العقد و قبل الدخول بالمعقودة، فالأحوط لزوم الاجتناب.

و لا تحرم على الموطوء أم الواطئ و لا بنته و لا أخته و لا محارمه الأخرى لا من النسب و لا من الرضاع.

المسألة 231:

إذا شك في حصول الإيقاب بهذا الفعل الفاحش بنى على عدم حصوله، فلا تحرم المذكورات على الواطئ.

السبب الرابع من أسباب التحريم في التزويج استيفاء عدد الزوجات، و استيفاء عدد الطلقات
المسألة 232:

لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج من النساء بالعقد الدائم أكثر من أربع حرائر، و لا أكثر من اثنتين من الإماء، و إذا تزوج بالعقد الدائم أمتين، جاز له أن ينكح معهما حرتين بالعقد الدائم أيضا، فنصاب الحر من النساء في العقد الدائم أربع، أما أربع حرائر، و أما ثلاث حرائر و أمة واحدة، و أما حرتان و أمتان، و لا يجوز له أن يتزوج ثلاث إماء و حرة، فقد ذكرنا انه لا يباح للحر أن يتزوج أكثر من أمتين.

و يجب على الحر أن يراعي ما ذكرناه في المسألة المائتين و التاسعة، فلا يجوز له الزواج بالأمة إلا مع تحقق الشرطين المذكورين في تلك المسألة، و لا يباح له أن يتزوج أمة على حرة إلا بإذن الحرة، فزواج الحر بحرتين و أمتين أو بأمة و ثلاث حرائر انما يصح له مع وجود الشروط المشار إليها.

المسألة 233:

لا يجوز للعبد المملوك أن يتزوج بالعقد الدائم من النساء أكثر من أربع إماء، و لا أكثر من حرتين، و الحرتان هما تمام نصاب العبد من النساء في العقد الدائم فلا يجوز له أن يزيد عليهما حرة و لا أمة فان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 89

الحرة للعبد بمنزلة أمتين، و يجوز له أن يتزوج حرة واحدة و أمتين، و لا يحل له أن يتزوج حرتين و أمة أو أكثر، أو يتزوج حرة و ثلاث إماء.

المسألة 234:

ليس للحر و لا للعبد في العقد المنقطع و لا في الوطء بملك اليمين أو بالتحليل نصاب محدد من النساء، فيجوز له أن يتزوج بالمتعة و أن ينكح بملك اليمين و بالتحليل اي عدد شاء، بل يجوز ذلك و ان كان عند الحر أربع حرائر بالعقد الدائم و عند العبد أربع إماء فلهما أن يزيدا على ذلك بالمتعة و بملك اليمين ما يريدان.

المسألة 235:

إذا طلق الرجل الحر احدى زوجاته الأربع طلاقا رجعيا، فلا يحل له ان يتزوج امرأة أخرى بالعقد الدائم ما دامت مطلقته في العدة حتى تخرج منها، و كذلك إذا طلق إحداهن طلاقا بائنا على الأحوط، ان لم يكن ذلك هو الأقوى، و إذا ماتت زوجته الرابعة أو فارقها بفسخ أو بطلاق لا عدة فيه، كما إذا كانت يائسة أو غير مدخول بها، جاز له أن يتزوج امرأة أخرى بعد فراق زوجته من غير انتظار، و كذلك الحكم في العبد المملوك.

المسألة 236:

إذا طلق الرجل زوجته الحرة، ثم رجع بها في العدة أو تزوجها بعد انتهاء العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثانية، و رجع بها في العدة بعد الطلاق الثاني أو تزوجها ثالثا بعد انتهاء العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثالثة، حرم عليه ان يتزوجها أو يرجع بها بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره على ما سيأتي من الشروط.

و كذلك الحكم إذا طلق الحرة قبل أن يدخل بها ثم عقد عليها، و طلقها مرة ثانية قبل ان يدخل بها ثم تزوجها ثالثا، و طلقها مرة ثالثة، أو كانت بعض الطلقات قبل الدخول بالمرأة و بعضها بعد الدخول، فإنه لا يحل للمطلق نكاحها بعد الطلاق الثالث حتى تنكح زوجا غيره، و لا فرق في الحكم بين أن يكون الزوج الأول المطلق، أو الثاني المحلل حرا أو عبدا مملوكا أو مبعضا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 90

المسألة 237:

يشترط في الزوج الثاني المحلل للمرأة المطلقة ثلاثا أن يكون زواجه بها زواجا دائما، فلا تحل المرأة لزوجها الأول إذا تزوجها الثاني زواجا منقطعا، و يشترط كذلك أن يدخل الزوج الثاني بها قبلا فلا تحل المرأة للزوج الأول إذا وطأها الثاني في غير القبل أو وطأها و لم ينزل و لذلك يشترط أن يكون بالغا.

المسألة 238:

إذا طلق الرجل زوجته الحرة طلاقا للعدة تسع مرات، يتزوجها بينها رجل غيره مرة بعد التطليقة الثالثة و مرة ثانية بعد التطليقة السادسة، حرمت الزوجة عليه بعد التطليقة التاسعة حرمة مؤبدة.

المسألة 239:

تفصيل الطلاق المذكور الذي يستتبع الحرمة المؤبدة بين الرجل و المرأة إذا وقع بينهما هو أن يطلق الرجل زوجته الحرة- بعد أن يدخل بها- طلاقا رجعيا كامل الشرائط، ثم يرجع بالمرأة و هي في العدة، و يدخل بها بعد رجوعه بنكاحها، ثم يطلقها مرة ثانية طلاقا تام الشرائط كما تقدم، ثم يرجع بها في العدة، و يواقعها بعد الرجوع، ثم يطلقها مرة ثالثة طلاقا جامعا للشروط، و تتربص المرأة بعد الطلاق الثالث حتى تخرج من عدته، ثم تنكح بعد انتهاء العدة منه زوجا غير الزوج الأول، على الشروط التي بيناها في المسألة المائتين و السابعة و الثلاثين، فإذا فارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق، و تزوجها زوجها الأول بعد أن تنتهي عدتها من الثاني، فيصنع زوجها الأول معها كما صنع في المرة السابقة، فيدخل بها بعد التزويج، و يطلقها بعد الدخول و بعد أن تحيض بعد الدخول و تطهر من الحيض، ثم يرجع بها في العدة، و يطلقها بعد أن يدخل بها ثم تحيض و تطهر، و هكذا حتى المرأة السادسة، فإذا تربصت بعد الطلاق السادس حتى خرجت من عدته، نكحت زوجا غيره على المنهج الذي تقدم بيانه، ثم فارقها الزوج الآخر بعد الدخول بها فإذا انتهت عدتها من فراق هذا الزوج، يتزوجها الأول و يصنع معها كما صنع في المرتين السابقتين، فيطلقها بعد أن يدخل بها و بعد أن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 91

تحيض من بعد الدخول و تطهر من الحيض، و

يرجع بها بعد الطلاق، و يطلقها بعد الدخول في طهر غير طهر المواقعة فإذا استكملت المرأة تسع تطليقات على الوصف المذكور حرمت على زوجها المطلق حرمة مؤبدة.

المسألة 240:

إذا تزوج الرجل أمة مملوكة بالعقد الدائم سواء كان الرجل حرا أم عبدا أم مبعضا، ثم طلقها ثم رجع بها أو تزوجها بعد العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثانية، حرمت على الرجل المطلق حتى تنكح زوجا غيره حرا أو عبدا أو مبعضا، فإذا نكحت الزوج الثاني على ما ذكرنا في طلاق الحرة، و فارقها هذا الزوج و انقضت أيام عدته حلت لزوجها الأول فإذا تزوجها و طلقها مرتين بعد الرجوع بينهما حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، فإذا نكحها الزوج الأول بعد أن تفارق الثاني و تعتد منه، ثم طلقها مرتين على التفصيل الذي مر في طلاق الحرة، حرمت على الزوج المطلق تحريما مؤبدا على القول المشهور إذا كان الطلاق للعدة كذلك، و لكن الحكم فيها مشكل فلا يترك الاحتياط.

السبب الخامس من أسباب التحريم المؤبد في النكاح اختلاف الدين بين الزوجين
المسألة 241:

لا يصح للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا كافرا كتابيا و لا غير كتابي، لا زواجا دائما و لا موقتا، و لا يصح لها أن تتزوج مرتدا عن الإسلام فطريا و لا مليا، و سنذكر في ما يأتي حكم الزوجة إذا ارتد الرجل عن الإسلام بعد زواجه بها.

و لا يصح للرجل المسلم أن ينكح امرأة كافرة غير كتابية، و لا مرتدة عن الإسلام و ان انتسبت في ارتدادها الى دين كتابي لا زواجا دائما و لا منقطعا، و لا بملك يمين، و يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة كتابية، يهودية أو مسيحية، زواجا دائما، و منقطعا، على كراهة في النكاح الدائم بل و في المنقطع أيضا، و تتأكد الكراهة في نكاحها إذا كان الرجل غير مضطر اليه و إذا كانت له زوجة مسلمة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 92

و يجوز للمسلم أن ينكح أمة كتابية بملك اليمين

و بالتحليل من مالكها، و لا يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة مجوسية نكاحا دائما على الأقوى و لا نكاحا منقطعا على الأحوط، فلا تلحق باليهودية و المسيحية في جواز التزويج بهما و ان كان المجوس من الكتابيين على الظاهر، و يجوز نكاح المجوسية إذا كانت أمة بملك اليمين.

و أما الصابئون فيجري فيهم حكم الكفار غير الكتابيين، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا صابئيا، و لا يجوز للرجل المسلم أن ينكح امرأة صابئية نكاحا دائما و لا نكاح متعة و لا يحل له أن يطأها بملك اليمين إذا كانت أمة.

المسألة 242:

إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين عن دينه قبل أن يدخل الزوج بالمرأة حكم على نكاحهما بالبطلان حين حصول الارتداد، سواء كان المرتد منهما هو الزوج أم الزوجة، و سواء كان ارتداده عن فطرة أم عن ملة، و ينفسخ نكاحهما كذلك إذا هما ارتدا معا في وقت واحد، و إذا كانت المرتدة هي الزوجة سقط مهرها.

المسألة 243:

إذا ارتد الزوج عن الإسلام بعد أن دخل بالزوجة و كان ارتداده عن فطرة بطل النكاح بينه و بين الزوجة من حين ارتداده، و اعتدت المرأة منه عدة وفاة، و وجب عليه ان يدفع إليها مهرها المسمى لها في العقد إذا لم يكن قد دفعه إليها، و هذا إذا كانت تسمية المهر في العقد صحيحة، و إذا كانت التسمية فاسدة وجب عليه أن يدفع إليها مهر مثلها، و إذا كان قد عقدها و لم يسم لها في العقد شيئا وجب عليه أن يدفع إليها المتعة، و سيأتي بيانها في فصل المهر ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 244:

إذا ارتد الزوج عن الإسلام بعد أن دخل بالزوجة و كان ارتداده عن ملة، أو ارتدت الزوجة عن الإسلام بعد دخول الزوج بها سواء كان ارتدادها عن ملة أم عن فطرة، فالقول المشهور بين الفقهاء في كلا الفرضين المذكورين أن النكاح بينهما لا ينفسخ حتى تنقضي العدة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 93

فإذا رجع المرتد منهما إلى الإسلام و تاب قبل أن تنقضي العدة، فالنكاح باق، و إذا لم يتب المرتد حتى انقضت العدة بطل نكاحهما، و لكن الاحتياط في ذلك لا يترك، فإذا رجع المرتد إلى الإسلام في أثناء العدة، و أراد الزوجان بقاء النكاح جددا العقد بينهما، و إذا أرادا الفراق، أوقع الزوج أو وكيله صيغة الطلاق، و لا يتزوج الرجل المسلم أخت الزوجة المرتدة و لا بخامسة ما لم يطلقها أو ينفسخ النكاح بينهما بانقضاء العدة و عدم رجوعها إلى الإسلام، و يلزمه مهرها على ما مر ذكره، و ان كانت هي المرتدة، و يجب على المرأة ان تعتد من الرجل المرتد عدة الوفاة إذا كان ارتداده عن

فطرة، و تعتد منه عدة الطلاق إذا كان ارتداده عن ملة.

المسألة 245:

المرتد الفطري هو الذي يخرج عن دين الإسلام و قد انعقدت نطفته و أبواه كلاهما مسلمان أو انعقدت و أحدهما مسلم و ولد على الإسلام و أقام عليه الى أن خرج عنه بعد البلوغ، و المرتد الملي هو الذي يخرج عن الإسلام و قد انعقدت نطفته و أبواه كافران، و هو يشمل من حكم بإسلامه تبعا لإسلام أبويه في صغره ثم ارتد بعد ذلك و يشمل من دخل في الإسلام مميزا أو مراهقا أو كبيرا ثم ارتد.

المسألة 246:

إذا أسلم الكافر و له زوجة يهودية أو مسيحية و بقيت هي على دينها، استمرت الزوجية بينهما و لم تنفسخ سواء كان الرجل قد دخل بالزوجة قبل إسلامه أم لم يدخل، و سواء كان قبل إسلامه كتابيا أم مشركا أم ملحدا، و كذلك إذا أسلم و له أكثر من زوجة من اليهود أو النصارى فلا ينفسخ نكاحهن إذا بقين على دينهن و سيأتي حكم ما يزيد منهن على أربع، و يأتي حكم الزوجة المجوسية إذا أسلم عنها الزوج و بقيت على دينها.

المسألة 247:

إذا أسلم الرجل الكافر و له زوجة مشركة أو ملحدة أو على دين آخر من الكفار غير الكتابيين، و بقيت زوجته على دينها، فإن أسلم الرجل قبل أن يدخل بالزوجة المذكورة بطل النكاح بينهما بمجرد دخوله في

كلمة التقوى، ج 7، ص: 94

الإسلام، و ان كان إسلامه بعد دخوله بالزوجة، فرق ما بينهما، ثم انتظر فإن أسلمت الزوجة بعده و قبل أن تنتهي عدتها منه، ثبتت الزوجية بينهما بنكاحهما الأول و لم تفتقر الى تجديد عقد، و ان بقيت الزوجة على دينها و لم تسلم حتى انقضت العدة كان ذلك كاشفا عن بطلان النكاح بينهما من حين إسلام الزوج، و كذلك الحكم في الزوجات المتعددة إذا لم يزدن على أربع، و العدة الملحوظة في المسألة هي عدة الطلاق، و مبدأها من حين إسلام الزوج.

و كذلك الحكم في الزوجة أو الزوجات من المجوس إذا أسلم الزوج قبل ان يدخل بهن أو بعد ما دخل و بقين على دينهن على الأحوط ان لم يكن ذلك هو الأقوى.

المسألة 248:

إذا أسلمت المرأة الكافرة و بقي زوجها على كفره، و كان إسلامها قبل أن يدخل الزوج بها بطل النكاح بينهما بمجرد دخول المرأة في الإسلام، و لا مهر لها على الزوج، و لا فرق في الحكم بين أن يكون الزوج كتابيا أو مشركا أو ملحدا أو غير ذلك من أصناف الكفار، و سواء كانت المرأة قبل إسلامها كتابية أم غير كتابية.

و إذا أسلمت و كان إسلامها بعد دخول الزوج بها، فرق ما بينهما و اعتدت من الزوج عدة الطلاق فإن أسلم الرجل قبل ان تنتهي العدة ثبتت الزوجية ما بينهما من حين إسلام الزوجة، و ان لم يسلم الزوج حتى

انقضت عدة الزوجة منه حكم بأنها بائنة منه من حين إسلامها، و يثبت لها المهر عليه في كلتا الصورتين.

المسألة 249:

إذا أسلم الرجل الكافر و عنده أكثر من أربع زوجات كافرات، فإن أسلمن معه كلهن تخير منهن أربعا، فإذا اختارهن ثبتت له زوجيتهن و انفسخ عقد الباقي، من غير فرق بين من دخل بها منهن و غيرها، و كذلك إذا لم تسلم الزوجات معه و كان جميعهن يهوديات أو مسيحيات، أو أسلم بعضهن معه و بقي بعضهن على دينهن و كان البعض الذي بقي منهن على دينه من اليهود أو النصارى، فيختار الزوج منهن أربعا ممن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 95

أسلم معه و ممن لم يسلم أو من هؤلاء و هؤلاء فيثبت له نكاح الأربع التي اختارها و ينفسخ عقد الباقي من غير فرق بين من دخل بها منهن و من لم يدخل.

المسألة 250:

إذا أسلم الكافر و عنده أكثر من أربع زوجات كافرات غير كتابيات أو مجوسيات و لم يسلمن معه، بطل نكاح كل امرأة منهن لم يدخل بها قبل أن يسلم، و اعتدت الأخريات التي دخل بهن عدة الطلاق، و انتظر بهن، فمن أسلمت منهن قبل أن تنقضي العدة بقيت على زواجه و لم تنفسخ، و من لم تسلم بعده حتى انقضت عدتها بطل نكاحها، فإذا كانت المسلمات منهن في العدة أكثر من أربع تخير منهن أربعا فأمسك بهن و انفسخ نكاح ما زاد على الأربع.

المسألة 251:

إذا أسلم الكافر و عنده أكثر من أربع زوجات، و اختلفن في الحالات الآنف ذكرها، و التي تختلف أحكام المرأة باختلافها، فقد كان الرجل دخل ببعضهن قبل أن يسلم، و قد أسلم بعضهن معه أو أسلم في العدة، و بقي بعضهن على دينه، و اختلفت الباقيات في الدين فبعضهن كتابي و بعضهن غير كتابي، ثبت لكل واحدة منهن حكمها الخاص كما قدمناه فتثبت زوجية من حكمها ثبوت الزوجية، و ينفسخ نكاح من يكون حكمها الانفساخ فإذا زادت اللاتي تثبت زوجيتهن على أربع تخير منهن أربعا و انفسخ عقد الباقي.

السبب السادس من أسباب تحريم النكاح التزويج حال الإحرام
المسألة 252:

لا يجوز للرجل المحرم أن يجري عقد النكاح لنفسه، و لا لغيره بالوكالة عنه أو الولاية عليه و لا فضولا كما سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى، سواء كان الشخص المعقود له محرما أيضا أم محلا، و سواء كانت المرأة المعقودة محرمة أم محلة، و لا يجوز العقد للرجل المحرم و لا للصبي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 96

المحرم و لا على المرأة أو الصبية المحرمتين و ان كان الوكيل أو الولي العاقد محلا، و إذا أوقع عقد النكاح في جميع الصور المذكورة كان العقد باطلا سواء كان النكاح الذي أوقعه دائما أم منقطعا.

المسألة 253:

إذا تزوج الرجل المحرم و هو يعلم بحرمة التزويج في حال الإحرام، حرمت عليه المرأة المعقودة، تحريما مؤبدا سواء كانت محرمة في حال عقدها عليه أم محلة، و سواء دخل بها أم لم يدخل، و سواء كانت كبيرة أم صغيرة، حتى الطفلة إذا عقدها له وليها، و سواء كان العاقد له محرما أم محلا، فتحرم عليه الزوجة في جميع الصور المذكورة، و إذا عقدها لنفسه أو عقدت له في حال إحرامه و هو جاهل بحرمة ذلك عليه لم تحرم المرأة عليه سواء دخل بها أم لم يدخل، فيجوز له أن يجدد العقد عليها بعد أن يحل من إحرامه إذا أراد الزواج بها.

المسألة 254:

يحرم عقد المرأة في حال إحرامها و ان كان الزوج محلا و كان العاقد محلا أيضا، فيبطل العقد بذلك كما ذكرنا، و إذا عقدت المرأة المحرمة و هي عالمة بحرمة التزويج في حال الإحرام، فالأحوط لزوما انها تحرم على الزوج المعقود له تحريما مؤبدا بل لا يخلو من قوة و ان كان الزوج محلا أو كان جاهلا بالحرمة، و لا تحرم عليه إذا كانت جاهلة بالحكم كما هو الحكم في الزوج.

المسألة 255:

تثبت جميع الأحكام الآنف ذكرها مع انعقاد الإحرام سواء كان للحج أم لعمرة واجبين أم مندوبين، و سواء كان الحج أو العمرة للمحرم نفسه أم بالنيابة عن غيره، و سواء كان عقد النكاح لنفسه أم لغيره.

المسألة 256:

إذا تزوج الرجل المحرم امرأة بعقد باطل، فالأقوى عدم تحريم المرأة عليه و كذلك إذا تزوجت المرأة رجلا في حال إحرامها و كان العقد باطلا، فلا تحرم على الرجل بذلك العقد، و لكن الاحتياط لا ينبغي تركه، و يتأكد في ما إذا كان الرجل و المرأة جاهلين ببطلان العقد حين إيقاعه، و لكنه غير لازم المراعاة على اي حال.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 97

المسألة 257:

إذا تزوج الرجل في حال إحرامه ثم استبان له فساد إحرامه من أصله لم يبطل العقد و لم يثبت التحريم بينه و بين المرأة المعقودة، و كذلك إذا تزوجت المرأة رجلا في حال إحرامها ثم تبين لها بطلان إحرامها، فلا تحرم على الرجل و لا يبطل عقدهما.

و ليس من ذلك ما إذا كان الإحرام صحيحا فأفسده المحرم عامدا، ثم أجرى بعد ذلك عقد النكاح، فلا يترك الاحتياط بالاجتناب في هذه الصورة.

المسألة 258:

إذا غفل الرجل عن كونه محرما أو نسي ذلك فأجرى لنفسه عقد الزواج على امرأة في حال إحرامه و هو يعلم بحرمة ذلك على المحرم، بطل العقد، و الأحوط له اجتناب التزويج بتلك المرأة أبدا، و كذلك المرأة المحرمة إذا غفلت عن إحرامها أو نسيته و زوجت نفسها من رجل و هي تعلم بحرمة ذلك على المحرم فالأحوط لها اجتناب التزويج بذلك الرجل.

المسألة 259:

يجوز للرجل المحرم أن يرجع بزوجته المطلقة في عدتها الرجعية، و أن يرجع بزوجته المختلعة و المبارأة إذا هما رجعتا ببذلهما، و يجوز له أن يملك الإماء، و لا يمنعه الإحرام من ذلك.

المسألة 260:

يجوز للرجل المحرم أن يوكل أحدا محلا في أن يزوجه بعد أن يحل من إحرامه، و يجوز له ان يوكل محرما في أن يزوجه بعد أن يحل الموكل و الوكيل من إحرامهما، و يصح للمرأة المحرمة أن توكل في تزويجها كذلك في الصورتين.

المسألة 261:

إذا عقد الفضولي و هو محرم بطل عقده و ان كان الرجل المعقود له أو المرأة المعقود عليها محلين غير محرمين، فلا يكون عقده قابلا للإجازة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 98

و إذا عقد لمحرم و هو محل لم يكن للمحرم أن يجيزه في حال إحرامه، و الأحوط لزوما عدم أجازته حتى بعد الإحلال.

المسألة 262:

لا يبطل زواج الرجل إذا وطأ زوجته في حال إحرامه و ان كان عالما بأنه محرم و بأن الوطء محرم عليه في حال إحرامه، و لا يبطل عقد المرأة إذا وطأها الزوج و هي محرمة و تعلم بالإحرام و بحكمه، و يرجع الى فصل كفارات الإحرام من كتاب الحج لمعرفة الأحكام و الآثار التي تلزم الزوجين بسبب ذلك.

السبب السابع من أسباب تحريم النكاح اللعان بين الزوج و المرأة
المسألة 263:

إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، و ادعى انه شاهد ذلك، و لم تكن له بينة شرعية تثبت مدعاه، و كانت الزوجة دائمة و مدخولا بها، و غير مشهورة بالزنا، و لم تكن خرساء، وجبت على الزوجين الملاعنة بحضور الحاكم الشرعي و سيأتي تفصيل الملاعنة في كتاب اللعان (ان شاء اللّه تعالى)، فإذا تم التلاعن بينهما، سقط عن الرجل حد القذف، و درئ عن المرأة حد الزنا و حرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا.

المسألة 264:

إذا قذف الرجل زوجته بالزنا و هي خرساء لا تستطيع النطق لتقابله في شهادات الملاعنة، سقطت الملاعنة بينهما و حرمت المرأة على الرجل كذلك تحريما مؤبدا.

المسألة 265:

إذا علم الرجل بأن الولد الذي ولدته زوجته ليس منه وجب عليه أن ينفي الولد عن نفسه، و لم يجز له استلحاقه به، فإذا كان الولد ممن يلحق به في النسب بحسب موازين النسب الشرعية الظاهرية، افتقر الرجل في نفي الولد عنه إلى ملاعنة الزوجة، و هذا هو السبب الثاني من أسباب اللعان بين الزوجين.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 99

المسألة 266:

إذا تم اللعان بينهما فان كانت دعوى الرجل تشتمل على قذف المرأة بالزنا و نفي الولد عنه، و لا عن المرأة على كل من الأمرين، سقط بذلك حد القذف عنه، و سقط حد الزنا عن المرأة، و انتفى الولد عن الرجل، فلا قربى بينهما و لا نسب و لا توارث، و حرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا.

و ان كانت دعوى الرجل هي نفي الولد فحسب، و لا تشتمل على قذف المرأة بالزنا، و تم اللعان بينهما على ذلك انتفى الولد عنه، و هل يكون هذا اللعان موجبا لتحريم المرأة على الرجل؟ فيه اشكال، و لا يترك الاحتياط فيه، بل الحكم بالتحريم لا يخلو من قوة.

مسائل متفرقة
المسألة 267:

لا يحل للمرأة المؤمنة أن تتزوج معاديا لأهل البيت (ع) و لو لأحد من الأئمة المعصومين (ع) و ان لم يكن معلنا بذلك بين الناس و لا متدينا به، و ان كان منتسبا إلى إحدى فرق الشيعة، إذا علم منه النصب لأحد المعصومين الذين لا يقول بإمامتهم، و لا يحل للمؤمنة أن تتزوج مغاليا بالرسول (ص) أو بعلي (ع) أو بأحد أبنائه (ع) أو بغيرهم، يرجع غلوه الى الشرك باللّه أو الى إنكار ذاته سبحانه، أو الى إنكار شي ء ضروري من ضروريات الإسلام، مع الالتفات الى كونه ضروريا، و لا يجوز للرجل المؤمن أن ينكح امرأة معادية أو مغالية بالمعنى الذي ذكرناه من النصب. و الغلو.

المسألة 268:

يجوز للمؤمن أن ينكح من فرق المسلمين الذين يخالفونه في المذهب غير المعادين و المغالين الذين ذكرناهم ما لم يكونوا منكرين لبعض ضروريات الإسلام مع الالتفات الى كونه ضروريا في الدين، و يجوز للمرأة المؤمنة أن تتزوج من فرق المسلمين كذلك غير المعادين و المغالين و منكري بعض الضروريات في الدين.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 100

المسألة 269:

إذا علم المؤمن أن زواجه من اليهودية أو المسيحية أو من بعض فرق المسلمين يوجب وقوعه أو وقوع ذريته في الضلال و مخالفة الحق أو خشي من ذلك حرم عليه التزويج و كذلك الحكم في المؤمنة.

المسألة 270:

يحرم نكاح الشغار، و هو أن يجعل نكاح امرأة معينة صداقا لامرأة أخرى، سواء لوحظ ذلك في كل من المرأتين، و مثال ذلك أن ينشئ الوليان نكاح المرأتين و يجعلا في عقديهما تزويج كل واحدة من المعقودتين مهرا للثانية، فيقول أحدهما للآخر: زوجتك ابنتي صفية على أن تزوجني ابنتك سعاد و يكون زواج كل من البنتين صداقا للأخرى، فيقول صاحبه قبلت زواج ابنتك و زوجتك ابنتي على ما ذكرت، فيبطل نكاح المرأتين معا، أم يلاحظ ذلك في جانب امرأة واحدة منهما، فيزوجها وليها من صاحبه على أن يزوجه صاحبه بنته مثلا و يكون تزويج الثانية صداقا للأولى، فيقول الأول للثاني زوجتك ابنتي صفية على أن تزوجني بنتك سعاد فيكون تزويج سعاد صداقا لصفية، فيقول الثاني قبلت زواج صفية على الصداق المعين و هو تزويج سعاد، و زوجتك ابنتي على ألف دينار مثلا، فيبطل نكاح الأولى لأنه شغار و يصح نكاح الثانية بما ذكر لها من المهر و إذا لم يذكر لها مهر معين ثبت لها مهر المثل.

المسألة 271:

المؤمن كفو المؤمنة في النكاح و ان اختلفا في القبيلة أو في الشعب و الدم، أو في الصناعة و الحرفة، إذا توفرت بينهما الشرائط التي تتوقف عليها صحة النكاح، فيجوز ان تتزوج العربية بالأعجمي و الهاشمية بغير الهاشمي و الحرة بالعبد و ذات الشرف الكبير بالرجل الدني الأصل، و ذات الصنعة الرفيعة بصاحب الحرفة الوضيعة، و بالعكس.

المسألة 272:

لا يشترط في صحة النكاح أن يكون الزوج قادرا على نفقة الزوجة، فيصح نكاح العاجز عن النفقة سواء كان عجزه عن النفقة سابقا على

كلمة التقوى، ج 7، ص: 101

العقد أم كان متجددا بعده، و لا يثبت للزوجة بذلك خيار الفسخ، لا بنفسها و لا بمراجعة الحاكم الشرعي.

نعم إذا زوج الصبية الصغيرة أبوها أو جدها، و كان الزوج غير قادر على الإنفاق عليها كان هذا العقد فضوليا، لوجود المفسدة في تزويجها كذلك، فلا تثبت له الولاية عليه، و تكون صحة العقد موقوفة على اختيار البنت المعقودة بعد بلوغها و كمالها، فإذا أجازته صح و نفذ و إذا ردته بطل، إلا إذا كان الولي قد لاحظ في تزويج البنت من ذلك الرجل المعين وجود مصلحة مهمة تغلب على تلك المفسدة، فيصح العقد لذلك و لا يكون للصبية رده بعد كمالها.

المسألة 273:

إذا عقد الإنسان لنفسه على امرأة و هو مريض، مرضا كان سببا لموته في ما بعد، كانت صحة عقده هذا مشروطة بدخوله في الزوجة المعقودة، فإذا هو دخل بها قبل موته كان ذلك كاشفا عن صحة العقد فتترتب عليه جميع آثار التزويج الصحيح، فيثبت لها المهر الذي سماه لها بالعقد، و تجب لها النفقة منذ يوم تمكين المرأة له من الدخول و ترثه إذا مات بعد ذلك، و يرثها هو إذا ماتت قبله، و إذا هو لم يدخل بها بعد العقد حتى مات كشف ذلك عن بطلان العقد من أصله، فلا مهر لها و لا نفقة و لا ميراث، و إذا ماتت المرأة في مرضه قبل أن يدخل بها، فلا ميراث للزوج منها، و لا مهر، و لا أثر للاستمتاعات الأخرى بها إذا استمتع بها في

مرضه من تقبيل و ملامسة بشهوة من غير دخول.

المسألة 274:

إذا عقد له على المرأة و هو مريض، ثم بري ء من ذلك المرض، ثم مات قبل أن يدخل بالمرأة بمرض آخر أو بقتل و نحوه ثبت النكاح و الميراث، و استحقت نصف المهر على الأقوى، و كذلك الحكم إذا ماتت الزوجة قبل الزوج في هذا الفرض و قبل الدخول، فيرثها الزوج و يثبت لها نصف المهر.

المسألة 275:

يشكل الحكم الذي ذكرناه في المسألة المائتين و الثالثة و السبعين إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 102

كان مرض الزوج الذي عقد فيه المرأة من الأمراض الطويلة التي تستمر سنين، فإذا مات الزوج و لم يدخل بها أو ماتت هي قبله و قبل الدخول فلا يترك الاحتياط بالتصالح بين الورثة و بين الطرف الباقي منهما من حيث المهر و من حيث الميراث و خصوصا في الأمراض التي يكون الابتلاء بها أدوارا.

المسألة 276:

يجوز للمرأة الخلية من الزوج و من العدة أن تزوج نفسها و ان كانت مريضة و في مرض الموت، و إذا عقدت نفسها في مرض الموت، صح نكاحها و ثبت التوارث بينها و بين الزوج إذا ماتت هي أو مات الزوج، سواء كان ذلك قبل الدخول بها أم بعده، و إذا كان موتها أو موت زوجها قبل الدخول استحقت عليه نصف المهر على الأقوى.

المسألة 277:

يجوز للرجل أن يعرض بالخطبة للمرأة صاحبة العدة من غيره، إذا كانت ممن يجوز له أن يتزوج بها بعد العدة كالمعتدة للوفاة و المعتدة من الطلاق البائن، إذا قال في تعريضه بها قولا معروفا، ليس فيه إشارة الى ما يقبح أو يخالف الأدب الذي من أجله شرعت العدة للمرأة، و لم يعزم عقدة النكاح حتى تنقضي العدة و يبلغ الكتاب أجله.

و أما المعتدة البائنة من الرجل نفسه، فيجوز له التعريض بل و التصريح بخطبتها لنفسه ليتزوجها بعد العدة أو فيها الا أن تكون محرمة عليه أبدا، أو تكون محرمة عليه حتى تنكح زوجا غيره، أو يكون قد تزوج بعد طلاقها بائنا بأختها، فلا يجوز له ذلك على الأقوى في بعض الصور المذكورة و على الأحوط في بعضها. و اما ذات العدة الرجعية فهي بالإضافة إلى المطلق نفسه بحكم الزوجة فلا يمنع من التعريض و لا التصريح بخطبتها ليتزوج بها بعد العدة كما لا يمنع من الرجعة بها في أثناء العدة، و هي بالإضافة إلى الرجال الآخرين بحكم ذات البعل، فلا يجوز لأحد منهم التعريض على الأحوط و لا يجوز له التصريح بخطبتها و ان لم يعزم عقد النكاح في أثناء العدة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 103

الفصل السادس في النكاح المنقطع

المسألة 278:

النكاح المنقطع كالنكاح الدائم لا ينعقد الا بعقد لفظي يشتمل على إيجاب و قبول لفظيين، و لا يكفي فيه التراضي بين الزوجين بغير عقد، و لا ينعقد بالمعاطاة، و لا بكتابة الصيغة بقصد إنشائها، و لا بالإشارة المفهمة إلا في الأخرس العاجز عن النطق، و يعتبر أن يكون الإيجاب بلفظ النكاح أو بلفظ التزويج أو بلفظ المتعة، و الأحوط أن يكون العقد باللغة العربية مع الإمكان، و ان كان

الظاهر صحة نكاح كل قوم إذا أنشئ العقد بلسانهم، و أتى فيه بالترجمة المطابقة للفظ العربي كما قلنا في العقد الدائم.

و الأحوط أن يوقع العقد بلفظ الماضي، فتقول المرأة للرجل:

زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي كذا يوما، بكذا دينارا، أو يقول وكيل المرأة للرجل: زوجتك موكلتي فلانة، و ان صح أيضا ان ينشأ بلفظ المستقبل و بالجملة الخبرية على الأقوى كما ذكرنا في العقد الدائم، فتقول المرأة للرجل أزوجك نفسي أو أنا مزوجتك نفسي بكذا، و أن يكون القبول بلفظ قبلت أو رضيت، أو نكحت، أو تمتعت.

المسألة 279:

يصح أن يقدم القبول في العقد على الإيجاب، إذا أنشئ لفظه بمثل تزوجت و نكحت و تمتعت، لا بلفظ قبلت و رضيت كما قلنا في النكاح الدائم و ان كان الأحوط تقديم الإيجاب.

و يصح أن يكون الإيجاب من الزوج و ان كان الأحوط أن يقع من الزوجة أو من وكيلها، و إذا حصل الإيجاب من الزوج فلا بد و أن يكون إنشاء الزوجية بما يفيد ضم الزوجة اليه و تبعيتها له بأن يقول للمرأة تزوجتك أو نكحتك أو تمتعتك، لا بمثل زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي، فإن مفاد هذه الصيغ تبعيته هو للزوجة و قد قلنا نظير هذا في العقد الدائم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 104

المسألة 280:

إذا تم الإيجاب من الزوجة أو من وكيلها، و ذكرت فيه الصيغة و الأجل و المهر، فيكفي في القبول ان يقول الزوج أو وكيله قبلت أو رضيت، و ان لم يذكر فيه المتعلقات التي ذكرت في الإيجاب، فلا يشترط فيه أن يقول قبلت الزواج أو المتعة لنفسي أو لموكلي في جميع المدة المعينة بالمهر المعلوم، و كذلك إذا وقع الإيجاب من الزوج و كان القبول من الزوجة أم من وكيلها، نعم إذا تقدم القبول على الإيجاب سواء كان من الزوج أم من الزوجة أم من وكيليهما فلا بد من ذكر المتعلقات في القبول في هذه الصورة على الأحوط بل الأقوى.

المسألة 281:

لا يحل أن تتزوج المؤمنة بالمتعة رجلا كافرا كتابيا أو غير كتابي، و لا مرتدا عن الإسلام فطريا أو مليا، و لا معاديا و لا مغاليا، و لا بمن ينكر إباحة المتعة و ان كان ينتسب إلى إحدى فرق الشيعة، و لا يجوز للرجل المؤمن أن يتزوج بالمتعة بغير الكتابية اليهودية أو النصرانية من أصناف الكفار و لا بالمجوسية على الأحوط و لا بالمرتدة فطرية كانت أم ملية، و لا بالمعادية و المغالية و لا بمن تنكر إباحة المتعة و ان كانت من احدى فرق الشيعة.

المسألة 282:

يحرم التمتع بالمرأة إذا تحقق لها بسبب من الأسباب التي تحرم نكاحها على الرجل من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو توابع المصاهرة أو لعان أو استيفاء عدد الطلقات أو النكاح في حال الإحرام، أو غير ذلك مما تقدم تفصيله في فصل أسباب التحريم، و لا يحل للرجل أن يتمتع بالمرأة و عنده أختها، سواء كانت أختها زوجة بالعقد الدائم أم بالمتعة أم كانت أمة موطوءة بملك اليمين، و لا يحل له أن يتمتع بابنة الأخ و هو متزوج بعمتها، و لا بابنة الأخت و هو متزوج بخالتها إلا بإذنهما، سواء كانت العمة أو الخالة زوجة له بالعقد الدائم أم بالمتعة، و إذا تمتع بالبنت بغير اذن عمتها أو خالتها قبل العقد توقفت صحة النكاح على إجازتهما بعد العقد، و لا يمنع من التمتع بالبنت إذا كانت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 105

العمة أو الخالة أمة له موطوءة بملك اليمين. و لا يحل له أن يتمتع بالأمة و عنده زوجة حرة إلا بإذنها، سواء كانت الحرة زوجة له بالعقد الدائم أم بالمتعة، و إذا تمتع بالأمة بغير إذن الحرة

قبل العقد توقفت صحة المتعة على إجازة الحرة بعد العقد.

المسألة 283:

يكره التمتع بالمرأة الزانية من غير فرق بين الزاني بها و غيره، و لا يترك الاحتياط باجتناب التمتع بالمرأة إذا كانت مشهورة بالزنا ما لم تظهر توبتها، كما قلنا في العقد الدائم في المسألة المائتين و السادسة و العشرين، و يكره التمتع بالمرأة الباكر بدون اذن وليها، و الكراهة مع افتضاضها أشد.

المسألة 284:

يستحب للرجل أن يختار المؤمنة على غيرها، و يستحب أن يختارها عفيفة مأمونة، فإذا كانت متهمة بما يخالف ذلك استحب له أن يسأل عن حالها قبل أن يتمتع بها، فإذا هو تزوجها كره له الفحص و السؤال عنها بعد ذلك.

المسألة 285:

يشترط في صحة التزويج بالمتعة أن يذكر المهر في العقد، فإذا لم يذكر فيه كان العقد باطلا سواء ترك ذكره عامدا أم ساهيا أم ناسيا.

المسألة 286:

يصح أن يكون المهر في التزويج بالمتعة عينا من الأعيان المملوكة و أن يكون دينا في ذمة المرأة أو في ذمة أحد سواها، و ان يكون منفعة، أو عملا من الأعمال التي تصلح أن تكون عوضا، و يصح على الأقوى أن يكون حقا من الحقوق المالية التي تقبل الانتقال كحق التحجير، و يشكل بل يمنع أن يجعل المهر إسقاط حق من الحقوق الثابتة، و مثال ذلك أن تزوج المرأة نفسها للرجل و تجعل صداقها إسقاط حق خيار كان ثابتا للزوج في بيع سابق، أو إسقاط حق شفعة له في معاملة على دار أو على بستان أو أرض.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 106

المسألة 287:

يشترط في المهر أن يكون مما يصح أن يتملكه المسلم سواء كان عينا أم دينا، فلا يجوز أن يجعل المهر شيئا لا يصح تملكه، أو شيئا لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير و ان كانت المرأة المتمتع بها ذمية، و يشترط أن يكون معلوما في الجملة و لو بالمشاهدة، و مثال ذلك ان تزوجه نفسها مدة معينة بهذا الثوب، أو بهذه القطعة من الذهب، أو بهذه الصبرة من الطعام، و ان لم يعلم مقدار كيلها أو وزنها، و يكفي الوصف الموجب للعلم به في الجملة، كما إذا قال المهر الذي أدفعه لك كساء يشبه هذا الكساء، أو هو سوار من الذهب يحكي سوار فلأنه إذا كان الوصف معلوما عند المرأة، و لا حد للمهر في القلة و الكثرة، و المدار أن يكون المقدار مما تراضى عليه الطرفان مما يصلح أن يكون عوضا و لا يصح إذا سقط عن المالية في نظر أهل العرف لقلته.

المسألة 288:

تملك المرأة المتمتع بها جميع المهر الذي سماه الزوج لها بمجرد عقده عليها، و ان كان ملكها جميع المهر لا يكون مستقرا الا بالدخول بها، و بأن تفي للزوج بشرطه، فتمكنه من الاستمتاع بوطئها متى شاء في جميع المدة المعينة.

و نتيجة لذلك فإذا وهبها الزوج جميع المدة بعد العقد و قبل الدخول بها كان لها نصف المهر، و كذلك إذا انقضى بعض المدة و لم يدخل بها ثم وهبها باقي المدة من غير دخول فيكون لها نصف المهر.

و إذا لم تف للزوج بشرطه، فلم تمكنه من الاستمتاع بوطئها في بعض المدة كان للزوج أن يقطع من مهرها بمقدار ما أخلفته من المدة، فان لم تف له بنصف المدة أو بربعها مثلا

جاز له أن يقطع من المهر بتلك النسبة.

و يستثنى من ذلك أيام الحيض و نحوها مما يحرم فيه الوطء شرعا كأيام شهر رمضان إذا اتفقت في أثناء أجل المتعة، فلا يجوز للزوج أن يقطع من مهر المرأة شيئا بسبب امتناعها من التمكين فيها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 107

المسألة 289:

إذا طرأت للمرأة المتمتع بها اعذار أخرى من مرض و اشتغال ببعض الأعمال أو بمباشرة ضيوف أو مرضى فامتنعت عن تمكين الزوج في بعض الأيام جاز له أن يقطع من المهر بحساب تلك الأيام على الأقوى، و إذا مكنت زوجها من الوطء في المدة و منعته من الاستمتاعات الأخرى لم يكن له أن يقطع من المهر شيئا، و إذا لم تحضر عند الزوج في بعض الأيام لعجزه هو عن الوطء ففي جواز الاقتطاع من المهر بحساب تلك الأيام، إشكال، و الأحوط له ان لا يقطع.

المسألة 290:

إذا دخل الرجل بالمرأة المتمتع بها ثم وهبها المدة كان لها جميع المهر سواء كان ذلك في أول المدة أم بعد انقضاء قسط منها، الا إذا كانت ممتنعة منه في بعض المدة فيقطع منها بالنسبة، و كذلك إذا مات الزوج أو ماتت الزوجة في أثناء الأجل كان لها جميع المهر و ان كان ذلك قبل الدخول بها، إلا إذا كانت ممتنعة عن تمكينه قبل الموت فيقطع من المهر بالنسبة.

المسألة 291:

إذا مكنت المرأة زوجها من الوطء و لم يدخل بها حتى انقضى الأجل استحقت عليه جميع المهر، و إذا قسط المدة فوهب المرأة بعض المدة و أبقى له بعضها، فكان الأجل شهرين مثلا فوهبها شهرا و أبقى له شهرا ثم لم يدخل بها حتى انقضى الأجل، ففي ثبوت جميع المهر للمرأة أو نصفه اشكال، و لا يبعد ثبوت جميع المهر لها و الأحوط المصالحة.

المسألة 292:

إذا تبين فساد عقد المتعة لفقدان بعض شرائط الصحة في العقد أو في المعقودة، كما إذا ظهر أن المرأة محرمة على الرجل بأحد أسباب التحريم، وجب على الرجل الامتناع عن المرأة، و لم تستحق عليه مهرا إذا لم يدخل بها، و لا مهر لها كذلك مع الدخول بها إذا كانت حين وطئها تعلم بفساد العقد لأنها بغي، و إذا كان قد دفع المهر إليها فله استعادته منها في هذه الصورة، بل و عليها ضمانه مع التلف، و إذا كانت جاهلة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 108

بفساد العقد كان الوطء شبهة و استحقت على الواطئ مهر مثلها متعة لا دواما.

المسألة 293:

يشترط في صحة النكاح المنقطع أن يذكر فيه أجل معين، فان لم يذكر فيه أجل بطل العقد متعة، و انعقد دائما على الأقوى، سواء كان عامدا في ترك ذكره أم ساهيا أم ناسيا.

المسألة 294:

الأجل في النكاح المنقطع هو ما تراضى عليه الزوجان من الأمد، سواء كان قصيرا أم طويلا، و لا يمنع طول الزمان من صحة اشتراطه بينهما إذا كان من المحتمل بقاؤهما اليه، و إذا كان الأجل طويلا يعلم بعدم بقاء الزوجين إليه، ففي صحة اشتراطه فينعقد النكاح بينهما متعة، أو عدم صحته فينعقد النكاح دائما، إشكال، و لا يترك الاحتياط.

المسألة 295:

يشترط ان يكون الأجل في النكاح المنقطع معلوما عند الزوج و الزوجة محدود البداية و النهاية بما لا يقبل الزيادة و النقصان، و إذا أطلق المتعاقدان أجلا معينا كالشهر و الأسبوع و العشرة أيام، و لم يذكرا أوله كان ابتداؤه من حين العقد، و كان عليهما أن يحددا آخره بغاية معلومة، بأن يقولا إلى نهاية الساعة العاشرة مثلا من يوم كذا، أو الى الزوال من ذلك اليوم أو الى الغروب منه، و هكذا الساعة و اليوم و غيرهما من الآماد القصيرة أو الطويلة.

المسألة 296:

يجوز أن يكون الأجل في المتعة متأخرا عن العقد إذا كان معينا محدودا بما لا يقبل الزيادة و النقصان، و مثال ذلك أن تزوج المرأة نفسها للرجل من غروب الشمس لأول ليلة من شهر رمضان الى غروبها في آخر يوم من أيامه من هذا العام، و هما في شهر رجب أو قبله من الشهور، و إذا زوجت المرأة نفسها للرجل كذلك فالأحوط لها ان لا تزوج نفسها متعة لغير ذلك الرجل في ما بين العقد و أول الأجل، و ان كان الوقت يتسع

كلمة التقوى، ج 7، ص: 109

لمدة هذا التزويج، و للاعتداد منه، و الأحوط للرجل المعقود له ان لا يتمتع أخت المعقودة قبل حضور أجلها و ان كان الوقت يتسع لمدة التزويج بالأخت و لعدتها، و أحوط من ذلك كله ان لا تعقد المتمتع بها نفسها على رجل آخر قبل أن تنقضي مدة الأول و العدة منه، و ان كان أجل العقد الثاني متأخرا عن ذلك.

المسألة 297:

لا يصح أن يجعل الأجل في عقد المتعة مقدرا بالوطء، مرة واحدة أو مرتين مثلا، فإنه أمد غير محدود فإذا جعل الزوجان ذلك أجلا لنكاحهما بطل عقدهما متعة و انعقد دائما على الأقوى، و إذا عقد الرجل على المرأة إلى أجل معين و اشترطا في العقد أن يطأها في الأمد كله مرة واحدة أو مرتين مثلا، صح عقدهما و وجب عليهما الوفاء بالشرط، فلا يجوز له أن يطأها أكثر من ذلك و ان كان الأجل باقيا، و إذا أذنت به جاز له ذلك.

المسألة 298:

يجوز للمرأة أن تشترط في العقد لنفسها ما تشاء إذا كان الشرط سائغا و لا ينافي مقتضى العقد و يصح للرجل ذلك أيضا فإذا وقع عليه الإيجاب و القبول وجب الوفاء به، فإذا اشترط أحدهما على صاحبه أن يكون الإتيان ليلا فحسب أو أن يكون نهارا وجب على صاحبه الوفاء بالشرط، فلا يجوز له الإتيان في غير ما شرط، و إذا اذن المشروط له فأسقط حقه جاز الإتيان مطلقا، و سيأتي مزيد بيان للشروط التي تقع في عقد النكاح في فصل المهر و الشروط ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 299:

إذا حملت المرأة المتمتع بها لحق الولد شرعا بالرجل المتمتع، و ان عزل ماءه عن المرأة عند جماعها، فان الماء قد يسبق من غير تنبه، و لا يجوز للرجل أن ينفي الولد عن نفسه الا مع القطع بانتفائه عنه، و إذا نفاه عن نفسه انتفى عنه في الظاهر من غير حاجة الى لعان مع المرأة كما في الزوجة في العقد الدائم، الا أن يعلم أنه قد نفى الولد عن نفسه و هو يحتمل أنه ولده، فيلحق به الولد و لا يلتفت الى نفيه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 110

المسألة 300:

إذا انقضى الأجل المسمى في النكاح المنقطع بانت المرأة من زوجها بذلك، و لزمها الاعتداد منه إذا كان قد دخل بها، و كذلك إذا وهبها الزوج المدة فتبين منه و يجب عليها الاعتداد مع الدخول، و ليس للزوج أن يرجع بها في العدة، و يصح له أن يتزوجها بعقد جديد و ان كانت في العدة سواء أرادا نكاحا دائما أم منقطعا بأجل مسمى آخر، و قد تقدم أن العدة لا تمنع من نكاح صاحب العدة نفسه للمرأة و انما تمنع من نكاح غيره و تلاحظ المسألة المائتان و الثالثة و العشرون.

المسألة 301:

إذا انقضى الأجل المعين في عقد المتعة أو وهب الرجل المدة للمرأة و لم يدخل بها فلا عدة عليها، و كذلك إذا دخل بها و هي غير بالغة، أو كانت يائسة من المحيض، و إذا دخل بالمرأة و كانت بالغة و غير يائسة من المحيض وجب عليها أن تعتد كما يأتي.

المسألة 302:

لا يقع في عقد المتعة طلاق بين الزوجين و لا خلع و لا مباراة بل تبين المرأة من زوجها بانتهاء الأجل المضروب بينهما في العقد، و بهبة المدة كما تقدم، و لا يقع في المرأة المتمتع بها لعان و لا إيلاء، و يقع بها الظهار على الأقوى و تترتب أحكامه كما يأتي في كتاب الظهار.

المسألة 303:

إذا مات الزوج في أثناء مدة النكاح المؤقت لم ترث المرأة المتمتع بها من تركته شيئا، و إذا ماتت الزوجة في أثناء المدة لم يرث الزوج منها شيئا إلا مع الشرط، فإذا شرط الرجل على المرأة في عقد النكاح بينهما أن يرث منها إذا ماتت قبله، و قبلت بالشرط، أو شرطت هي ذلك على الزوج و قبل به، نفذ الشرط و وجب العمل به فيرث المشروط له من صاحبه إذا مات قبله، و إذا شرط الطرفان ذلك و قبلا به، ثبت التوارث بين الطرفين، و كان ارثهما وفقا لما يرثه الزوجان في العقد الدائم.

المسألة 304:

عدة المرأة المتمتع بها إذا دخل بها الزوج و انتهى الأجل أو وهبها

كلمة التقوى، ج 7، ص: 111

المدة حيضتان كاملتان على الأقوى، فلا يكفي المسمى في الحيضتين أو في إحداهما، فإذا انقضى الأجل و هي في أثناء الحيض لم تعد تلك الحيضة من العدة، بل يجب عليها أن تعتد بحيضتين كاملتين بعدها، و إذا كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض، اعتدت بخمسة و أربعين يوما بلياليهن على الأحوط، و إذا كانت حاملا اعتدت على الأحوط بأبعد الأجلين من المدة المذكورة و وضع الحمل.

و إذا مات الرجل في أثناء مدة المتعة، اعتدت المرأة بأربعة أشهر و عشرة أيام، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، أم يائسة، و مدخولا بها أم لا، بل و سواء كانت حرة أم أمة على الأحوط ان لم يكن هو الأقوى، و إذا كانت حاملا منه اعتدت الى آخر الأجلين، المدة المذكورة و وضع الحمل.

الفصل السابع في العيوب و التدليس

المسألة 305:

عيوب الرجل التي توجب تسلط الزوجة على فسخ النكاح بينها و بينه أربعة.

الأول: الجنون الذي يطرأ على الرجل بعد العقد على المرأة سواء كان طروءه عليه قبل دخوله بالمرأة أم بعده و سواء كان الجنون مطبقا أم أدوارا، و سواء كان الرجل يعقل معه أوقات الصلاة أم لا يعقلها، إذا كان الجنون بدرجة يسقط معه التكليف عن الرجل، فيجوز للمرأة أن تفسخ عقد النكاح منه متى علمت بجنونه.

و كذلك إذا كان جنون الرجل سابقا على العقد أو مقارنا له و لم تكن المرأة عالمة به، و قد استمر جنونه الى ما بعد العقد، فيجوز لها الفسخ متى علمت به سواء كان الجنون مطبقا أم أدوارا، و سواء حصل العلم لها بجنونه قبل وطئه لها

أم بعده.

المسألة 306:

إذا كان جنون الرجل سابقا على العقد أو مقارنا له، ثم بري ء منه بعد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 112

العقد، ففي جواز فسخ المرأة للعقد بسببه اشكال، سواء بري ء من الجنون قبل أن تعلم المرأة به أم بعد ذلك، و لعل الأقرب عدم جواز الفسخ، و إذا علمت المرأة بجنون الرجل، و رضيت به مع وجود العيب لم يكن لها الفسخ بعد ذلك سواء كان الجنون سابقا على العقد أم طارئا بعده.

المسألة 307:

الثاني من عيوب الرجل الخصاء، و هو سل الأنثيين، و انما يكون هذا العيب موجبا لتسلط المرأة على فسخ النكاح إذا كان حدوثه سابقا على العقد، و لم تعلم به المرأة، فلا فسخ لها إذا كان بعد العقد أو حدث مقارنا له، و لا فسخ لها إذا كانت عالمة به قبل العقد، و لا فسخ لها إذا علمت بالعيب بعد العقد فرضيت بالإقامة معه، و يجوز لها الفسخ في الصورة الأولى سواء علمت به قبل الدخول أم بعده.

المسألة 308:

قال جماعة من الأصحاب، و موجوء الخصيتين بحكم الخصي أو هو بعض أفراده، فيجوز للمرأة أن تفسخ النكاح إذا كان الرجل موجوءا قبل العقد عليها و لم تكن المرأة تعلم بذلك، و ما ذكروه مشكل فلا يترك الاحتياط في الفرض المذكور، و الوجاء هو رض الأنثيين حتى يبطل عملهما.

المسألة 309:

الثالث من عيوب الرجل الجب، و هو قطع ذكره إذا كان سابقا على العقد و لم تعلم المرأة به، و كذلك إذا حدث بعد العقد و قبل الدخول على الأقوى، فيجوز للمرأة أن تفسخ عقد النكاح في كلتا الصورتين، و انما يكون الجب موجبا لتسلط المرأة على الفسخ إذا لم يبق من العضو مقدار الحشفة، فإذا بقي منه بقدرها أو أكثر مما يمكن معه حصول الوطء من الرجل لم يثبت للمرأة حق الفسخ. و إذا علمت المرأة بالعيب في الرجل قبل إنشاء العقد أو بعده و رضيت به لم يجز لها فسخ النكاح بعد ذلك، و إذا حدث الجب بعد العقد، و حصول الدخول بالمرأة و لو مرة واحدة، أشكل الحكم بجواز الفسخ.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 113

المسألة 310:

الرابع من عيوب الرجل العنن، و هو سبب عارض يعجز معه عضو الرجل عن الانتشار و يضعف عن مباشرة المرأة، و لا يكون هذا العيب موجبا لجواز فسخ النكاح حتى يكون عنة كاملة عن هذه المرأة و عن غيرها، فإذا عن الرجل عن هذه المرأة دون غيرها، أو عن قبل المرأة دون دبرها أو في بعض الحالات دون بعض أو في بعض فصول السنة دون بعض، لم يكن للمرأة معه حق الفسخ.

المسألة 311:

لا يكون العنن موجبا لجواز فسخ النكاح إذا عرض للرجل بعد أن وطأ المرأة و لو مرة واحدة، فيجب عليها الصبر فإنها مبتلاة كما في النصوص.

المسألة 312:

إذا كان العنن في الرجل سابقا على العقد على المرأة أو طرأ له بعد العقد عليها و قبل الوطء، فان رضيت المرأة بذلك كان العقد لازما و لم يجز لها أن تفسخ العقد بعد ذلك، و ان لم ترض به رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيؤجل الحاكم الرجل سنة كاملة من يوم المرافعة يتركه معها، فإذا هو لم يستطع وطأها في هذه المدة و لا وطء غيرها جاز للمرأة فسخ النكاح.

المسألة 313:

إذا حصل العنن في الزوج و انقضت المدة التي أجله الحاكم الشرعي إليها و لم يستطع في المدة المعينة وطء الزوجة و لا وطء غيرها جاز للمرأة ان تتولى بنفسها فسخ العقد و لم تفتقر فيه الى مباشرة الحاكم الشرعي، نعم لا بد و أن يكون تأجيل الرجل إلى السنة بأمر الحاكم، فان ذلك من وظائفه فلا يقوم بها غيره، و إذا تعذر على المرأة أو على وكيلها الوصول الى الحاكم الشرعي ليضرب الأجل، أو امتنع الرجل من الحضور عند الحاكم و لم يمكن إجباره جرى عليه حكم التأجيل، فإذا انقضت السنة من ذلك الوقت و لم يمكن للرجل الوطء جاز للمرأة فسخ النكاح.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 114

المسألة 314:

يجوز أن تتولى المرأة بنفسها فسخ النكاح في عيوب الرجل الثلاثة المتقدمة: الجنون و الخصاء و الجب، إذا ثبت العيب و تمت الشروط المعتبرة فيه كما مر ذكره، و لم تفتقر في الفسخ إلى مباشرة الحاكم، نعم لا بد من الرجوع الى فتوى الفقيه المقلد، في ان العارض الذي حدث في الرجل من العيوب المجوزة للفسخ أم لا، و لا بد من الرجوع الى الحاكم الشرعي في إثبات وجود العيب في الرجل إذا كان موضعا للنزاع، و بعد ثبوت العيب تفسخ المرأة إذا شاءت.

المسألة 315:

إذا فسخت المرأة عقدها بعد ثبوت العنن في الرجل و انقضاء المدة التي ضربها الحاكم و توفر الشروط التي بينها فيه، انفسخ نكاحها، و كان لها نصف المهر المسمى لها في العقد. و لا عدة عليها لعدم الدخول و إذا فسخت العقد في أحد العيوب الأخرى المذكورة فإن كان الفسخ قبل الدخول بها لم تستحق من المهر شيئا و لا عدة عليها، و ان كان بعد الدخول بها استحقت المهر المسمى كله و لزمتها العدة.

المسألة 316:

لا يثبت للمرأة حق الفسخ في غير هذه العيوب الأربعة، كما إذا كان الرجل مجذوما أو أبرص أو أعمى، أو مبتلى بغيرها من العيوب، الا ان يشترط في العقد للمرأة أو لولي أمرها سلامة الرجل من ذلك العيب أو يوصف الرجل له في العقد بخلوه من ذلك العيب، أو يذكر ذلك قبل العقد بحيث يكون اجراء العقد بين المتعاقدين مبنيا عليه، فإذا كان العيب موجودا فيه كان ذلك من التدليس و جاز للمرأة فسخ العقد لذلك.

المسألة 317:

عيوب المرأة التي توجب تسلط الزوج على فسخ النكاح سبعة:

و هي (1) الجنون، (2) الجذام، (3) البرص، (4) العمى، (5) الإفضاء، (6) القرن، (7) الإقعاد، و منه العرج البين.

و الجنون هو فساد العقل سواء كان مطبقا أم أدوارا، و سواء عقلت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 115

المرأة معه أوقات الصلاة أم لم تعقل، إذا بلغ جنونها درجة يسقط معها التكليف عنها كما ذكرنا في عيوب الرجل، و ليس منه الإغماء الذي يعرض في بعض الأوقات و ليس منه مرض الصرع الذي قد يصيب بعض الناس.

و الجذام و البرص مرضان معروفان، و إذا اشتبه أمرهما رجع في تشخيصهما إلى أصحاب الخبرة من الأطباء الثقات و غيرهم و إذا استقرت الشبهة في المرض الموجود أنه منهما أم لا و لم تتضح الحال لم يجز الفسخ.

و العمى هو ذهاب البصر من العينين و ان كانتا مفتوحتين. و القرن و يقال له العفل أيضا، هو شي ء ينبت في فرج المرأة، لحم أو غدة أو عظم يمنع الزوج من الوطء، أو يوجب تنفره و انقباضه عند جماع المرأة، و كذلك الرتق، و هو التحام الفرج، و الأحوط الاقتصار على صورة العجز عن علاجه، و

ان كان ذلك بسبب امتناع المرأة عنه، و الإفضاء هو تصيير مسلكي الحيض و البول مسلكا واحدا، و قد تعرضنا لذكره و بيان المراد منه في المسألة الثانية و العشرين.

المسألة 318:

إذا وجد الرجل بالمرأة أحد العيوب الآنف ذكرها و كان العيب فيها سابقا على العقد جاز له أن يفسخ النكاح بينه و بين المرأة، و ان كان قد وطأ المرأة قبل أن يعلم بالعيب. و إذا علم بالعيب ثم جامعها بعد علمه به لم يكن له الفسخ بعد ذلك، و إذا علم بعيب المرأة و رضي بها بعد علمه بعيبها لم يكن له فسخ العقد و ان لم يجامعها بعد.

المسألة 319:

إذا تزوج الرجل المرأة و هي صحيحة، ثم حدث فيها أحد العيوب السبعة بعد الدخول بها، لم يكن له فسخ النكاح بسبب ذلك العيب، كما إذا عميت المرأة أو جنت أو برصت أو جذمت أو أقعدت بعد عقدها و الدخول بها.

و إذا تزوجها الرجل و هي صحيحة ثم حدث فيها أحد العيوب قبل الدخول بها أشكل الحكم بجواز الفسخ و عدمه بهذا العيب، فلا بد فيه من مراعاة الاحتياط بأن يطلق المرأة إذا أراد فراقها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 116

المسألة 320:

إذا فسخ الرجل نكاح المرأة بسبب أحد العيوب، فان كان الفسخ قبل الدخول بالمرأة فلا مهر لها و لا عدة عليها، و إذا كان الفسخ بعد الدخول بها و لو مرة واحدة استحقت المرأة المهر كله و وجب على الرجل دفعه إليها إذا لم تكن هي دلست العيب الموجود فيها، كما إذا كانت جاهلة بوجود العيب أو كانت جاهلة بكونه عيبا يوجب الفسخ، و إذا كانت هي التي دلست العيب على الزوج لم تستحق من المهر شيئا، فإذا كان الزوج قد دفعه إليها رجع عليها به.

المسألة 321:

إذا استحقت المرأة مهرها على الزوج لأنه فسخ بعد الوطء و هي جاهلة بالعيب كما ذكرنا و كان الذي تولى تزويجها من الرجل هو الذي دلس عليه عيبها رجع الزوج عليه بما دفعه لها من المهر، سواء كان وليا شرعيا للمرأة أم وليا عرفيا، و سواء كان قريبا لها أم بعيدا أجنبيا عنها، و إذا كان الشخص الذي تولى تزويجها لا يعلم بوجود العيب فيها لم يرجع الزوج عليه بشي ء.

المسألة 322:

يتحقق التدليس بكتمان العيب على الزوج إذا كان من عيوب المرأة، و بكتمانه على الزوجة إذا كان من عيوب الرجل، فإذا كان من بيده أمر المرأة و تولى تزويجها عالما بوجود العيب في المرأة و عالما كذلك بأنه عيب، و أخفى أمر العيب على الزوج و لم يعرفه به، فقد دلس، فإذا فسخ الزوج بعد أن علم بالعيب و كان فسخه بعد الدخول بالمرأة، رجع بالمهر الذي يدفعه للمرأة على ذلك الشخص الذي دلس العيب عليه، و إذا كان الشخص جاهلا بالعيب، و كانت المرأة هي التي كتمت العيب و أخفته لم تستحق من المهر شيئا، فإذا كان الزوج قد دفعه إليها استرجعه منها، و إذا كانت المرأة جاهلة أيضا استحقت المهر بالوطء كما ذكرنا و لم يرجع الزوج على أحد.

المسألة 323:

إذا ثبت في المرأة أحد العيوب الآنف ذكرها، صح للرجل أن يباشر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 117

الفسخ بنفسه من غير أن يراجع الحاكم الشرعي أن يستأذنه في الفسخ، و لا بد من الرجوع الى فتوى الفقيه المقلد في أن العارض الذي حدث في المرأة من العيوب أم ليس منها، و لا بد من الرجوع الى الحاكم الشرعي في إثبات وجود العيب فيها إذا كان موضعا للنزاع، فإذا ثبت وجود العيب جاز للزوج أن يتولى الفسخ بنفسه، و قد تقدم مثل ذلك في المرأة.

المسألة 324:

فسخ النكاح ليس بطلاق، سواء وقع من قبل الزوج أم من قبل الزوجة، فلا تشترط فيه شروط الطلاق و لا تترتب عليه أحكامه، فلا يشترط فيه أن تكون المرأة طاهرة من الحيض و النفاس أو في غير طهر المواقعة و لا يعتبر فيه حضور شاهدين عادلين، و لا يعد من الطلقات الثلاث التي توجب تحريم المرأة على الرجل حتى تنكح زوجا غيره.

نعم يجب على المرأة أن تعتد بعد الفسخ عدة المطلقة إذا كان الفسخ بعد الدخول و كانت المرأة ممن تثبت عليها العدة في الطلاق، و هذا ليس من الأحكام المختصة بالطلاق.

المسألة 325:

لا يختص الحكم بجواز الفسخ عند حدوث أحد العيوب المتقدم ذكرها بالنكاح الدائم بل يجري في النكاح المنقطع أيضا، فإذا حدث في أحد الزوجين بعض العيوب صح للآخر فسخ النكاح إذا توفرت الشروط التي تقدم بيانها.

المسألة 326:

الأقوى أن حق الفسخ الذي يثبت للزوج أو للزوجة عند حدوث أحد العيوب، ليس على الفور، و لذلك فلا يسقط بالتأخير إلا إذا كان ذلك عن رضا ببقاء النكاح، من غير فرق بين الرجل و المرأة، و ان كان الأحوط اعمال الخيار على الفور بل لا يترك ذلك ما أمكن.

المسألة 327:

يثبت وجود العيب في الرجل و المرأة بشهادة البينة العادلة المطلقة على وجوده، حتى العنن في الرجل على الأقوى، إذا اتفق علم الشاهدين

كلمة التقوى، ج 7، ص: 118

بذلك من الامارات الطبية و غيرها المفيدة للعلم، و يثبت بإقرار صاحبه و بالبينة على إقراره، و إذا لم تكن بينة على إثبات العيب كان القول قول منكر العيب مع يمينه، و إذا رد المنكر اليمين على المدعي حلف هذا على مدعاه و ثبت العيب.

و تثبت العيوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات.

المسألة 328:

لا يثبت حق الفسخ للرجل في العيوب الأخرى التي توجد في المرأة كالعور و العقم و نحوهما، إلا إذا شرط الرجل في ضمن العقد أن تكون سالمة من ذلك العيب، أو وصفت له في العقد بأنها سليمة منه، أو ذكر له ذلك قبل العقد ثم أجري العقد مبنيا عليه، فإذا كان كذلك ثم تبين بعد ذلك وجود العيب في المرأة كان ذلك من التدليس و جاز للرجل الفسخ، و سيأتي بيانه في المسائل اللاحقة ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 329:

من التدليس الموجب لخيار الفسخ أن تذكر للمرأة صفة جمال أو صفة كمال تبعث على الرغبة في التزويج بها، و تكون المرأة خالية عن تلك الصفة، فإذا اشترط الرجل وجود تلك الصفة في المرأة في عقد النكاح، أو وصفت المرأة بتلك الصفة في العقد و ان لم يكن ذلك على نحو الشرط، ثم تبين خلو المرأة من تلك الصفة كان ذلك من التدليس، و جاز للرجل بسببه فسخ العقد، و كذلك إذا وصفت المرأة بتلك الصفة في أثناء الخطبة و قبل العقد بحيث تسالم عليها الطرفان و بني عليها عقد النكاح.

و مثله العيوب الأخرى غير العيوب السبعة التي توجب الفسخ، فإذا اشترطت في العقد سلامة المرأة من بعض العيوب أو وصفت في العقد بذلك أو ذكرت قبل العقد بحيث بني العقد عليها، ثم تبين خلاف ذلك كان تدليسا و جاز للرجل بسببه فسخ النكاح.

و كذلك الحال في اتصاف الرجل ببعض الصفات أو براءته من بعض العيوب، فإذا اشترط ذلك في العقد أو بني عليه العقد على السبيل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 119

المتقدم ذكره ثم ظهر خلاف ذلك كان من التدليس و جاز للمرأة بسببه فسخ النكاح.

المسألة 330:

لا تستحق المرأة من المهر شيئا إذا وقع الفسخ بسبب التدليس قبل الدخول بها، سواء كان الفسخ من قبل الزوج بسبب تدليس المرأة أو من تولى أمر تزويجها، أم كان من قبل الزوجة بسبب تدليس الزوج أو من تولى زواجه بالمرأة، و تستحق المهر المسمى كله إذا كان الفسخ بعد الدخول بها، سواء كانت هي الفاسخة للنكاح أم هو الزوج. فإذا كان الفاسخ هو الزوج و كان الفسخ بعد الدخول رجع الزوج بالمهر الذي يدفعه إلى الزوجة على

من تولى تزويجها منه إذا كان هو الذي دلس على الزوج، فاشترط له وجود الصفة المفقودة أو عدم النقص الموجود، و إذا كانت المرأة ذاتها هي التي دلست ذلك لم تستحق من المهر شيئا، و يأخذه الزوج منها إذا كان قد دفعه إليها.

المسألة 331:

إذا تزوج الرجل امرأة و شرط له في عقد النكاح عليها أنها حرة غير مملوكة، أو وصفت له في العقد بهذا الوصف، أو ذكرت صفة الحرية لها قبل العقد حتى تسالم عليها الجانبان و بني العقد على ذلك ثم ظهر انها أمة مملوكة، فالصور المحتملة في هذا التزويج ثلاث.

الصورة الأولى أن يكون العقد عليها بغير اذن سابق على العقد من السيد المالك لها و لا اجازة لاحقة منه، و لا ريب في بطلان العقد في هذه الصورة.

المسألة 332:

الصورة الثانية أن يكون الزوج ممن لا يباح له الزواج بالأمة، فقد تقدم ان جواز نكاح الحر للأمة مشروط بعدم الاستطاعة لدفع مهر الحرة و نكاحها، و بخشية العنت و المشقة في عدم التزويج، فإذا فرض ان الرجل ممن لا يتحقق له كلا الشرطين أو أحدهما لم يجز له نكاح الأمة فيكون نكاحه باطلا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 120

المسألة 333:

الصورة الثالثة أن يكون نكاح الرجل للمرأة بإذن مولاها أو بإجازته بعد العقد، و أن يكون ممن يباح له الزواج بالأمة لوجود الشرطين المذكورين، فيكون النكاح صحيحا و ان ثبت للزوج خيار الفسخ من حيث التدليس.

فإذا فسخ الزوج العقد قبل دخوله بالمرأة لم تستحق من المهر شيئا، و لا عدة عليها، و إذا فسخ العقد بعد دخوله بها دفع الزوج المهر و يكون لمولاها، ثم يرجع الزوج بالمهر الذي دفعه على من دلسها إذا كان هو غيرها و غير مولاها.

و إذا كانت هي التي دلست نفسها رجع الزوج بالمهر عليها و اتبعت به بعد عتقها، و إذا كان المدلس هو مولاها لم يستحق من المهر شيئا، بل قد يحكم بحرية الأمة أخذا له بإقراره بحريتها، و إذا حكم بحريتها لذلك لا يكون للزوج خيار الفسخ لثبوت كونها حرة، و تكون هي المستحقة للمهر، و المسألة في هذا الفرض لا تخلو من اشكال.

المسألة 334:

إذا تزوجت المرأة رجلا و شرط لها في عقد النكاح أنه حر غير مملوك، أو وصف لها في العقد بذلك، أو ذكرت له صفة الحرية قبل العقد حتى تسالم عليها الجانبان و بني عليها العقد، ثم ظهر بعد ذلك انه عبد مملوك، فان كان تزويجه بالمرأة بغير اذن سابق على العقد من مولاه و لا اجازة لاحقة كان العقد باطلا، و لا مهر للمرأة إذا تبين ذلك قبل الدخول بها، و يثبت لها مهر المثل إذا تبين ذلك بعد الدخول بها، و يتبع به بعد العتق، و إذا كان تزويجه بالمرأة بإذن مولاه أو بإجازته كان التزويج صحيحا، و ثبت للمرأة خيار الفسخ، فإذا فسخت العقد قبل الدخول فلا مهر لها، و إذا

فسخته بعد الدخول كان لها المهر المسمى، و قد تعرضنا في تعليقنا على المسألة الثالثة من فصل نكاح العبيد و الإماء من كتاب العروة الوثقى لبيان أن المهر يكون في ذمة العبد أو في ذمة مولاه فليرجع اليه من يطلب بيان ذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 121

المسألة 335:

إذا تزوج الرجل امرأة و شرط في عقد النكاح أن تكون باكرة فوجدها ثيبا، لم يكن للزوج فسخ النكاح بذلك، فإن البكارة قد تزول بالنزوة و شبهها، فلا يكون زوالها دليلا على عدم وجودها حين العقد ليكون ذلك تدليسا يوجب حق الفسخ، نعم ينتقص مهرها بنسبة التفاوت ما بين مهر الباكرة و الثيب، و سنذكره في المسألة الآتية ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 336:

إذا تزوج الرجل امرأة و شرط عليها في عقد النكاح انها باكرة، أو وصفت في العقد بذلك أو كان العقد مبنيا على ذلك بين المتعاقدين، ثم وجدها ثيبا، و ثبت بالبينة أو بإقرار المرأة أو بالقرائن المفيدة للعلم انها كانت ثيبا قبل العقد عليها، كان ذلك من التدليس و جاز للزوج فسخ النكاح.

فإذا فسخ العقد قبل الدخول بها فلا مهر لها كما لا عدة عليها، و إذا فسخها بعد الدخول بها كان لها المهر المسمى كله، و رجع به الزوج على المدلس، و إذا كانت المرأة ذاتها هي المدلسة لم تستحق من المهر شيئا.

و إذا اختار البقاء على نكاحها جاز له أن ينقص من مهرها بمقدار النسبة في التفاوت ما بين مهر مثلها و هي باكرة، و مهر مثلها و هي ثيب، فإذا كان مهر مثلها و هي بكر خمسمائة دينار، و كان مهر مثلها و هي ثيب أربعمائة دينار، كان التفاوت بينهما مائة دينار، و هي خمس مهر البكر، فينقص منها خمس المهر المسمى لها بالعقد، فإذا كان مهرها المسمى ألف دينار مثلا نقص منه مائتا دينار.

و إذا تزوج الرجل المرأة باعتقاد انها بكر من غير شرط في العقد و لا تدليس فظهرت ثيبا، لم يكن له فسخ العقد، و ان ثبت

بإقرار المرأة نفسها أو بشهادة البينة العادلة المطلعة كونها ثيبا قبل العقد عليها، و نقص من مهرها بالنسبة المذكورة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 122

الفصل الثامن في المهر و الشروط

المسألة 337:

المهر هو ما تراضى به الزوجان بينهما، سواء كان عينا مشخصة في الخارج أم كلية، أم دينا، بشرط أن لا يسقط لقلته أو لتفاهته عن المالية المقصودة بين العقلاء و في نظر أهل العرف، و يصح أن يكون منفعة لشي ء مملوك من دار أو عقار أو بستان، أو عبد، أو غيرها من الأشياء ذات المنافع، و يصح أن يكون منفعة حر كتعليم قراءة أو كتابة أو صناعة أو لغة أو أي عمل من الأعمال، و يصح أن يكون حقا من الحقوق المالية التي تقبل الانتقال كحق التحجير، و تلاحظ المسألة المائتان و السادسة و الثمانون في صداق النكاح المنقطع.

المسألة 338:

إذا كان الزوج مسلما اشترط في المهر أن يكون مما يملكه المسلم، فإذا تزوج المسلم يهودية أو نصرانية و جعل صداقها خمرا أو خنزيرا أو غيرهما مما لا يصح للمسلم أن يتملكه، صح العقد و بطل المهر، فإذا دخل بالمرأة وجب لها مهر المثل بالدخول، و إذا طلقها قبل الدخول بها لم يكن لها شي ء، و كذلك إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول.

و إذا تزوج الرجل المسلم بامرأة مسلمة و جعل صداقها خمرا أو خنزيرا أو شيئا آخر لا يملكه المسلم جرى فيه الحكم المذكور فيصح النكاح و يبطل المهر و يثبت للزوجة مهر المثل بالدخول و لا تستحق عليه من المهر شيئا إذا طلقها قبل أن يدخل بها أو مات أحد الزوجين كذلك، و يرث الباقي من الزوجين صاحبه إذا مات قبله.

المسألة 339:

إذا تزوج الرجل الذمي امرأة ذمية و جعل صداقها ما لا يملكه المسلم صح العقد و صح المهر المجعول فإذا أسلم الزوجان جميعا قبل أن تقبض المرأة صداقها المعين لها من الزوج دفع لها قيمة الخمر أو الخنزير أو غيرهما عند من يستحله، و كذلك إذا أسلمت الزوجة وحدها قبل أن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 123

تقبض المهر فيدفع لها قيمة الشي ء عند من يستحله، و إذا أسلم الزوج وحده قبل أن تقبض الزوجة مهرها، ففيه اشكال، و لا يترك الاحتياط، و ان كان دفع القيمة عند من يستحله كذلك لا يخلو من قوة.

المسألة 340:

إذا ذكر المهر في عقد النكاح بين الزوجين و لم يفوض تقديره الى أحد، فيكفي أن يكون متعينا في الجملة بين المتعاقدين و ان لم يعلما به على وجه التفصيل، و مثال ذلك أن يتزوج الرجل المرأة على صبرة مشاهدة من الطعام أو على قطعة معينة من الذهب أو طاقة حاضرة من الحرير و ان لم يعلم الزوج و الزوجة مقدار ذلك الشي ء المعين بحسب الكيل أو الوزن أو الذرع، و يكفي أن يصفه لها بما يعينه في الجملة عندها كما ذكرنا في مهر المتعة، فإذا حصل التراضي بينهما على ذلك و أجريت صيغة العقد صح النكاح و المهر، فإذا لم يعلم مقداره بعد ذلك على التفصيل و تلف قبل أن تقبضه المرأة، أو طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها رجع الى المصالحة بينهما.

المسألة 341:

إذا تزوج الرجل امرأة و جعل صداقها شيئا مبهما غير معين، فأمهرها أحد هذين العبدين أو إحدى هاتين الدارين لا على التعيين، صح عقده و بطل المهر لعدم التعيين، فإذا دخل بالمرأة ثبت لها مهر المثل، و إذا طلقها أو مات أحد الزوجين قبل الدخول بها لم تستحق شيئا من المهر، و يأخذ الباقي منهما ميراثه من تركة الميت، و إذا أمهرها خادما أو دارا أو بيتا على وجه الإطلاق صح العقد و المهر، و كان لها وسط من ذلك.

المسألة 342:

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 7، ص: 123

إذا عقد الرجل على المرأة و سمى لها ألف دينار مثلا، و سمى لأبي الزوجة أو لأخيها أو لغيرها مبلغا آخر من المال، ثبت للمرأة المبلغ الذي سماه لها، و سقط المبلغ الذي سماه لغيرها، إلا إذا كان ذلك جعالة للشخص على عمل محلل قد قام به، فيثبت المبلغ لذلك الغير، و لا يكون من مهر المرأة و لا تجري عليه أحكام المهر فإذا طلق الرجل المرأة قبل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 124

الدخول بها لم ينتصف المبلغ المذكور كما ينتصف المهر، أو يكون دفع المبلغ المعين الى ذلك الغير شرطا للمرأة على الزوج تشترطه عليه في العقد بحيث يكون حقا لها لا لغيرها تطالب به أو تسقطه إذا شاءت فيثبت المبلغ لذلك الشخص بسبب اشتراط المرأة، و يعد من المهر و تجري عليه أحكامه، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول رجع بنصف ذلك المبلغ إذا كان قد دفعه كما يرجع بنصف ما سماه للمرأة.

المسألة 343:

يصح أن يجعل صداق المرأة كله حالا، و يصح أن يجعل كله مؤجلا، و أن يجعل بعضه حالا و بعضه مؤجلا حسب ما يتراضى عليه الزوجان، و يجوز للمرأة أن تطالب الزوج بالمهر المعجل إذا لم يدفعه إليها.

و المعروف بين الفقهاء قدس اللّه أرواحهم أنه يجوز للزوجة أن تمتنع من تمكين الزوج من نفسها حتى يدفع إليها مهرها المعجل، و نقل بعضهم الاتفاق على ذلك، و قال بعضهم: يجب على الزوج دفع المهر المعجل و يجب على المرأة تمكين الزوج و وجوب أحدهما لا يسقط حق الآخر،

و لا يترك الاحتياط في المسألة.

المسألة 344:

إذا كان بعض الصداق أو جميعه مؤجلا لزم تعيين الأجل، و يكفي التعيين في الجملة كما إذا أجله إلى رجوع زيد من الحج أو الى أن تضع هند حملها أو الى جذاذ ثمرة النخيل في هذا العام، و إذا أجله إلى أجل مبهم ليس فيه تعيين صح العقد و المهر و بطل التأجيل.

المسألة 345:

لا يشترط في صحة العقد الدائم أن يذكر فيه مهر للمرأة المعقودة، فإذا عقدها و لم يذكر لها مهرا صح العقد، و يصح العقد كذلك إذا صرحت المرأة أو صرح وكيلها بذلك فقال للزوج: زوجتك موكلتي فلأنه بلا مهر، و تسمى هذه مفوضة البضع، فإذا دخل الزوج بها بعد العقد ثبت لها مهر المثل، و إذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا مهر لها، و ثبتت لها المتعة، على الموسع قدره و على المقتر قدره، و سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 125

و إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول بالمرأة ورثه صاحبه، و لا مهر للمرأة و لا متعة.

المسألة 346:

مهر المثل هو ما يتعارف دفعه بين الناس لمثل هذه المرأة المعينة في أوصافها التي هي عليها من السن و الجمال، و البكارة، و الشرف، و النجابة، و الأدب، و حسن السلوك، و الثقافة، و الثروة، و حسن التدبير في المنزل، و الصناعة و أضداد هذه الصفات و تلاحظ كذلك أقارب المرأة و عشيرتها و بلدها، و يلاحظ كل ما من شأنه أن يزيد في الرغبة في تزويجها أو يحط منها، و لا يعتبر في مهر المثل أن لا يزيد على مهر السنة على الأقوى، من غير فرق بين المرأة التي تعقد و لا يسمى لها مهر و غيرها ممن يثبت لها مهر المثل.

المسألة 347:

تثبت المتعة للمرأة التي تعقد و لا يسمى لها مهر إذا طلقها زوجها قبل الدخول بها، و المتعة هي أن يدفع إليها الزوج شيئا من المال بحسب حاله من السعة و الإقتار، و قد ذكر في النصوص ان الموسع يمتع مطلقته بالعبد أو الأمة أو الدار، و أن المقتر يمتعها بمقدار من الحنطة أو الزبيب أو بالثوب أو الدراهم أو الخاتم أو الخمار، و ذكر هذه الأمور انما هو من باب المثال، و المراد أن الرجل يعطيها شيئا يناسب مقدرته المالية، و الأحوط في ذلك ان يراعي حالها و شرفها أيضا.

و لا يجب دفع المتعة لغير مفوضة البضع إذا طلقت قبل الدخول.

المسألة 348:

يجوز أن تعقد المرأة و يفوض في العقد تعيين صداقها الى حكم الزوج أو الى حكم الزوجة، فتقول المرأة أو يقول وكيلها للزوج: زوجتك موكلتي فلانة على ما تحكم به أنت من المهر، أو على ما تحكم به هي، فيقول الزوج قبلت، فإذا جعل الحكم في تقدير الصداق الى الزوج، نفذ حكمه في كل ما يعينه من قليل أو كثير، ما لم يسقط لقلته عن المالية، و إذا جعل الحكم في تقديره إلى الزوجة، نفذ حكمها في جانب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 126

القلة بما شاءت ما لم يخرج عن كونه مالا، و نفذ حكمها في طرف الكثرة ما لم تتجاوز به عن مهر السنة و هو خمسمائة درهم من الفضة.

و إذا طلقها الزوج قبل الدخول بها و قبل أن يعين من له الحكم مقدار الصداق، الزم بالحكم و التعيين و يكون للمرأة نصف ما يعين، و إذا كان الحكم للمرأة لم ينفذ حكمها في ما تجاوز مهر السنة كما تقدم.

و إذا مات

من له الحكم منهما قبل أن يعين مقدار الصداق كان للمرأة مهر المثل إذا كان موته بعد الدخول، و ثبتت لها المتعة التي تقدم بيانها إذا كان الموت قبل الدخول، و ورث الباقي من الزوجين صاحبه.

المسألة 349:

إذا تم عقد المرأة على الرجل ملكت المهر كله عاجلة و آجله، و جاز لها أن تتصرف فيه بما شاءت و لا تستقر ملكيتها لجميع المهر الا بالدخول بها، فإذا طلقها الزوج قبل أن يدخل بها عاد اليه نصف الصداق، و كذلك إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول عاد الى الزوج نصف الصداق على الأقوى.

و تستقر ملكية المرأة لجميع المهر بالدخول بها مطلقا، سواء أدخل قبلا أو دبرا و سواء أنزل أم لم ينزل، و لا تكفي الخلوة بينهما و إرخاء الستر.

المسألة 350:

تملك المرأة نماء صداقها كله بمجرد العقد عليها كما تملك الأصل سواء كان النماء متصلا أم منفصلا فإذا كان الصداق دارا أو عقارا كانت منفعتهما للمرأة خاصة و إذا آجرتهما قبل الدخول كان بدل الإجارة ملكا لها، و إذا كان الصداق نخيلا أو شجرا، ملكت ما يتجدد بعد العقد من ثمرة و نمائه، و إذا كان حيوانا أو عبدا مملوكا ملكت ما يتجدد من نتاجه كالولد و اللبن و الكسب و الخدمة، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول رجع بنصف الأصل و لم يرجع بشي ء من النماء، نعم، إذا أصدقها حيوانا حاملا أو شجرا مثمرا بحيث كان حمل الحيوان و ثمر الشجر بعضا من الصداق المسمى ثم طلقها و لم يدخل بها رجع عليها بنصف الجميع من الأصل و النماء المذكور.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 127

و إذا أصدقها حيوانا فسمن الحيوان عندها أو عبدا صغيرا فكبر ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمة الحيوان أو العبد يوم دفعه إليها صداقا، و كانت الزيادة المتجددة فيها ملكا للمرأة خاصة.

المسألة 351:

إذا كان صداق المرأة دينا على الزوج فأبرأت ذمته منه أو كان عينا فوهبته إياها، ثم طلقها قبل الدخول رجع الزوج عليها بنصف المهر، فيجب عليها أن تدفع اليه نصف مثله إذا كان مثليا و نصف قيمته إذا كان قيميا.

المسألة 352:

إذا سمى الرجل للمرأة في العقد مهرا معينا و دفع إليها شيئا آخر عوضا عنه كما إذا أصدقها ألف دينار، و دفع إليها نخيلا أو أرضا بدلا عنه، ثم طلق المرأة قبل الدخول كان له نصف ما سماه لها في العقد، و لم يسترجع من العوض شيئا.

المسألة 353:

إذا طلق الرجل المرأة، فادعت هي أنه جامعها قبل الطلاق و نتيجة دعواها أن يكون طلاقه لها بعد الدخول و انها تستحق المهر كله، و أنكر هو الجماع و لذلك فيكون الطلاق قبل الدخول فليس لها الا نصف المهر، فالقول قول الرجل مع يمينه. و يمكن له في بعض الحالات أن يقيم بينة على كذب دعواها، كما إذا ادعت أنه واقعها قبلا، و كانت باكرة، فإذا أقام البينة على انها لا تزال باكرة، ثبت قوله من غير يمين، و كذلك إذا شهدت البينة بأنهما لم يتلاقيا بعد العقد لأنه كان مسافرا أو مسجونا أو مريضا مثلا.

المسألة 354:

إذا جعل الرجل صداق زوجته عينا مشخصة، دارا أو عقارا أو شبههما فملكت المرأة تلك العين شخصا آخر بأحد المملكات الشرعية ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها، فإذا كان تمليكها العين بناقل لازم كالبيع و الصلح و الهبة اللازمة كان ذلك بمنزلة تلف العين، فيسترد الزوج منها نصف مثل العين إذا كانت مثلية و نصف قيمتها إذا كانت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 128

قيمية، و إذا كان تمليكها بعقد جائز كالهبة غير اللازمة و البيع بخيار، فلا يترك الاحتياط بأن تفسخ المرأة العقد على العين و تدفع الى الزوج نصفها إذا طالبها به.

المسألة 355:

إذا اختلف الرجل و المرأة في مقدار المهر فقالت الزوجة: هو مائة دينار مثلا، و قال الزوج: هو خمسون دينارا، فالقول قول الزوج مع يمينه الا أن تثبت الزوجة صحة ما تقول، و كذلك إذا ادعت دارا أو عقارا أو عينا أخرى أن الزوج قد جعلها مهرا لها في عقد نكاحهما و أنكر الزوج ذلك، فالقول قول الزوج مع يمينه إذا لم تثبت المرأة صحة دعواها.

المسألة 356:

إذا اختلفا في تعجيل المهر و تأجيله فقالت المرأة: انه حال معجل، و قال الزوج: أنه مؤجل، فالقول قول المرأة في نفي الأجل مع يمينها، الا أن يثبت الرجل صحة ما يدعيه، و كذلك الحكم إذا اتفقا على التأجيل و اختلفا في مقدار الأجل، فقالت المرأة: أنه مؤجل إلى سنة، و قال الزوج: هو مؤجل إلى سنتين، فالقول قول المرأة مع يمينها، الا أن يثبت الزوج صحة مدعاه.

المسألة 357:

إذا ادعى الرجل أنه قد دفع الى المرأة مهرها و أنكرت المرأة أنه دفع إليها شيئا منه، أحلفت على عدم التسليم، فإذا حلفت حكم على الزوج بوجوب دفع المهر الا أن يثبت بالموازين الشرعية صحة قوله و كذلك الحكم إذا ادعى أنه دفع إليها المهر كله و هو مائة دينار مثلا، فأقرت له بأنه قد دفع إليها خمسين دينارا و أنكرت أنه دفع الباقي، فيقدم قولها مع يمينها على عدم دفع الباقي.

المسألة 358:

إذا دفع الرجل إلى المرأة مبلغا معينا من المال، ثم اختلفا، فقالت المرأة: انك دفعت لي المبلغ المعين هبة، و قال الرجل: بل دفعته لك صداقا، فإذا كان اختلافهما في ما قصده الزوج حين ما دفع إليها المال،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 129

كان القول في ذلك قول الزوج مع يمينه، فيحلف لها يمينا، و يحكم بكون المبلغ المدفوع لها صداقا، و إذا ادعت المرأة أنه حين ما دفع إليها المبلغ تلفظ بصيغة الهبة، و ادعى الرجل انه قال لها: هو وفاء ما في ذمته من الصداق كان ذلك من التداعي بينهما، فيحلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الآخر و تسقط الدعويان كلتاهما.

المسألة 359:

إذا زوج الأب أو الجد للأب ولده الصغير على مهر معين، فالمهر في مال الولد إذا كان له مال، و في ذمته إذا كان المهر مؤجلا و اقتضت مصلحة الطفل ذلك أو لم تكن فيه مفسدة على الطفل، و إذا زوجه و كان في اشغال ذمة الطفل بالمهر المؤجل مفسدة أو كان المهر معجلا و لم يكن للطفل مال كان المهر على الولي، فإذا مات أخرج من تركته.

المسألة 360:

إذا تبرع أحد عن الزوج بمهر زوجته فدفعه إليها، ثم طلق الرجل زوجته قبل أن يدخل بها استرجع الزوج نصف المهر من الزوجة و لم يرجع الى المتبرع، و كذلك إذا تبرع الولي فدفع المهر عن ولده الصغير أو كان المهر على الولي كما في بعض فروض المسألة السابقة، فإذا بلغ الطفل و طلق زوجته و لم يدخل بها كان نصف المهر للولد لا للولي.

المسألة 361:

يجوز لكل من الرجل و المرأة أن يشترط على الآخر في عقد النكاح بينهما ما يشاء من الشروط المباحة، و التي لا تخالف مقتضى العقد، فإذا تراضى الطرفان على ذلك و تم عليه الإيجاب و القبول لزم الشرط على المشروط عليه و وجب الوفاء به، و إذا لم يف بالشرط كان آثما، الا ان يأذن المشروط له فيسقط حقه برضاه.

و إذا تخلف الشرط أو تعذر وجوده لم يكن للمشترط خيار فسخ النكاح، إلا إذا اشترط وجود بعض الصفات في الزوج أو في الزوجة كما تقدم في فصل العيوب و التدليس، و هذا أحد الفوارق بين النكاح و سائر العقود الأخرى.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 130

المسألة 362:

لا يصح أن يشترط الرجل أو المرأة في عقد النكاح ما يخالف الكتاب و السنة كما إذا اشترطت المرأة على الرجل أن يجعل الطلاق بيدها إذا شاءت، أو ان لا يمنعها من أن تخرج من بيته متى شاءت، أو أن لا يمنعها من صحبة من تريد من رجال و نساء، أو أن لا يجعل لزوجته الأخرى حظا في قسمة الليالي و المضاجعة أو لا يجعل للضمرة نصيبا في النفقة أو ما يشبه ذلك، فإذا اشترطت المرأة أو الرجل في عقد النكاح شيئا من ذلك بطل الشرط و صح العقد و المهر. و إذا اشترطت المرأة عليه أن لا يتزوج عليها زوجة أو لا يتسرى بأمة مملوكة ففي صحة هذا الشرط اشكال، و لا يترك الاحتياط.

المسألة 363:

إذا شرطت المرأة على الرجل في عقد النكاح أن لا يفتضها، صح الشرط و لزم الزوج الوفاء به فلا يجوز له افتضاض بكارتها، و يجوز له ما سوى ذلك من الاستمتاعات، و إذا أذنت له بعد ذلك به جاز له سواء كان زواجهما دائما أم منقطعا.

المسألة 364:

لا يجوز لأحد الزوجين أن يشترط خيار فسخ النكاح لنفسه أو لغيره سواء كان النكاح دائما أم منقطعا، و إذا شرط ذلك بطل الشرط و المشهور بطلان العقد بذلك، و لا يترك الاحتياط بتجديد العقد إذا أراد الإمساك، و بإيقاع الطلاق أو هبة المدة إذا أراد الفراق.

المسألة 365:

يجوز لكل من الزوجين أن يشترط لنفسه الخيار في المهر إذا كان العقد دائما و لا بد و ان تعين للخيار مدة معلومة، فإذا فسخ المهر المسمى بينهما و دخل الزوج بالمرأة قبل ذلك أو بعده وجب عليه أن يدفع للمرأة مهر المثل سواء كان أكثر من المسمى أم أقل، فإذا دخل بها و قد دفع إليها المهر المسمى استرد الزائد منه إذا كان أكثر من مهر المثل و أتمه إذا كان أقل. و إذا طلق الزوجة قبل الدخول بها وجبت لها المتعة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 131

و قد تقدم بيانها في المسألة الثلاثمائة و السابعة و الأربعين، و يسترد المهر المسمى إذا كان قد دفعه إليها.

و لا يجوز اشتراط الخيار في المهر إذا كان العقد منقطعا، و إذا شرطه أحدهما فلا بد من مراعاة الاحتياط الذي ذكرناه في المسألة المتقدمة.

المسألة 366:

إذا شرطت المرأة على الرجل ان لا يخرجها من بلدها أو من أهلها، أو أن تكون إقامتها في بلد خاص أو في منزل معين أو مع جماعة مخصوصين تقيم معهم حيث أقاموا، صح ذلك و لزم على الزوج العمل به.

الفصل التاسع في القسم و المضاجعة

المسألة 367:

الظاهر أنه يثبت للزوجة حق القسم في الليالي للمضاجعة و ان كانت واحدة كما هو القول المشهور و انما يثبت هذا الحق للزوجة الدائمة فلا يجب القسم في الليالي للمتمتع بها و ان كانت طويلة الأجل، و لا للأمة الموطوءة بالملك أو بالتحليل.

المسألة 368:

إذا كانت للرجل زوجة واحدة وجب على الزوج أن يبات معها ليلة واحدة من كل أربع ليال، و تبقى للزوج ثلاث ليال من الأربع يجوز له أن يضعها حيث يشاء، و إذا كانت له زوجتان كانت لهما ليلتان من الأربع لكل واحدة منهما ليلة يضاجعها فيها، و للزوج الليلتان الباقيتان، و إذا كانت له ثلاث زوجات اختصت كل زوجة منهن بليلة، و بقيت له الليلة الرابعة، و يجوز له في هذه الصور أن يفضل بعض زوجاته بالليالي التي يختص بها أو ببعضها فيبات في الليلة أو الليلتين اللتين يختص بهما عند أيهن أراد، و الأفضل التسوية بينهن، فإذا فضل إحداهن في الدور الأول بليلة فضل الثانية في الدور الثاني بليلة ثم الثالثة حتى

كلمة التقوى، ج 7، ص: 132

يتساوين في التفصيل كما تساوين في القسم، و إذا كن أربع زوجات، اختصت كل واحدة منهن بليلة و لم يبق للزوج شي ء، ثم يبتدئ الدور الثاني و يصنع فيه كما صنع في الدور الأول، و هكذا، و لا يجب للزوجة في ليلتها التي تختص بها أكثر من المضاجعة، و اما الجماع فهو الى اختيار الزوج. نعم يجب للمرأة الشابة في كل أربعة أشهر مرة واحدة و هو الأحوط استحبابا لغير الشابة، و قد تقدم ذلك في المسألة الثامنة عشرة.

المسألة 369:

يثبت للزوجة حق القسم في الليالي سواء كان الزوج حرا أم عبدا بل و ان كان خصيا أو عنينا إذا رضيت به المرأة و لم تفسخ عقد النكاح، و سواء كانت الزوجة أو الزوجات حرائر أم مملوكات أم ذميات أم مختلفات، و إذا كان بعض الزوجات حرائر و بعضهن مملوكات أو ذميات كان الدور بينهن من ثمان ليال،

و تكون للحرة المسلمة ليلتان منها، و للمملوكة المسلمة أو الحرة الذمية ليلة واحدة، و يكون باقي الليالي الثمان للزوج يضعها حيث يشاء.

المسألة 370:

يجوز للزوجة أن تسقط حقها من قسمة الليالي، و أن تهبه للزوج ليصرف ليلتها في ما يريد، و يجوز لها ان تهب حقها لبعض ضراتها إذا رضي الزوج بذلك فتكون ليلتها حقا لتلك الضرة، و يجوز لها أن ترجع بهبتها، فيعود الحق لها في ما يأتي من أدوار القسمة، و لا يقضى لها ما مضى من الليالي.

و يجوز للرجل أن يصالح المرأة عن حقها من قسمة الليالي بمبلغ من المال، فتكون ليلتها له خاصة، و يجوز كذلك لبعض ضراتها أن تصالحها عنه إذا رضي الزوج بمصالحتها فيكون الحق لتلك الضرة.

المسألة 371:

إذا تزوج الرجل امرأة باكرة، فله أن يخصها في أول زواجه بها بسبع ليال، و الأحوط أن لا تكون أقل من ثلاث ليال، و إذا تزوج امرأة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 133

ثيبا خصصها بثلاث ليال، ثم عاد الى القسم بين نسائه، و لا يقضى تلك الليالي لزوجاته الأولى.

المسألة 372:

لا يجب القسم من الليالي للزوجة إذا كانت صغيرة لا يجوز وطؤها، أو كانت ناشزة أو مجنونة مطبقة، و لا ذات أدوار في دور جنونها، و يجوز للزوج أن يسافر وحده و لا يصحب معه أحدا من زوجاته، ثم لا يقضي لهن ما فاتهن في أثناء السفر، و إذا صحب بعضهن فلا يقضي للمتخلفات.

الفصل العاشر في النشوز و الشقاق

المسألة 373:

نشوز المرأة هو خروجها عما يجب للرجل عليها من حقوق الزوجية، فإذا منعت زوجها من الاستمتاع بها و لم تمكنه من نفسها و لا عذر لها في ذلك فقد نشزت، و إذا خرجت من بيته بغير اذنه و لو الى بيت أبيها أو قريبها، و لا عذر لها في ذلك فقد نشزت، و إذا عصت أمره أو نهيه في غير معصية اللّه و لا عذر لها في مخالفته فقد نشزت و الأحوط أن لا تجري أحكام النشوز عليها، حتى يتكرر ذلك منها، و يخشى أن يكون عادة لها و دأبا، و لعل ذلك هو المراد في الآية الكريمة و اللاتي تخافون نشوزهن.

المسألة 374:

الزوج المؤمن و الزوجة المؤمنة هما الخلية الموحدة التي تتكون منها الأسرة السعيدة في ظل الإسلام، و ترتكز الوحدة بينهما على الايمان باللّه و بدينه، و السعي الدائب في تطبيق أحكامه، و على الصلة العميقة الحية الواعية التي أنشأها دين اللّه بينهما و أفهمهما روحها و لقنهما تعاليمها و أطعمهما غذاءها و لذذهما و أسعدهما بعطائها.

و من أجل ذلك حث الإسلام الزوج حين ما يختار له زوجة تشاركه الحياة، و حث الزوجة و ولي أمرها حين ما يطلبان لها زوجا يسعدها

كلمة التقوى، ج 7، ص: 134

في البقاء، حثهما أن يكون الدين و الايمان الحي و الخلق الرضي أول ما يفكر الزوج أن يكون موجودا في زوجته، و أول ما تطلبه الزوجة أن يكون مضمونا في زوجها، و ان يكون الجمال و المال و الملذات الأخرى هي آخر ما يبتغيان وجوده أو يفكران فيه، فالدين و الايمان و الخلق الزكي هي الأمور الثابتة التي لا تتحول، و إذا تحولت فالى ما هو أكثر

رقيا و أكثر سعادة، و المال و الجمال و شبههما هي الأمور التي تحول و تتغير، و إذا تغيرت فالى ما هو أكثر تحولا و أشد تغيرا.

و الدين و الايمان و الخلق الرضي حين ما تكون هي الركيزة التي توحد الزوجين و تغمر حياتهما تجعل من العسير أو من المستحيل أن تفكر المرأة أو الرجل في نشوز أو شقاق أو تنكر أو فراق، و كل ما يكون في هذا المجال من ذلك فإنما يكون من أضداد تلك الأمور، من عدم الدين، أو الدين غير الثابت، و من عدم الايمان أو الإيمان غير الواعي، و من عدم الخلق أو الخلق غير الزكي، فتتجاوز المرأة حدودها لبعض الانفعالات الطارئة من غضب و شبهه، أو لدالة منها على الرجل بمال أو بجمال أو لحب غير معتدل من الزوج، و هو على الأكثر يكون لجهل بالحدود الشرعية و ضعف في الخلق الزكي، فتمنع الزوج بعض حقوقه الواجبة عليها و تصر على ذلك فيكون النشوز منها ثم يكون الشقاق.

و يتعالى الرجل برجولته أو بشي ء مما خوله اللّه و أنعم به عليه فيتعدى حدوده مع زوجته الضعيفة، و يغمط حقوقها الواجبة عليه، و يصر على ذلك فيكون النشوز منه ثم يكون الشقاق، و هو في الأكثر أيضا ينشأ من جهل الرجل بحدوده و جهله بحقوق المرأة و جهله بأحكام اللّه التي وضعها لتعيين هذه الحدود و الحقوق أو لضعف ايمانه باللّه الذي شرع هذه الأحكام، و لو لا الجهل و ضعف الايمان و ضعف الخلق ما احتاج الرجل المسلم و لا المرأة المسلمة إلى جعل أحكام للنشوز و لا لنصب حكام للشقاق بين الزوجين.

المسألة 375:

يحسن بالرجل المؤمن حين يتزوج بالمرأة المؤمنة

و يختارها شريكة له في الحياة لأنها مؤمنة، كما أرشده الى ذلك دين اللّه العظيم، ففي الحديث

كلمة التقوى، ج 7، ص: 135

عن أبي جعفر (ع) قال: أتى رجل رسول اللّه (ص) يستأمره في النكاح، فقال (ص): نعم، انكح و عليك بذوات الدين تربت يداك، و قوله (ص) للرجل: تربت يداك كلمة تستعمل العرب أمثالها للحث على الفحص و البحث عن الشي ء قدر ما يستطاع، فهو (ص) يوصي الرجل بالزواج بذوات الدين و بذل المزيد من الجهد في الفحص عنهن للتزويج.

يحسن بالرجل المؤمن حين يقترن بالمرأة المؤمنة أن يغتنم وجودها لديه فرصة يستعرض فيها مع زوجته مقويان العقيدة و مرسخات الايمان و مزكيات الخلق، ليثبت الغرس فيهما معا و يكثر و يطيب النماء و يزداد العطاء، و يستعرضان أحكام الشريعة التي تخص العلاقة الزوجية ليتعرفا ما لكل منهما على صاحبه من الحقوق و ما عليه من الواجبات، فان ذلك أضمن لصلتهما من الوهن، و آمن لحياتهما من الانزلاق و اللّه هو المعين الكافي.

المسألة 376:

إذا تحقق النشوز من المرأة على ما تقدم بيانه في المسألة الثلاثمائة و الثالثة و السبعين، وعظها الزوج و حذرها مغبة ذلك و ذكرها نهي اللّه عنه و تحريمه إياه، و لو بذكر بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن، أو بالاستعانة بغيره ممن يحسن القيام به، و الأحوط له أن يتدرج في الوعظ من اللين الى الشدة بحسب مراتب النهي عن المنكر، فإذا لم يؤثر ذلك في ردعها، هجرها في المضجع، فيوليها ظهره في المنام و يبدي عدم الاهتمام بها، أو يعتزل فراشها، متدرجا كذلك من الأخف إلى الأشد، فإذا لم ترجع عن نشوزها جاز له ضربها متدرجا في ذلك، و لا

يضربها الضرب المبرح، و هو الذي يدمي اللحم أو يلون الجسد، و لا يضربها بقصد التشفي و الانتقام منها، بل بقصد الردع و التأديب، فان ذلك هو مقتضى القوامة للزوج و الإصلاح لخطأ الزوجة.

المسألة 377:

إذا ظهرت من المرأة علامات النشوز، و لم يتحقق بالفعل خروجها عن الطاعة الواجبة عليها، كما إذا غيرت آدابها المعتادة مع الزوج، أو أبدت العبوس و التقطيب أمامه، أو أظهرت التثاقل و التبرم في

كلمة التقوى، ج 7، ص: 136

حوائجه بعد ما كانت على خلاف ذلك، وعظها و حذرها عقبى هذا السلوك كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فإذا لم يجد ذلك في إصلاحها جاز له هجرها، و لم يجز له ضربها حتى يتحقق النشوز على ما سبق بيانه.

المسألة 378:

إذا حصلت بالضرب جناية على المرأة أو إتلاف لبعض أموالها وجب على الزوج الغرم فيضمن أرش الجناية و بدل المال التالف، و إذا كانت الجناية عن عمد ثبت لها أو لوليها حق القصاص.

المسألة 379:

لا يتحقق النشوز من المرأة إذا خرجت عن الطاعة في شي ء لا يجب عليها القيام به و مثال ذلك ان تمتنع عن الطبخ أو عن كنس المنزل أو عن تمهيد الفراش أو عن غسل الثياب، أو من بعض حوائج الرجل التي لا تجب عليها و ان كان ذلك على خلاف عادتها معه.

المسألة 380:

إذا تحقق النشوز من الرجل فمنع الزوجة بعض حقوقها الواجبة عليه من قسمتها في الليالي أو من النفقة أو غير ذلك مما يجب عليه القيام به، جاز للمرأة أن تطالبه بحقها الممنوع و تحذره نتائج ذلك و عقباه و تخوفه عقوبة اللّه سبحانه في مخالفة أمره و نهيه و يمكنها أن تستعين بغيرها في وعظه و تحذيره و تذكيره، فإذا لم يؤثر ذلك شيئا رفعت الأمر إلى الحاكم الشرعي، فإذا أثبتت نشوز الرجل عند الحاكم زجره عن تعديه و مخالفته لما يجب عليه، فان لم ينفع ذلك عزره بما يراه، و ألزمه القيام بالحقوق، و إذا امتنع عن الإنفاق على المرأة تولى الحاكم الإنفاق عليها من مال الزوج و لو ببيع بعض ممتلكاته.

المسألة 381:

إذا كره الرجل صحبة المرأة لكبر سنها مثلا فهم بطلاقها أو أراد التزويج عليها، أو هم بشي ء آخر يباح له و لكنه يضايقها كابعادها عن أهلها، أو إسكانها في موضع لا ترغب السكنى فيه، فللزوجة أن تبذل له بعض المال أو تترك له بعض حقوقها الواجبة عليه كالقسمة من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 137

الليالي و النفقة، لئلا يطلقها، أو لئلا يتزوج عليها، أو لا يفعل الأمر الذي يضايقها فيه، و يجوز للزوج أن يقبل ذلك منها.

و إذا أساء الرجل معاشرة المرأة و ترك بعض حقوقها الواجبة عليه أو آذاها بالضرب و الشتم و الإهانة، فبذلت له بعض المال أو تركت له بعض الحقوق ليمسك عن أذاها أو لتتخلص بذلك من سوء معاشرتها، أو ليقوم بما ترك من الحق الواجب لها لم يحل للزوج أخذ شي ء من ذلك، و إذا أخذه كان غاصبا آثما.

المسألة 382:

إذا كره كل من الزوجين صاحبه و خيف وقوع الشقاق بينهما، و رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي، أنفذ الحاكم حكما من أهل الزوج و حكما من أهل الزوجة ممن يعتمد عليه في حل مثل هذه المشكلات و عدم التحيز بغير حق لينظرا في أمر المتنازعين و يحلا مشكلتهما، و إذا تعذر وجود الحكمين من أهليهما أنفذ حكمين أجنبيين على الأحوط، و إذا تعذر الحكم من أهل أحدهما أنفذ عنه حكما أجنبيا.

و يجب على الحكمين أن يبذلا وسعهما في استيضاح سبب المنافرة بين الزوجين، فينفرد حكم الزوج بالزوج و يستقصي بالسؤال منه عن الأشياء التي تدور في نفسه حول المشكلة، و ينفرد حكم الزوجة بالزوجة كذلك، ثم يجتمع الحكمان ليتفاهما و لا يخفي أحدهما من معلوماته شيئا عن صاحبه، و يتفاهمان في

الأمر مبلغ طاقتهما، فإذا استقر رأيهما على الصلح بين الزوجين، و حكما به نفذ حكمهما على الزوجين و لزمهما الرضا بكل شرط يشترطه الحكمان عليهما أو على أحدهما إذا كان سائغا، كما إذا شرطا على الرجل أن يسكن المرأة في بلد معين أو في منزل مخصوص أو مع أناس معينين، أو شرطا عليه أن لا يسكن المرأة مع ضرتها أو مع بعض أقاربه في منزل واحد، أو أن يدفع لها مبلغا من المال، مع قدرته على إنفاذ شرطهما، و كما إذا شرطا على المرأة ان تؤجل بعض ديونها الحالة على الرجل من صداق أو غيره، أو أن تمتنع من صحبة من يتهمهم الزوج بأنهم يفسدون أمرها، أو أن تترك بعض الخصال التي يمقتها الزوج فيها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 138

و لا ينفذ قولهما إذا شرطا أمرا غير سائغ في الشريعة، و مثال ذلك أن يشترطا على الزوج أن لا يقسم لزوجته الأخرى من الليالي أو أن لا ينفق عليها، أو أن تخرج المرأة من بيته بغير اذنه متى أرادت و اين أرادت.

المسألة 383:

إذا استقر رأي الحكمين على أن يفرقا بين الزوجين لم يصح ذلك و لم ينفذ الا بعد أن يستأمراهما في ذلك، و يرضى الزوج بالطلاق و ترضى الزوجة بالبذل إذا كان خلعا أو مباراة.

و يمكن للحكمين ان يشترطا ذلك على الزوجين في أول التحكيم، فيقولا لهما مثلا: نحن حكمان شرعيان في أمركما، و قولنا نافذ في شأنكما إن شئنا جمعنا بينكما و ان شئنا فرقنا، فإذا رضي الزوجان بشرطهما صح و يمكن لهما أن يستأمرا الزوجين في هذه الصورة أيضا بعد أن يتفقا على الفرقة.

و التفريق الذي يوقعه الحكمان بين الزوجين انما هو

طلاق أو خلع، و لذلك فلا بد من اجتماع شرائط الطلاق أو الخلع، فلا بد من أن تكون المرأة في طهر لم يواقعها الزوج فيه، و لا بد من صيغة الطلاق أو الخلع من حكم الزوج و حضور شاهدين عادلين يسمعان الصيغة، و هكذا في بقية الشرائط المعتبرة، و لا يصح التفريق من الحكمين إذا هما اختلفا في ذلك، بل و لا حكم لهما في غير التفريق أيضا مع اختلافهما.

المسألة 384:

من أهم ما يوجب النجح للحكمين في سعيهما أن يخلصا نيتهما في إرادة الإصلاح في عملهما كما يرشد اليه قوله تعالى في آية التحكيم (إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً خَبِيراً).

كلمة التقوى، ج 7، ص: 139

الفصل الحادي عشر في أحكام الأولاد

المسألة 385:

يلحق الولد شرعا بالزوج إذا اجتمعت ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يدخل الرجل بالأم بحيث يعلم أنه أنزل فيها أو يحتمل ذلك، أو ينزل ماءه على فرج المرأة أو حواليه بحيث يحتمل تسرب الماء داخل الفرج، و يلحق بذلك ان تستدخل نطفة الزوج في المرأة بإبرة أو أنبوب صناعي و نحوهما من الوسائل التي تعد لذلك.

الشرط الثاني: أن تمضي مدة ستة أشهر أو أكثر من حين وطء الزوج الآنف بيانه أو ما هو بحكمه الى وقت ولادة الطفل.

الشرط الثالث: أن لا يتجاوز ما بينهما أقصى مدة الحمل، و هو سنة على الأقوى، و القول المشهور بين الفقهاء أن أقصى مدته تسعة أشهر، و قيل هو عشرة أشهر.

فلا يلحق الولد بالزوج إذا انتفى واحد من الشروط المذكورة، فلا يكون الولد ولدا له شرعا إذا انتفى الوطء على الوجه المتقدم ذكره أو ما هو بحكم الوطء، و لا يكون ولده شرعا إذا تولد طفلا حيا كاملا قبل أن تمضي على حمله ستة أشهر من حين الدخول بأم الولد أو ما هو بحكم الدخول، و لا يكون ولده شرعا إذا ولد الطفل بعد ما تجاوز سنة من حين دخول الزوج بأم الطفل أو ما هو بحكم دخوله بها، كما إذا اعتزل الرجل عنها أكثر من سنة أو غاب عنها أو سجن كذلك ثم ولدت الطفل بعد ذلك.

المسألة 386:

إذا اجتمعت الشروط الثلاثة المذكورة لحق الولد بالرجل شرعا و لم يجز للرجل ان ينفيه عن نفسه و ان علم بأن المرأة قد فجرت أو وطئت بشبهة في ذلك الوقت أو اتهمها بالفجور، أو كان قد عزل عنها في جماعة لها من غير فرق بين أن يكون نكاحهما دائما أو بالمتعة فيكون

آثما في جميع ذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 140

المسألة 387:

إذا نفى الرجل الولد عن نفسه مع اجتماع الشرائط الآنف ذكرها و كان نكاحه للزوجة دائما لم ينتف الولد عنه الا باللعان، ما بينه و بين الزوجة، و إذا نفاه مع اجتماع الشرائط و كان النكاح منقطعا انتفى الولد عنه بحسب الظاهر من غير لعان، نعم إذا ادعت الأم المتمتع بها صحة نسبة الولد اليه، كان على الرجل اليمين في نفي دعواها إذا لم تكن لها بينة على الإثبات، و كذلك إذا ادعى الولد بعد كماله صحة نسبه الى الرجل و أنكر الرجل ذلك كان عليه اليمين، و يلاحظ ما سيجي ء من التفصيل في كل من الزوجة الدائمة و المنقطعة في كتاب اللعان.

المسألة 388:

إذا نفى الرجل ولد الزوجة المتمتع بها عن نفسه و علم من القرائن أو من تصريحه أو بشهادة بينة على قوله انه يحتمل ان الولد ولده ألحق الولد به شرعا و كان نفيه ملغى و قد تقدم هذا في المسألة المائتين و التاسعة و التسعين.

المسألة 389:

الوطء مع الشبهة كالوطء في النكاح الصحيح يلحق معه الولد بالواطي المشتبه إذا ولد بعد مضي ستة أشهر أو أكثر من حين الوطء و لم يتجاوز أقصى مدة الحمل و هو سنة كما تقدم بيانه.

المسألة 390:

إذا كانت المرأة زوجة شرعية لرجل و وطأها رجل آخر مع الشبهة ثم ولدت طفلا، و توفرت شروط الإلحاق بكل من الرجلين، أقرع بينهما و ألحق الولد بمن تعينه القرعة منهما.

المسألة 391:

إذا كانت المرأة ذات عدة رجعية و وطأها رجل آخر مع الشبهة ثم ولدت طفلا و توفرت شروط الإلحاق بكل من الزوج المطلق لها و الرجل الذي وطأها شبهة أقرع بينهما كما في ذات البعل و الحق الولد بمن تعينه القرعة، و كذلك الحكم في المرأة إذا وطأها رجلان مع الشبهة، و توفرت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 141

شرائط الإلحاق بكلا الرجلين، فيقرع بين الرجلين، فمن أخرجته القرعة لحق به الولد.

المسألة 392:

إذا عقد الرجل على امرأة فحملت المرأة بعد العقد، أو ولدت طفلا بعد مدة، فادعت المرأة أن الرجل قد دخل بها لتلحق به الولد، و أنكر الرجل انه قد دخل بها، فالقول قول الرجل مع يمينه، و كذلك إذا أتته زوجته المدخول بها بولد و ادعت أنها ولدت الطفل منه، و أنكر الزوج أنها ولدت الطفل و انما هو ولد آخرين قد تبنته، فليس الولد لهما، فالقول قول الزوج مع يمينه الا أن تثبت صحة ما تدعيه.

المسألة 393:

إذا ولدت زوجة الرجل طفلا و اعترف الرجل بأنه قد دخل بالمرأة، و ادعى أنها ولدت الطفل قبل أن تمضي على دخوله بها ستة أشهر، أو ادعى أنها ولدته بعد أن تجاوزت أقصى مدة الحمل من حين جماعه إياها، و أنكرت المرأة ذلك، فالقول قول المرأة مع يمينها، فإذا حلفت لحق به الولد و لم ينتف عنه الا باللعان.

المسألة 394:

إذا طلق الرجل زوجته و اعتدت منه ثم تزوجت رجلا غيره، و أتت بولد حي كامل، و تردد الأمر في إلحاق الولد بأي الرجلين، فالصور المحتملة في ذلك أربع، و لكل صورة منها حكمها.

الصورة الأولى: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الأول للمرأة آخر مرة و ولادة الطفل قد تجاوزت أقصى مدة الحمل و هو سنة، و تكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني و ولادة الطفل تبلغ ستة أشهر أو أكثر، و الولد في هذه الصورة يلحق شرعا بالزوج الثاني.

الصورة الثانية: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الأول في آخر مرة و ولادة الطفل لا تتجاوز أقصى مدة الحمل، و تكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني إياها و ولادة الطفل ستة أشهر أو أكثر، و الولد في هذه الصورة يلحق شرعا بالزوج الثاني كذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 142

الصورة الثالثة: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الأول و ولادة الطفل لا تتجاوز أقصى مدة الحمل، و تكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني و ولادة الطفل دون ستة أشهر، و الولد في هذه الصورة للزوج الأول، و يعلم من ذلك أن عقد الرجل الثاني و وطأه المرأة قد وقعا في أثناء العدة من الأول، و لذلك فتحرم المرأة على الثاني تحريما

مؤبدا.

الصورة الرابعة: أن تكون المدة ما بين وطؤ الزوج الأول و ولادة الطفل تتجاوز أقصى مدة الحمل، و تكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني و ولادة الطفل أقل من ستة أشهر، و الولد في هذه الصورة لا يلحق شرعا بالزوج الأول و لا بالزوج الثاني.

المسألة 395:

إذا وطأ المالك أمته أو زوجها فوطأها الزوج، ثم باعها المالك فوطأها المشتري أو زوجها المشتري من أحد فوطأها زوجها الجديد، فأتت بولد و تردد الأمر في إلحاق الولد بأي الواطئين، فتجري فيه الصور الأربع التي تقدم تفصيلها و تثبت لكل صورة منها حكمها، و نظير ذلك ما إذا طلق الرجل زوجته ثم وطأها بعد الطلاق رجل آخر وطء شبهة، و أتت بولد تردد الحاقه بأيهما، فتجري فيها الصور الأربع و أحكامها.

المسألة 396:

لا يجوز للرجل أن يلحق ولد الزنا بنفسه و ان كان هو الزاني، كما إذا أحبل المرأة من الزنا ثم تزوجها، أو أحبل الأمة من الزنا ثم اشتراها.

المسألة 397:

إذا وطأ السيد أمته بملك اليمين لحق به الولد شرعا و لا يجوز له نفيه عنه، و إذا نفاه عن نفسه قبل نفيه من غير لعان، و إذا كان قد اعترف بالولد لم يقبل منه نفيه بعد ذلك.

المسألة 398:

إذا وطأ السيد أمته و حملت و تمت شروط إلحاق الولد بالمولى لحق به الولد شرعا و ان كانت الأمة قد زنت قبل ذلك أو بعده.

المسألة 399:

إذا وطأ رجل أمة غيره مع الشبهة فحملت منه لحق الولد شرعا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 143

بالواطي، و يجب على الأمة أن تعتد من وطئه، و إذا كانت ذات زوج وجب على زوجها أن يعتزلها ما دامت في العدة فإذا انقضت عدتها ردت الى الزوج.

المسألة 400:

لا يجوز للمرأة أن تلقح نفسها تلقيحا صناعيا بمني غير زوجها، بأن تستدخله فيها بتوسط إبرة حاقنة أو أنبوب صناعي و نحوهما، و تأثم إذا فعلت ذلك، فإذا حملت منه لحق الولد بها و بصاحب المني، فلا يصح النكاح بين الولد و بينهما، و لا بينه و بين أولادهما أو اخوانهما أو أخواتهما، و هكذا في بقية المحارم، و إذا كان التلقيح بمني زوجها المعقودة عليه لحق الولد بالزوج و الزوجة و لا اثم عليها في ما فعلت.

المسألة 401:

إذا ولدت امرأتان ولدين في موضع واحد كما قد يتفق ذلك في مستشفيات الولادة أو مواضع التوليد الأخرى، و اشتبه طفل احدى المرأتين بالآخر و لم يمكن التمييز، رجع الى القرعة في التعيين، فيدفع لكل امرأة منهما من تعينه القرعة لها من الطفلين، سواء كانت المرأتان زوجتين لرجل واحد أم كان لكل واحدة زوج.

الفصل الثاني عشر في الولادة و ما يتبعها

المسألة 402:

يجب أن تتولى النساء خاصة شؤون المرأة عند ولادتها، و لا يجوز أن يتولى ذلك غير الزوج من الرجال إذا لازم ذلك اطلاعهم على ما يحرم اطلاعهم عليه، أو اقتضى المباشرة له بلمس و نحوه، إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك كحضور طبيب أو موظف صحي خاص، فيباح ذلك للضرورة و يقدر الجواز بقدرها.

المسألة 403:

يستحب غسل المولود بعد ولادته إذا أمن من ضرر ذلك، و يستحب أن يؤذن في أذنه اليمنى و يقام في أذنه اليسرى، ففي الحديث انه عصمة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 144

له من الشيطان الرجيم، و يستحب تحنيكه بماء الفرات و تربة الحسين (ع) فيخلط الماء بشي ء من التربة و يدخل الى حنكه و هو أعلى داخل فمه.

المسألة 404:

ينبغي أن يسمى الطفل الذكر عند ولادته محمدا إلى مدة سبعة أيام، ثم ان شاء الأب أو غيره أن يغير اسمه بعد ذلك و ان شاء أبقاه، و يستحب أن يختار له بعض الأسماء الحسنة و قد ورد عنهم (ع) ان ذلك من حقوق الولد على والده، و يستحب أن يختار له كنية، و إذا كان اسم الطفل محمدا فلا يكنه بأبي القاسم، و يستحب أن يحلق رأس الطفل في اليوم السابع من ولادته و ان يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، و يستحب ختانه فيه.

المسألة 405:

تستحب الوليمة عند ولادة المولود، و يجوز له أن يؤخر الوليمة عن يوم ولادته بأيام، و تستحب الوليمة أيضا عند الختان، و إذا ختن المولود في اليوم السابع أو قبله و أو لم عند الختان بقصد امتثال الاستحباب للولادة و للختان معا فقد حصل الامتثال لهما.

المسألة 406:

يجب ختان الولد الذكر، و إذا لم يختن حتى بلغ وجب عليه أن يختن نفسه، بل و يجب على الأحوط ان لا يترك الولي ختان الصبي الى ما بعد بلوغه، فإن أخره من غير عذر حتى بلغ الصبي عصى الولي بذلك على الأحوط، و وجب على الولد أن يختتن كما ذكرنا.

المسألة 407:

إذا أسلم الكافر و هو غير مختون وجب عليه أن يختن نفسه مهما بلغ من العمر و ان كان شيخا كبيرا و إذا أدركته المنية قبل ختانه سقط وجوب الختان بالموت، و أثم بالتأخير إذا كان عامدا بتركه في حياته.

المسألة 408:

الختان واجب نفسي كما تقدمت الإشارة إليه، فيأثم المكلف الذكر إذا ترك نفسه غير مختون، و هو شرط في صحة الطواف، سواء كان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 145

في حج أم في عمرة، واجبين أم مندوبين، فإذا طاف الرجل و هو غير مختون بطل طوافه، و لا تبطل صلاة الرجل و لا سائر عباداته إذا أتى بها و هو غير مختون، إلا إذا أوجب ذلك خللا في طهارته من النجاسة أو في غسله من الجنابة فتبطل صلاته من هذه الناحية.

المسألة 409:

الحد اللازم في الختان على الأحوط ان تقطع الجلدة الساترة للحشفة حتى تبدو الحشفة كلها نعم لا يقدح بقاء بعض الجلدة إذا كانت الحشفة ظاهرة، و إذا ولد الطفل و لا غلفة له كفى ذلك في ختانه، و يستحب إمرار الموسى على الموضع لإصابة السنة كما جاء في الحديث.

المسألة 410:

يستحب خفض الجواري، بل ورد أنه فيهن من المكرمات، و الخفض في الإناث كالختان في الذكور، و ينبغي للمرأة الخافضة أن لا تستأصل.

و أن يكون لسبع سنين من عمر الفتاة.

المسألة 411:

يستحب العقيقة عن المولود استحبابا مؤكدا، و أن تكون في اليوم السابع من ولادته، و لا يسقط استحباب العقيقة إذا تأخرت عن اليوم السابع لعذر أو لغير عذر من غير فرق بين المولود الذكر و الأنثى، و إذا لم يعق عنه في صغره حتى كبر استحب له أن يعق عن نفسه مهما بلغ من العمر، بل تستحب العقيقة عنه بعد موته إذا لم يعق عنه في حياته.

المسألة 412:

يستحب أن يعق عن المولود الذكر بذكر، و عن المولودة الأنثى بأنثى، و أن تكون العقيقة سمينة سالمة من العيوب، و لا بد و أن تكون من الأنعام الثلاثة: الإبل و البقر و الغنم، و في النصوص هي شاة لحم يجزي فيها كل شي ء، و ان خيرها أسمنها، و يستحب أن يقطعها جداول و ان لا تكسر العظام، و لا يكره ذلك.

و الأفضل أن تطبخ و أن يدعى عليها جماعة من المؤمنين، و أن يكون عدد المدعوين عشرة فما زاد، و الأفضل أن يكون طبخها بماء و ملح،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 146

و يجوز له أن يفرقها لحما، و الأفضل في هذه الصورة أن يعطي القابلة الربع من العقيقة و في بعض النصوص أنها تعطي الرجل و الورك، و إذا أعطاها الربع الذي فيه الرجل و الورك فقد عمل بالاستحبابين و يقسم الباقي من لحمها على المحتاجين من المؤمنين.

المسألة 413:

يكره للأب أن يأكل من عقيقة ولده، بل و يكره أن يأكل منها أحد من عيال الأب، و الأحوط أن لا تأكل منها أم الطفل، بل لا يترك هذا الاحتياط.

المسألة 414:

لا يجزي عن العقيقة أن يتصدق على الفقراء بثمنها، فإذا عجز عن تحصيلها أخرها حتى يتمكن، و في الحديث: الولد مرتهن بعقيقته فكه أبواه أو تركاه، و فيه أيضا: إذا ضحي عنه أو ضحى الولد عن نفسه فقد أجزأه عن عقيقته.

المسألة 415:

لا يجب على أم الطفل أن ترضع ولدها إذا لم ينحصر قوته برضاعها، كما إذا وجدت له مرضعة غيرها أو أمكن سقيه اللبن و ان كان صناعيا أو مستحضرا طبيا آخر يقومان بالحاجة، أو أمكن سقيه غير اللبن مما يتقوت به الطفل، فيجوز لها ان تمتنع عن إرضاعه في هذه الحالات و لها أن تطلب الأجرة عليه.

و إذا انحصر قوت الطفل بإرضاع أمه و لم يكن له قوت غيره، وجب عليها إرضاعه و لكن تجوز لها المطالبة بالأجرة كذلك، فتدفع لها من مال الطفل إذا كان له مال، و إذا لم يكن للطفل مال دفعت الأجرة لها من مال الأب إذا كان موسرا، و إذا لم يكن له أب أو كان الأب معسرا دفعت من مال جدة للأب، الأقرب فالأقرب إذا كان موسرا.

المسألة 416:

إذا انحصر قوت الطفل بإرضاع أمه و لم يكن للطفل مال، و لم يكن له أب و لا جد، أو كانا غير موسرين وجب على الأم إرضاعه مجانا،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 147

و تتخير بين إرضاعه بنفسها و استيجار مرضعة له أخرى، أو تحصيل أية وسيلة أخرى لقوته، و يكون ذلك من مال الأم فإن الطفل يكون واجب النفقة عليها في هذه الحال.

المسألة 417:

إذا تبرعت الأم بإرضاع ولدها أو طلبت من الأجرة عليه مثل ما يطلبه غيرها من المرضعات أو أقل منه كانت الأم أحق بإرضاعه فلا يجوز لأبي الطفل أن يسترضع له سواها، و ان كانت المرضعة الأخرى و الأم كلتاهما متبرعتين.

و إذا تبرعت غير الأم بإرضاع الطفل و طلبت الأم عليه الأجرة، أو طلبت من الأجرة ما يزيد على المرضعة الأخرى صح للأب أن يأخذ الطفل من أمه و يدفعه الى تلك المرضعة، و الظاهر سقوط حق حضانة الأم أيضا بذلك كما سقط حق الرضاع، و ان كان الأحوط مراعاة حق الأم في الحضانة مع الإمكان فيدفع الطفل إليها لتحضنه في غير أوقات الرضاع.

المسألة 418:

لبن الأم أفضل ما يرتضعه الطفل و أعظمه بركة عليه فلا ينبغي أن يقدم عليه غيره، الا إذا كانت المرضعة الثانية أشرف نسبا أو أحسن دينا أو أزكى خلقا.

المسألة 419:

حد الرضاعة حولان كاملان أربعة و عشرون شهرا، و تجوز الزيادة على ذلك، و يجوز أن ينقص عنه فيفصل الطفل و له أحد و عشرون شهرا، و لا يفطم قبل ذلك لغير ضرورة تقتضيه فإنه من الجور على الصبي كما ورد في الحديث.

المسألة 420:

أم الطفل أحق بحضانة ولدها و تربيته و القيام بشؤونه و صيانته و حفظه إذا شاءت ذلك من غير فرق بين أن يكون الطفل ذكرا أو أنثى.

و انما يثبت لها حق الحضانة بشرط أن تكون حرة مسلمة عاقلة، و الأحوط أن تكون مأمونة، فلا تثبت الحضانة لها إذا كانت أمة مملوكة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 148

أو كانت كافرة و الولد لمسلم، أو كانت مجنونة، أو غير مأمونة، و يسقط حقها من الحضانة إذا شاءت إسقاط حقها منها.

المسألة 421:

إذا توفرت الشروط المذكورة في الأم ثبت لها حق الحضانة، و لم يجز للأب أن ينتزع الطفل منها إلى نهاية مدة رضاعه سنتين كاملتين، ثم الى أن يبلغ الطفل سبع سنين على الأحوط، و خصوصا في الأنثى، بل لا يترك الاحتياط بالتصالح مع المرأة عن حقها إذا أراد الأب أن يأخذ الطفل منها قبل ذلك.

نعم إذا طلبت الأم أجرة على رضاع الولد مع وجود مرضعة أخرى متبرعة أو أقل منها في الأجرة سقط حقها من الرضاع و حقها من الحضانة كما ذكرناه في المسألة الأربعمائة و السابعة عشرة، و قد قلنا ان الأحوط مراعاة هذا الحق مع الإمكان.

المسألة 422:

إذا فسخ الرجل نكاح الزوجة أو طلقها طلاقا رجعيا أو بائنا و كانت الزوجة ذات طفل منه، لم يسقط بذلك حق المرأة من حضانة ولدها، إلا إذا تزوجت غيره بعد ذلك، فإذا تزوجت غيره سقط حقها من حضانة ولد الأول، ثم لا تعود الحضانة إليها إذا فارقها الزوج الثاني، و الأحوط المصالحة.

المسألة 423:

لا يسقط حق المرأة في حضانة ولدها إذا هي زنت سواء كانت باقية في عصمة الزوج أبي الطفل أم فارقته بطلاق أو فسخ.

المسألة 424:

الأب أحق بولده بعد أن تنتهي مدة حضانة الأم الى أن يبلغ الولد و يرشد، فإذا بلغ و رشد كان له الحق أن يلتحق بمن يشاء الالتحاق به من الأبوين أو غيرهما أو يختار الاستقلال و لا فرق في ذلك بين الذكر و الأنثى.

و الأب أحق بولده كذلك إذا لم تتوفر في الأم شروط الحضانة في مدة الحضانة، و إذا تركت حضانته باختيارها، و إذا سقطت حضانتها بأحد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 149

الأمور المسقطة لهذا الحق، و قد ذكرناها في المسائل المتقدمة، و الأب أحق بولده كذلك إذا ماتت الأم في أيام حضانتها.

المسألة 425:

الظاهر أن حق الأب في هذه الموارد الآنف ذكرها حكم شرعي، فلا يسقط بإسقاطه.

المسألة 426:

انما ينتقل حق الحضانة إلى الأب في الموارد المذكورة إذا كان حرا مسلما عاقلا، فلا ينتقل حق الحضانة إليه إذا كان مملوكا أو كان كافرا و الولد مسلم، أو كان الأب مجنونا، و تكون الأم أولى بالولد الى أن يبلغ و ان تزوجت.

المسألة 427:

إذا مات الأب في أيام حضانته للولد، فالأم أولى به من الجد أبى الأب و من وصي الأب و أقاربه جميعا.

المسألة 428:

إذا فقد الأب و الأم معا، ففي ثبوت حق حضانة الطفل للجد أبى الأب إشكال، و كذا في وصي الأب و وصي الجد، و الأقرب من الأقارب.

الفصل الثالث عشر في نفقة الزوجة

اشارة

النفقات التي تجب على الإنسان ثلاثة أنواع (1): نفقة الزوجة، (2): نفقة الأقارب، (3): نفقة المماليك و البهائم.

المسألة 429:

يجب على الرجل القيام بنفقة زوجته إذا كان الزواج بينهما دائما، سواء كانت الزوجة مسلمة أم ذمية و سواء كانت حرة أم أمة، و لا تجب عليه نفقة الزوجة إذا كان النكاح منقطعا، و لا نفقة للزوجة في المدة التي تكون بين العقد و الزفاف على الزوج، و خصوصا إذا كانت الزوجة صغيرة لا يبلغ عمرها تسع سنين.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 150

المسألة 430:

القول المشهور بين الفقهاء قدس سرهم انه لا نفقة للزوجة إذا نشزت عن طاعة الزوج، و هذا الحكم على إطلاقه محل اشكال، نعم يسقط وجوب نفقتها عن الرجل إذا خرجت عن منزله من غير اذنه و دون مسوغ شرعي ما دامت خارجة عنه فإذا استمر خروجها مدة فلا نفقة لها في تلك المدة و ان طالت، سواء كانت في سفر أم حضر، و سواء سكنت مع أهلها أو غيرهم في منزل آخر أم لا، فإذا رجعت الى زوجها وجبت النفقة عليه.

المسألة 431:

تجب نفقة الزوجة على الرجل إذا زفت اليه و ان كانت مراهقة، بل و ان كانت محرمة الوطء لصغر سنها، أو كان فيها أحد العيوب الموجبة لجواز الفسخ إذا رضي الزوج بها و لم يفسخ العقد و لم يدخل.

و لا يبعد عدم وجوب النفقة على الزوج إذا كان صغيرا غير قابل للاستمتاع بالمرأة، و ان زفت الزوجة اليه و كانت مراهقة أو كبيرة، و إذا كان مراهقا قابلا للاستمتاع بالمرأة و زفت اليه زوجته و هي مراهقة أو كبيرة فلا يترك الاحتياط بالإنفاق عليها.

المسألة 432:

لا تسقط نفقة الزوجة إذا سافرت و كان سفرها باذن زوجها، سواء كان السفر واجبا أم مندوبا أم مباحا، و لا تسقط نفقتها كذلك إذا سافرت بغير اذنه في سفر واجب مضيق كالسفر لحجة الإسلام و السفر للحج المنذور المعين، إذا كان نذرها للحج باذن زوجها.

و إذا سافرت في واجب موسع كالحج المنذور مطلقا و الزيارة أو العمرة المنذورين مطلقا و كان سفرها بغير اذن الزوج، فالظاهر سقوط نفقتها بذلك.

المسألة 433:

يحرم على المرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير اذنه و دون عذر شرعي لخروجها كذلك، سواء كان الخروج منافيا لحق استمتاع الزوج بها أم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 151

لا، و يثبت بذلك نشوزها و تسقط به نفقتها كما تقدم، و لا يجب عليها أن تستأذن من الزوج في سائر الأفعال الأخرى، و إذا فعلت شيئا من ذلك بغير اذنه لم يكن محرما إذا لم يناف حق الاستمتاع.

المسألة 434:

تجب على الرجل نفقة مطلقته الرجعية الى أن تنقضي عدتها منه سواء كانت حاملا أم حائلا، إلا إذا كانت ممن لا نفقة لها كما إذا خرجت من بيت زوجها بغير اذنه فسقطت نفقتها بسبب ذلك ثم طلقت قبل أن تعود و تتوب من نشوزها، فلا تكون لها نفقة في هذه الحالة، و إذا رجعت و تابت ثبتت لها النفقة، و ان كانت توبتها و رجوعها بعد الطلاق، كما هو الحكم في غير المطلقة.

المسألة 435:

يجب الإنفاق على المطلقة البائنة إذا كانت حاملا من المطلق، فينفق عليها حتى تضع حملها، و لا تجب النفقة للمطلقة البائنة غير الحامل منه، و لا للبائنة بغير الطلاق، سواء كانت حاملا أم حائلا، و لا لذات العدة من النكاح المنقطع و ان كانت حاملا، و لا للمعتدة عدة الوفاة و ان كانت حاملا كذلك، فلا نفقة لها في تركة زوجها و لا في نصيب الجنين الذي في بطنها من الميراث.

المسألة 436:

إذا ادعت المطلقة البائنة انها حامل من المطلق لوجود بعض الأمارات التي تدل على الحمل بحسب العادة، و صدقها بعض النساء الثقات الخبيرات في دعواها، دفعت إليها النفقة يوما بعد يوم حتى ينكشف أمرها، فإن استبان انها حامل أتمت لها النفقة حتى تضع، و إذا تبين عدم حملها استعيد منها ما أخذت من النفقة، و مع الشك تؤخر النفقة حتى تنكشف الحال.

المسألة 437:

الإنفاق على الزوجة هو القيام بما تحتاج اليه من طعام و أدام و كسوة و مسكن، و فراش للمنزل و أثاث، و وسائل إنارة، و فراش للنوم و دثار، و وسائل طبخ و أدوات، و أواني أكل و شرب، و آلات تنظيف

كلمة التقوى، ج 7، ص: 152

و تزين، و سائر ما تحتاج اليه بحسب حالها و شأنها و مكانها و زمانها من صيف أو شتاء و يراعي في جنس كل شي ء من أولئك و في مقداره ما تعارف اعتياده لأمثال تلك المرأة بحسب شرفها و مكانتها.

و من الإنفاق دفع أجرة الحمام إذا كان ذلك هو المعتاد لأمثالها في البلد، و أجرة الطبيب و قيمة الدواء إذا احتاجت إليهما، و مصاريف الولادة، و ما تحتاج إليه في الشتاء من وسائل الاصطلاء و التدفئة و في الصيف من وسائل التهوية و التبريد، و منه الاخدام إذا كانت من ذوات الحشمة و الإخدام، أو كانت مريضة محتاجة إلى الخدمة في أيام مرضها، و يراعى في جميع ما ذكر و في كيفيته و مقداره ما هو المتعارف لأمثالها كما تقدم.

المسألة 438:

يجوز للمرأة أن تطالب زوجها في بداية اليوم بنفقة ذلك اليوم إذا لم يكن قد دفع النفقة إليها، و لم يحدث لها ما يوجب سقوط نفقتها، و يجوز لها أن تجتزي عن ذلك بالأكل و الشرب مع الزوج من طعامه و شرابه، و تقضي سائر احتياجاتها بما يعده في منزله لنفسه و لعياله من أدوات و وسائل، و ليس للزوج أن يجبرها على ذلك.

المسألة 439:

إذا انقضى اليوم و لم يدفع الرجل نفقة الزوجة فيه و لم تجتز بما يبذله في بيته من نفقات، و استقرت نفقة الزوجة لذلك اليوم في ذمته و وجب عليه قضاؤها و هكذا في سائر الأيام، من غير فرق بين أن يكون الزوج موسرا أو معسرا، نعم ليس للزوجة أن تطالب الزوج بهذا الدين في حال إعساره.

المسألة 440:

إذا دفع الرجل الى زوجته نفقة يوم أو أيام و انقضت تلك المدة و لم يحدث في أثنائها ما يوجب سقوط وجوب النفقة عن الرجل، ملكت الزوجة النفقة التي دفعها إليها، فإذا فضل منها شي ء أو بقي جميعها، كما إذا قترت على نفسها أو أنفقت من غيرها كان ذلك ملكا لها، سواء كان ما دفعه الرجل إليها من أعيان النفقة نفسها أم من قيمتها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 153

المسألة 441:

إذا مات الزوج و قد استقرت في ذمته نفقة بعض الأيام لزوجته وجب على الوارث أن يفي ذلك من أصل تركة الميت كما هو الحكم في سائر الديون، و إذا ماتت الزوجة انتقل الدين الى ملك ورثتها، فيرث الزوج حصته منه و يجب عليه أداء حصص الباقين من الورثة.

المسألة 442:

يجوز للرجل أن يدفع للزوجة أعيان المأكول و المشروب جاهزة كاملة كالخبز و الأرز المطبوخ و اللحم المطبوخ و الكسوة المخيطة و سائر أعيان النفقة مما هو جاهز بالفعل و لا يحتاج الى طبخ و مزاولة و اعداد، و يجوز له أن يدفع لها أعيان النفقة، مما يحتاج إلى اعداد و كلفة كالأرز و الدقيق و اللحم غير المطبوخة، و الأقمشة غير المخيطة، و إذا دفع لها النفقة من القسم الثاني و احتاجت في أعدادها الى مئونة و أجرة، كان ذلك على الزوج كالحطب أو النفط، أو الغاز للطبخ، و الأجرة للخياطة.

و يجوز لهما أن يتراضيا بينهما على دفع القيمة، فتشتري هي أو وكيلها ما تحتاج اليه، فإذا قبضت الزوجة القيمة أجزأت الزوج عن الواجب.

المسألة 443:

النفقات التي تحتاج إليها المرأة في حياتها و في إقامة شؤونها تكون على قسمين، القسم الأول ما لا ينتفع به الا بذهاب عينه، كالمأكول و المشروب و الصابون و دهن الرأس و زيوت الزينة و العطور، و لا ريب في أن الزوجة تملك هذا القسم على الزوج، فيصح لها أن تطالب الزوج بأن يملكها أعيان تلك الأشياء لتصرفها في حاجاتها، و لها أن تجتزئ عن تملكها بالانتفاع بما يعده الزوج منها لنفسه و لعياله في المنزل كما تقدم في المسألة الأربعمائة و الثامنة و الثلاثين، و لعل الكسوة من هذا القسم أيضا و ان كانت مما ينتفع به مع بقاء عينه، فتملك الكسوة على الأقرب و تملك مطالبة الزوج بتمليكها، و لها ان تجتزئ بما يبذله منها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 154

القسم الثاني ما ينتفع به مع بقاء عينه، كالمنزل و الخادم و فراش البيت و فراش النوم، و الدثار

و الأدوات و الأواني و الوسائل، و الظاهر أن الأشياء من هذا القسم انما تستحقها الزوجة على سبيل الإمتاع لا التمليك فلا يجب عليه أن يملكها المنزل أو الخادم أو المبردة أو المدفئة، بل يجوز له أن يمتع زوجته و يسد حاجتها بما يملكه هو أو بما يملكه غيره بالإجارة أو الاستعارة و نحوهما، و يجوز له ان يملكها إياه.

المسألة 444:

ما تملكه المرأة من أعيان النفقة- و هو القسم الأول في المسألة المتقدمة- يجوز لها أن تتصرف فيه بما تشاء، و ان تهبه أو تتصدق به أو تبيعه، و إذا ملكته غيرها فليس لها بدله على الزوج، و انما تجب عليه نفقتها للأيام الأخرى.

فإذا ملك الرجل زوجته كسوة لتلبسها مدة معينة، و باعت المرأة الكسوة أو وهبتها أو تصدقت بها في أثناء المدة لم يجب على الرجل أن يدفع لها بدل الكسوة قبل أن تنتهي المدة المعينة لها، و انما تجب عليه الكسوة لما بعد ذلك من الأيام، إذا لم يحدث للمرأة ما يسقط وجوب نفقتها.

و ما يمتعها به الرجل من أعيان النفقة التي ينتفع بها مع بقاء عينها- و هو القسم الثاني في المسألة السابقة- فلا يجوز لها أن تتصرف فيه على غير الوجه المتعارف من الانتفاع إلا بإذن زوجها و اذن مالك الشي ء إذا كان مالكه غير زوجها.

المسألة 445:

لا يسقط وجوب النفقة عن الزوج بفقره و إعساره، فيجب عليه الكسب لذلك إذا كان قادرا عليه، و إذا عجز عن الكسب أو كان غير لائق بشأنه بقيت النفقة دينا في ذمته، و تجب عليه الاستدانة لها، إلا إذا علم بعدم قدرته على الوفاء، أو احتمل ذلك احتمالا قويا يعتد به.

المسألة 446:

لا يسقط عن الرجل وجوب الإنفاق على زوجته إذا سافرت و كان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 155

سفرها باذن الزوج أو كان واجبا شرعيا عليها و قد تقدم بيان هذا قريبا، فتجب على الزوج نفقة الزوجة في السفر كما تجب في الحضر، و تجب عليه أيضا نفقة السفر نفسه من أجور و مصاريف أخرى إذا كان السفر لشؤون حياة الزوجة و مثال ذلك أن تكون مريضة و تسافر باذن زوجها للعلاج في بعض البلاد، أو كان السفر لشؤون الزوج نفسه، كما إذا سافر هو لعلاج نفسه، و سافرت المرأة معه لمداراته و تمريضه و رعايته، و لا تجب عليه نفقات سفرها إذا كان لاداء واجب مثلا كحج الإسلام، أو الحج و العمرة و الزيارة المنذورات.

المسألة 447:

إذا كان الزوج قادرا على النفقة على زوجته و امتنع عن القيام بها، جاز للمرأة أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فإذا ثبت لديه امتناع الزوج، ألزمه بالإنفاق عليها أو الطلاق، فإذا امتنع عن الأمرين، أنفق الحاكم على المرأة من مال الزوج، و ان كان ذلك ببيع بعض ممتلكاته، فإذا لم يمكن ذلك صح للحاكم الشرعي ان يطلق المرأة، سواء كان الزوج حاضرا أم غائبا.

المسألة 448:

إذا كان لدى الرجل ما يكفيه لنفقة نفسه خاصة من غير زيادة وجب صرفه على نفسه، و كان الحكم في نفقة زوجته ما تقدم في المسألة الأربعمائة و الخامسة و الأربعين، فإذا فضل اللّه من المال شي ء وجب عليه ان يصرفه في نفقة الزوجة و لم يدخر لنفسه في اليوم الآتي مثلا، فإذا فضل منه شي ء وجب عليه أن يصرفه في نفقة الآخرين ممن تجب عليه نفقتهم، و لم يدخر لنفسه أو لزوجته في اليوم الآتي.

المسألة 449:

لا يشترط في وجوب نفقة المرأة على زوجها أن تكون فقيرة، بل تلزمه نفقتها و ان كانت غنية موسرة.

المسألة 450:

نفقة الزوجة ليومها الحاضر حق من حقوقها على الزوج، و لذلك فيصح للمرأة إسقاطه عن الزوج قبل أن تقبضه، فإذا أسقطته سقط

كلمة التقوى، ج 7، ص: 156

وجوب نفقة ذلك اليوم عن الزوج و لم يصح لها أن تطالبه بالنفقة بعد ذلك، و إذا انقضى اليوم و لم يدفع الرجل نفقته أصبحت دينا ثابتا للمرأة في ذمة الرجل، فيصح لها ان تبرئ ذمة الرجل منه و كذلك نفقتها في الأيام الماضية التي لم يدفعها لعذر أو لغير عذر فهي ديون يصح فيها الإبراء.

و اما نفقتها للأيام المقبلة، و نفقتها بقول مطلق، فيشكل الحكم بصحة إسقاطها عن الرجل، فتقول له أسقطت عنك نفقتي في أيامي المقبلة، أو تقول أسقطت عنك جميع نفقتي الحاضرة و المقبلة ما عشت معك.

الفصل الرابع عشر في نفقة الأقارب و المماليك

المسألة 451:

تجب على الولد مع وجود الشرائط الآتي بيانها نفقة أبيه و أمه، و نفقة جده لأبيه وجده لأمه، و نفقة جدته لأبيه وجدته لأمه، و ان كانوا أجداده و جداته بواسطة أو أكثر، و تجب على الأب كذلك نفقة ولده و بنته و نفقة أبنائهما و بناتهما و ان تعددت الواسطة ما بينه و بينهم، سواء كانت الواسطة ذكورا أم إناثا أم مختلفين، و سواء كانوا مسلمين أم كفارا غير حربيين.

المسألة 452:

يشترط في وجوب النفقة أن يكون الشخص المكلف قادرا على الإنفاق، أما لكونه واجدا للنفقة بالفعل، أو لكونه قادرا على الاكتساب اللائق بشأنه، و الذي يكفي بسد الحاجة الموجودة، و ان يكون المعال به ممن لا يجد ما يكفيه لتسديد نفقته بالفعل، مع عجزه عن التكسب اللائق بحاله.

فلا تجب نفقته إذا كان ممن يجب كفايته لسد العوز، أو كان قادرا على اكتساب ذلك بما يناسب شأنه، و إذا وجد بعض ما يكفيه بالفعل و عجز عن التكسب للوفاء بالباقي، كان واجب النفقة على أبيه أو ولده

كلمة التقوى، ج 7، ص: 157

القادرين، و ان أمكنه أن يسد نفقته بالاقتراض أو الاستجداء و السؤال، أو أخذ الزكاة أو الخمس و نحوهما، و إذا بذلت له الزكاة أو الخمس بالفعل و اكتفى بها لحاجته، لم يجب على قريبه الإنفاق عليه.

و تجب نفقته على قريبه إذا كان التكسب مما يشق تحمله عليه لضعف بدنه، أو كان التكسب مما لا يناسب شرفه و مكانته في المجتمع، أو اشتغل عنه بطلب علم واجب، و نحو ذلك من الأمور المهمة في الدين أو الدنيا.

المسألة 453:

المدار في وجوب نفقة الشخص على قريبه على حاجته و عجزه عن الكسب بالفعل، فإذا كان قادرا على الاكتساب و لكنه تركه في وقته باختياره و أصبح محتاجا بالفعل و غير قادر على تسديد حاجته، وجبت نفقته على قريبه، و ان كان هو آثما بترك الكسب، و إذا كان قادرا على تعلم صناعة أو أمر يكفيه ناتجه لمعاشه، فلم يتعلم ذلك و أصبح محتاجا بالفعل، وجبت نفقته على قريبه كذلك.

المسألة 454:

لا يجب الإنفاق على غير الآباء و الأمهات و الأولاد من الأقارب، نعم يستحب ذلك، و يتأكد الاستحباب في الإنفاق على الوارث منهم.

المسألة 455:

ليس من الكسب أن تتزوج المرأة بمن يليق بها من الرجال فيقوم بنفقاتها، فلا تعد المرأة التي تستطيع ذلك قادرة على الكسب، و إذا تركت هذا التزويج مع تيسره لها لم تسقط بذلك نفقتها عن أبيها أو عن ولدها.

المسألة 456:

إذا لم يجد المكلف ما ينفقه على زوجته أو على قريبه الواجب النفقة، و كان قادرا على الاكتساب لذلك وجب عليه الاكتساب اللائق بحاله، و إذا ضاق به الكسب في وقت و أمكن له أن يستدين للنفقة أو يشتري نسيئة، و هو يستطيع أن يقضي الدين من كسبه في وقت آخر وجبت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 158

عليه الاستدانة أو الشراء للنفقة نسيئة، من غير فرق بين نفقة الزوجة و نفقة القريب.

المسألة 457:

إذا كان المكلف مما يشق عليه التكسب لضعف بدنه أو مرضه أو كان مما لا يليق به لشرفه، و مكانته الاجتماعية أو كان مشغولا عنه بما هو أهم منه كطلب العلم الواجب، سقطت عنه نفقة أقاربه، و كانت نفقة زوجته دينا في ذمته، و لا يجب عليه التوسل للوفاء بها بالاستعطاء و السؤال أو أخذ الزكاة مثلا، و يجب عليه ذلك في نفقة نفسه إذا ضاق عنها كسبه و ما يجد من مال.

المسألة 458:

الواجب في الإنفاق على القريب: أن يقوم المكلف بما يحتاج قريبه من طعام و أدام و كسوة، و مسكن و أثاث، و يراعى في ذلك حال المعال به و ما يناسبه بحسب شرفه وضعته، و يلاحظ كذلك ما يناسبه في بلده و زمانه من صيف أو شتاء كما ذكرنا في نفقة الزوجة سواء بسواء.

المسألة 459:

ليس من النفقة الواجبة للقريب اعفافه بتزويج أو إعطاء مهر أو تمليك أمة أو تحليلها من غير فرق بين الأب و الولد، فلا يجب ذلك على المكلف و ان كان القريب محتاجا اليه، و الأحوط مراعاة ذلك و خصوصا مع الحاجة اليه، و خصوصا في الأب.

المسألة 460:

لا تجب على المكلف نفقة من يعول به ذلك القريب، إلا إذا كان واجب النفقة على المكلف نفسه فإذا أنفق الولد على أبيه لم تجب عليه نفقة زوجة الأب إلا إذا كانت أم الولد نفسه، و لا نفقة أولاد أبيه و ان كانوا اشقاءه، و تجب عليه نفقة أبى الأب و أمه فإنهما أبوان للولد بالواسطة، و إذا أنفق الأب على ولده لم تجب عليه نفقة زوجة الولد، و وجبت عليه نفقة أولاد ولده، فإنهم أولاد الأب بالواسطة.

المسألة 461:

إذا عجز الإنسان الذكر أو الأنثى عن نفقة نفسه، و كان له أب قادر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 159

على الإنفاق وجبت نفقته على أبيه مع الانفراد، و كذلك إذا كان له ولد قادر على الإنفاق عليه سواء كان الولد ذكرا أم أنثى، فتجب على الولد نفقة أبيه مع أبيه.

و إذا كان له أب و ولد موسران اشتركا في الإنفاق عليه، و كذلك إذا كان له أبناء متعددون موسرون، فإنهم يشتركون في وجوب الإنفاق عليه، سواء كانوا ذكورا أم إناثا أم مختلفين. و يجوز لأحدهم أن ينفرد بنفقته مع التراضي.

المسألة 462:

لا تجب نفقة الإنسان العاجز عن نفقة نفسه على جده لأبيه مع وجود أبيه أو ابنه الذكر أو الأنثى إذا كانوا موسرين، و إذا لم يكن له أب و لا ولد، أو كانا غير قادرين على الإنفاق عليه وجبت نفقته على جده لأبيه مع القدرة، و يكون مقدما على جد الأب لأبيه.

المسألة 463:

قال المشهور من الفقهاء قدس اللّه أرواحهم: و هكذا يتصاعد الحكم بوجوب الإنفاق على المعسر إلى الأقرب من الأجداد فالأقرب، و الى الأقرب من الأحفاد فالأقرب، فإذا كان للمعسر ابن ابن موسر اشترك مع الجد للأب في النفقة، و اختص بها مع الانفراد، و قدم على جد الأب، و يقدم الحفيد الذي يتقرب الى المعسر بواسطتين على الحفيد و الجد اللذين يتقربان اليه بثلاث وسائط أو أكثر، و يشترك مع الحفيد و الجد اللذين يتقربان مثله بواسطتين، و كذلك يقدم الجد الذي يتقرب بواسطتين على الحفيد و الجد اللذين يتقربان بثلاث وسائط أو أكثر، و على هذا النهج يجري في بقية المراتب و الطبقات إذا اتفق وجود ذلك.

و قالوا أيضا: إذا كان للمعسر أب أو ولد ذكر أو أنثى أو جد لأب و ان علا، لم تجب نفقته على أمه و ان كانت موسرة، و إذا فقد كل أولئك أو كانوا غير قادرين على الإنفاق وجبت النفقة على أمه إذا كانت قادرة. و إذا فقدت الأم أو كانت غير قادرة كانت نفقته على أبي الأم و أمها إذا كانا موجودين و قادرين على الإنفاق و تشترك معهما أم الأب و يشترك معهم ولد الولد إذا كان موسرا، و إذا كان القادر على

كلمة التقوى، ج 7، ص: 160

الإنفاق أحدهم خاصة انفرد بوجوب النفقة،

فإذا فقدوا جميعا أو كانوا معسرين كانت النفقة على الأقرب فالأقرب من الأحفاد و آباء الأم و أمهاتها و آباء أمهات آبائه، و إذا وجد متعددون منهم في مرتبة واحدة اشتركوا في النفقة.

هكذا ذكروا رحمهم اللّه في ترتيب طبقات المنفقين، و في كثير مما ذكروه في وجوه التقديم اشكال و تأمل، فلا يترك الاحتياط بالتراضي و المصالحة في فروض التقديم.

المسألة 464:

يجب على المكلف القادر على الإنفاق أن يقوم بنفقة غير القادر من آبائه و أبنائه على ما تقدم بيانه سواء كان المعسر واحدا أم أكثر و سواء كانوا من مرتبة واحدة أم أكثر، فيجب عليه الإنفاق على الجميع ما دام مستطيعا لذلك.

و إذا أمكنه الإنفاق على البعض خاصة وجب عليه الإنفاق على الأقرب إليه فالأقرب منهم حسب قدرته و لم يجب عليه الإنفاق على من بعد، فإذا استطاع الإنفاق على واحد و كان له أب وجد معسران أو ولد وجد كذلك أنفق على أبيه في الفرض الأول و على ولده في الفرض الثاني و لم تجب عليه نفقة جده، و إذا استطاع أن ينفق على اثنين أنفق على أبويه إذا كانا معسرين و لم ينفق على جده و كذلك إذا كان ولده و أحد أبويه معسرين أو كان له ابنان معسران فلا تجب عليه نفقة جده في الفرضين فإن الأب و الولد أقرب إليه من الجد.

المسألة 465:

إذا استطاع المكلف الإنفاق على واحد و كان له أبوان معسران أو ولدان كذلك أو ولد و أب، فإن أمكن له أن يقسم ما يجده بينهما و يكون مجديا، قسمه بينهما، و ان لم يمكن تقسيم الشي ء الموجود أو كان مع التقسيم لا يجدي شيئا، أنفق على من تعينه القرعة منهما على الأحوط، و هكذا كلما كان المحتاجون أكثر مما يستطيع و كانوا متساوين في القرب إليه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 161

المسألة 466:

لا يجوز ترك الإنفاق على الأقارب مع القدرة على النفقة و يأثم المكلف بها إذا تركها عامدا دون عذر يسوغ له ذلك، و لا يجب قضاء النفقة عليهم إذا فاتت لعذر أو لغير عذر إلا في الصورة الآتي ذكرها.

المسألة 467:

إذا وجبت نفقة القريب على المكلف و امتنع عن الإنفاق الواجب، و علم الحاكم الشرعي بامتناعه، أجبره على الإنفاق، و إذا أصر على امتناعه تولى الحاكم الإنفاق على القريب من بعض أموال المكلف و لو بأن يبيع بعض ممتلكاته، و يصح للحاكم الشرعي ان يأمر القريب المعسر بأن يستدين لنفقته على ذلك المكلف إذا كان ممتنعا أو غائبا، أو يأمره بالشراء للنفقة نسيئة، و يجب على المكلف قضاء هذا الدين.

المسألة 468:

وجوب نفقة الأقارب على المكلف بها حكم شرعي محض و ليس حقا من الحقوق و لذلك فهو لا يقبل الإسقاط إذا أسقطه القريب المعسر.

المسألة 469:

إذا أعسر العبد المملوك و لم يستطع الإنفاق على نفسه لم تجب نفقته على قريبه الحر، بل تجب نفقته على مالكه و يجبر المالك عليها إذا امتنع عن أدائها و سيأتي بيان ذلك ان شاء اللّه تعالى، و إذا أعسر الكافر الحربي أو المرتد الفطري لم تجب نفقته على قريبه المسلم.

المسألة 470:

تجب نفقة المملوك على سيده من غير فرق بين العبد و الأمة و لا بين الصغير و الكبير و من غير فرق في الأمة بين الموطوءة لسيدها بالملك و غيرها، و الواجب من نفقة المملوك ما يقوم بكفايته و سد حاجته من الطعام و الإدام و الشرب و الكسوة و المسكن و غير ذلك مما يحتاج اليه، و يراعى في جنس ذلك ما يتعارف لمماليك أمثال سيده في ذلك البلد.

المسألة 471:

إذا كان المملوك قابلا للاكتساب تخير مولاه بين أن ينفق عليه من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 162

ماله، و ان يأذن له في الكسب و الإنفاق على نفسه من حاصل كسبه، فإذا فضل منه شي ء دفعه الى مولاه، و إذا قصر كسبه عن النفقة أتمها المولى من ماله.

المسألة 472:

إذا امتنع مولى العبد عن الإنفاق على مملوكه بأحد الوجهين الآنف ذكرهما، أجبره، الحاكم على بيع المملوك أو غير البيع مما يزيل ملكه عنه أو الإنفاق عليه.

المسألة 473:

تجب نفقة البهيمة المملوكة على مالكها بما يقوم بكفايتها من أكل و سقي و مكان و جل إذا كانت مما تحتاج الى ذلك، و يراعى فيه جنس ما تقتات به تلك البهيمة فالحيوانات التي تقتات الكلاء و الحشائش و القت و أمثالها يجب على مالكها أن يهيئ لها ما يقوم بحاجتها منه، و دود القز الذي يقتات ورق التوت مثلا على المالك أن يوفره له و نحل العسل الذي يقتات من ازهار الشجر على المالك أن يوفره له و هكذا.

و يكفي أن يطلق البهيمة تسوم في الأرض و ترعى من خصبها فان لم يكفها ذلك علفها بمقدار كفايتها.

و إذا امتنع المالك عن الإنفاق على البهيمة أجبر على بيعها أو الإنفاق عليها، أو ذبحها إذا كانت مما ينتفع به بالتذكية عادة.

و الحمد للّه رب العالمين

كلمة التقوى، ج 7، ص: 163

كتاب الطلاق

اشارة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 165

كتاب الطلاق

المسألة الأولى:

تكثرت الأحاديث الواردة عن الرسول (ص) و عن أهل بيته المعصومين (ع) الدالة على كراهة طلاق الزوجة و خصوصا مع ملائمة الأخلاق بين الزوجين، ففي الصحيح عن أبي عبد اللّه (ع) قال قال رسول اللّه (ص):

ما من شي ء أحب الى اللّه عز و جل من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح، و ما من شي ء أبغض الى اللّه عز و جل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق، و عن أبي عبد اللّه (ع): ما من شي ء مما أحله اللّه أبغض إليه من الطلاق، و ان اللّه يبغض المطلاق الذواق، و تخف الكراهة و قد تزول إذا كانت الأخلاق بين الزوجين متنافرة و غير متلائمة، و قد يؤدي البقاء الى ما لا يحمد، فيكون الطلاق علاجا لمشكلة لا تحل الا به، و تخلصا من خطر أكبر منه، و كتاب الطلاق يشتمل على عدة فصول:

الفصل الأول في شروط الطلاق

المسألة الثانية:

يشترط في صحة الطلاق أن يكون الزوج المطلق بالغا، فلا يصح الطلاق إذا كان صبيا صغيرا و ان كان مميزا، فليس له أن يطلق زوجته بنفسه أو يوكل أحدا غيره في طلاقها، و إذا بلغ عمره عشر سنين و كان مميزا فلا يترك الاحتياط فيه، فلا يتولى طلاق زوجته بالمباشرة أو بالتوكيل، و ان هو أوقع الطلاق أو أوقعه وكيله فلا يترك الاحتياط بأن يجدد له عقد النكاح إذا أراد إمساك الزوجة، و ان يجدد الطلاق بعد بلوغه و رشده إذا أراد فراقها، و لا يصح لوليه أن يتولى اجراء الطلاق عنه حتى الأب و الجد للأب.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 166

المسألة الثالثة:

يشترط في الزوج المطلق أن يكون عاقلا، فلا يصح طلاقه إذا كان مجنونا مطبقا لا بالمباشرة و لا بالتوكيل، و لا يصح طلاقه كذلك إذا كان جنونه أدوارا و قد أوقعه أو أوقعه وكيله عنه في حال جنونه، و كذلك الحكم في السكران الذي زال عقله لسكره فلا يصح طلاقه و لا توكيله في الطلاق.

المسألة الرابعة:

إذا بلغ الصبي و هو مجنون فاسد العقل فاتصل جنونه بصغره، و كان الجنون مطبقا، و اقتضت المصلحة تطليق زوجته منه صح لأبيه أو جده لأبيه أن يتولى طلاق زوجته و الأحوط لزوما أن يشترك معهما الحاكم الشرعي في إجراء الطلاق عنه و إذا لم يكن له أب و لا جد، و اقتضت المصلحة تطليق الزوجة تولى الحاكم الشرعي ذلك، و كذلك الحكم إذا طرأ له الجنون المطبق بعد البلوغ، فيطلق عنه الأب أو الجد مع الحاكم في الصورة المذكورة، و يطلق عنه الحاكم إذا لم يوجد له أب و لا جد.

المسألة الخامسة:

لا يطلق الأب و لا الجد مع الحاكم و لا بدونه و لا غيرهما من الأولياء عن المجنون الأدواري سواء اتصل جنونه بصغره أم طرأ عليه بعد البلوغ، و لا يطلق الولي عن السكران و لا عن الصبي.

و يصح للمجنون أدوارا أن يطلق زوجته في دور إفاقته، و ان يوكل أحدا في طلاقها كذلك بشرط أن يوقع الوكيل طلاق الزوجة في حال إفاقة الزوج أيضا، و إذا جن الزوج قبل الطلاق بطلت الوكالة و لم يصح للوكيل أن يوقع الطلاق بعد إفاقة الزوج إلا بوكالة جديدة منه بعد إفاقته.

المسألة السادسة:

يشكل الحكم بصحة الطلاق إذا كان الزوج مغمى عليه في حال الطلاق، فإذا و كل الإنسان أحدا أن يطلق عنه زوجته ثم أغمي عليه، فالأحوط لزوما ان لا يوقع الوكيل طلاق الزوجة في حال الإغماء على الزوج،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 167

و إذا أفاق الزوج من إغمائه فالأحوط كذلك أن لا يوقع الوكيل الطلاق إلا بوكالة جديدة بعد الإفاقة، و تراجع المسألة السابعة عشرة من كتاب الوكالة، و يجري مثل هذا الاحتياط في السكران، فإذا وكل الرجل أحدا في طلاق زوجته ثم سكر سكرا أزال عقله لم يوقع الوكيل الطلاق عنه في حال سكره، و لا بعد إفاقته من السكر الا بوكالة جديدة، على تأمل في الصورة الثانية و لكنه احتياط لا يترك و خصوصا في الفروج.

المسألة السابعة:

يشترط في الزوج المطلق أن يكون قاصدا لمعنى الصيغة التي يوقعها و أن يكون مختارا في فعله فلا يصح الطلاق إذا أوقع صيغته و هو نائم أو ساه أو غالط أو هازل، لا يريد معنى الطلاق من لفظه، و لا يصح الطلاق إذا أوقعه مكرها أو مجبرا عليه اكراها أو جبرا أزال منه اختياره في الفعل، أو وكل أحدا على الطلاق و هو مكره أو مجبر، و أوقعه الوكيل عنه معتمدا على هذه الوكالة.

المسألة الثامنة:

إنما يمنع النوم و السهو و أخواتهما من صحة الطلاق إذا وقعت صيغة الطلاق من الزوج كما ذكرنا لعدم القصد المعتبر في الإنشاء، و لا يمنع من إطلاق الوكيل إذا وكله الزوج في الطلاق و هو قاصد مختار للتوكيل في الطلاق ثم أوقع الوكيل صيغة الطلاق و الموكل نائم أو ساه أو غافل في تلك الحال إذا كان تام العقل تام الاختيار.

المسألة التاسعة:

الإكراه هو أن يرغم أحد شخصا غيره على أن يفعل أمرا يكره فعله، و يتوعده إذا هو لم يفعل ذلك الشي ء أن ينزل به أو بعرضه أو بماله أو ببعض شؤونه أو متعلقيه ضررا يخشى وطأته، و هو كذلك يخشى من وقوع هذا الوعيد إذا هو خالف و لم يفعل، و يلحق بذلك ما إذا أمره المتنفذ بفعل ذلك الشي ء على وجه الإلزام، و هو يخاف الضرر منه إذا خالف و لم يمتثل و ان لم يتوعده بشي ء، و تلاحظ المسألة السابعة و السبعون من كتاب التجارة و ما بعدها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 168

المسألة العاشرة:

ليس من الإكراه ما إذا توقع الإنسان أن يحل عليه ضرر يخشاه من المتنفذ إذا هو لم يفعل شيئا معينا، ففعل ذلك الشي ء ليتخلص من ذلك الضرر المتوقع أو المتخيل، و لم يحصل من المتنفذ اكراه و لا إلزام بالفعل و من أمثلة ذلك أن يتزوج الرجل امرأة ثم يعلم أن بعض أرحام المرأة العتاة يمنع من زواجها بغيره و خاف من ضرره إذا علم بأنه قد تزوج المرأة، فطلقها خوفا من ضرره، فلا يكون الطلاق باطلا لعدم الإكراه.

و من أمثلته ما إذا كانت للرجل زوجة ثم تزوج عليها زوجة ثانية، و خاف بعد الزواج بها من سطوة الأولى أو من ضرر يحل به من بعض أرحامها فطلق الثانية خوفا منه، فلا يكون الطلاق باطلا و ان كان الضرر معلوما.

المسألة 11:

إذا أكره المتنفذ الزوج على طلاق زوجته و توعده بالضرر إذا هو لم يطلقها و كان الزوج قادرا على التخلص منه و من ضرره بالاستعانة ببعض الأقوياء، أو بالخروج الى مكان لا يصل اليه ضرره، فطلق زوجته و لم يفعل شيئا يتخلص به، فالظاهر صحة الطلاق و عدم تحقق الإكراه، إلا إذا أوجب له الوعيد شدة الخوف فأدهشته عن الفكر في ذلك و طلق الزوجة و لم يلتفت.

و أما التورية و هي أن يتكلم بصيغة الطلاق و يقصد معنى آخر غير إنشاء الطلاق بها، فهي أمر لا يلتفت إليه العامة من الناس و لا تعد ميسورة لهم، فإذا أوقع الرجل صيغة الطلاق و لم يقصد التورية فهو مكره لا يصح طلاقه.

و إذا كان الرجل ممن يلتفت الى التورية و لم يذهله الخوف عن استعمالها، و أجرى الصيغة و لم يقصد التورية فلا يترك الاحتياط فيه،

فيرجع بالمرأة أو يجدد العقد عليها إذا أراد الإمساك بزوجيتها، و يجدد صيغة الطلاق بعد ارتفاع الإكراه إذا أراد فراقها.

المسألة 12:

لا يصح طلاق المكره و ان رضي به بعد زوال الإكراه عنه، فلا تصححه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 169

الإجازة اللاحقة كما هو الحكم في عقد النكاح أو عقد البيع أو غيرهما من العقود التي تصح إذا لحقتها الإجازة.

المسألة 13:

يصح طلاق الرجل لزوجته مع اجتماع الشرائط المعتبرة فيه و ان لم تعلم الزوجة بطلاقها و لم ترض به.

المسألة 14:

انما يقع الطلاق على المرأة المزوجة بالنكاح الدائم و لا يقع على الزوجة المتمتع بها، و قد ذكرنا هذا في المسألة الثلاثمائة و الاثنتين من كتاب النكاح و في مواضع غيرها من الكتاب، و لا يقع الطلاق على الأمة الموطوءة بملك اليمين أو بالتحليل.

المسألة 15:

يشترط في صحة الطلاق أن تكون المرأة طاهرة من الحيض و النفاس، فلا يصح طلاقها إذا كانت غير نقية من أحد الدمين، و إذا نقت من الدم و لم تغتسل من الحدث صح طلاقها، و قد ذكرنا هذا في المسألة الخمسمائة و الثالثة و الستين من كتاب الطهارة.

و لا يترك الاحتياط لزوما إذا طلقها في فترة النقاء الذي يتخلل في أثناء الدم الواحد من الحيض أو النفاس، فلا بد من الطلاق مرة أخرى بعد الطهر من جميع الدم إذا أراد الزوج فراق المرأة، و لا يمسكها إذا أراد إمساكها الا برجعة إذا كان الطلاق رجعيا، و الا بعقد جديد إذا كان غير رجعي.

المسألة 16:

ما ذكرناه في المسألة السابقة من اشتراط خلو المرأة من دم الحيض و دم النفاس انما يشترط في المرأة المدخول بها، فلا يعتبر ذلك في المرأة التي يطلقها الزوج قبل الدخول، فيصح طلاقها و ان كانت حائضا أو كانت نفساء، كما إذا وطأ المرأة المعقودة غير زوجها بالشبهة فحملت منه و وضعت، و طلقها الزوج قبل دخوله بها و هي نفساء بولادتها من الشبهة، فيصح طلاقها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 170

و انما يشترط خلو المرأة من الحيض إذا كانت حائلا، فلا يعتبر ذلك في المرأة إذا كانت حاملا مستبينة الحمل، فيصح طلاقها متى استبان حملها و ان كانت حائضا بناء على ما هو الأقوى من أن الحامل قد تحيض، و انما يشترط ذلك في المرأة إذا كان زوجها حاضرا يمكنه معرفة حالها في حال الطلاق، فإذا كان غائبا يجهل أمرها و لا يمكنه العلم به سقط اعتبار هذا الشرط و صح طلاقها و ان كانت حائضا أو نفساء بالفعل، و سنذكر تفصيل

ذلك في ما يأتي ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 17:

يشترط في صحة طلاق المرأة أن تكون حال طلاقها في طهر لم يجامعها زوجها فيه، فلا يصح الطلاق إذا وقع في طهر المواقعة، إلا إذا كانت صغيرة لم تبلغ تسع سنين و ان حرم الدخول بها، أو كانت كبيرة قد أيئست من المحيض، أو كانت حاملة قد استبان حملها، فيصح طلاقها في هذه الفروض و ان كانت في طهر المواقعة، و يسقط اعتبار هذا الشرط في المرأة إذا كان الزوج المطلق غائبا لا يمكنه استعلام حالها إذا تمت الأحوال و الشروط التي يأتي بيانها.

المسألة 18:

إذا جامع الرجل زوجته و كانت مسترابة، و أراد طلاقها بعد الوطء وجب عليه أن يعتزلها ثلاثة أشهر من حين جماعه إياها، فإذا اعتزلها و لم يجامعها حتى تمت المدة صح له طلاقها و ان لم تنتقل الى طهر آخر، و لا يصح له طلاقها قبل ذلك، إلا إذا حملت و استبان حملها، و المسترابة هي المرأة التي لا تحيض و لم تبلغ سن اليأس من المحيض سواء كان عدم حيضها لأمر اتفاقي حدث لها أم لكونها في أول البلوغ أم لكونها مرضعة ذات لبن.

المسألة 19:

يجب على الزوج تربص ثلاثة أشهر في طلاق المسترابة سواء كان الزوج حاضرا أم غائبا و لا يكفي في صحة طلاق الغائب أن يتربص أقل من هذه المدة إذا كانت المرأة مسترابة، و يكفي في ذلك ان يترك الرجل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 171

وطء المرأة في المدة المذكورة و ان حصل ذلك اتفاقا أو لسبب من الأسباب و لم يكن بقصد التربص للطلاق.

المسألة 20:

إذا وطأ الرجل زوجته في أيام حيضها عامدا أو مخطئا، لم يكف في صحة طلاقها أن تطهر من الحيض الذي واقعها فيه على الأحوط، بل لا يخلو ذلك من قوة، فلا بد من أن تحيض بعد ذلك ثم تطهر من الحيض.

المسألة 21:

إذا كان الرجل غائبا عن زوجته و أراد طلاقها و هو يجهل حالها من حيض أو نفاس أو طهر و لا يمكنه أن يستعلم عن ذلك منها أو من أحد مطلع على أمرها جاز له أن يطلقها، و إذا طلقها صح طلاقه و نفذ، و ان استبان بعد ذلك انها كانت حائضا في حين الطلاق أو نفساء، سواء تولى طلاقها بنفسه أم طلقها وكيله، إذا كان الوكيل أيضا جاهلا بأمر المرأة و لا تمكنه معرفة حالها.

المسألة 22:

إذا غاب الرجل عن زوجته و كانت المرأة حائضا في وقت خروجه و أراد طلاقها وجب عليه أن يصبر حتى يعلم بأن حيضها قد انتهى، و إذا علم أنها ذات عادة في الحيض كفاه أن يصبر حتى يعلم بأن عادتها قد انتهت ثم يصح له أن يطلقها إذا شاء، فإذا تربص كذلك ثم طلقها صح طلاقها و ان علم بعد ذلك بأن الطلاق وقع في حال الحيض، و كذلك الحكم إذا كانت المرأة نفساء في وقت خروج الزوج، فيجب عليه الصبر حتى يقطع بانتهاء النفاس في الفرض الأول، و يكفيه العلم بانتهاء العادة في الفرض الثاني.

المسألة 23:

إذا غاب الرجل عن زوجته و هي في طهر كان قد جامعها فيه، و أراد طلاقها، فان كانت المرأة ذات عادة يعلم بها الزوج وجب عليه أن يصبر حتى يحصل له العلم بأن المرأة بحسب عادتها قد انتقلت من طهرها الذي جامعها فيه الى طهر آخر، و إذا لم تكن لها عادة أو كان الرجل جاهلا بها، كفاه أن يتربص شهرا واحدا من حين مواقعته إياها، و أولى من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 172

ذلك أن يتربص ثلاثة أشهر ثم يطلقها إذا شاء، فيصح طلاقها في هذه الفروض و ان ظهر بعد ذلك ان طلاقه في طهر المواقعة.

المسألة 24:

إذا غاب الرجل عن الزوجة و هي في طهر لم يواقعها فيه صح له ان يطلقها متى شاء بملاحظة هذا الشرط و عليه أن يراعي ما تقدم من حيث الحيض و الطهر.

المسألة 25:

لا تختص الأحكام التي بيناها في المسائل السابقة بالزوج الغائب عن المرأة، بل تعم الزوج الحاضر مع زوجته في البلد إذا كان كما اشترطنا في الغائب جاهلا بأمر المرأة و يتعذر عليه أو يتعسر استعلام حالها في الحيض و النفاس و كونها في طهر المواقعة و عدمه، فتجري فيه جميع الفروض المتقدمة و تنطبق عليه أحكامها، فيصح له الطلاق في الموارد التي يصح الطلاق فيها للغائب، و يجب التربص عليه في الفروض التي يجب التربص فيها على الغائب من غير فرق بينهما، و لا تجري الأحكام في الغائب إذا كان ممن يمكنه أن يتعرف حال المرأة و لا يتعسر عليه، فلا يصح له الطلاق في حال الحيض أو النفاس و لا في طهر المواقعة.

المسألة 26:

إذا كان الزوج الغائب ممن يجب عليه التربص كما بينا في المسألة الثالثة و العشرين، فطلق زوجته قبل أن تمضي المدة المعينة، فإذا استبان بعد ذلك أن طلاقه قد كان في طهر المواقعة للمرأة أو في حال الحيض كان باطلا، و كذلك إذا لم يستبن له شي ء من أمرها فيكون الطلاق باطلا أيضا، و إذا ظهر بعد ذلك ان الطلاق وقع في طهر لم يجامعها فيه صح الطلاق و نفذ.

المسألة 27:

إذا طلق الرجل امرأته و هو يجهل حالها و لم يستعلم عن أمرها مع تمكنه من الاستعلام، ثم علم أنها كانت حاملا في حين الطلاق، أشكل الحكم بصحة طلاقه لعدم استبانة الحمل، و لذلك فلا بد من مراعاة الاحتياط بإعادة الطلاق إذا أراد الفراق، و الرجوع بالزوجة إذا كان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 173

الطلاق رجعيا و أراد الإمساك و تجديد العقد إذا كان الطلاق بائنا.

المسألة 28:

تصدق المرأة إذا أخبرت عن نفسها بأنها حائض أو نفساء أو في طهر منهما، و انها في طهر المواقعة أو في طهر آخر، و تترتب الأحكام على قولها، فتطلق إذا أخبرت بأنها في طهر، و في طهر غير المواقعة. و يؤجل طلاقها إذا قالت انها في حيض أو نفاس، أو في طهر المواقعة، و يشكل الحكم بقبول خبرها إذا كانت متهمة.

المسألة 29:

إذا أخبرت المرأة بأنها طاهرة من الحيض و النفاس، أو أنها في طهر غير طهر المواقعة فصدقها الزوج أو وكيله، و أوقع صيغة الطلاق، و أخبرت بعد ذلك بأنها كانت حائضا أو نفساء في حال الطلاق أو انها كانت في طهر المواقعة، لم يقبل خبرها الثاني، و عمل على قولها الأول الا أن تقوم البينة أو القرينة القطعية على صحة قولها الثاني فيكون هو المتبع.

المسألة 30:

إذا علم الرجل بأن زوجته كانت طاهرة من الحيض أو من النفاس صباح هذا اليوم مثلا، و شك بعد ساعة أو أكثر في نزول الحيض عليها فحكم بأنها لا تزال طاهرة للاستصحاب، و طلقها، بنى على صحة طلاقها إذا لم ينكشف له خلاف ذلك، فإذا علم أنها كانت حائضا في وقت طلاقها كان الطلاق باطلا، و كذا إذا علم بأنها طاهر، و شك في انه واقعها في هذا الطهر أم لا، و استصحب عدم المواقعة و أجرى صيغة الطلاق فإنه يبني على صحة هذا الطلاق ما لم ينكشف له الخلاف، فإذا تذكر أنه قد جامع المرأة في هذا الطهر كان الطلاق باطلا.

المسألة 31:

يشترط في صحة الطلاق أن تكون المرأة المطلقة متعينة، فإذا كانت للرجل زوجة واحدة، فقال: زوجتي طالق صح طلاقها و نفذ، و ان لم يذكر اسمها و لم يعينها بذكر صفة أو إشارة، لأنها متعينة في الواقع، و كذلك إذا عينتها القرائن القطعية، و مثال ذلك: أن تكون للرجل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 174

زوجتان أو أكثر ثم يقع بينه و بين واحدة معينة منهن نفور شديد و خلاف فيقول: زوجتي طالق، فان النفور و عدم الموافقة في الطباع يكون قرينة على تعيين المطلقة من زوجاته.

و إذا كانت له زوجتان أو أكثر، و قال: زوجتي طالق و لم يذكر لها اسما و لا وصفا، و لم تعين القرائن واحدة منهن فان لم ينو في نفسه واحدة بعينها كان الطلاق باطلا، و إذا نوى في نفسه طلاق واحدة معينة منهن كان الطلاق صحيحا عند جماعة من الأكابر، و الأحوط أن يذكر في الصيغة ما يدل على تعيين المرأة المقصودة بالطلاق، و لا يكتفي بالنية

وحدها، فعليه أن يعيد الطلاق مع التعيين.

الفصل الثاني في صيغة الطلاق

المسألة 32:

لا يصح إيقاع الطلاق الا باللفظ مع القدرة، و لا يصح إيقاعه إلا بالصيغة العربية المخصوصة، و هي أن يقول الرجل لامرأته: أنت طالق، أو يقول: زوجتي زينب طالق، أو يقول- و هو يشير إليها هذه المرأة- طالق أو هي طالق، أو يقول وكيل الزوج: زينب زوجة موكلي علي طالق، و يقصد إنشاء الطلاق بالصيغة المذكورة و لا يقع بأن يقول الزوج أو وكيله: فلانة مطلقة، أو يقول: طلقت فلانة، أو يأتي بغير ذلك من الألفاظ المشتقة من مادة الطلاق غير لفظ طالق.

و لا يصح إنشاء الطلاق بالكنايات التي قد تستعمل لذلك، فيقول للمرأة: فارقتك، أو هذا فراق بيني و بينك، أو يقول لها: الحقي بأهلك، أو حبلك على غاربك، أو أنت بائن أو مبانة مني، أو أنت خلية أو أنت برية، أو يقول لها: اعتدي، فلا يصح أن ينشئ الطلاق بذلك و يقصد ابانة المرأة من نكاحه.

المسألة 33:

إذا قيل للزوج أو لوكيل الزوج في الطلاق: هل طلقت فلانة؟ فقال:

نعم، و هو يقصد إنشاء الطلاق، بقوله نعم، لم يكن قوله هذا طلاقا على الأقوى.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 175

المسألة 34:

لا يصح إيقاع الطلاق بالكتابة و لا بالإشارة إذا كان المطلق ممن يقدر على النطق بالصيغة، فإذا عجز عن النطق بها كالأخرس و شبهه، صح له ذلك، و الأحوط أن يقدم الكتابة على الإشارة إذا كان ممن يحسنها، و الأحوط استحبابا أن لا يوقع العاجز الطلاق بالكتابة أو الإشارة إلا مع العجز عن التوكيل في إجراء الصيغة لمن يحسن النطق بها.

المسألة 35:

لا يقع الطلاق بترجمة الصيغة المذكورة في لغة غير عربية و ان كانت الترجمة مطابقة لها في المعنى، إذا كان المطلق قادرا على النطق بالصيغة العربية أو قادرا على التوكيل في إجراء الصيغة، و إذا عجز عن النطق بها و عجز عن التوكيل في إجرائها، كفته الترجمة المطابقة في أي لغة كانت، فإذا أتى بما يرادف الصيغة المعينة و قصد بها إنشاء الطلاق صح و نفذ.

المسألة 36:

يجوز للرجل أن يوكل أحدا غيره في أن يطلق عنه زوجته إذا كان الوكيل ممن يحسن اجراء الطلاق و لو بالتعلم، و يجوز له أن يوكل أحدا في أن يوكل ثالثا على إيقاع الطلاق، و يجوز له أن يوكل أحدا وكالة مطلقة في أن يتولى عنه طلاق الزوجة ان شاء بمباشرته بنفسه و ان شاء بتوكيل غيره، فيصح الطلاق إذا أجراه الوكيل أو أجراه وكيل الوكيل على الوجه الصحيح، و لا فرق في الفروض المذكورة بين أن يكون الزوج حاضرا أو غائبا.

المسألة 37:

يجوز للزوج أن يوكل زوجته بنفسها في أن تجري صيغة طلاقها بنفسها إذا كانت تحسن ذلك، و يجوز له أن يوكلها في أن توكل أحدا غيرها على اجراء طلاقها، و ان كان الأحوط استحبابا عدم توكيلها في كلتا الصورتين، بل لا يترك الاحتياط بالاجتناب في طلاق الخلع و المبارأة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 176

المسألة 38:

إذا وكل الرجل المرأة في طلاق نفسها، و فوض ذلك إليها ان شاءت الطلاق أو شاءت البقاء، فإنما يصح الطلاق إذا أنشأت صيغة الطلاق المعينة بالوكالة عن الزوج كما ذكرنا، و إذا خير الرجل زوجته في ذلك، بقصد تفويض الأمر إليها، فقالت: قد اخترت نفسي، بقصد إنشاء الفراق بينهما بذلك، لم يصح ذلك و لم تطلق منه.

المسألة 39:

يشترط في صحة الطلاق أن ينشأ الطلاق منجزا بالفعل غير معلق، لا على شي ء يحتمل حدوثه و عدم حدوثه، و لا شي ء غير موجود بالفعل و يعلم بوجوده في ما يأتي، و مثال الأول أن يقول: إذا وصل عبد اللّه الى البلد فزوجتي هند طالق، و مثال الثاني أن يقول قبل الهلال: إذا هل هلال الشهر فهي طالق، و قد جرى اصطلاح الفقهاء ان يسموا الأول تعليقا على شرط، و يسموا الثاني تعليقا على صفة، فلا يصح الطلاق إذا أنشئ معلقا في كلتا الصورتين.

و يستثنى من ذلك ما إذا كان الشرط الذي علق عليه إنشاء الطلاق مقوما لصحة الطلاق، و مثال ذلك أن يشك الرجل في عقد المرأة عليه أو يشك في صحة العقد لبعض الجهات التي أوجبت له الشك، فيقول:

ان كانت زينب زوجتي فهي طالق، فيصح التعليق في هذا المورد، فان الطلاق لا يحصل إذا لم يكن نكاح، و يصح طلاق المرأة إذا كانت زوجة.

و يستثنى من ذلك أيضا: ما إذا كانت الصفة التي علق عليها الطلاق موجودة حين إنشاء الصيغة، و كان المطلق عالما بوجودها، و مثال ذلك:

أن يقول الزوج: إذا كان هذا اليوم هو يوم الجمعة فأنت طالق، و كان اليوم الذي عناه هو يوم الجمعة، و المطلق يعلم بذلك، فيصح الطلاق لعدم التعليق في

الحقيقة.

المسألة 40:

إذا قال الرجل لامرأته: أنت وكيلة عني في أن تطلقي نفسك منى، إذا تأخرت النفقة عنك مدة شهرين أو أكثر، فإن قصد بقوله أن توكيله إياها في طلاق نفسها مشروط بتأخر النفقة عنها تلك المدة كانت الوكالة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 177

باطلة، لأن إنشاءها معلق على حصول الشرط المذكور، و ان أراد ان المرأة وكيلة عنه بالفعل على إيقاع الطلاق إذا تأخرت النفقة، كانت الوكالة صحيحة و جاز لها إيقاع الطلاق إذا تأخرت النفقة، و دلالة قوله على أحد المقصودين تتوقف على وجود القرينة عليه، و لا يبعد أن العبارة المتقدمة ظاهرة في المعنى الثاني.

المسألة 41:

يشترط في صحة الطلاق أن يكون إيقاعه بحضور شاهدين ذوي عدل من الرجال يسمعان الصيغة فلا يصح الطلاق من غير إشهاد أو بإشهاد غير عدول أو بإشهاد عدل واحد، و لا يكفي أن ينشئ صيغة الطلاق من غير حضور بينة، ثم يقر بالطلاق عند حضورها، و لا يكفي أن يطلق بحضور شاهد عادل و يقر بالطلاق بحضور الشاهد الثاني، و لا يكفي أن ينشئ الصيغة بحضور شاهد واحد ثم يكررها بحضور شاهد آخر، و إذا أنشأ الصيغة بحضور أحد الشاهدين ثم حضر الآخر فأنشأ الصيغة بحضور الشاهدين مرة ثانية، صح الثاني لوجود الشرط دون الأول.

و يعتبر سماع الشاهدين للصيغة، فإذا حضر الشاهدان في المجلس و أنشأ الرجل صيغة الطلاق فسمعها أحدهما و لم يسمعها الآخر، لأنه أصم لا يسمع أو لأنه ذاهل غير ملتفت، لم يقع الطلاق، و إذا سمع الصيغة أحدهما و لم يسمعها الآخر لأنه أصم، و لكنه علم من الإشارة و من حركات الشفتين و اللسان أن الرجل أوقع صيغة طلاق فلانة، أشكل الحكم بصحة الطلاق

و ان كان غير بعيد، و الأحوط إعادة الطلاق بحضور شاهدين و سماعهما.

المسألة 42:

الظاهر انه يكفي في صحة الطلاق أن يسمع الشاهدان إنشاء الطلاق و ان لم يكونا مجتمعين في مجلس واحد، كما إذا كان الشاهدان في موضعين متقاربين في المكان و أنشأ الرجل صيغة الطلاق و قصد اسماعهما فالتفتا و سمعا طلاقه، و كما إذا أنشأ الطلاق بحضور أحد الشاهدين و الآخر يسمع طلاقه بجهاز الهاتف، فالظاهر صحة الطلاق مع عدم الشك بالزوج المطلق و بالمرأة المقصودة بالطلاق.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 178

المسألة 43:

يشترط أن يكون الشاهدان في الطلاق رجالا، فلا تكفي في ذلك شهادة النساء منفردات و لا منضمات الى الرجال.

المسألة 44:

إذا وكل الزوج أحدا في طلاق زوجته لم يصح للوكيل أن يجعل الزوج أحد الشاهدين في طلاق زوجته، و ان كان ثابت العدالة، و لا يصح أن يجعل الوكيل نفسه شاهدا في الطلاق و ان كان ثابت العدالة كذلك، و إذا وكل الزوج أحدا على أن يوكل ثالثا عن الزوج في طلاق امرأته، فأنشأ هذا الثالث الطلاق بوكالته عن الزوج صح له ان يجعل الوكيل على التوكيل شاهدا في الطلاق.

المسألة 45:

الشاهد العادل هو الذي ثبتت له العدالة و هي الاستقامة على الشريعة، و كانت استقامته عليها صفة ثابتة في نفسه و ليست حالة عارضة لا قرار لها و لا ثبات، و الاستقامة على الشريعة هي الالتزام الكامل بإتيان ما فيها من واجبات، و اجتناب ما فيها من محرمات كبائر و الإصرار على الصغائر، و قد أوضحنا ذلك في المسألة الألف و الثامنة و الثمانين و عدة مسائل تليها من كتاب الصلاة، فلتراجع ففيها بيان المراد في المقام.

المسألة 46:

الاشهاد المعتبر في الطلاق هو أن يكون الشاهدان حاضرين ملتفتين، يسمعان الصيغة و يعرفان المراد منها، و ان لم يدعهما المطلق للحضور أو الى تحمل الشهادة، فلا يكفي أن يحضرا و هما غافلان، أو مشغولان بأمر آخر غير ملتفتين، أو يسمعان اللفظ و لا يفقهان المراد كما إذا كانا غير عربيين لا يفهمان معنى الصيغة المنشئة.

المسألة 47:

لا يكفي في صحة الطلاق أن يكون الشاهدان عدلين في اعتقاد المطلق، و هما فاسقان في واقع الأمر، فلا تترتب على الطلاق بشهادتهما آثار الطلاق الصحيح، و لا يصح الطلاق كذلك إذا كان الشاهدان غير عادلين

كلمة التقوى، ج 7، ص: 179

في اعتقاد الزوج و ان كانا عدلين مرضيين في اعتقاد الوكيل الذي أوقع الطلاق.

المسألة 48:

لا يتعدد الطلاق بتكرر الصيغة إذا لم يتخلل بين الصيغتين رجوع بنكاح المرأة المطلقة، فإذا قال الزوج أو قال وكيل الزوج: هند طالق، هي طالق، هي طالق، وقع الطلاق مرة واحدة، سواء أراد بتكراره التأكيد و الاحتياط، أم أراد إيقاع ثلاث طلقات، و إذا قصد بها إيقاع ثلاث طلقات وقعت واحدة و ألغيت الأخريان.

و إذا تخلل ما بين الصيغتين رجوع بالمرأة تعدد الطلاق، و مثال ذلك أن يقول الرجل: زوجتي هند طالق، ثم يقول: رجعت بمطلقتي هند أو بزوجيتها، ثم يقول ثانيا، هند طالق، ثم يقول: رجعت بهند، ثم يقول ثالثا هي طالق، فإذا أتمها كذلك كان الطلاق ثلاثا و حرمت المرأة المطلقة عليه حتى تنكح زوجا غيره.

المسألة 49:

إذا قال الزوج: زوجتي هند طالق ثلاثا، و أراد بقوله: إنشاء الطلاق ثلاثا بهذه الصيغة الواحدة، وقع الطلاق باطلا، و إذا قصد بالصيغة إيقاع الطلاق في الجملة على حسب ما ورد في الشريعة، وقع الطلاق واحدا و ألغي قوله ثلاثا.

المسألة 50:

إذا كان الرجل من أتباع أحد مذاهب الجمهور الذين يرون صحة الطلاق ثلاثا، فطلق زوجته بالثلاث مرسلة أو مكررة وفقا لمذهبه، ألزم بالعمل بذلك، سواء كانت زوجته من أتباع تلك المذاهب أيضا، أم كانت شيعية، فلا يصح منه الرجوع بها أو العقد عليها حتى تنكح زوجا غيره، و إذا هو رجع بها في العدة أو عقد عليها بعد العدة كان ذلك باطلا، إلزاما له برأي مذهبه، و جاز التزويج بالمرأة بعد انقضاء عدتها من الطلاق، و إذا كانت الزوجة شيعية جاز لها أن تتزوج بغيره بعد انقضاء عدتها منه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 180

و كذلك إذا حلف بطلاقها، أو طلقها و هي في طهر المواقعة أو في أيام الحيض أو النفاس، أو طلقها طلاقا معلقا، أو بغير شاهدين عدلين مما يرى مذهبه صحة ذلك و نفوذه، فإذا أجراه ألزم بالعمل وفق مذهبه، فتطلق منه زوجته بذلك، و يصح للشيعي التزويج بها بعد انقضاء عدتها منه، سواء كانت الزوجة موافقة للمطلق في المذهب أم مخالفة له، و ان كان المذهب الشيعي لا يرى صحة ذلك الطلاق.

المسألة 51:

ما ذكرناه من إلزام أهل كل مذهب بما يقوله مذهبهم يجري في غير المسلمين أيضا، فإذا طلق الرجل الذمي زوجته الذمية طلاقا يوافق به دينه، و انقطعت بذلك صلته الزوجية بالمرأة بعدة أو بغير عدة، كما يراها ذلك الدين، جاز التزويج بتلك المطلقة بعد أن أصبحت خلية ليس لها زوج بمقتضى تعاليم دينهم.

المسألة 52:

إذا كان الرجل من اتباع أحد المذاهب غير الشيعة، و طلق زوجته طلاقا يوافق فيه مذهبه و يخالف مذهب الشيعة في بعض الشروط، كالطلاق في أيام الحيض و في طهر المواقعة و كالحلف بالطلاق و غير ذلك من موارد الخلاف بين المذهبين، ثم انتقل الرجل الى مذهب الشيعة، جرت عليه أحكام الشيعة، فإذا كان طلاقه فاقدا لبعض الشرائط كان باطلا، و حكم ببقاء النكاح بينه و بين زوجته.

الفصل الثالث في أقسام الطلاق

المسألة 53:

ما يوقعه الرجل على زوجته من الطلاق يكون على نحوين:

أحدهما ما يكون الطلاق مستجمعا لجميع الشرائط التي قدمنا ذكرها في الفصلين السابقين، و بينا أنها أمور تعتبر في صحة الطلاق، فلا ينفذ الطلاق و لا تترتب عليه آثاره إذا فقد واحد منها، و يسمى الطلاق الجامع للشروط المشار إليها: طلاق سنة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 181

و ثانيهما ما يفقد فيه جميع الشروط المبينة، أو يفقد فيه بعضها و ان كان المفقود شرطا واحدا منها، و يسمى هذا: طلاق بدعة، و قد اتضح مما سبق أن طلاق البدعة يشمل عدة أنواع، فمنه طلاق غير البالغ، و طلاق غير العاقل، و غير المختار، و غير القاصد، و منه طلاق المرأة الحائض في أيام حيضها و طلاق النفساء في أيام نفاسها حسب ما فصلنا ذكره و منه طلاق المرأة و هي في طهر جماعها، و طلاق المسترابة قبل أن تنتهي مدة التربص، و الطلاق المعلق و طلاق الثلاث، و الطلاق بغير شهود، و غيرها مما تقدم توضيحه أو تقدمت الإشارة إليه.

المسألة 54:

ينقسم طلاق السنة إلى قسمين: (1) رجعي، و (2) بائن.

و الرجعي هو الطلاق الذي يجوز للرجل بعده أن يرجع بنكاح المرأة المطلقة ما دامت في العدة، و البائن هو الطلاق الذي ليس للرجل بعده أن يرجع بالمطلقة، و الطلاق البائن يكون على ستة أنواع:

(الأول): طلاق المرأة غير المدخول بها، سواء كانت صغيرة أم كبيرة.

(الثاني): طلاق الزوجة الصغيرة و هي التي لم يبلغ عمرها تسع سنين، و ان كان الزوج قد دخل بها، و قد تقدم الحكم بحرمة الدخول بها في كتاب النكاح، فإذا دخل الزوج بها كان آثما بدخوله، و إذا طلقها بعد ذلك كان طلاقها بائنا

لا رجوع فيه.

(الثالث): طلاق المرأة بعد أن تبلغ سن اليأس من المحيض، سواء دخل بها أم لم يدخل، و هذه الأقسام الثلاثة من النساء لا تجب عليهن عدة بعد الطلاق.

(الرابع): طلاق الخلع إذا كرهت المرأة زوجها فبذلت له مقدارا من المال، و طلقها الزوج على ذلك و لم ترجع في ما بذلت له من الفدية، فيكون الطلاق بائنا، و إذا رجعت ببذلها بعد الطلاق، جاز للزوج أن يرجع بها في العدة، فيكون الطلاق رجعيا، و إذا لم تكن المرأة ذات عدة كاليائسة و غير المدخول بها، فلا يجوز لها أن ترجع بالبذل بعد الطلاق.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 182

(الخامس): طلاق المبارأة إذا بذلت المرأة للزوج فطلقها كذلك و لم ترجع بالبذل، فيكون طلاقها بائنا لا رجعة فيه و تجري فيه الفروض و الأحكام التي ذكرناها في طلاق الخلع.

(السادس): الطلاق الثالث الذي يأتي بعد طلاقين قبله، متصلين به بحيث تكون بعد كل طلاق رجعة للزوج بالمرأة و ان كان الرجوع إليها بعقد جديد و لم تتزوج بينها بزوج آخر، فتبين المرأة بالطلاق الثالث.

المسألة 55:

إذا طلق الرجل زوجته الحرة طلاقا رجعيا، ثم رجع بها في العدة، ثم طلقها مرة ثانية كذلك، ثم رجع بها في العدة، ثم طلقها مرة ثالثة حرمت عليه المطلقة فلم يجز له الرجوع بها في العدة، و لا تزويجها بعد العدة بعقد جديد و لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، سواء دخل بالمرأة بعد رجوعه بها في المرة الأولى أو الثانية أو فيهما معا أم لم يدخل بها، و حتى إذا وقعت الطلاقات الثلاثة في طهر واحد على النهج المذكور أو في مجلس واحد.

و كذلك إذا تزوج مطلقته بعد انتهاء العدة الرجعية

أو بعد الطلاق البائن، ثم طلقها و تزوجها أو رجع بها حتى استكملت ثلاث طلقات كذلك فتحرم عليه المطلقة بعد الطلاق الثالث حتى تنكح زوجا غيره، و هذا كله في المرأة الحرة و ان كان الزوج المطلق عبدا.

المسألة 56:

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 7، ص: 182

الطلاق العدي هو أن يطلق الرجل امرأته الحرة طلاقا رجعيا جامعا للشرائط المعتبرة في صحة الطلاق، ثم يرجع بها في أثناء عدتها و يواقعها بعد الرجوع، و يمهلها حتى تحيض بعد المواقعة و تطهر من الحيض، ثم يطلقها مرة ثانية كذلك، و يرجع بها في عدتها و يواقعها بعد الرجعة، فإذا حاضت بعد الجماع و طهرت، طلقها مرة ثالثة، فتحرم عليه المرأة بذلك حتى تنكح زوجا غيره، فإذا تزوجت رجلا، و وطأها الرجل على الشروط الآتي بيانها ثم فارقها بموت أو طلاق، حل للرجل الأول أن يتزوجها، فإذا تزوجها و صنع معها مثل صنعه السابق، فطلقها ثم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 183

رجع بها في العدة و واقعها ثم طلقها في طهر غير طهر المواقعة، حتى أكمل ثلاث تطليقات على التفصيل المذكور حرمت عليه في الثالثة و هو الطلاق السادس حتى تنكح زوجا غيره، فإذا نكحت على الوجه السابق بيانه و فارقت الزوج الآخر حلت للزوج الأول، فإذا تزوجها و جامعها ثم طلقها طلاقا تام الشروط و رجع بها على نهج ما سبق، حتى أكمل ثلاث تطليقات بينها رجعتان و بعد كل رجعة جماع، حرمت المرأة عليه بعد الطلاق الثالث، و يكون هو التاسع من مجموع ما أوقعه على المرأة من الطلاق و

تكون حرمتها مؤبدة، و قد ذكرنا هذا في السبب الرابع من أسباب التحريم في النكاح، و هذا إذا كانت المطلقة حرة سواء كان الزوج المطلق حرا أم عبدا مملوكا أم مبعضا.

المسألة 57:

إذا طلق الرجل زوجته الأمة، ثم رجع بها في العدة أو تزوجها بعقد مستأنف بعد العدة أو بعد الطلاق البائن، ثم طلقها مرة ثانية، حرم عليه نكاحها حتى تنكح زوجا غيره، سواء دخل بها قبل أحد الطلاقين أم لم يدخل بها أصلا، أم دخل بها قبل كل واحد منهما، و سواء كان الزوج المطلق حرا أم عبدا أم مبعضا.

المسألة 58:

إذا طلق الرجل زوجته المملوكة بعد الدخول بها طلاقا رجعيا تام الشروط، ثم رجع بها في أثناء العدة و واقعها بعد الرجوع، و طلقها مرة ثانية بعد أن حاضت و طهرت، حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا غيره، كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فإذا نكحت زوجا آخر حرا أو عبدا أو مبعضا و دخل بها الزوج الثاني، ثم فارقها بموت أو طلاق حلت بعد العدة منه للزوج الأول، فإذا تزوجها و دخل بها، و طلقها مرتين و بينهما رجوع في العدة و دخول، حرمت عليه مرة ثانية حتى تنكح زوجا غيره كما سبق، فإذا نكحت و دخل بها الزوج الثاني ثم فارقها حلت بعد العدة منه للزوج الأول، فإذا تزوج بها و دخل و طلقها مرتين على نهج ما تقدم حرمت عليه حرمة مؤبدة على القول المشهور بين الفقهاء، و القول به مشكل، و لكن الاحتياط بالاجتناب لا يترك

كلمة التقوى، ج 7، ص: 184

و قد ذكرنا هذا في المسألة المائتين و الأربعين من كتاب النكاح.

المسألة 59:

لا تثبت الحرمة المؤبدة للزوجة الحرة في طلاقها تسعا إذا فقد منه بعض الشروط التي ذكرناها للحرمة فلا تحرم على الرجل إذا طلقها في جميع المرات التسع أو في بعضها من غير دخول قبل كل طلاق، و لا تحرم عليه إذا لم تكن عودته الى نكاح المرأة برجعة إليها في العدة، بل كانت عودته بعقد مستأنف في جميع المرات أو في بعضها، و ان حرم نكاحها على الرجل بعد كل ثلاث طلقات يوقعها عليها حتى تنكح زوجا غيره من غير فرق بين أنحاء الطلاق الصحيح و الرجوع قبله أو بعده، و كذلك الحكم في الأمة إذا طلقها الزوج مرتين

على أي نحو من أنحاء الطلاق و الرجوع، فإذا نكحت زوجا آخر، و فارقها بعد الوطء و اعتدت منه حلت للأول مهما بلغ عدد الطلاق إذا لم تجتمع شروط الطلاق العدي الذي يثبت بعده التحريم المؤبد، و ان كان الأحوط استحبابا اجتناب نكاح الحرة إذا بلغ طلاقها تسعا على أي نحو وقع من الأنحاء و اجتناب نكاح الأمة إذا بلغ طلاقها ستا غير جامع لشرائط التحريم.

المسألة 60:

إذا حرمت المرأة على الرجل بعد أن يطلقها ثلاث مرات، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره كما نطقت به الآية الكريمة، و يشترط في الزوج الذي تحل بنكاحه المرأة على المطلق ثلاثا: أن يكون رجلا بالغا، و ان يكون زواجه المرأة بالنكاح الدائم، و أن يجامعها قبلا حتى ينزل، فلا تحل المرأة لزوجها الأول بنكاح الثاني إذا كان صبيا أو مراهقا على الأقوى، و ان جامعها بعد العقد عليها، و لا تحل بنكاحه إذا تزوجها بعقد المتعة أو وطأها بملك اليمين أو بالتحليل إذا كانت أمة مملوكة، و لا تحل بنكاحه إذا عقد عليها و لم يجامعها، أو جامعها دبرا أو جامعها قبلا و لم ينزل.

المسألة 61:

نكاح الزوج الآخر للمطلقة على الوجه الآنف ذكره يهدم الطلقات الثلاث كما بيناه، فتحل به المرأة للرجل الأول بعد ما حرمت عليه،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 185

و يهدم ما دون الثلاث من الطلاق، فإذا تزوج الرجل امرأة و طلقها مرة أو مرتين ثم تزوجت رجلا غيره، ثم تزوجها الأول لم تحرم عليه الا بثلاث طلقات جديدة، و لا يعد الطلاق الأول و الثاني السابقان منها.

المسألة 62:

إذا طلق الرجل المرأة ثلاثا و حرمت عليه، ثم سألها عن حالها بعد فترة، فقالت له: انها قد تزوجت من بعده رجلا غيره، و قد فارقها ذلك الزوج و اعتدت منه، كان له أن يصدق قولها و يتزوجها إذا كان صدقها محتملا، و لم يجب عليه أن يفحص و يسأل إذا كانت موثوقة غير متهمة.

المسألة 63:

إذا عقد الزوج الثاني على المطلقة ثلاثا، و خلا بها ثم طلقها، فادعت ان الزوج قد أصاب منها و لم ينكر الرجل ذلك، صدق قولها و جاز للأول أن يتزوجها، و إذا أنكر الزوج الثاني أنه دخل بها و لم يصدق قولها، أشكل الحكم بحلها للزوج الأول، فلا بد من الاحتياط.

المسألة 64:

إذا تزوجت المطلقة ثلاثا زوجا ثانيا فوطأها وطأ محرما، فجامعها في أيام حيضها مثلا أو في الصيام الواجب أو في أثناء الإحرام بحج أو بعمرة، كفى ذلك في تحليلها للزوج الأول و ان كان ما فعلاه محرما عليهما. و إذا تزوجها الثاني و وطأها، ثم ظهر بعد ذلك فساد عقدهما لم يصح ذلك و لم تحل به للأول، و كذلك إذا وطأها الثاني لشبهة في غير هذه الصورة.

المسألة 65:

ذكرنا في المسألة الثالثة و الخمسين طلاق السنة، و هو ما اجتمعت فيه شروط الصحة في الطلاق، و يقابله طلاق البدعة، و هو ما لم تتوفر فيه الشروط، سواء فقد بعض الشروط أم فقد جميعها، كما أوضحناه في المسألة المذكورة، و يقال للأول طلاق السنة بالمعنى الأعم.

و قد يقول الفقهاء: طلاق السنة، و يعنون به ما يقابل العدي، فالطلاق العدي هو ما يرجع به الرجل بزوجته في أثناء عدتها ثم يجامعها

كلمة التقوى، ج 7، ص: 186

بعد الرجعة و يطلقها بعد ذلك في طهر غير طهر المواقعة، و طلاق السنة هو ما يرجع فيه الرجل بالمرأة في أثناء العدة و يطلقها من غير جماع، و قد يقولون: طلاق السنة بالمعنى الأخص و يريدون به أن يطلق الرجل زوجته و لا يرجع بها حتى تنقضي عدتها و يتزوجها بعد العدة و هكذا.

المسألة 66:

إذا شك الرجل في أنه طلق زوجته أو لم يطلقها، بنى على انه لم يطلقها و أن صلة النكاح بينه و بين المرأة لا تزال باقية، فيجوز له وطؤها و تجب عليه نفقتها و يلزمه ترتيب آثار الزوجية لها.

المسألة 67:

إذا طلق امرأته و رجع بها، و شك في عدد مرات الطلاق، هل طلقها مرتين، فيجوز له الرجوع بها، أو طلقها ثلاثا، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، بنى على الأقل، و هكذا إذا تعدد الطلاق العدي، و شك في أنه طلقها ثماني مرات، فيحل له الرجوع بالزوجة، أو أنه طلقها تسعا، فتحرم عليه مؤبدا فيبني على الأقل.

الفصل الرابع في عدة الفراق

المسألة 68:

تجب العدة على المرأة إذا فارقها الزوج بطلاق أو بفسخ عقد لأحد الأمور الموجبة لجواز الفسخ من عيب أو تدليس، أو بانفساخ النكاح لعروض أمر يوجب ذلك كالرضاع و الارتداد و نحوهما و بانقضاء الأجل أو هبة المدة في عقد المتعة، مع مراعاة الشروط الآتي ذكرها، و هذا ما نذكره في هذا الفصل. و تجب عليها العدة لموت الزوج، و لوطء الرجل للمرأة شبهة، و هذا ما نذكره في الفصلين الآتيين ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 69:

دخول الرجل بالمرأة الذي تترتب عليه الأحكام من الغسل و المهر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 187

و العدة في الطلاق و أخواته هو إيلاج الحشفة فيها في القبل أو الدبر سواء أنزل أم لم ينزل، بل و ان لم ينتشر العضو و لم ينعظ لمرض أو شبهه، و سواء كان فعله حلالا أم حراما، كما إذا وطأها في حال الحيض أو في صوم واجب.

المسألة 70:

إذا أمنى الزوج على فرج زوجته فسبق الماء اليه من غير دخول، أو أدخل الماء فيه بمساحقة أو بتوسط أنبوب أو إبرة حاقنة، ثم طلقها الزوج أو فسخها أو وهبها مدة المتعة، فالظاهر وجوب العدة على المرأة من فراقه و ان لم يدخل بها، و عدتها كعدة غيرها، وضع الحمل إذا كانت حاملا، و تربص ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إذا كانت غير حامل و كان العقد دائما، و تربص حيضتين كاملتين أو خمسة و أربعين يوما إذا كانت غير حامل و كان العقد منقطعا.

و إذا استبرأت من الماء المذكور، ثم طلقها الزوج بعد الاستبراء من غير دخول فالظاهر عدم وجوب العدة عليها.

المسألة 71:

يحكم بتحقق اليأس من المحيض في المرأة إذا بلغت من العمر ستين سنة تامة و كانت قرشية، أو بلغت خمسين سنة تامة و كانت غير قرشية، و يحكم ببلوغ الصبية و خروجها عن حد الصغر إذا بلغت من العمر تسع سنين كاملة.

المسألة 72:

إذا شك في المرأة هل هي قرشية أو غير قرشية كان لها حكم غير القرشية فيحكم بيأسها إذا بلغت خمسين سنة، و إذا شك في المرأة هل بلغت سن اليأس أو لم تبلغ ثبت لها حكم غير اليائسة، فإذا طلقت وجبت عليها العدة، و إذا شك في الصبية هل أكملت تسع سنين أو لم تكمل لحقها حكم غير البالغة فلا تجب عليها العدة في الطلاق و ان دخل بها الزوج.

المسألة 73:

إذا طلق المرأة زوجها قبل أن تيأس، فرأت دم الحيض مرة واحدة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 188

أو مرتين ثم بلغت سن اليأس، وجب عليها أن تكمل عدتها بالأشهر، فإذا كانت قد اعتدت بطهرين بعد الطلاق و قبل اليأس، أكملت العدة بشهر واحد و إذا رأت طهرا واحدا أكملت العدة بشهرين، و إذا كانت قبل اليأس ممن تعتد بالأشهر، فاعتدت بشهر واحد أو بشهرين ثم يئست أكملت عدتها ثلاثة أشهر.

المسألة 74:

إذا فارق الزوج امرأته بطلاق أو فسخ أو بانقضاء أمد نكاحها إذا كان منقطعا أو هبة المدة، و كانت المرأة حاملا من الزوج، فعدتها الى أن تضع حملها سواء طالت مدته أم قصرت، و ان وضعته بعد الطلاق بفترة وجيزة، و ان كان سقطا غير تام الخلقة مضغة أو علقة إذا تحقق كونه حملا.

المسألة 75:

إذا طلقها الزوج أو فسخها أو انقضت مدتها من نكاحه و كانت حاملا من غيره اعتدت منه بالأقراء أو بالمشهور كما يأتي تفصيله ان شاء اللّه تعالى، و لا صلة لعدتها منه بالحمل، فان كان الحمل من الزنا اعتدت المرأة بالأقراء أو بالمشهور لطلاق الزوج و لم يكن للحمل أثر للزاني و لا للزوج المطلق، و ان كان بوطء شبهة اعتدت بمدة الحمل لوطء الشبهة و اعتدت بالأقراء أو الشهور للطلاق و سيأتي الكلام في ما إذا كانت حاملا من الزوج ثم وطئت شبهة و في تقدم الطلاق على وطء الشبهة و سبق الوطء على الطلاق إذا كانت حائلا.

المسألة 76:

إذا طلقها الزوج و كانت حاملا منه بأكثر من واحد، فالظاهر ان المرأة لا تبين من الزوج حتى تضع الجنين الأخير مما في بطنها سواء كان الحمل باثنين أم بأكثر، فإذا وضعت واحدا و لم تضع الآخر بعد، جاز للزوج أن يرجع بها فإنها لا تزال في العدة منه، و ان كان الأحوط أن لا يرجع الزوج بالمرأة بعد وضع الأول و أن لا تنكح المرأة زوجا غيره حتى تضع الأخير.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 189

المسألة 77:

إذا طلقت المرأة أو فسخ نكاحها أو انفسخ و كان النكاح دائما و هي غير حامل من الزوج كانت عدتها بالأقراء أو بالشهور، فإذا كانت حرة مستقيمة الحيض، فعدتها ثلاثة قروء، و إذا كانت أمة مستقيمة الحيض اعتدت بقرئين، و يراد بمستقيمة الحيض من تكون مواعيد حيضها متعارفة بين النساء، و المتعارف بين النساء أن تحيض المرأة في كل شهر مرة و قد تحيض في الشهر مرتين، و تلحق بها في الحكم من تحيض في الشهرين مرة و من تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة، فتعتد الحرة المطلقة في هذه الفروض كلها بثلاثة قروء و تعتد الأمة بقرءين.

المسألة 78:

إذا كانت المطلقة ممن لا يأتيها الحيض و هي في السن التي تحيض فيه أمثالها، فعدتها بالشهور فإذا كانت حرة اعتدت بثلاثة أشهر، و إذا كانت أمة اعتدت بخمسة و أربعين يوما، سواء كان انقطاع الحيض عنها لسبب أصلي في خلقتها، أم لعارض من مرض أو رضاع أو لكونها في أوائل البلوغ، و تلحق بها من كانت غير مستقيمة الحيض، و هي من يفصل بين الحيضتين فيها ثلاثة أشهر أو أكثر، فتعتد من الطلاق بثلاثة أشهر إذا كانت حرة، و بخمسة و أربعين يوما إذا كانت أمة.

المسألة 79:

الأقراء التي تعتد بها المرأة إذا كانت مستقيمة الحيض هي الأطهار، و يكفي في الطهر الأول من أطهار العدة ما يتحقق به مسمى الطهر، فإذا طلق الرجل امرأته و هي طاهر، و بقيت بعد الطلاق على طهرها فترة و ان كانت قليلة جدا، ثم طرقها الحيض عدت تلك الفترة القليلة قرءا من أقراء العدة، فإذا كانت حرة أكملت عدتها بقرءين آخرين، و القرء هنا هو النقاء الكامل بين الحيضتين سواء طالت مدته أم قصرت، فإذا رأت أول الدم الثالث انتهت عدتها، و إذا كانت أمة أكملت عدتها بقرء آخر، فإذا رأت أول الدم الثاني انتهت عدتها.

المسألة 80:

إذا أوقع المطلق صيغة الطلاق في آخر طهر المرأة، فاتفق آخر صيغة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 190

الطلاق مع آخر طهر المرأة، و لم يتخلل بين آخر الطلاق و أول الحيض شي ء من الطهر حتى لحظة، صح الطلاق لوقوعه في حال الطهر و وجب على المرأة إذا كانت حرة أن تعتد بثلاثة أطهار تامة فلا تنقضي عدتها حتى ترى أول الحيض الرابع، و وجب على الأمة أن تعتد بطهرين كاملين، فلا تنتهي عدتها حتى ترى أول الحيض الثالث.

المسألة 81:

إذا انقضى أجل المرأة المتمتع بها أو وهبها زوجها بقية المدة بعد الدخول بها، و كانت حاملا من الزوج، وجب عليها أن تعتد منه مدة حملها، فإذا وضعت حملها انقضت عدتها، سواء طالت المدة أم قصرت، و سواء وضعت حملها تاما أم ناقصا على ما مر في بيان ذلك، و إذا كانت حائلا و مستقيمة الدم، فعدتها حيضتان كاملتان، على الأقوى، فلا تنتهي الثانية من الحيضتين الا بالنقاء الكامل منها، و لا تعد الأولى إذا نقص من أولها بعض الأيام أو الساعات، فإذا انقضت مدة المتعة في أثناء الحيض أو وهبها الزوج بقية المدة في أثنائه لم تعد تلك الحيضة الناقصة من العدة، و لا بد من حيضتين كاملتين بعدها، و إذا كانت المرأة حائلا و غير مستقيمة الدم أو كانت ممن لا تحيض و هي لا تزال في سن من تحيض وجب عليها أن تعتد بخمسة و أربعين يوما و قد ذكرنا هذا في فصل النكاح المنقطع من كتاب النكاح و لا فرق في هذه الأحكام بين أن تكون المرأة المتمتع بها حرة أو أمة مملوكة.

المسألة 82:

إذا فسخ النكاح بين الزوجين لعيب أو تدليس و كان الفسخ بعد الدخول بالمرأة، فعدتها منه كعدة الطلاق على ما بيناه في الحامل و غير الحامل و في الحرة الدائمة و المتمتع بها، و كذلك: إذا انفسخ نكاحهما بأحد موجبات الانفساخ كالرضاع و الارتداد و إسلام الزوجة مع بقاء الزوج على كفره، فعدتها في كل ذلك كعدة الطلاق، و إذا ارتد الزوج و كان ارتداده عن فطرة بانت منه زوجته و اعتدت منه عدة الوفاة، و الأمة بحكم الحرة في جميع ذلك على الأحوط.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 191

المسألة 83:

إذا كانت المطلقة و من هي في حكمها ممن تعتد بالأشهر، فالمعتبر في عدتها هو الشهر الهلالي، سواء كان ناقصا أم تاما، فإذا طلقها زوجها أو فسخ نكاحها في مطلع هلال الشهر، أتمت الشهور الثلاثة هلالية، و إذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت بقية الشهر الأول، و جعلت الشهر الثاني و الثالث هلاليين، ثم أخذت من أيام الشهر الرابع ما يتم به الشهر الأول ثلاثين يوما على الأحوط.

المسألة 84:

إذا طلقت المرأة الأمة أو فسخت و هي ممن يعتد بالأيام لا بالقروء وجب عليها أن تعتد بخمسة و أربعين يوما و ان وقع طلاقها في هلال الشهر، فلا تكتفي بشهر هلالي و نصف إذا كان ناقصا، و كذلك الحكم في المرأة المتمتع بها إذا انقضى أجلها أو وهبت لها مدتها بعد الدخول بها و كانت ممن يعتد بالأيام لا بالقروء، فيجب عليها أن تتم خمسة و أربعين يوما.

المسألة 85:

إذا وطأ السيد أمته بملك اليمين ثم أعتقها، وجب عليها أن تعتد منه عدة الحرة في الطلاق فإذا كانت حاملا منه اعتدت حتى تضع حملها، و إذا كانت حائلا اعتدت بثلاثة قروء أو بثلاثة أشهر حسب ما ذكرناه في عدة الحرة.

المسألة 86:

تبدأ عدة الطلاق من حين إيقاع الطلاق على المرأة سواء علمت به أم لم تعلم، و سواء كان الزوج حاضرا أم غائبا و سواء كانت المرأة صغيرة أم كبيرة، و كذلك العدة في الفسخ و الانفساخ، فإذا لم تعلم المرأة بوقوع الطلاق أو الفسخ حتى انقضت العدة لم تجب عليها عدة أخرى.

المسألة 87:

إذا سئلت المرأة عن حالها، فادعت أنها حائض، صدق قولها فلا يجوز للزوج ان يطلقها في تلك الحال و إذا طلقها كان طلاقه باطلا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 192

و إذا أوقع الرجل طلاق الزوجة، و ادعت الزوجة بعد ذلك أن الطلاق باطل لأنه وقع في حال الحيض و أنكر الزوج ذلك كان القول قول الزوج مع يمينه لأنه يدعي الصحة.

المسألة 88:

يقدم قول المرأة في انقضاء العدة و في عدم انقضاءها، فإذا ادعت هي ان عدتها قد انقضت و لا رجوع للرجل بها و أنكر الزوج انقضائها فالقول قولها مع يمينها، و إذا ادعت هي أن العدة لم تنقض بعد و ادعى الزوج ان العدة قد انقضت فلا حق لها في النفقة، قدم قولها أيضا مع يمينها، سواء كانت عدتها بمدة الحمل أم بالاقراء أم بالشهور.

المسألة 89:

إذا قال الرجل: انه قد طلق المرأة قبل قوله و أخذ بإقراره، حتى إذا ادعى انه طلقها قبل مدة بحيث أن المرأة قد خرجت من العدة، فلا يكون له حق على المرأة من حقوق الزوجية، و لا تسقط بذلك حقوق المرأة من النفقة في المدة السابقة على اخباره لها بالطلاق، فتجوز لها مطالبته بذلك.

المسألة 90:

مطلقة الإنسان بالطلاق الرجعي بمنزلة الزوجة له ما دامت في عدته، و لذلك فيحل لكل واحد منهما النظر الى الآخر، و يجوز للرجل أن يدخل عليها بغير اذن، و يستحب لها أن تظهر له زينتها، و تلزمه نفقتها من الطعام و الإدام و الكسوة و السكنى، إذا لم تكن ناشزة، و تجب عليها طاعته، و يحرم عليها أن تخرج من بيته بغير اذنه كما هو الحكم في الزوجة، و يحرم عليه أن يتزوج بأختها ما دامت هي في العدة، و إذا كانت لديه ثلاث زوجات، دائمات و هي رابعتهن لم يجز له أن يتزوج الخامسة ما دامت في العدة، و يجب عليه دفع فطرتها إذا اتفق يوم الفطر في عدتها، و إذا ماتت وجب عليه كفنها و تجهيزها، و إذا مات أحدهما في أثناء العدة ورثة الآخر كما يتوارث الزوجان.

المسألة 91:

إذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا، بانت منه المرأة و ان كانت ذات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 193

عدة، كالمختلعة، و المبارأة المدخول بهما، و المطلقة ثلاثا بعد الدخول، فلا يترتب لها شي ء من آثار الزوجية، فلا توارث بينهما إذا مات أحدهما في العدة، و لا يحرم على الرجل أن يتزوج أخت المرأة و هي في العدة، و لا يحرم عليه أن يتزوج بخامسة، و لا تستحق عليه نفقة إلا إذا كانت حاملا منه فتستحق النفقة حتى تضع حملها و قد ذكرنا هذا في فصل النفقات من كتاب النكاح.

المسألة 92:

لا يجوز للرجل أن يخرج مطلقته الرجعية من بيتها الذي عينه لسكناها في أيام العدة، إلا إذا أتت بفاحشة مبينة، كما إذا ارتكبت ما يوجب الحد، أو فعلت ما يوجب النشوز، أو كانت بذيئة اللسان أو كانت تتردد الى من لا يحل لها الاجتماع بهم أو يترددون عليها.

و لا يجوز لها أن تخرج من البيت إلا بإذن زوجها إلا لضرورة تستدعي ذلك، أو لأداء واجب قد ضاق وقته فيجوز لها الخروج بمقدار ما تتأدى به الضرورة.

المسألة 93:

رجوع الرجل بمطلقته الرجعية: إيقاع من الإيقاعات، و لذلك فلا يعتبر في صحته قبول المرأة و لا رضاها به، فيصح الرجوع من الزوج و ان كرهت الزوجة ذلك وردته، و رجوع الرجل بالمرأة يعني ارتجاعه لصلة النكاح بينه و بينها على ما كانت قبل الطلاق، و لذلك فيصح إنشاؤه بأي لفظ يدل على هذا المقصود، فيقول: رجعت بمطلقتي فلانة، أو أرجعتها الى زوجيتي، أو ارتجعتها الى نكاحي، أو رددتها الي أو إلى نكاحي، أو أمسكت بالزوج ما بيننا، و غير هذا من الألفاظ الدالة على المقصود و ان كان ظهورها فيه بمعونة القرائن، و يصح إنشاؤه بالفعل، كما إذا ضم المطلقة اليه أو قبلها بشهوة، أو لمس بعض المواضع منها أو فعل شبه ذلك مما لا يحل فعله لغير الزوج، و كان قاصدا به الرجوع، فلا عبرة بفعل الساهي أو الناسي أو النائم أو الغالط، و لا عبرة بالفعل إذا قصد به غير المطلقة، كما إذا ظن أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 194

اعتقد أنها امرأة أخرى فقبل أو لمس، بل و حتى إذا وطأها بذلك الاعتقاد.

المسألة 94:

إذا وطأ الرجل مطلقته الرجعية و هي في أثناء عدتها منه كان ذلك رجوعا بالمرأة و ان لم يقصد بفعله الرجوع بها، و إذا فعل معها ما دون الوطء كالتقبيل و الضم و اللمس و شبه ذلك فلا يكون ذلك رجوعا بها إلا إذا قصد بفعله الرجوع بها.

المسألة 95:

إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، ثم أنكر الطلاق بعد ذلك و هي لا تزال في عدتها منه، كان إنكاره رجوعا بالمرأة، و ان علم انه طلق زوجته و أشهد على الطلاق.

المسألة 96:

لا يشترط في صحة الرجوع بالمطلقة أن يكون بحضور شاهدين، و ان كان الاشهاد عليه أفضل و أحوط و لا يعتبر في صحته أن تعلم المرأة به حال الرجوع، فإذا رجع الرجل بها و لم يشهد على رجعته أحدا و لم تعلم به المرأة صح رجوعه و رجعت المرأة إلى زوجيته، فإذا ادعى الرجعة و العدة باقية، قبل قوله و لزم المرأة أن ترجع الى زوجيته، و إذا ادعى بعد العدة انه قد رجع بها في أثناء العدة احتاج في دعواه الى ما يثبتها، و من أجل ذلك كان الاشهاد على الرجعة أفضل و أحوط.

المسألة 97:

يصح للرجل أن يوكل أحدا في إنشاء الرجعة بمطلقته، فيقول الوكيل للمرأة: ارجعتك الى نكاح موكلي فلان، أو رجعت بك الى نكاحه أو يقول: أرجعت مطلقة موكلي فلان الى زواجه.

المسألة 98:

إذا طلق الرجل زوجته ثم رجع بها بعد الطلاق، و ادعى ان الطلاق بعد الدخول فتكون المطلقة ذات عدة و يجوز له الرجوع بها، و أنكرت الزوجة الدخول و لذلك فلا تكون لها عدة و لا تكون له رجعة، فالقول قول المرأة مع يمينها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 195

المسألة 99:

جواز رجوع الرجل بمطلقته الرجعية في أيام عدتها انما هو حكم من الأحكام الشرعية المجعولة و ليس حقا من الحقوق ليكون قابلا للإسقاط، و لذلك فلا يسقط إذا أسقطه الرجل باختياره أو صالحته المرأة عنه بعوض أو بغير عوض، فيصح له الرجوع ما دامت في العدة.

المسألة 100:

إذا طلق الرجل زوجته بعد الدخول بها طلاقا رجعيا، ثم رجع بها في أثناء العدة، ثم طلقها من قبل أن يدخل بها بعد الرجوع، جرى عليها حكم الطلاق بعد الدخول، فيجب عليها استيناف العدة تامة بعد الطلاق الثاني، و لا تسقط العدة عنها، بتوهم انه طلاق قبل الدخول، سواء كان الطلاق الثاني رجعيا أم بائنا.

و كذلك الحكم على الأحوط لزوما في ما إذا طلق الرجل زوجته بعد الدخول بها طلاقا بائنا، ثم تزوجها في أثناء العدة بعقد جديد، و طلقها قبل أن يدخل بها، فلا تسقط عنها العدة بذلك، على الأحوط لزوما، و خصوصا في أمر الفروج، و يلزمها استيناف العدة من أولها.

و قد يحتال بذلك بعض الناس ليتخلص من عدة المرأة، فينكحها شخص آخر في يوم طلاقها الأول، و هو من التلاعب في أمر الفروج، و لا حول و لا قوة إلا باللّه.

و بحكم ذلك أن يتمتع المرأة رجل و يواقعها ثم يهبها المدة و يعقد عليها في أثناء العدة بالعقد الدائم، ثم يطلقها قبل الدخول أو يعقد عليها بالعقد المنقطع مرة ثانية و يهبها المدة قبل الدخول أيضا، ليتخلص من العدة، و يتزوج المرأة رجل آخر في يومها، و الاحتياط في جميع ذلك لازم كما ذكرنا.

المسألة 101:

يجوز للرجل الذي يطلق زوجته و هي حامل منه طلاقا رجعيا أن يرجع بها قبل أن تضع حملها، و يجوز له بعد الرجوع بها أن يطلقها مرة ثانية قبل أن تضع حملها أيضا، من غير فرق بين ان يواقعها بعد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 196

الرجعة أم لا و يجوز له أن يتكرر منه الطلاق و الرجوع قبل وضع الحمل، فإذا طلقها كذلك ثلاثا، لم يحل له

نكاحها حتى تنكح زوجا غيره بعد أن تخرج من عدتها بوضع الحمل. و إذا وطأها بعد كل رجعة و قبل الطلاق منها كان ذلك من الطلاق العدي، فإذا نكحت بعد الوضع زوجا ثم تزوجها و أكمل تسع طلقات على الوجه المعتبر في الطلاق العدي حرمت المرأة عليه مؤبدا كما تقدم تفصيله.

و يستحب له إذا وطأها بعد الرجعة أن لا يطلقها الا بعد مضي شهر من مواقعته إياها، من غير فرق بين الطلاق الثاني و الثالث.

المسألة 102:

إذا طلق الرجل زوجته و هي حائل ثم رجع بها، فإن وطأها بعد الرجعة لم يصح له طلاقها مرة ثانية إلا في طهر آخر، أو بعد استبانة الحمل فيها، أو بعد مضي ثلاثة أشهر إذا أصبحت مسترابة، و إذا لم يطأها بعد رجوعه بها، صح له طلاقها مرة ثانية و ان كانت في الطهر الأول، و كذلك الحكم إذا أراد تطليقها مرة ثالثة، و لكن الأحوط استحبابا تفريق الطلقات على الأطهار.

المسألة 103:

يكره للرجل المريض أن يطلق زوجته، و إذا طلقها كان طلاقه صحيحا، فإذا انقضت عدتها أو كانت ممن لا عدة لها جاز لها أن تتزوج غيره.

المسألة 104:

إذا طلق المريض زوجته و مات في ذلك المرض نفسه ورثته المرأة المطلقة و ان كان موته بعد طلاقها بسنة، سواء كان الطلاق رجعيا أم بائنا، و سواء كانت المرأة من ذوات العدة أم لا، كاليائسة و غير المدخول بها.

و انما ترثه بشروط أربعة:

الأول: أن يكون موت الرجل في المرض الذي طلقها فيه، فإذا بري ء من ذلك المرض ثم مات، لم ترثه المرأة و ان كان موته بمرض يشابه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 197

مرضه الأول، الا إذا كان موته في أثناء عدتها الرجعية فترثه لذلك لا للسبب الأول.

الثاني: أن لا تتزوج المرأة غير الرجل بعد طلاقها منه، فإذا انقضت عدتها من طلاقه أو كانت ممن لا عدة لها، فتزوجت بآخر لم ترث من مطلقها إذا مات قبلها.

الثالث: أن يكون موت الرجل ما بين طلاقه المرأة و بين سنة، فإذا مات بعد الطلاق بأكثر من سنة و لو بيوم واحد و نحوه لم ترثه المرأة.

الرابع: ان لا يكون طلاقها خلعا أو مبارأة، أو يكون الطلاق بطلب منها، فلا ترث الرجل إذا كان طلاقها كذلك.

المسألة 105:

إذا لم يقصد المريض بطلاقه إضرارا بالمرأة، كما إذا طلقها ليخلصها من مشكلة يتوقع حدوثها عليها و كما إذا خاف طول مرضه، فطلقها للتزوج بمن تشاء، ففي إرثها منه إذا مات في غير العدة الرجعية إشكال، فلا يترك الاحتياط بالمصالحة بينها و بين الورثة.

المسألة 106:

لا فرق بين المريض و الصحيح في حكم ميراثه هو من مطلقته إذا ماتت هي قبله، فلا يرثها إذا كان الطلاق بائنا سواء كان موتها في أثناء العدة أم بعدها أم كانت ممن لا عدة لها، و لا يرثها إذا ماتت بعد انقضاء العدة و ان كان الطلاق رجعيا، و يرثها إذا ماتت قبله و هي في عدتها الرجعية منه.

المسألة 107:

لا يلحق بالطلاق غيره من أسباب الفراق كالفسخ بالعيوب أو التدليس و حصول الرضاع المحرم و اللعان و نحو ذلك، فإذا حصل أحد هذه الأسباب في مرض الرجل فحرمت عليه المرأة، لم ترثه و ان كان حصول السبب من جهته.

و لا يلحق بالمرض غيره من الأحوال المخوفة كالأسر الذي لا يأمن معه الأسير على نفسه، و الأخذ لقصاص أو لحد، فإذا طلق الرجل زوجته

كلمة التقوى، ج 7، ص: 198

في تلك الحال لم ترثه، إلا إذا كان الطلاق رجعيا و كان الموت في العدة.

المسألة 108:

إذا طلق الرجل زوجته ثم مات، فادعت المرأة أنه طلقها في حال مرضه، و قال الوارث ان الميت طلقها في حال صحته، لم يثبت لها الميراث إلا إذا أقامت البينة على صدق قولها، أو أقامت البينة على انه طلقها في تأريخ معين و كان من المعلوم أو من الثابت انه كان مريضا في ذلك الحين.

الفصل الخامس في عدة الوفاة

المسألة 109:

تجب العدة على الزوجة إذا مات عنها زوجها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، و حرة أم مملوكة و دائمة أم متمتعا بها، و مدخولا بها أم غير مدخول بها، و حتى إذا كانت ذمية قد تزوجها مسلم، أو كانت طفلة قد تولى وليها عقدها على الزوج. و سواء كان الزوج المتوفى كبيرا أم صغيرا، و حرا أم عبدا، و عاقلا أم مجنونا، و حتى إذا كان طفلا قد تولى وليه عقد الزوجة عليه.

المسألة 110:

تعتد الزوجة الحرة من جميع الأقسام الآنف ذكرها من النساء إذا مات الزوج و كانت حائلا بأربعة أشهر و عشرة أيام، و ان كانت من ذوات الأقراء، أو كانت يائسة من المحيض أو كان الزوج المتوفى عبدا مملوكا، و تعتد إذا كانت حاملا من الزوج المتوفى بأبعد الأجلين من مدة الحمل، و المدة المتقدم ذكرها، فأيهما كان أطول أمدا وجب عليها أن تأخذ به.

المسألة 111:

الأحوط لزوما أن تعتد الأمة المملوكة بما يساوي عدة الحرة في جميع الفروض، فإذا كانت حائلا غير حامل اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أيام، و إذا كانت حاملا اعتدت بأبعد الأجلين من المدة المذكورة و مدة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 199

الحمل سواء كان الزوج عبدا أم حرا أم مبعضا، و كذلك إذا اعتدت من وفاة سيدها و كان يطأها بالملك سواء كانت ذات ولد من السيد أم لا.

المسألة 112:

الشهور التي تعتدها المرأة المتوفى عنها زوجها هي الأشهر الهلالية على الأظهر، فإذا اتفق موته في هلال الشهر، اعتدت زوجته أربعة أشهر هلالية سواء كانت تامة أم ناقصة، ثم أتمتها بعشرة أيام من الشهر الخامس و إذا مات في أثناء الشهر، اعتدت بقية ذلك الشهر، ثم اعتدت الأشهر الهلالية الثلاثة التي تأتي بعدها سواء كانت تامة أم ناقصة، ثم اعتدت من الشهر الخامس ما يكمل الشهر الأول ثلاثين يوما على الأحوط، و أتمت العدة بعدها بعشرة أيام، و الأحوط استحبابا أن تجعل العدة كلها شهورا عددية في جميع الفروض، فتعتد بمائة و ثلاثين يوما.

المسألة 113:

إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، ثم مات الرجل في أثناء عدة المرأة وجب عليها أن تستأنف عدة الوفاة من حين موت الزوج، فإذا كانت غير حامل اعتدت أربعة أشهر و عشرة أيام، و ان كانت حاملا اعتدت بأبعد الأجلين، كما هو الحكم في الزوجة، و سقطت عنها عدة الطلاق. و إذا طلق الرجل زوجته طلاقا بائنا ثم مات في أثناء عدتها، وجب عليها أن تكمل عدة الطلاق بالقروء أو بالشهور أو بمدة الحمل و لم تجب عليها عدة بسبب الوفاة.

المسألة 114:

يجب الحداد على المرأة المعتدة لوفاة زوجها ما دامت في العدة، و يراد بالحداد ان تترك كل ما يعد استعماله زينة لها في نظر أهل العرف، في وجهها و شعرها و رقبتها و جسدها و ثيابها من خضاب، و أصباغ و عطور و كحل و حلي و ألبسه و غيرها، و المرجع في تعيين ذلك كله و تحديده الى العرف كما ذكرنا، فقد تكون ألوان الثياب و الملابس زينة، و قد يكون تطريزها بالعلم و الألوان المختلفة زينة، و قد تكون أزياؤها في الخياطة و التفصيل زينة، و لا يمنع من دخول الحمام و تنظيف الجسد و الثياب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 200

و تقليم الأظفار و شبه ذلك إذا لم يعد في العرف تزينا، كتنظيف الوجه و الرقبة و الأطراف بالحلاقة أو حف الشعر الخفيف، و تنظيف الثياب بإعطائها ألوانا زاهية تجلب النظر، و تقليم الأظفار و تنظيم الشعر بطرائق يستعملها أهل التزين و التجميل.

المسألة 115:

لا يختلف الحكم في وجوب الحداد على الزوجة المعتدة لوفاة زوجها بين أن تكون مسلمة و ذمية، و دائمة، و متمتعا بها، و لا بين أن يكون الزوج صغيرا و كبيرا، و لا يترك الاحتياط في الصغيرة و المجنونة، فعلى الولي أن يجنبهما ما يعد زينة من اللباس و غيره ما دامتا في العدة.

المسألة 116:

لا يجب الحداد على الأمة المملوكة في عدة وفاة زوجها إذا كانت متزوجة، و لا في وفاة مالكها إذا كانت موطوءة له بالملك.

المسألة 117:

لا يترك الاحتياط للمرأة المعتدة لوفاة زوجها بأن لا تخرج من بيتها إلا لضرورة أو لقضاء حاجة أو لفعل طاعة، من حج أو زيارة و نحوهما، أو لأداء بعض الحقوق، و المراد بالضرورة الضرورة العرفية.

المسألة 118:

يجب على المرأة أن تبتدئ في عدة الوفاة من حين بلوغ خبر الوفاة إليها، كما إذا كان الزوج غائبا عنها في سفر أو سجن و لم يصل خبر موته إليها إلا بعد مدة، و كذلك إذا كان حاضرا و لم تعلم بوفاته الا بعد مدة لسبب من الأسباب، و المعيار أن يصلها الخبر على وجه يعتمد عليه العقلاء، و يحصل لهم الاطمئنان بوقوع الوفاة فإذا بلغها الخبر كذلك وجب عليها الاعتداد و لم تحتج الى قيام بينة أو شهادة عدل.

المسألة 119:

إذا غاب الرجل عن زوجته و بلده غيبة طويلة و انقطعت اخباره و لم يعلم بموضعه من البلاد و علمت المرأة بحياته وجب عليها الصبر الى أن تعلم بموته أو بطلاقه إياها و ان طالت المدة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 201

المسألة 120:

إذا فقد الرجل و انقطعت اخباره عن أهله و زوجته، و لم يعلم أ هو حي أم ميت، و كان له ولي يتولى الإنفاق على الزوجة من مال الرجل، أو كان له ولي أو قريب أو متبرع ينفق عليها من مال نفسه في غيبة الرجل، وجب على المرأة أن تصبر و تنتظر حتى يأتي اللّه لها بالفرج، أو تعلم بوفاة الزوج أو بطلاقه إياها، و إذا لم يكن للرجل مال و لم تجد وليا أو متبرعا ينفق عليها، كان لها الخيار بين أن تصبر و تنتظر، و أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي و تخبره بحالها، فإذا رفعت الأمر إليه، ضرب لها أجلا من ذلك اليوم إلى مدة أربع سنين، و فحص عن الرجل في المدة المذكورة في الجهات التي فقد فيها و التي يحتمل وجوده بها، فان تبين له ان الرجل لا يزال حيا وجب عليها الصبر كما تقدم حتى يحصل لها العلم بالموت أو الطلاق، و ان تبين موت الرجل اعتدت المرأة عدة الوفاة، ثم تزوجت ان شاءت، و ان لم يتبين للحاكم الشرعي موت الرجل و لا حياته، فان كان للرجل ولي قد فوض اليه أن يتولى عنه أموره أو يتصرف في شؤونه بالوكالة عنه، أمر الحاكم ذلك الولي المفوض بأن يطلق المرأة عن زوجها، و إذا امتنع عن الطلاق أجبره عليه، و إذا لم يمكن جبره أو لم يكن للرجل

الغائب ولي مفوض كذلك، تولى الحاكم الشرعي طلاق المرأة، فإذا طلقها الولي أو الحاكم اعتدت من الرجل عدة الوفاة، فإذا تم الطلاق على الوجه الآنف ذكره و انقضت العدة جاز لها أن تتزوج من تشاء.

المسألة 121:

الطلاق الذي يوقعه ولي المفقود أو الحاكم الشرعي على زوجة المفقود بعد أن يتم الأجل و الفحص، طلاق رجعي، و المطلقة في أيام عدتها مطلقة رجعية، و ان كانت العدة بقدر عدة الوفاة، و لذلك فلا يجب على المرأة الحداد في أيام العدة، و تستحق المرأة النفقة من مال الرجل ما دامت في العدة كما تستحقها المطلقة الرجعية، و إذا ماتت المرأة في غضون العدة، و علم أن الرجل كان حيا وقت موتها، ورث من مالها نصيب الزوج، و إذا مات الرجل و علم أن موته كان في أيام العدة ورثت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 202

المرأة من تركته نصيب الزوجة كما هو الحكم في توارث الزوجين إذا مات أحدهما في العدة الرجعية.

المسألة 122:

إذا قدم المفقود إلى أهله بعد انقضاء الأجل الذي ضربه الحاكم الشرعي للزوجة و بعد أن تم الفحص في المدة عن المفقود، و قبل إيقاع الطلاق من الولي أو من الحاكم الشرعي، فالزوجة لا تزال زوجته، و ليس لها الامتناع منه، و لا يقع الطلاق عليها الا برضاه، و إذا قدم بعد اجراء الطلاق و في أثناء العدة، كان له الرجوع بالمطلقة ما دامت في العدة، و جاز له إبقاء الطلاق حتى تنتهي العدة و تبين المطلقة، و إذا قدم بعد الطلاق و انتهاء العدة فلا سبيل له على المرأة سواء تزوجت غيره أم لا، و إذا لم تتزوج بعد العدة جاز لهما استئناف النكاح بعقد جديد.

المسألة 123:

إذا بلغ الزوجة خبر وفاة الزوج المفقود و هي في أثناء المدة التي ضربها الحاكم الشرعي للفحص، و هي الأربع سنين، وجب على المرأة ان تعتد له عدة الوفاة، و كذلك إذا بلغها خبر وفاته بعد انقضاء المدة و قبل اجراء الطلاق، و يجب عليها الحداد في كلا الفرضين. و إذا بلغها خبر وفاته و هي في أثناء العدة منه و بعد الطلاق فالأحوط لها أن تستأنف عدة الوفاة من حين وصول الخبر إليها، بل لعل ذلك هو الأقوى.

و إذا بلغها خبر وفاته بعد أن انقضت عدتها منه و كان موته بعد العدة أيضا لم يجب عليها الاعتداد لوفاته، سواء كان بلوغ الخبر لها بعد أن تزوجت أم قبله، و إذا بلغها الخبر بعد انقضاء العدة و كان موته قبل العدة أو في أثنائها، أشكل الحكم بسقوط عدة الوفاة عنها و لا يترك الاحتياط.

المسألة 124:

إذا كان للرجل المفقود عدة زوجات و رفعت إحداهن أمرها إلى الحاكم الشرعي فأجلها أربع سنين، و بحث عن الرجل في المدة المذكورة و لم يستبن من أمره شي ء، و طلق المرأة، ثم طلب باقي الزوجات أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 203

بعضهن من الحاكم أن يطلقهن من الرجل، أشكل الحكم بكفاية التأجيل و الفحص المتقدمين في صحة طلاق الباقي.

و إذا رفع الزوجات جميعا أمرهن إلى الحاكم، أجلهن أربع سنين و فحص عن المفقود في المدة، و اكتفى بذلك في إجراء الحكم عليهن جميعا، فيصح له طلاقهن جميعا.

المسألة 125:

الأحوط لزوما أن يكون تأجيل المدة و الفحص عن الرجل المفقود فيها بأمر من الحاكم كما ذكرناه فلا يكتفى في إجراء الحكم بأن تمر على فقد الرجل أربع سنين كاملة و يحصل الفحص عن الرجل في جميع المدة من المرأة أو من بعض أهلها فلا يعثر له على خبر، إذا لم يكن التأجيل و الفحص بأمر من الحاكم و تحت إشرافه، فلا تطلق المرأة اعتمادا على ذلك، و تشكل جدا صحة هذا الطلاق و ترتيب آثاره المقصودة عليه.

المسألة 126:

الفحص و الطلب للرجل المفقود من الأمور العرفية، و طرائقة بين الناس معلومة معروفة، و ليس للشرع في ذلك طريقة خاصة غيرها، فقد يكون الفحص بإرسال شخص أو أشخاص معتمدين ممن يعرفون الرجل المفقود و يحيطون علما بمشخصاته و معرفاته، و ممن يهتمون بالأمر و يجدون في الطلب و السؤال في البلاد و الأطراف التي يحتمل وجود الرجل فيها، و يدأبون في التنقل و الفحص، و الاجتماع بالناس الذين تذكر أو تحتمل لهم الخبرة بمعرفة الرجل و يعرفونهم بخطر مهمتهم و مقصدهم، و يذكرون لهم صفة الرجل و اسمه و نسبه و ملامحه و مشخصاته ليساعدوهم في الوصول إلى الغاية بنشر الخبر و كثرة السؤال و البحث عنه في الأطراف و النواحي و الأماكن المحتملة، و تسجيل ما يحتاج الى التسجيل، و قد يكون بالمراسلات إلى جماعة ممن يعتمد عليهم في أمثال ذلك ليتحققوا، و يبحثوا عن الرجل في الأماكن و الجهات التي تكون قبلهم ثم يعرفوا الحاكم الشرعي أو وكيله بالنتائج، و قد يكون بالمكالمات الهاتفية أو اللاسلكية و أمثالها، و قد يكون بنشر اعلانات و استفهامات يذكر فيها اسم الرجل و معرفاته و سماته، و

قد يكون

كلمة التقوى، ج 7، ص: 204

بنشر صوره، و قد يكون بالسؤال الدائب من أهل حرفة الرجل و صنعته و الأشخاص الذين يحتمل تعامله معهم في البلاد.

المسألة 127:

يمكن للحاكم الشرعي بعد أن يضرب الأجل أن يوكل الأمر في البحث و التحري عن الرجل الى شخص غيره أو الى أشخاص ممن يعتمد عليهم في ذلك و يقومون به على الوجه المطلوب، كبعض أرحام الرجل أو بعض أقارب المرأة أو المرأة نفسها، و المدار أن يكون الطلب بأمر الحاكم و أن يقع على الوجه المطلوب، و أن يكون الحاكم على معرفة من النتائج.

المسألة 128:

يعتبر في الشخص أو الأشخاص الذين يوكل إليهم أمر التحري بالسؤال منهم أو المراسلة إليهم أن يكونوا من أهل الثقة و الاطمئنان إلى أقوالهم و أن يكونوا ممن يهتمون بالأمر لتترتب على أفعالهم و أقوالهم النتائج الشرعية و لا تشترط فيهم العدالة.

المسألة 129:

يجب الفحص و التحري في البلاد و الجهات و الأماكن التي يظن وجود المفقود فيها، أو التي يحتمل وجوده فيها احتمالا يعتنى به عند العقلاء، و لا يكتفى بالفحص في بلد خاص أو في أمكنة و جهات خاصة منها عن الفحص و التحري في بلاد و جهات و أماكن أخرى إذا كان احتمال وجود الرجل فيها قريبا معتدا به، و لا يجب الفحص في بلاد أو جهات أو أماكن يكون احتمال وجوده فيها ضعيفا لا يعتنى به بين الناس.

و إذا فقد الرجل في بلد معين أو في أماكن معينة، و علم أو ظهر من القرائن انه لم ينتقل منها الى غيرها، وجب الفحص في ذلك البلد و في تلك الأماكن خاصة، و لم يجب الفحص في غيرها.

المسألة 130:

يجب الفحص عن الرجل مدة أربع سنين، و هي المدة التي يضربها الحاكم الشرعي للمرأة حين ترفع أمرها اليه، و لا يجب استيعاب المدة كلها بالفحص المتصل فيها، بل يكفي أن يقع الفحص على فترات غير

كلمة التقوى، ج 7، ص: 205

متباعدة ما بينها، طوال المدة المذكورة، بحيث يصدق أن الفحص عن الرجل قد استمر في جميع المدة.

المسألة 131:

يجب الفحص و التحري في المدة المعينة ما دام احتمال العثور على الرجل موجودا، و كان الاحتمال مما يعتد به عند العقلاء، فإذا حصل الفحص التام، بحيث أصبح احتمال وجدانه ضعيفا لا يعتد به أو أصبح متيقن العدم لم يجب الفحص بعد ذلك، و لا يقع الطلاق و لا غيره من النتائج حتى تتم المدة كلها، و إذا تجدد احتمال العثور عليه و كان معتدا به، و المدة باقية وجب الفحص.

المسألة 132:

تجري الأحكام الآنف ذكرها إذا فقد الزوج، سواء كان حرا أم عبدا أم مبعضا، و سواء كانت الزوجة التي ترفع أمرها إلى الحاكم حرة أم أمة أم مبعضة، و تختص في ما إذا كان النكاح بين الزوجين نكاحا دائما و لا تجري في ما إذا كان منقطعا.

المسألة 133:

لا يتعين على المرأة أن تختار الطلاق من الزوج المفقود، و ان كانت قد رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، و تم الأجل و الفحص في أربعة أعوام، فيصح لها بعد ذلك أن تختار البقاء على الزوجية، و إذا اختارت البقاء على الزوجية، فيجوز لها أن تعدل عن ذلك و تطلب الطلاق من الحاكم، و إذا طلبت الطلاق منه طلقها و لم يفتقر الى ضرب أجل مرة ثانية و تجديد فحص.

المسألة 134:

إذا فقد الرجل، و حصل لزوجته علم بموته لبعض القرائن، و اعتدت منه عدة الوفاة، جاز لها بعد العدة أن تتزوج اعتمادا على علمها، و ان لم ترتفع أمرها إلى الحاكم و لم يؤجلها و لم يفحص و لم يطلق.

و يشكل الحكم في من يعلم بفقد الزوج، و انها لم تجر على الطريقة الشرعية للمفقود زوجها من التأجيل و الفحص و الطلاق، فالأحوط له

كلمة التقوى، ج 7، ص: 206

ان لا يتزوجها و لا يتولى عقدها لغيره بالوكالة عنها، فإذا أرادت الزواج تزوجت من لا يعلم بالأمر، و إذا أرادت التوكيل في العقد وكلت مثله.

المسألة 135:

وجوب الحداد على الزوجة في عدة وفاة زوجها وجوب تكليفي عليها و ليس شرطا في صحة العدة، فإذا تعمدت تركه في جميع العدة أو في بعضها كانت عاصية آثمة، و لم يجب عليها أن تستأنف العدة مع الحداد أو تستأنف الأيام التي تركته فيها، و كذلك إذا تركته ناسية أو جاهلة لم تبطل عدتها بتركه فإذا هي أكملت أيام العدة جاز لها أن تتزوج.

الفصل السادس في عدة وطء الشبهة

المسألة 136:

وطء الشبهة هو أن يطأ الرجل امرأة أجنبية عنه و هو يعتقد أن وطأها يحل له، لشبهة في الموضوع أو لشبهة في الحكم، و مثال الأول أن يطأ المرأة الأجنبية، و هو يتوهم أنها زوجته أو أنها مملوكته أو أنها أمة حللها له مالكها، و مثال الثاني أن يعقد الرجل على المرأة و يطأها، ثم يعلم بفساد العقد لوجود سبب يحرم عليه نكاحها من رضاع أو مصاهرة أو كونها ذات بعل أو ذات عدة، أو لفقد شرط من شروط الصحة، و تراجع المسألة المائة و الحادية و الثلاثون من كتاب النكاح.

المسألة 137:

تجب العدة على المرأة الموطوءة بالشبهة، سواء كانت ذات بعل أم ذات عدة أم لم تكن كذلك، و سواء كانت الشبهة في الموضوع أم في الحكم كما بينا، و سواء كانت الشبهة من الرجل و المرأة كليهما أم من الرجل خاصة، و لا تجب العدة على المرأة الموطوءة إذا كانت الشبهة منها خاصة و كان الرجل عالما بالتحريم، فإنه يكون زانيا.

المسألة 138:

لا تجب العدة على المرأة المزني بها، سواء كانت ذات بعل أم لا، و سواء حملت من الزنا أم لم تحمل، فلا يحرم وطؤها على زوجها إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 207

كانت ذات بعل، و لا تحرم على سيدها إذا كانت موطوءة له بالملك، و لا يحرم التزويج بها إذا كانت خلية لا زوج لها، و الأحوط لزوما أن يستبرأ رحمها من ماء الزنا بحيضة قبل الزواج بها و ان كان الذي يريد الزواج بها هو الزاني نفسه، و تلاحظ المسألة المائتان و الثامنة و العشرون و ما بعدها و ما يليهما من كتاب النكاح.

المسألة 139:

تعتد المرأة من وطء الشبهة كعدة الطلاق، فإذا حملت من وطء الشبهة فعدتها وضع الحمل و ان وضعته ناقصا، و ان لم تحمل فعدتها ثلاثة قروء إذا كانت مستقيمة الحيض، و إذا كانت غير مستقيمة الحيض أو كانت ممن لا يطرقها الحيض و هي في سن من تحيض فعدتها ثلاثة أشهر على نهج ما أوضحناه في عدة الطلاق.

المسألة 140:

لا عدة على الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين إذا وطأها رجل بالشبهة، و لا على الكبيرة اليائسة من المحيض كذلك كما لا عدة لهما في الطلاق.

المسألة 141:

لا يترك الاحتياط لزوما في أن تبدأ المرأة في عدة وطء الشبهة من حين ارتفاع الشبهة لا من حين حصول الوطء.

المسألة 142:

لا يجوز لزوج المرأة أن يطأ زوجته و هي في عدة وطء الشبهة من رجل غيره، و الظاهر من دليل العدة تحريم جميع الاستمتاعات على الزوج ما دامت العدة لا خصوص الوطء.

المسألة 143:

إذا كانت المرأة ذات عدة من وطء الشبهة و كانت خلية من الزوج لم يجز لأحد الزواج بها ما دامت في العدة، و لا يمنع صاحب العدة نفسه من ذلك، فيجوز له ان يتزوجها و هي معتدة من وطئه و قد ذكرنا هذا في المسألة المائتين و الثالثة و العشرين من كتاب النكاح.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 208

المسألة 144:

إذا تحقق للمرأة سببان لوجوب عدتين عليها، فالأحوط لزوما ان لم يكن ذلك هو الأقوى ان تعتد لكل سبب منهما عدة مستقلة، و لا تتداخل العدتان، و مثال ذلك أن يطلق الرجل زوجته المدخول بها، ثم يطأها رجل آخر وطء شبهة، و من أمثلة ذلك أن يموت الزوج فتعتد المرأة له عدة الوفاة، ثم يطأها رجل وطء شبهة في أثناء عدتها، و من أمثلة ذلك أن يطأ المرأة رجل وطء شبهة فتعتد منه لوطء الشبهة، ثم يطلقها الزوج أو يموت عنها فتجب عليها عدة الطلاق أو عدة الوفاة، و من أمثلة ذلك أن يطأ المرأة رجل وطء شبهة ثم يطأها رجل آخر كذلك، فيجب على المرأة أن تعتد عدتين مستقلتين في الأمثلة المذكورة على الأحوط.

فإذا كانت حاملا من أحد الرجلين جعلت مدة الحمل عدة للرجل الذي ينسب له الحمل سواء كان هو الزوج المطلق أم كان هو الرجل الواطئ بالشبهة، و سواء كان وجوب الاعتداد له سابقا على صاحبه أم كان متأخرا عنه، فإذا وضعت الحمل انتهت عدته، و ابتدأت عدة الآخر، و إذا تأخر النفاس فترة عن وضع الحمل عدت هذه الفترة قرءا من أقراء العدة الأخرى.

و إذا كانت المرأة حاملا من الزوج و قد مات اعتدت عنه بأبعد الأجلين، فإذا أتمت ذلك بدأت عدتها للآخر.

و إذا لم تكن المرأة حاملا من الرجلين اعتدت للسابق منهما في إيجاب العدة عليها، فإذا أتمت عدته بدأت عدة اللاحق.

المسألة 145:

إذا طلق الرجل زوجته و اعتدت منه قرءا واحدا أو قرءين، ثم وطأها رجل آخر بالشبهة و حملت منه، قطعت عدتها الأولى و جعلت مدة الحمل عدة للواطي بالشبهة كما ذكرنا، فإذا وضعت الحمل انقضت عدته، ثم أكملت عدة الطلاق التي قطعتها، و كذلك الحكم إذا وطأ المرأة أحد بالشبهة و اعتدت منه قرءا أو قرءين، ثم طلقها الزوج أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 209

مات عنها و قد حملت منه، جعلت مدة الحمل عدة للطلاق أو الوفاة، و إذا أتمت ذلك أكملت عدة الوطء بالشبهة.

المسألة 146:

لا فرق في لزوم الاحتياط الذي ذكرناه في المسألة المائة و الرابعة و الأربعين بين ان تكون العدتان اللتان وجبتا على المرأة لرجل واحد و ان تكونا لرجلين، فيلزمها ان تعتد بعدتين مستقلتين إذا تحقق لكل واحدة منهما سبب مستقل، و ان كانت العدتان لرجل واحد، و مثال ذلك أن يطأ المرأة رجل وطء شبهة فتجب العدة عليها بسبب ذلك، ثم يطأها الرجل نفسه كذلك مرة أخرى فتلزمها لذلك عدة ثانية، و من أمثلة ذلك أن يطلق الرجل زوجته طلاقا بائنا، فتجب عليها عدة الطلاق، ثم يطأها المطلق نفسه بالشبهة فتلزمها له عدة أخرى، فعليها الاحتياط في المثالين، و يجري فيهما التفصيل الذي ذكرناه في المسألتين السابقتين.

المسألة 147:

إذا أمنى الرجل على فرج المرأة و هو يتوهم انها زوجته و سبق ماؤه إليها من غير وطء أو أدخل ماؤه إليها بأنبوب أو إبرة حاقنة بمثل تلك الشبهة، فلا يترك الاحتياط بأن تعتد المرأة من ذلك عدة وطء الشبهة، بوضع الحمل إذا حملت منه، و بتربص ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إذا لم تحمل، و تراجع المسألة السبعون.

الفصل السابع في الخلع و المبارأة

المسألة 148:

الخلع و المبارأة قسمان من أقسام الطلاق، و لذلك فيشترط في صحتهما أن تتوفر فيهما جميع الشروط التي اعتبرت في صحة الطلاق، و إذا خلع الرجل زوجته أو بارأها ثلاث مرات حرمت عليها حتى تنكح زوجا غيره و كذلك إذا انضم خلع أو مبارأة الى تطليقتين للمرأة أو انضم طلاق الى خلعين أو مباراتين لها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 210

المسألة 149:

قد يقع الطلاق من غير كراهة من أحد الزوجين للآخر، و هو أشد أقسام الطلاق كراهة في الإسلام، و قد يقع مع كراهة الزوج للمرأة، و الطلاق في هاتين الصورتين طلاق رجعي تصح فيه رجعة الزوج بنكاح زوجته إذا كانت ذات عدة، و قد مر ذكره مفصلا، و قد يقع مع كراهة الزوجة خاصة لزوجها، فإذا كرهته، و بذلت له الفدية ليطلقها كان ذلك خلعا، و قد يقع الطلاق مع كراهة كل من الزوجين للآخر، فإذا تكارها و بذلت المرأة للزوج فطلقها على ما بذلت كان الطلاق مباراة.

المسألة 150:

قد تكره المرأة زوجها و لا يكون هو كارها لها، ثم يطلقها من غير أن تبذل له شيئا، صونا لكرامته مثلا و قد تحصل الكراهة من الزوجين معا، و يطلق الرجل المرأة من غير بذل كذلك، فيكون الطلاق رجعيا في الصورتين فالفارق مع وجود الكراهة من الزوجة في الخلع و مع وجود الكراهة من الطرفين في المبارأة هو أن تؤدي الكراهة الى أن تبذل الزوجة للرجل ما لا ليطلقها على ما بذلت.

المسألة 151:

يشترط في الخلع كما ذكرنا أن تكون الزوجة كارهة للزوج من غير أن يكون الزوج كارها لها، و الأحوط اشتراط أن تكون كراهتها له شديدة يخشى لأجلها من وقوع المرأة في أمر محرم، كالجرأة على بعض الأقوال أو الأفعال المحرمة، من الخروج عن الطاعة أو ارتكاب المعصية.

المسألة 152:

لا فرق في كراهة المرأة لزوجها التي تعتبر في صحة الخلع بين أن تكون لأمور ثابتة في الرجل، كقبح منظر، أو بخل، أو خشونة طباع، أو لوجود صفات أخرى فيه لا ترغب المرأة في معاشرته لأجلها، أو لوجود ضرة تغار منها، فإذا كرهت الرجل أو كرهت معاشرته لذلك و بذلت له الفدية و توفرت بقية الشروط المعتبرة صح الخلع.

المسألة 153:

إذا أساء الرجل معاملة زوجته و تعمد أذاها بالإذلال و الشتم و الضرب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 211

و شبه ذلك، أو ترك بعض ما يجب لها من نفقة أو حقوق واجبة، فبذلت له بعض المال ليخلعها و تستريح من سوء معاملته حرم عليه أن يأخذ شيئا من ذلك المال، و إذا خلعها على ما بذلت لم يصح الخلع، و يصح طلاقا رجعيا إذا أوقعه بلفظ الطلاق، أو أوقعه بلفظ الخلع و اتبعه بالطلاق كما سيأتي بيانه، و تراجع المسألة الثلاثمائة و الحادية و الثمانون من كتاب النكاح.

المسألة 154:

يشترط في الخلع أن تبذل الزوجة للرجل عن نفسها فدية ليطلقها على ما بذلت، و يشترط في الفدية أن تكون مالا، و أن تكون مما يصح تملكه، و ليس لها حد معين، فيصح أن تكون بمقدار صداق المرأة الذي سمي لها في عقد النكاح و أقل منه و أكثر، و يصح أن تكون عينا خارجية مشخصة، فتقول المرأة للرجل: بذلت لك هذا الألف المعين لتطلقني، و يصح أن تكون كليا في ذمة الزوجة، فتقول له: بذلت لك ألف دينار في ذمتي أدفعه إليك حالا أو بعد شهر، و ان تكون كليا في المعين، فتقول له: بذلت لك ألف دينار مما في الصندوق، و يصح أن تكون دينا في ذمة الزوج أو في ذمة شخص غيره، فتقول له: بذلت لك ما في ذمتك من صداقي و هو كذا دينارا، أو مالي في ذمة زيد، و هو كذا، و يصح أن تكون منفعة معينة، فتقول له: بذلت لك منفعة بستاني أو منفعة داري سنة تامة.

المسألة 155:

يكفي في الفدية أن تكون معلومة على نحو الاجمال إذا تراضى الطرفان بذلك، و مثاله أن تقول للرجل: بذلت لك هذه السيارة، أو هذه الصبرة المشاهدة من الطعام، و يصح أن تكون مما يؤول إلى العلم و ان كانت مجهولة بالفعل، فتقول له: بذلت لك ما يحتويه هذا الصندوق إذا كان الزوج و الزوجة يعلمان بأن في الصندوق مالا، أو تقول له: بذلت لك مالي في ذمتك من صداق أو من دين، و ان جهل الطرفان بالفعل مقدار ما في الصندوق و ما في الذمة أو جهلا جنسه أو وصفه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 212

المسألة 156:

إذا بذلت المرأة للرجل كليا في ذمتها، فلا بد من تعيين قدره و جنسه و وصفه، فلا يكفي ان تقول له: بذلت لك ألفا في ذمتي من غير تعيين للمراد، و كذلك إذا بذلت له عينا غائبة فلا بد من ذكر قدرها و جنسها و وصفها، و إذا خلعها الرجل على هذا البذل لم يصح خلعا، و يصح طلاقا رجعيا إذا أوقع الخلع بلفظ الطلاق، أو أوقعه بلفظ الخلع و أتبعه بالطلاق، و إذا جعلت الفدية دينا في ذمتها فلا بد من تعيين كون الدين حالا أو مؤجلا، و لا بد من تعيين مدة الأجل إذا جعلته مؤجلا.

المسألة 157:

يشترط في صحة الخلع أن تكون المرأة مختارة في بذل الفدية، فلا يصح إذا كانت مكرهة على البذل من الزوج أو من غيره.

المسألة 158:

انما يصح بذل الفدية إذا كانت من مال الزوجة أو كانت دينا في ذمتها، تبذلها الزوجة نفسها، أو يبذلها وكيل مفوض عنها في ذلك، و لا يصح بذل الفدية من مال شخص آخر، فتقول للزوج: بذلت لك ألف دينار من مال أخي فلان لتطلقني، و ان رضي أخوها ببذل ماله، و كذلك إذا وكلت أخاها، فقال للزوج: بذلت لك عن أختي و موكلتي فلانة ألف دينار من مالي لتطلقها، فإذا طلقها الزوج لم يكن ذلك خلعا.

المسألة 159:

إذا قال أبو المرأة لزوجها: طلق ابنتي فلانة و لك ما في ذمتك من صداقها عوضا لطلاقها، لم ينفذ قول الأب على ابنته إذا كانت بالغة رشيدة، فلا يصح البذل و لا يصح الخلع إذا طلقها الزوج على ذلك، و لا تبرأ ذمة الزوج من الصداق، و لا يكون الأب ضامنا.

المسألة 160:

إذا فقد أحد القيود أو الشروط التي ذكرناها لصحة الخلع أو للفدية، كما إذا بذلت المرأة للرجل ما لا يصح تملكه كالخمر و الخنزير، أو بذلت له مال غيرها، أو بذل عنها غيرها تبرعا من ماله، أو بذل من مالها بغير وكالة منها، أو بذلت المرأة من مالها و هي لا تكره زوجها،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 213

أو فقد غير ذلك من القيود أو الشروط المعتبرة لم تصح الفدية، و إذا طلقها الزوج على ذلك لم يقع خلعا، و يصح طلاقا رجعيا إذا كان في موارد الطلاق الرجعي و كان الإيقاع بلفظ الطلاق، أو كان بلفظ الخلع ثم اتبع بلفظ الطلاق، و قد ذكرنا هذا في بعض الموارد المتقدمة، و يكون طلاقا بائنا في موارد الطلاق البائن، كما إذا كان هو الطلاق الثالث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، أو كانت المرأة يائسة من المحيض، أو غير مدخول بها، أو صغيرة بدون التسع.

المسألة 161:

إذا ملك المرأة بعض أرحامها- مثلا- شيئا لتبذله فدية عنها، صح لها أن تبذله للزوج بعد ما ملكته، و إذا بذلته و خلعها الزوج عليه صح الخلع، سواء تولت بذله بنفسها أم بذله غيرها بالوكالة عنها، و مثله ما إذا ضمن أحد للزوج مال الفدية عن الزوجة، و كان ضمانه باذنها، و طلقها الزوج على ذلك فيصح البذل و الخلع.

المسألة 162:

يشترط في صحة الخلع أن يكون الزوج بالغا و عاقلا، فلا يصح خلعه إذا كان صبيا أو كان مجنونا، و لا يتولى الخلع عنه وليه كما لا يصح طلاقه عنه، و يشترط أن يكون مختارا و قاصدا، على النحو الذي ذكرنا تفصيله في مبحث شروط الطلاق، و يصح أن تكون المرأة المختلعة صغيرة و ان تكون مجنونة، إذا تولى وليهما بذل الفدية عنهما مع تحقق شرط الولاية.

المسألة 163:

لا يصح خلع المرأة إذا كانت حائضا أو نفساء و كان الزوج قد دخل بها، و لا يصح خلعها إذا كانت في طهر قد جامعها الزوج فيه الا إذا كانت يائسة من المحيض أو صغيرة السن لم تبلغ التسع، أو كانت حاملا قد استبان حملها، أو كان زوجها غائبا عنها أو حاضرا لا يمكنه استعلام حالها في الحيض و الطهر، و تلاحظ مسائل الفصل الأول، فقد بينا فيه تفاصيل ذلك، و شروط الطلاق بذاتها هي الشروط المعتبرة في الخلع، و هي الشروط المعتبرة في المبارأة أيضا و لا موجب للتكرار.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 214

المسألة 164:

يصح للرجل أن يتولى أمر الخلع بنفسه في جميع ما يتعلق به من شؤون الخلع إذا كان ممن يحسن القيام به، فإذا كرهت المرأة زوجها على الوجه الآنف بيانه، صح له أن يطلب منها بذلك الفدية ليطلقها، و إذا ابتدأت هي فطلبت من الزوج الطلاق، صح له أن يجيبها اليه و يشترط عليها بذل الفدية، و يذكر المقدار الذي يريده من العوض، و يتفاهم معها على تعيينه، و يقبضه منها إذا رضيت و سلمته اليه، و يوقع صيغة الخلع على ما بذلت له، و يجوز له أن يوكل غيره في جميع ذلك و في بعضه.

و يجوز للمرأة أن تتولى بنفسها جميع الشؤون التي تتعلق بها من الخلع، فتطلب الطلاق من الزوج إذا كرهته، و تجيبه الى دفع الفدية إذا اشترط ذلك عليها، و تتولى تقدير ذلك معه أو مع وكيله، و تتولى بذله و تسليمه إياه أو تدفعه الى وكيله، و يصح لها أن توكل أحدا غيرها في جميع ذلك أو في بعضه.

المسألة 165:

اللفظ الصريح في بذل الفدية عن المرأة هو أن تقول للرجل: بذلت لك، أو أعطيتك كذا دينارا، أو بذلت لك ما استحقه في ذمتك من المهر لتطلقني أو على أن تطلقني، أو يقول وكيلها للرجل: بذلت لك عن موكلتي فلانة كذا دينارا لتطلقها، و يصح لها ان تقول للزوج:

طلقني أو اخلعني على مائة دينار مثلا، أو يقول وكيلها له: طلق موكلتي فلانة على مبلغ كذا دينارا.

و الصيغة الصريحة في الخلع: أن يقول الزوج للمرأة: أنت طالق على ما بذلت من الفدية، أو يقول لها: أنت مختلعة على ما بذلت، أو يقول خلعتك على كذا، أو يقول هند مختلعة على كذا، أو يقول

وكيل الزوج مثل ذلك، و لا ينبغي ترك الاحتياط إذا أتى بلفظ مختلعة، أو خلعتك، أو خلعتها: ان يلحقه بلفظ أنت طالق أو هي طالق.

المسألة 166:

إذا تحقق مورد الخلع و توفر جميع ما يعتبر فيه من القيود و الشروط،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 215

و أراد الزوج و الزوجة بنفسيهما أن يوقعا الخلع ما بينهما، فالأحوط أن تبدأ المرأة أولا، فتقول للرجل: بذلت لك ألف دينار- مثلا-، أو بذلت ما في ذمتك من صداقي، لتطلقني، أو على أن تطلقني، و يقول الرجل بعدها على نحو الفور: أنت مختلعة على ما بذلت أنت طالق، و يكفي أن يقول على الفور: أنت طالق على ما بذلت، أو يقول كذلك: أنت مختلعة على ما بذلت و ان كان الأول أحوط كما ذكرنا.

و يصح للمرأة أن تقول للزوج: طلقني على ألف دينار، فيقول الزوج بعدها فورا على الأحوط لزوما: أنت طالق على ألف دينار أو على ما بذلت، أو يقول لها: أنت مختلعة على ذلك، و الأحوط في الصورتين ان تتبع المرأة ذلك بالقبول فتقول: قبلت أو رضيت.

و يصح ان يبدأ الرجل أولا، فيقول للمرأة: أنت طالق على ألف دينار، أو يقول لها أنت مختلعة على مبلغ كذا، و تقول المرأة بعده فورا: قبلت أو رضيت.

و إذا كان الإيقاع بين وكيل الزوج و وكيل الزوجة: قال وكيل الزوجة لصاحبه: بذلت لموكلك عن زوجته موكلتي فلانة ألف دينار ليطلقها، و قال وكيل الزوج بعده على الفور: فلانة زوجة موكلي فلان طالق على ما بذلت، أو يقول هي مختلعة على ما بذلت، أو يقول: بحسب وكالتي عن فلان خلعت موكلتك فلانة على ما بذلت. و على نهج ذلك يتم الخلع إذا وقع

بين الزوج و وكيل الزوجة، أو بين الزوجة و وكيل الزوج.

المسألة 167:

الأحوط لزوما عدم الفصل عرفا بين إنشاء البذل من الزوجة أو من وكيلها، و إيقاع الخلع من الزوج أو من وكيله كما ذكرنا، سواء كان البذل بلفظ بذلت و أعطيت و نحوهما أم كان بلفظ طلقني على مبلغ كذا، و مثله ما إذا ابتدأ الزوج، فأوقع الطلاق أو الخلع على مبلغ كذا، ثم أتبعته الزوجة فانشأت البذل بقولها قبلت أو بذلت.

المسألة 168:

يشترط أن يكون إيقاع الخلع بحضور شاهدين عادلين كما هو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 216

الحكم في إيقاع الطلاق، فلا يصح الخلع إذا أوقعه الزوج أو وكيله بغير إشهاد، و لا يصح إذا أوقعه بحضور شاهدين غير عادلين، و قد ذكرنا هذا في المسألة الحادية و الأربعين.

المسألة 169:

يجب أن يكون إنشاء الخلع منجزا غير معلق على شرط يمكن حصوله و عدم حصوله، أو على أمر مرتقب يعلم بحصوله في المستقبل و ليس موجودا بالفعل، كما هو الشرط في الطلاق، و تراجع المسألة التاسعة و الثلاثون.

المسألة 170:

الخلع طلاق بائن، فليس للرجل أن يرجع بالمرأة المختلعة، إلا إذا رجعت بما بذلت في أثناء عدتها، و لا توارث بين الزوجين إذا مات أحدهما في أيام العدة و بقي الآخر، و يصح للزوج أن يتزوج أخت المرأة المختلعة و هي في العدة، و يجوز له أن يتزوج في عدة المختلعة امرأة بالنكاح الدائم و عنده ثلاث زوجات غيرها فتكون هي الخامسة، و ليست كالمطلقة الرجعية في هذه الأحكام.

المسألة 171:

يجوز للمرأة المختلعة أن ترجع و هي في أثناء العدة بجميع ما بذلته للزوج من الفدية، و يجوز لها أن ترجع ببعضه، و إذا رجعت بجميع البذل أو ببعضه جاز للزوج أن يرجع بنكاحها، و نتيجة لذلك فلا يحل له بعد ان ترجع المرأة بالبذل أو ببعضه أن يتزوج بأختها أو بخامسة، فان المختلعة إذا رجعت بالبذل تكون بمنزلة الزوجة. و انما يصح لها أن ترجع بما بذلت إذا لم يكن للزوج ما يمنعه من الرجعة بالمرأة، فلا يصح لها الرجوع بالبذل إذا تزوج الرجل بأختها بعد ما خلعها و قبل أن ترجع هي ببذلها، فإنه لا يحل للرجل أن يرجع بالمرأة بعد زواجه بأختها، و لا يصح لها أن ترجع بالبذل إذا تزوج الرجل بعد ما خلعها بامرأة خامسة، فإنه لا يحل له الرجوع بها في هذه الحالة، و لا يصح لها ان ترجع بالبذل إذا كان طلاقها هو الطلاق الثالث فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، و لا يصح لها أن ترجع بالبذل إذا لم تكن ذات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 217

عدة كالمختلعة اليائسة من المحيض و غير المدخول بها أو كان رجوعها ببذلها بعد انقضاء العدة فإنه لا يمكن له

الرجوع بالمرأة في هذه الفروض، و لا فرق في جميع ذلك بين الرجوع بجميع البذل أو ببعضه.

المسألة 172:

يجوز للمرأة أن تبذل للرجل إرضاع ولده و تجعل ذلك فدية عنها ليطلقها، و الأحوط أن تعين مدة الإرضاع تعيينا يرفع الجهالة، و لا فرق بين أن يكون الولد من المرأة نفسها و من زوجة أخرى، بل الظاهر الصحة إذا كان المرتضع ولد أخيه أو ولد أخته مثلا مما يعد عرفا من شؤون الرجل، و يكون إرضاع الطفل بذلا له، و كذلك إذا بذلت له حضانة الطفل و تربيته مدة معلومة.

المسألة 173:

إذا بذلت المرأة للرجل فدية و دفعتها اليه، ثم ظهر أن الشي ء الذي دفعته له مملوك لغيرها، فان كانت قد بذلت له أمرا كليا و دفعت له فردا منه، و ظهر أن الفرد المدفوع له ملك غير المرأة، وجب عليها أن تدفع اليه فردا آخر مما تملكه بدلا عنه، و ان كانت قد بذلت له ذلك الفرد المعين بطل البذل و الخلع، و كان الطلاق رجعيا إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو أوقعه بلفظ الخلع و اتبعه بلفظ الطلاق.

المسألة 174:

إذا بذلت المرأة للرجل شيئا و دفعته اليه فظهر معيبا، فإن رضي بالمعين صح البذل و الخلع، سواء كان المبذول له أمرا كليا أم كان هو الفرد المعين المدفوع اليه، و ان لم يرض بالمعيب، فان كانت المرأة قد بذلت له أمرا كليا و دفعت له فردا منه، وجب عليها ان تبدله بفرد آخر لا عيب فيه، و ان كانت قد بذلت له الفرد المعين بطل البذل و بطل الخلع، و كان الطلاق رجعيا إذا كان إنشاء الخلع بصيغة الطلاق أو أتبع به كما تقدم في نظائره.

المسألة 175:

إذا كرهت المرأة زوجها و لم تصل كراهتها الى حد يخشى معه أن ترتكب ما يحرم عليها من قول أو فعل، و لم يكرهها الزوج، فالأحوط

كلمة التقوى، ج 7، ص: 218

للزوجين معا أن يدأبا لإصلاح الأمور بينهما بتحمل المصاعب و تخفيف المتاعب، و أن ينظرا الى مستقبل الأسرة و مستقبل الأطفال، فيتحمل الرجل مصاعب زوجته ما وجد الى ذلك سبيلا، و يلين لها ما تنكره من خشونة طبع أو سرعة غضب، أو غير ذلك مما تنكره من صفاته، ليسعد بذلك بيته، و يحسن مستقبلة و مستقبل أطفاله. و تتحمل المرأة ما تجده من صفات الرجل منافرا لها أو غير ملائم، و يسعيا لإصلاح الأمور جهدهما، لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا.

فإذا أعيى الرجل أمر المرأة و لم تجد محاولاته نفعا طلقها من غير بذل طلاقا رجعيا، و إذا أعيى المرأة أمر الرجل و لم يثمر تحملها شيئا، صالحته بإسقاط بعض ديونها أو حقوقها عنه، لا بعنوان الفدية، و طلقها من غير بذل، و اللّه هو الحسيب الرقيب.

المسألة 176:

المبارأة قسم من أقسام الطلاق كما قلنا في أول هذا الفصل، و لذلك فيشترط في صحته كل أمر اشترطناه في صحة الطلاق، و قد ذكرناها جميعا في الفصل الأول و الثاني من كتاب الطلاق، و أشرنا إليها في هذا الفصل أيضا، و المبارأة قسم يتحد مع الخلع في أكثر الأحكام و القيود و الشروط التي تعتبر فيه، و لذلك أغنانا ذكر هذه الأمور في الخلع عن اعادة ذكرها في المبارأة، فيكون المهم هنا ذكر ما تختلف به المبارأة عن الخلع من الأمور و ما تنفرد به من الآثار.

المسألة 177:

مورد طلاق المبارأة هو ان يكره كل واحد من الزوجين صاحبه، و لا يعتبر فيه أن تصل الكراهة من الزوج أو من الزوجة إلى حد يخاف معه الوقوع في محرم، بل يكفي أن لا يسعدا في البقاء، و أن يتمنى أحدهما فراق الآخر، فإذا تكارها كذلك و بذلت المرأة للرجل فدية ليطلقها، صح له طلاقها على ما بذلت و كان طلاقها مباراة.

المسألة 178:

لا يجوز في المبارأة أن تكون الفدية المبذولة من المرأة أكثر من مهرها المسمى لها، فلا يحل للرجل أخذ ما زاد عليه. و يصح ان تكون مساوية

كلمة التقوى، ج 7، ص: 219

له أو أقل منه، بل الأحوط استحبابا أن تكون أقل.

المسألة 179:

إذا اتفق الرجل و المرأة على تعيين مقدار الفدية التي تبذلها المرأة ليطلقها، و وجدت الشروط المعتبرة في كل من الرجل و المرأة و في نفس المبارأة، قالت المرأة للرجل بحضور الشاهدين العادلين: بذلت لك ما استحقه في ذمتك من مهر، أو مبلغ كذا دينارا لتطلقني أو على أن تطلقني، و قال الرجل بعدها على الفور: أنت طالق على ما بذلت، أو قال لها: بارأتك على ما بذلت، فأنت طالق، و لا يكتفى بأن يقول لها:

بارأتك على ما بذلت إذا لم يتبعه بقوله أنت طالق.

و يصح أن تقول المرأة له: طلقني على مبلغ كذا، فيقول الرجل بعدها: أنت طالق على ما بذلت، أو يقول بارأتك على ما بذلت فأنت طالق، و إذا كان الإيقاع من الوكيلين، قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: بذلت لموكلك فلان مبلغ كذا عن زوجته موكلتي فلانة ليطلقها أو على أن يطلقها، فيقول وكيل الزوج بعده: هي أن فلانة طالق على ما بذلت، أو يقول: بارأت فلانة على ما بذلت فهي طالق. و إذا كان الإيقاع من أحد الزوجين مع وكيل الآخر أوقعا البذل و الطلاق على نهج ما بينا من قول الأصيل و الوكيل.

المسألة 180:

المبارأة طلاق بائن فلا يصح للرجل فيه أن يرجع بالمرأة إلا إذا رجعت المرأة بما بذلت، فيصح للرجل بعد ذلك أن يرجع بها إذا كانت العدة باقية، و يصح له كذلك أن يتزوج بأخت المرأة المبارأة و هي في العدة فإذا رجعت بالبذل لم يحل له بعد ذلك التزويج بأختها، و مثله العقد على خامسة كما تقدم في المختلعة.

المسألة 181:

لا توارث بين الزوج و الزوجة إذا طلقها طلاق مباراة، و مات أحد الزوجين في أثناء العدة و بقي الآخر حيا، و إذا رجعت بالبذل في أثناء العدة ثم مات أحدهما و العدة باقية أشكل الحكم بالتوارث و عدمه و لا يترك الاحتياط، و كذلك الأمر في المختلعة إذا رجعت بالبذل في العدة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 220

ثم مات أحد الزوجين و العدة باقية فيشكل الحكم بثبوت التوارث و نفيه.

المسألة 182:

يتفق طلاق المبارأة مع الخلع كما ذكرنا آنفا في الشروط و القيود المعتبرة فيهما، و في الأحكام و الآثار التي تجري عليهما، و يختلف طلاق المبارأة عن الخلع في أمور ثلاثة:

(الأول): انه يشترط في الخلع ان تكون الكراهة من الزوجة خاصة من غير أن يكرهها الرجل، و يعتبر في المبارأة أن تكون الكراهة من الجانبين.

(الثاني): أنه يشترط في المبارأة أن لا تزيد الفدية على مهر الزوجة المسمى لها في عقد تزويجها، و لا يشترط ذلك في الخلع فيجوز فيه أن تكون الفدية بمقدار المهر المسمى للمرأة، و أن تكون أكثر منه و أقل.

(الثالث): أنه يعتبر في إنشاء المبارأة أن يكون بلفظ الطلاق، فإذا قال الزوج: بارأت فلانة على ما بذلت، لم يكف ذلك حتى يتبعه بقوله:

فهي طالق، و لا يعتبر ذلك في الخلع، فإذا قال للزوجة أنت مختلعة على ما بذلت صح الخلع و ان لم يتبعه بلفظ الطلاق.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 221

كتاب الظهار و توابعه

اشارة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 223

كتاب الظهار و توابعه و هو يحتوي على ثلاثة فصول:

الفصل الأول في الظهار

المسألة الأولى:

الظهار هو أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي، و يقصد بقوله إنشاء تحريم زوجته على نفسه كما تحرم عليه أمه، و قد كان في الجاهلية احدى الصيغ المعروفة بينهم لتحريم الزوجة، فإذا قال الرجل لزوجته هذا القول حرمت عليه في عرفهم تحريما مؤبدا، و قد حرم اللّه سبحانه هذا القول في الإسلام، فلا يجوز للرجل أن يقوله بقصد تحريم الزوجة، و جعل له أحكاما تخصه، و سنتعرض لذكرها في هذا الفصل ان شاء اللّه تعالى.

و لا يختص الظهار بالقول المذكور، فمنه أن يسمي المرأة فيقول:

هند مثلا علي كظهر أمي، أو يشير إليها فيقول: هذه أو هي علي كظهر أمي، أو يقول: هي مني، أو هي عندي أو هي لدي، أو هي كظهر أمي إذا قصد بالقول ذلك.

المسألة الثانية:

إذا شبه الرجل زوجته بغير الظهر من أجزاء أمه، فقال: هي علي كبطن أمي أو كفخذها أو كرجلها أو أي جزء من أجزاء بدنها، و قصد بذلك تحريم الزوجة على نفسه كما يحرم عليه ذلك الجزء من أمه، كان ذلك من الظهار و شملته الأحكام الآتية، و كذلك على الأحوط إذا قال لها: أنت كأمي، أو أنت أمي بقصد إنشاء التحريم، بل لا يخلو من قوة، و لا يقع الظهار بهذا القول إذا قصد بقوله: أنت أمي أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 224

كأمي، أنها بمنزلة أمه في المنزلة عنده، أو أنها كأمه في السن، أو شك في المقصود من قوله.

المسألة الثالثة:

إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أختي أو كظهر عمتي أو خالتي، و نحوهن من المحرمات عليه في النسب، كان ذلك من الظهار و ثبتت له أحكامه على الأقوى، و كذلك على الأحوط لزوما إذا شبه الزوجة بأحد أجزائهن غير الظهر و قصد به إنشاء تحريمها على نفسه، فلا يترك الاحتياط بترتيب أحكام الظهار عليه، و لعل الأقرب إلحاق محرمات المصاهرة بالمحرمات من النسب في الحكم المذكور، فإذا قال: هي علي كظهر زوجة أبي، أو كظهر أم زوجتي، أو كظهر فلانة و يعني زوجة ولده كان ذلك من الظهار، و إذا شبه الزوجة ببعض اجزائهن غير الظهر و قصد به إنشاء التحريم فلا يترك الاحتياط بإجراء أحكامه.

المسألة الرابعة:

لا يتحقق الظهار إذا شبهت الزوجة زوجها مثل هذا التشبيه، فقالت له: أنت علي كظهر أبي أو كظهر أخي أو كظهر ولدي و لا يكون له أثر، و ان قصدت بذلك إنشاء تحريم الرجل على نفسها.

المسألة الخامسة:

يشترط في وقوع الظهار أن يكون الزوج المظاهر بالغا، فلا تقع مظاهرته إذا كان صبيا، و أن يكون عاقلا فلا أثر لقوله إذا كان مجنونا، و ان يكون مختارا و قاصدا، فلا يقع الظهار بقوله إذا كان مكرها أو كان غافلا أو هازلا أو سكران، أو غاضبا غضبا يسلب منه القصد، و إذا ظاهر من زوجته و هو غاضب غضبا لا يسلب منه القصد أشكل الحكم فيه و لا يترك الاحتياط.

المسألة السادسة:

يشترط في تحقق الظهار أن تكون المرأة في حال المظاهرة منها طاهرة من الحيض و النفاس و أن تكون في طهر لم يواقعها الرجل فيه على التفاصيل التي ذكرناها في الفصل الأول من كتاب الطلاق، فلا يقع الظهار إذا كانت المرأة في حال إيقاعه حائضا أو نفساء أو كانت في

كلمة التقوى، ج 7، ص: 225

طهر المواقعة، و كان الرجل حاضرا أو غائبا يمكنه استعلام حالها من الحيض و الطهر و لا يشترط ذلك إذا كان الزوج لا يمكنه معرفة حالها كما هو الحكم في الطلاق أو كانت المرأة يائسة أو مسترابة بعد تربص ثلاثة أشهر و قد تقدم بيان ذلك، و يشترط فيه أن يكون الرجل قد دخل بالمرأة، فلا يصح الظهار من المرأة غير المدخول بها و يكفي فيه الدخول دبرا.

المسألة السابعة:

لا يختص الظهار بالمرأة المزوجة بالعقد الدائم، بل يقع كذلك في المرأة المتمتع بها إذا ظاهر منها زوجها على الأقوى و تجري عليه أحكام الظهار.

المسألة الثامنة:

لا يقع الظهار في يمين، و معنى ذلك ان ينشئ الرجل الظهار من زوجته ليجعل ذلك ملزما له بفعل شي ء أو بتركه، فيقول: زوجتي فلانة علي كظهر أمي إن أنا تركت زيارة أخي في كل جمعة، أو يقول زوجتي علي كظهر أمي إن أنا دخلت دار زيد الفاسق بعد اليوم.

المسألة التاسعة:

يقع الظهار بالأمة الموطوءة بملك اليمين كما يقع بالزوجة الحرة، فإذا قال السيد لجاريته: أنت علي كظهر أمي و تمت الشروط المعتبرة كان ذلك ظهارا و تعلقت به أحكامه على الأقوى.

المسألة العاشرة:

يشترط في تحقق الظهار أن يوقعه الرجل بحضور شاهدين عادلين يسمعان قوله، فلا اعتبار به إذا أوقعه بغير إشهاد أو كان الشاهدان غير عادلين.

المسألة 11:

ليس من الظهار أن يقول الزوج لامرأته: أنت علي كظهر أبي أو كظهر أخي أو أحد من أرحامه الذكور، و ان قصد به تحريم المرأة على نفسه، فيكون قوله لغوا و لا تتعلق به كفارة و لا يجري عليه حكم من أحكام الظهار.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 226

المسألة 12:

إذا ظاهر الرجل من امرأته على الوجه الذي بيناه، و اجتمعت في ظهاره جميع الشروط و القيود التي ذكرناها، حرم على الرجل أن يطأ المرأة التي ظاهر منها، و ان لم تخرج بذلك عن زوجيته، و لا يحل له وطؤها حتى يأتي بكفارة الظهار قبل الوطء، فإذا هو أراد العود الى وطء زوجته بعد المظاهرة منها وجب عليه أن يأتي بالكفارة قبل أن يتماسا، و إذا أتى بالكفارة انحل ظهاره و حل له وطء المرأة ما أراد و لم تجب عليه كفارة أخرى بفعله. و إذا وطأ المرأة قبل أن يكفر لإرادة عوده و حل ظهاره، وجبت عليه كفارة بوطئه للمرأة، و وجبت عليه كفارة أخرى لعوده و لحل ظهاره، و إذا وطأها أكثر من مرة قبل التكفير للعود وجبت عليه الكفارة لكل وطء و وجبت عليه كفارة لعوده، و لم تتداخل الكفارات.

المسألة 13:

إذا ظاهر الرجل من امرأته حرم عليه وطؤها على الوجه الذي ذكرناه، و لم تحرم عليه بقية الاستمتاعات الأخرى بالمرأة من الضم و المس و التقبيل و نحوها على الأقرب.

المسألة 14:

إذا ظاهر الرجل من امرأته حرم عليه وطؤها قبل أن يكفر، و إذا وطأها كذلك وجبت عليه كفارة أخرى بالوطء كما ذكرنا في المسألة الثانية عشرة، و انما تلزمه الكفارة بالوطء إذا كان عامدا بفعله، و لا تجب عليه إذا كان جاهلا أو ناسيا حين الفعل.

المسألة 15:

إذا ظاهر الرجل من زوجته ثم طلقها بعد الظهار طلاقا رجعيا، فهي لا تزال بحكم الزوجة ما دامت في العدة، و حكم الظهار منها لا يزال باقيا، فإذا رجع بها في العدة لم يحل له وطؤها حتى يكفر من ظهاره، و إذا انقضت العدة ثم تزوجها بعد العدة بعقد جديد سقط حكم الظهار و جاز له وطء المرأة و لم يجب عليه التكفير إذا وطأها، و كذلك إذا طلقها طلاقا بائنا و تزوجها بعده بعقد مستأنف بعد العدة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 227

أو في أثنائها، فيسقط حكم الظهار لتبدل النكاح، و مثله ما إذا ظاهر من زوجته المتمتع بها ثم انقضت مدة العقد أو وهبها المدة، و تزوجها بعقد جديد دواما أو متعة، سقط حكم الظهار و لم تجب عليه الكفارة إذا وطأ المرأة.

المسألة 16:

إذا ظاهر الرجل من امرأته ثم أراد العود الى جماعها لم يستقر عليه وجوب الكفارة حتى يعود بالفعل فيجامعها بعد التكفير أو قبله، و إذا جامعها قبل التكفير لزمته كفارتان كما قلنا في المسألة الثانية عشرة.

و نتيجة لذلك فإذا ظاهر و أراد العود إلى مواقعة المرأة، و لم يعد بالفعل ثم طلقها حتى انقضت عدتها أو طلقها طلاقا بائنا، سقط حكم الظهار و لم تجب عليه الكفارة بإرادة العود السابقة، و كذلك إذا أراد العود إليها و لم يعد بالفعل ثم مات أحد الزوجين، فلا كفارة على الزوج بإرادته المتقدمة.

المسألة 17:

إذا ظاهر الرجل من أكثر من امرأة واحدة بلفظ واحد، وقع الظهار منه على كل واحدة من النساء المقصودات بالإيقاع، و لزم الزوج حكم الظهار المستقل فيها، و مثال ذلك: أن تكون له عدة زوجات فيقول لاثنتين منهن معينتين: أنتما علي كظهر أمي، أو يقول: فلانة و فلانة علي كظهر أمي، أو يقول مثل ذلك لأكثر من اثنتين مع التعيين أو للجميع، فيصح الظهار من المعينات مع اجتماع الشرائط، و تجب عليه الكفارة إذا أراد العود في كل واحدة منهن، و له أن يفرق بينهن فيكفر و يعود في بعضهن، و يطلق بعضهن، و كذلك إذا ظاهر منهن على التفريق.

المسألة 18:

إذا ظاهر الرجل من زوجة واحدة مرتين أو مرارا متعددة، وقع الظهار منها في كل مرة مع وجود الشروط، و وجبت عليه الكفارة بعدد المرات، سواء تباعدت فترات الزمان التي أوقع فيها المظاهرات أم تقاربت، الا أن يعلم أو تدل القرائن على أن اللاحق من المظاهرات انما هو اعادة للظهار السابق للتأكيد، لا لإنشاء ظهار جديد فيكون الأثر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 228

للأول، و لا تتعدد الكفارة، و يشكل الحكم في ما إذا شك في أن الظهار اللاحق مؤكد للأول أو هو ظهار جديد، و لا يترك الاحتياط في هذه الصورة.

المسألة 19:

الكفارة التي تجب على الرجل إذا ظاهر من زوجته ثم أراد العود إلى وطئها و مخالفة ظهاره، أو جامعها قبل أن يكفر عن الظهار على ما ذكرناه في المسألة الثانية عشرة، هي: أن يعتق رقبة مؤمنة، و يتعين عليه ذلك مع القدرة، فإذا عجز عن عتق الرقبة و لم يقدر عليه، وجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين، و يتعين عليه ذلك أيضا، فإذا عجز عن الصيام و لم يمكنه، وجب عليه أن يطعم ستين مسكينا، و إذا تعين عليه إطعام المساكين و أراد الدفع إليهم دفع لكل مسكين منهم مدين من الطعام على الأحوط لزوما.

المسألة 20:

يرجع الى ما ذكرناه مفصلا في كتاب الكفارات في بيان ما يتحقق به العجز عن عتق الرقبة، و ما يحصل به العجز عن صيام الشهرين المتتابعين، و ما يعتبر في إطعام المساكين في اشباعهم أو دفع الأمداد إليهم، و ما يتعلق بالكفارة و بخصالها عند القدرة و عند العجز من أحكام، و غير ذلك مما يتعلق بكفارة الظهار، فذكرها هناك يغني عن الإعادة هنا.

المسألة 21:

إذا ظاهر الرجل من زوجته حرم عليه وطؤها حتى يأتي بالكفارة عن ظهاره و قد ذكرنا هذا أكثر من مرة، و لا يكفي في إباحة الوطء له أن يشرع بمقدمات التكفير، أو يأتي ببعض الكفارة قبل أن يتمها، فإذا اشترى الرقبة المؤمنة ليعتقها، أو وكل غيره في شرائها أو في عتقها عنه لم يجز له أن يجامع الزوجة قبل ان يجري صيغة العتق على الرقبة بالفعل، و إذا ابتدأ بصوم الشهرين المتتابعين للكفارة أو صام منها أياما، لم يجز له أن يطأ المرأة قبل ان يتم الصيام كله، و إذا وطأها في أثناء الصوم وجبت عليه كفارتان، إحداهما للوطء قبل التكفير،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 229

و الثانية لإرادة العود، و لا يكفيه- على الأحوط ان لم يكن على الأقوى- أن يتم صومه السابق عن احدى الكفارتين، و ان صام الشهر الأول و ابتدأ بالشهر الثاني، أو كان الوطء ليلا لا نهارا، و كذلك إذا كان فرض الرجل أن يطعم ستين مسكينا لعجزه عن الصيام، فأطعم بعض المساكين و وطأ المرأة المظاهر منها قبل أن يتم إطعام بقية العدد، فتجب عليه الكفارتان، و يلزمه أن يستأنف الكفارة التي حصل الوطء في أثنائها على الأحوط ان لم يكن الاستيناف هو الأقوى.

المسألة 22:

تقدم في المسألة الثامنة عشرة من كتاب النكاح انه لا يجوز للرجل أن يترك جماع زوجته أكثر من أربعة أشهر، و ان ذلك حق من حقوقها الواجبة لها شرعا، و نتيجة لذلك: فإذا ظاهر الرجل من الزوجة و ترك وطأها أربعة أشهر أو أكثر، و لم يكفر عن ظهاره و لم يطلقها، جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيحضره و يخيره بين ان يكفر

عن ظهاره و يفي بما يجب عليه لزوجته، و أن يطلقها، فإذا امتنع ضيق عليه حتى يختار أحد الأمرين، و لا يجبره على أحدهما.

المسألة 23:

أفتى جماعة من العلماء (قدس اللّه أرواحهم) بأن الرجل إذا ظاهر من زوجته جاز لها أن ترفع الأمر إلى الحاكم الشرعي فيحضره و يخيره بين أن يكفر و يرجع الى زوجته، و أن يطلقها و يؤجله ثلاثة أشهر للنظر في أمره، فإذا انقضت المدة و لم يختر أحد الأمرين حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يختار أحدهما و لا يجبره على شي ء منهما، و ادعى بعضهم الإجماع على ذلك، و ظاهرهم ثبوت هذا الحكم و ان لم تنقض على المرأة مدة بعد المظاهرة منها، و قد وردت في المسألة رواية موثقة و هي غير وافية الدلالة على جميع ما ذكروه، فليس فيها حبس و لا تضييق، و فيها أنه يوقف بعد ثلاثة أشهر و يسأل أ لك حاجة في امرأتك أو تطلقها، و الحكم من أجل ذلك مشكل.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 230

الفصل الثاني في الإيلاء

المسألة 24:

الإيلاء من الزوجة هو أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته أبدا، أو يحلف أن لا يطأها مدة تزيد على أربعة أشهر، و هو يريد بذلك اغضاب المرأة أو الإضرار بها، فالإيلاء يمين خاص يختلف عن سائر الأيمان في القيود و الشروط المعتبرة فيه، و في بعض الأحكام التي تجري عليه و سنوضح ذلك في ما يأتي ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 25:

يختص الإيلاء بالزوجة المعقودة بالعقد الدائم، فلا يجري في الزوجة المعقودة بالعقد المنقطع و لا يجري في الأمة الموطوءة بملك اليمين أو بالتحليل، و يختص بالمرأة المدخول بها، فلا يجري في الزوجة الدائمة إذا لم يدخل بها الزوج، و لا يكون من الإيلاء إذا حلف الرجل ان لا يطأ الزوجة مدة أربعة أشهر فقط أو أقل منها كالشهر و الشهرين و الثلاثة، و لا يكون من الإيلاء إذا حلف على ترك وطء الزوجة لبعض مصالح تعود إليها، كما إذا كانت مريضة يضر بها الوطء أو كانت مرضعة يؤثر الوطء على صحتها أو على لبنها، أو كان الزوج و الزوجة يرغبان في ترك الوطء لغاية معينة من تحديد النسل و شبه ذلك.

المسألة 26:

إذا حلف الرجل أن لا يطأ المرأة في الفروض التي ذكرناها في المسألة المتقدمة و كانت شروط انعقاد اليمين موجودة من رجحان متعلق اليمين لمصلحة دينية أو دنيوية تترتب عليه، و غيره من الأمور التي ذكرناها في الفصل الأول من كتاب الايمان، انعقد حلف الرجل و لزمه الوفاء به، و حرم عليه الحنث بيمينه و وجبت عليه الكفارة إذا خالف، و إذا لم تتوفر الشروط كان الحلف باطلا.

المسألة 27:

ينعقد الإيلاء بالحلف باسم اللّه العلم المختص به سبحانه، و بالذات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 231

المقدسة، كما إذا ذكر الأوصاف أو الأفعال التي لا يشاركه فيها غيره، فقال: و الذي نفسي بيده، أو الذي بيده مقاليد الأشياء، أو و الذي لا تأخذه سنة و لا نوم، أو و فالق الإصباح، و ينعقد بالحلف بالأسماء التي لا تطلق على غيره، كالرحمن و الأول ليس قبله شي ء، و تراجع المسألة الحادية عشرة و الثانية عشرة و الثالثة عشرة من كتاب الأيمان.

المسألة 28:

يكفي في تحقق الإيلاء أن يأتي باللفظ الدال عرفا على ترك العمل الخاص بين الرجل و المرأة، و ان لم يكن صريحا في ذلك، فإذا قال:

و اللّه لا جامعت فلانة، أو لا مسستها، أو لا وطأتها، كفى ذلك في تحقق الإيلاء، و يصح ذلك و ان لم يكن النطق باللغة العربية.

المسألة 29:

يعتبر في الرجل المولى أن يكون بالغا و عاقلا و مختارا و قاصدا، فلا ينعقد الإيلاء من غير البالغ و لا من غير العاقل، و لا من المكره غير المختار، و لا من الهازل أو الساهي أو السكران غير القاصد.

المسألة 30:

إذا انعقد إيلاء الرجل من زوجته و امتنع بسبب ذلك عن وطئها، جاز للمرأة أن تصبر على ذلك و تنتظر، و لا تطالب الرجل بشي ء، و جاز لها أن تطالبه فترفع الأمر إلى الحاكم الشرعي، فيحضر الرجل و ينظره أربعة أشهر من حين رفع الشكوى اليه، ليختار في هذه المدة أما التكفير عن إيلائه و الرجوع الى زوجته، و أما الطلاق فإذا انقضت مدة التربص و لم يختر شيئا، أجبره الحاكم الشرعي على اختيار أحدهما، و إذا امتنع حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب ليكفر و يفي ء إلى زوجته، أو يطلقها، أو يسجن أبدا، و لا يجبر على أحدهما معينا.

المسألة 31:

إذا طلق الرجل زوجته بعد الإيلاء منها، فان كان الطلاق بائنا سقط حكم الإيلاء كله، فليس للمرأة مطالبة الرجل بالوطء و لا المرافعة معه الى الحاكم الشرعي بعد ان أصبح أجنبيا عنها، و إذا تزوجها بعقد جديد في العدة أو بعدها، جاز له وطؤها و لم يجب عليه التكفير.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 232

و إذا طلقها طلاقا رجعيا سقط حكم الإيلاء في الجملة، و لم يسقط كله، فليس للمرأة أن تطالبه بالوطء أو ترافعه الى الحاكم الشرعي بعد الطلاق إذا هو لم يرجع بها في العدة، و لا تزول أحكام الإيلاء كلها حتى تنقضي العدة، فإذا رجع بها في أثناء العدة لم يجز له وطؤها حتى يكفر، و جاز للمرأة أن تطالبه بالوطء و ان ترافعه الى الحاكم الشرعي، و إذا لم يرجع بها حتى انقضت العدة ثم تزوجها بعقد مستأنف سقطت جميع أحكام الإيلاء.

المسألة 32:

إذا وطأ الرجل زوجته بعد الإيلاء منها، وجبت عليه الكفارة لحنثه باليمين، سواء كان الوطء قبل مدة التربص أم في أثنائها أم بعدها، و سواء كان بعد مطالبة المرأة به و أمر الحاكم الشرعي به على التخيير أم قبل ذلك.

المسألة 33:

كفارة الوطء بعد الإيلاء من الزوجة هي كفارة مخالفة اليمين، و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، مخيرا بين هذه الخصال الثلاث، فان لم يجد واحدة منها صام ثلاثة أيام متتابعة.

المسألة 34:

يفترق الإيلاء عن سائر الأيمان بالقيود التي تعتبر فيه دونها، و قد ذكرنا هذه القيود في أول هذا الفصل، و بأنه لا يشترط فيه أن يكون متعلق الحلف راجحا لأمر ديني أو دنيوي، أو مباحا متساوي الطرفين كما في الايمان الأخرى، و لذلك فالإيلاء ينعقد مع تعلقه بترك وطء الزوجة لا غضابها و الإضرار بها، و لا ريب في مرجوحيته، و يفترق عنها بأن مخالفة اليمين فيها محرمة، و الحنث بالإيلاء جائز، و يكون واجبا إذا انقضت مدة التربص، و طالبت المرأة بحقها الواجب من الوطء، و خصوصا بعد أمر الحاكم الشرعي به على نحو التخيير.

المسألة 35:

إذا آلى الرجل من زوجته أن لا يطأها مدة، و دافع المرأة أو دافع

كلمة التقوى، ج 7، ص: 233

الحاكم نفسه حتى انقضت مدة الإيلاء، جاز له الوطء بعدها و لم تجب عليه الكفارة، و ان كان آثما بترك وطء الزوجة بعد أن استحقت ذلك شرعا بمضي أربعة أشهر من الوطء السابق.

المسألة 36:

فئة الرجل من إيلائه بالزوجة إذا كان قادرا على الوطء هو أن يطأها قبلا مع الانزال، و لا يكفي الوطء دبرا، و لا غير ذلك من الاستمتاعات الأخرى، و فئته إذا كان عاجزا عن الوطء لمرض أو ضعف أن يظهر عزمه على وطئها متى حصلت له القدرة عليه، و لا تجب عليه الكفارة حتى يطأها بالفعل.

الفصل الثالث في اللعان

المسألة 37:

اللعان- كما يقول بعض العلماء- مباهلة بين الزوج و الزوجة تقع في أحد موضعين، أحدهما أن يرمي الرجل زوجته بالزنا، و ليس له من الشهداء على ذلك الا نفسه، فيلا عنها ليثبت بذلك صحة قوله، و يدرأ عن نفسه حد القذف، ثم تلاعنه المرأة لتبرئ نفسها من الجريمة و تدرأ عن نفسها حد الزنا، و الثاني: ان تلد المرأة طفلا، و يعتقد الرجل أن الولد ليس منه، و ليس له من الشهود من يثبت له ذلك، فيلاعن الزوجة لينفي الولد عنه، ثم تلاعنه الزوجة لتثبت بذلك براءتها و براءة طفلها مما يقول، و لا يشرع اللعان في غير الموردين المذكورين مع الشروط الآتي ذكرها.

المسألة 38:

يحرم على الرجل رمي زوجته بالزنا حرمة شديدة، و قد صرح الكتاب الكريم بحرمة رمي المحصنات من الأزواج و غيرهن و جعله سببا موجبا لإقامة حد القذف على القاذف، و الحكم بفسقه و عدم قبول شهادته ما لم يتب.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 234

و جعل رمي المحصنات المؤمنات الغافلات موجبا للعنة في الدنيا و الآخرة، و استحقاق العذاب العظيم، و شدد الوعيد لمن يرتكب ذلك في عدة من آياته الكريمة، و قد جعل في السنة المطهرة احدى الموبقات السبع، و هي الشرك باللّه و قتل النفس التي حرم اللّه، و أكل الربا، و أكل مال اليتيم، و السحر، و التولي يوم الزحف، و قذف المحصنات.

و لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا، لاتيانها بعض الأمور التي أوجبت له الريب فيها، أو أوجبت له غلبة الظن بذلك، و حتى إذا شاع ذلك أو أخبره به ثقة، فلا يجوز له القذف. نعم، يحسن منه الحذر و التوقي جهده المستطاع، و التخلص من ذلك بالطلاق

و شبهه، و لا يؤثر المال أو الجمال على شرفه و سمعته.

المسألة 39:

يجوز للرجل أن يقذف زوجته بالزنا إذا علم بذلك حق العلم، و إذا قذفها كذلك لم يصدق بمجرد قوله، بل تجب اقامة حد القذف عليه فيجلد ثمانين جلدة إذا طالبت الزوجة بذلك، إلا إذا أقام البينة التي تثبت هذا الأمر و هي أربعة شهود عدول، أو لا عن المرأة لعانا جامعا للشرائط و سيأتي تفصيله ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 40:

يشترط في ثبوت اللعان ان يكون الزوج القاذف لزوجته بالغا عاقلا، فلا يثبت اللعان إذا كان صبيا غير بالغ أو كان مجنونا.

و يشترط في ثبوته أن تكون المرأة المقذوفة بالغة عاقلة، فلا يثبت اللعان إذا كانت صغيرة أو كانت مجنونة. و يشترط فيه أن تكون المرأة سالمة من الخرس، فلا يثبت اللعان بقذف الخرساء، و يشكل الحكم باشتراط كونها سالمة من الصمم.

المسألة 41:

يشترط في ثبوت اللعان أن يدعي الرجل القاذف لزوجته أنه شاهدها بعينه، فلا يثبت اللعان إذا قذفها و لم يدع المشاهدة، أو كان أعمى لا يبصر، فيجب عليهما إقامة البينة على ما يقولان، و إذا لم تكن لهما بينة عادلة تثبت صحة مدعاهما أقيم عليهما حد القذف.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 235

المسألة 42:

إذا كانت للرجل الذي قذف زوجته بينة تامة تثبت صحة ما يقول، وجبت عليه إقامة البينة و لم يصح منه اللعان.

المسألة 43:

لا يثبت اللعان مع غير الزوجة، فإذا قذف الرجل امرأة أجنبية عنه بالزنا، وجب عليه أن يقيم البينة على ما يقول، و إذا لم تكن له بينة أقيم عليه حد القذف و ان كانت المرأة المقذوفة زوجة له سابقا، و لا يثبت اللعان إذا قذف الرجل زوجته المتمتع بها على الأقوى، فإذا قذفها و لم تكن له بينة أقيم عليه حد القذف، و لا يثبت اللعان في الزوجة المعقودة بالعقد الدائم إذا كانت غير مدخول بها، فإذا قذفها بالزنا و لم يقم البينة كان عليه الحد.

المسألة 44:

لا يثبت اللعان بقذف الزوجة إذا كانت مشهورة بالزنا، و لا يثبت الحد على الرجل بقذفها ليدفع الحد عن نفسه باللعان، و إذا قذفها و هي مشهورة بالزنا و لكنها لا تتجاهر به كان عليه التعزير مع عدم البينة، و إذا أقام البينة أو كانت المرأة متجاهرة بالإثم فلا تعزير على الرجل بقذفها.

المسألة 45:

يشترط لإلحاق الولد بالرجل الذي يولد الطفل على فراشه من زوجته الدائمة أو المتمتع بها أن توجد ثلاثة أمور:

الأول: أن يطأ الزوج المرأة بحيث يعلم أنه أنزل ماءه فيها أو يحتمل ذلك، و بحكم ذلك أن ينزل ماءه على فرجها أو حواليه بحيث يحتمل دخول الماء و تسربه الى الرحم، و يلحق به كذلك أن تستدخل نطفة الرجل في جهاز المرأة بتوسط أنبوب أو إبرة حاقنة أو شبهه ذلك من الوسائل التي تعد للتلقيح الصناعي.

الثاني: أن تبلغ المدة ما بين الوطء أو ما هو بحكمه من الأمور الآنف ذكرها، و ولادة الطفل ستة أشهر أو أكثر، و لا تكون أقل من ذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 236

الثالث: ان لا تتجاوز المدة ما بينهما عن أقصى مدة الحمل، و هو سنة كاملة على الأصح، و قيل تسعة أشهر و قيل عشرة و قد ذكرنا هذا في المسألة الثلاثمائة و الخامسة و الثمانين من كتاب النكاح.

فإذا وجدت هذه الشروط الثلاثة لحق الولد شرعا بالرجل و وجب عليه أن يعترف به، و حرم عليه إنكاره و نفيه عن نفسه و ان علم ان أمه قد ركبت الفجور، فان ذلك لا يجوز للرجل نفي الطفل مع تحقق شرائط الإلحاق، إلا إذا علم بانتفائه عنه.

المسألة 46:

إذا علم الرجل حق العلم ان الولد المولود على فراشه ليس ولده لبعض الأمور التي أوجبت له العلم بذلك، كما إذا ترك الرجل جماع امرأته مدة طويلة لغيبة أو مرض أو غيرهما، ثم وجد الزوجة حاملا على وجه لا يمكن أن يكون الحمل منه، فإذا حصل له العلم كذلك، وجب على الأحوط أن ينفي الولد عن نفسه باللعان أو بغيره، لئلا يدخل في نسبه من

ليس منه و تختل بذلك أحكام المواريث فيأخذ الميراث من لا يستحقه، و يحجب عنه من يستحق، و يختلط الأمر في النكاح و النظر الى المحارم بين ما يحل منه و ما يحرم، و في ولايات أولي الأرحام في موارد الولايات و غير ذلك من الآثار و الأحكام التي تترتب على النسب الثابت.

المسألة 47:

إذا علم الرجل بأن الولد ليس منه، صح له نفي الولد عنه بلعان أو بغير لعان، بل وجب عليه ذلك على الأحوط، كما قدمنا، و من الواضح ان انتفاء الولد عن نسب الرجل لا يعني ان الولد قد تكون من الزنا، و لذلك فلا يحل للرجل أن يقذف المرأة بالزنا، أو يقذف الولد بأنه ولد من الزنا، إلا إذا حصل له العلم بذلك، فيكون لعانه مع المرأة لكلتا الجهتين، و إذا قذفها بالزنا من غير ان يعلم كان عليه حد القذف.

المسألة 48:

إذا دخل الرجل بزوجته الدائمة، و أحرز وجود الشروط المتقدمة التي يلحق معها الولد بالرجل شرعا، حكم بلحوق الولد به، و لم يسمع منه نفيه إذا نفاه عن نفسه، و لم ينتف الولد عنه شرعا باللعان،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 237

و كذلك الحكم إذا أقر الرجل بأنه قد دخل بالمرأة و بأن الشروط الشرعية لإلحاق الطفل به قد تحقق جميعا، فلا يسمع منه النفي بعد إقراره بذلك، و لا أثر للعانه إذا لا عن المرأة.

و إذا لم يحرز تحقق الشروط الشرعية في الواقع، و لم يقر الرجل بأنه قد دخل بالزوجة، و بأن شروط الإلحاق به قد تحققت، ثم نفى الولد عن نفسه لم ينتف الولد عنه الا باللعان، و هذا إذا كانت الزوجة دائمة.

و إذا أنكر الرجل دخوله بالزوجة أصلا، أشكل الحكم بثبوت اللعان، فقد ذكرنا في المسألة الثالثة و الأربعين: انه يعتبر في ثبوت اللعان أن يكون الرجل قد دخل بالمرأة، فلا يثبت اللعان إذا قذف زوجته الدائمة من غير أن يدخل بها، و نتيجة لهذا، فإذا زعم أنه لم يدخل بالمرأة أصلا، فقد نفى وجود شرط اللعان.

المسألة 49:

إذا دخل الرجل بزوجته المتمتع بها، و أحرز معه تحقق بقية الشروط كما ذكرنا في الزوجة الدائمة، لحق الولد به شرعا، و لا يسمع منه نفي الولد إذا نفاه عن نفسه بعد ذلك، و مثله ما إذا أقر بالدخول بها و بوجود الشرائط الشرعية لإلحاق الولد، فلا يسمع منه النفي بعد إقراره و لا يكون لنفيه أثر شرعي.

و إذا لم يحرز وجود الشرائط في الواقع، و لم يقر الرجل بتحققها ثم نفى الولد عنه، انتفى الولد عنه في الظاهر بمجرد نفيه و جحوده و لا

يفتقر الى اللعان و لا يشرع له، و تلاحظ المسألة الثلاثمائة و السابعة و الثمانون و ما بعدها من كتاب النكاح.

المسألة 50:

يشرع اللعان لنفي الولد من الزوجة الدائمة في الصور الآنف ذكرها، سواء كان الولد لا يزال حملا في بطن أمه أم كان بعد ولادته و انفصاله، بل و ان تأخر اللعان عن الولادة ما لم يعترف الزوج بالطفل كما إذا كان غائبا حين ولادته أو كان مريضا أو كان الحاكم الشرعي بعيدا عنه أو لغير ذلك من الأعذار التي توجب التأخير.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 238

المسألة 51:

إذا أقر الرجل بالولد لم يسمع منه إنكاره إذا أنكره بعد ذلك، سواء كان إقراره بنسبه صريحا كما إذا قال لبعض اخوانه: لقد رزقني اللّه في هذا اليوم من فلانة مولودا جديدا، أو قال: و هبني اللّه من فلانة ولدا و قد سميته محمدا، أم كان إقراره بالكناية، كما إذا بشره أحد بولادته أو هنأه به فقال له: سرك اللّه كما سرني، أو قال: وفقني اللّه لشكر هذه النعمة، أو أتم اللّه علي نعمة وجوده بصلاحه، و نحو ذلك من العبارات الدالة على الرضا.

و لا يكفي أن يكون الرجل حاضرا عند ولادة الطفل فيسكت و لا ينكر نسبته إليه في تلك الحال، فلا يسقط بذلك حقه من نفي الولد إذا كان يعلم انه ليس منه.

المسألة 52:

يتعين على الأحوط أن يكون إيقاع اللعان بين الزوجين عند الحاكم الشرعي خاصة، و لا يكفي إيقاعه عند من ينصبه الحاكم الشرعي لذلك، و أن يكون إتيان كل من الزوج و الزوجة بشهادات اللعان و ألفاظه بعد إلقاء الحاكم ذلك عليه و أمره بقولها، فلا يقع اللعان إذا أسرع الزوج فنطق باللعان قبل أن يأمره الحاكم بالقول، أو بادرت المرأة فلاعنت قبل أن يلقي الحاكم عليها كلمات اللعان و يأمرها بقولها، فلا يعتد بقولهما، و عليهما اعادة الإيقاع بعد أمر الحاكم لهما على الترتيب.

المسألة 53:

يجب على الأحوط أن يكون الرجل و المرأة قائمين عند إيقاعهما اللعان و نطقهما بألفاظه، بل يلزم على الأحوط أن يكونا معا قائمين من أول لعان الزوج الى آخر لعان الزوجة، و لا يكفي ان يقوم الزوج وحده عند لعانه، ثم تقوم الزوجة وحدها عند لعانها.

المسألة 54:

إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، أو نفى ولدها عن نفسه، و حضر الزوجان عند الحاكم الشرعي للملاعنة و علم بوجود جميع الشروط

كلمة التقوى، ج 7، ص: 239

المعتبرة، أمر الحاكم الزوج أن يبدأ- فيقول: أشهد باللّه اني لمن الصادقين في ما قلته من رمي هذه المرأة بالزنا، أو من نفي ولدها عني، و يكرر هذه الشهادة بأمر الحاكم أربع مرات، ثم أمره بعدها أن يقول في المرة الخامسة: أن لعنة اللّه علي ان كنت من الكاذبين، فيقولها مرة واحدة.

فإذا أتم الرجل لعانه، أمر الحاكم المرأة أن تقول: أشهد باللّه انه لمن الكاذبين في قوله من القذف بالزنا، أو من نفي الولد عن نفسه، و تكرر هذا القول أربع مرات، ثم أمرها فقالت في المرة الخامسة: ان غضب اللّه علي ان كان من الصادقين في قوله، و قالت ذلك مرة واحدة.

المسألة 55:

يجب ان يكون التلفظ بشهادات اللعان و كلماته من الرجل و المرأة على الوجه المتقدم، فلا يصح إذا أبدلت منه بعض كلماته أو غيرت بما يرادف أو بما يشبه في المعنى أو في الاشتقاق، و لا يصح إذا قدم بعض الألفاظ على بعض أو حذف بعضها و ان كان المحذوف لام التوكيد من قول الرجل: اني لمن الصادقين، أو من قول المرأة: انه لمن الكاذبين، أو ما يشبه ذلك.

المسألة 56:

تجب مراعاة الترتيب في اللعان، فيبدأ الرجل قبل المرأة، و يبدأ الرجل- أولا- بالشهادات الأربع باللّه انه لمن الصادقين، ثم يدعو على نفسه بلعنة اللّه بعدها ان كان من الكاذبين، و تبدأ المرأة بالشهادات الأربع كذلك، ثم تدعو على نفسها بغضب اللّه بعدها ان كان من الصادقين.

المسألة 57:

يجب أن يكون التلفظ في اللعان باللغة العربية، إذا كان الرجل و المرأة قادرين على التكلم بها، فإذا كانا عاجزين و لم يمكن لهما النطق بها صح لهما إيقاعه بغيرها من اللغات.

المسألة 58:

يشكل الحكم بصحة التوكيل في اللعان، بأن يوكل الرجل غيره في أن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 240

يجري اللعان عنه مع زوجته حتى تترتب أحكام اللعان على الموكل بلعان الوكيل، أو توكل المرأة أحدا في أن يلاعن الرجل عنها كذلك، و قد سبق هذا التردد منا في كتاب الوكالة.

المسألة 59:

إذا حصل اللعان بين الرجل و المرأة و اجتمعت شروطه و قيوده وقعت الفرقة بين الزوجين سواء كان اللعان بسبب القذف أم كان بسبب نفي الولد، و الفرقة الحاصلة من ذلك انفساخ عقد لإطلاق، و كذلك فلا يشترط في اللعان ما يشترط في صحة الطلاق، و يجب على المرأة ان تعتد من الزوج بعده، و قد تقدم في مبحث العدد ان عدة المرأة في الفسخ و الانفساخ هي عدة الطلاق، و الفرقة بين الزوجين على الوجه المذكور هي الأثر الأول الذي يتحقق و يحكم به بعد اللعان.

المسألة 60:

إذا وقع اللعان بين الزوجين على الوجه التام في الشروط و القيود، حرمت المرأة على الرجل حرمة مؤبدة فلا يحل له الزواج بها أبدا حتى بعقد جديد، و حتى بعد انقضاء عدتها منه، و حتى إذا أكذب نفسه في قذفها بالزنا أو كذبت هي نفسها في لعانها، و كذلك إذا كان اللعان بسبب القذف و نفي الولد معا، فتحرم عليه حرمة مؤبدة. و إذا كان اللعان بسبب نفي الولد خاصة و لا يشتمل على قذف المرأة بالزنا، ففي ثبوت التحريم المؤبد بذلك اشكال فلا يترك الاحتياط فيه، و ان كان القول بالحرمة الأبدية لا يخلو من قوة، و قد تقدم ذكر هذا في المسألة المائتين و السادسة و الستين من كتاب النكاح، و هذا هو الحكم الثاني من أحكام اللعان.

المسألة 61:

إذا رمى الزوج امرأته بالزنا و لاعنها عند الحاكم الشرعي لعانا تام الشروط و القيود، سقط باللعان عنه حد القذف و ثبت على المرأة حد الزنا و هو هنا الرجم لأنها محصنة، فإذا لاعنته أيضا و أتمت لعانها على الوجه المطلوب، سقط عنها حد الزنا، و درئ عنها الرجم، و إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 241

نكلت و لم تلاعن الرجل أو أتت ببعض شهادات اللعان و نكلت عن إتمامه لزمها الحد، و هذا هو الحكم الثالث من أحكام اللعان.

المسألة 62:

إذا نفى الرجل الولد عن نفسه فقال: انه ليس ولدي، و ادعت المرأة أن الولد منه، و تلاعنا لذلك عند الحاكم الشرعي كما ذكرنا، انتفى الولد عن الرجل فلا ينسب اليه، فلا يكون الرجل الملاعن له أبا، و لا يكون الطفل للرجل ابنا، و لا يرث أحدهما من الآخر إذا مات قبله، و انتفى النسب بين الولد و من يتصل به بالأب، فلا يكون أبو الرجل له جدا و لا تكون أمه له جدة، و لا أخوه للطفل عما، و لا أخته عمة، و لا ولد الرجل له أخا و لا أختا، و لا يرث منهم إذا ماتوا قبله و لا يرثون منه إذا مات قبلهم.

و ثبت النسب و التوارث بين الولد و الأم و من يتقرب بها، فأبوها جده و أمها جدته و أخوانها أخواله و خالاته، و أولاد المرأة من غير ذلك الرجل أخوانه لأمه و أخواته، و كذلك أولادها من ذلك الرجل فهم اخوانه لأمه و أخواته لها، و ليسوا أخوانه لأبيه و أمه و يثبت التوارث بينه و بينهم على هذا النهج، و سيأتي تفصيل ذلك ان شاء اللّه تعالى في

فصل ميراث ولد الملاعنة من كتاب الميراث، و هذا هو الحكم الرابع من أحكام اللعان.

المسألة 63:

إذا لا عن الرجل المرأة لنفي الولد عن نفسه، ثم كذب لعانه و اعترف بالولد أخذ بإقراره، فإذا مات قبل الولد ورث الولد من تركته، و لا يرث هو من الولد إذا مات قبله، و لا يرث الولد من أقرباء الأب شيئا إذا مات أحدهم قبله و لا يرثون منه إذا مات قبلهم، و إذا كذب الرجل نفسه قبل أن يتم اللعان لم ينتف الولد منه و لم يكن للعان أثر.

المسألة 64:

إذا لا عن الرجل امرأته لقذفها بالزنا ثم كذب نفسه بعد اللعان، لم يحد للقذف و لم يحل له أن يتزوج بالمرأة أبدا، و إذا كذب نفسه قبل أن يتم اللعان لزمه حد القذف و لم تحرم عليه المرأة، بل و لم ينفسخ نكاحها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 242

المسألة 65:

يستحب أن يجلس الحاكم الشرعي للعان مستدبرا للقبلة، و أن يوقف الرجل عن يمينه و هو مستقبل القبلة، و أن يوقف المرأة و الصبي معها عن يساره و هما مستقبلان أيضا، فيكونان عن يمين الرجل، و أن يحضر من يسمع اللعان، فإذا أمر الحاكم الرجل بإلقاء الشهادات الأربع واحدة بعد واحدة حتى أتمها، أمره بالسكوت و شرع الحاكم بوعظه و تحذيره مغبة ذلك، و ذكره شدة لعنة اللّه و أليم أخذه و طرده عن رحمته، فإذا أتم وعظه، أمره أن يدعو على نفسه بلعنة اللّه ان كان من الكاذبين في قوله، ثم توجه بعده إلى المرأة، فأمرها بإلقاء شهادات اللعان واحدة بعد واحدة كما تقدم، فإذا أتمت ابتدأ الحاكم فوعظها و خوفها عظيم غضب اللّه و شدة نقمته، فإذا أتم وعظها و تذكيرها أمرها ان تدعو في الخامسة على نفسها بغضب اللّه ان كان الرجل من الصادقين في ما قال.

المسألة 66:

إذا قذف الرجل امرأته أكثر من مرة واحدة بأنها قد زنت، لم يجب عليه بذلك القذف المتكرر أكثر من حد واحد، و لم يوجب عليه غير لعان واحد، و إذا قذفها بالزنا فحد لقذفه إياها، أو لا عن المرأة فأسقط عن نفسه الحد باللعان، ثم قذفها بعد ذلك مرة أخرى أو أكثر، فلا يبعد وجوب الحد عليه بهذا القذف و ثبوت اللعان مرة ثانية على تأمل.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 243

كتاب الميراث

اشارة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 245

كتاب الميراث و فيه عدة فصول:

الفصل الأول في مقدمات يتوقف عليها تبيين الأبحاث و المقاصد الآتية

المسألة الأولى:

موجبات الإرث للوارث أما نسب يصله بالميت، و أما زوجية تعقده به، و أما ولاء يكون بينهما، و ليس له موجب غير ذلك على الأصح، و طبقات النسب الموجبة لإرث الحي من الميت ثلاثة:

الطبقة الأولى: الأب و الأم بلا واسطة، و الأولاد: الذكور منهم و الإناث، و أبناؤهم الذكور و الإناث أيضا و ان تعددت الواسطة بينهم و بين المورث، و الأب و الأم هما الصنف الأول من هذه الطبقة، و الأولاد و ذريتهم هم الصنف الثاني منها.

الطبقة الثانية من النسب الموجب للإرث هم الأجداد و الجدات للأب أو للأم، سواء كانوا أجدادا للميت بلا واسطة أم كانوا أجداد أبيه أو أمه أم أجداد جدة للأب أو للأم إذا اتفق وجودهم، و الأخوة و الأخوات، و هم أولاد أبويه معا، أو أولاد أبيه خاصة أو أولاد أمه خاصة، و أولاد إخوته المذكورين أو أخواته، و أولاد أولاد الاخوة و الأخوات و ان تعددت الواسطة، إذا اتفق وجودهم، و الأجداد و الجدات هم الصنف الأول من هذه الطبقة، و الأخوة و الأخوات و ذريتهم هم الصنف الثاني منها.

الطبقة الثالثة من النسب هم أعمام الميت و عماته و أخواله و خالاته و أعمام أبيه و أمه و عماتهما و أخوالهما و خالاتهما، و أعمام جده وجدته للأب أو للأم و عماتهما و أخوالهما و خالاتهما و هكذا، إذا اتفق وجودهم، و أولاد الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات المذكورين و ذريتهم إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 246

تعددت الواسطة، و عدوا من القرابة في نظر أهل العرف، و جميع أهل هذه الطبقة صنف واحد، و

سنذكر الأثر الذي يختص به أهل الصنف الواحد من الطبقة عن أهل الصنفين المختلفين.

المسألة الثانية:

الثاني من موجبات ارث الحي من الميت هي الزوجية، فإذا تم عقد النكاح الدائم بين الرجل و المرأة ورث أحدهما الآخر إذا مات قبله و لم يكن له ما يمنعه عن الإرث من كفر أو قتل أو رق أو لعان، و تراجع المسألة الثلاثمائة و الثالثة من كتاب النكاح في ما يتعلق بميراث الزوج و الزوجة إذا كان نكاحهما منقطعا.

المسألة الثالثة:

الثالث من موجبات ارث الحي من الميت: الولاء، و ينحصر في ولاء العتق، و ولاء ضمان الجريرة، و ولاء الإمامة، فإذا مات العتيق و لم يكن له رحم وارث، ورث ماله سيده الذي أعتق رقبته، و إذا مات السائبة و لا رحم له و لا معتق ورثه ضامن جريرته، و إذا مات من لا وارث له من جميع أولئك ورثه امام المسلمين على ما سنفصله في ما يأتي ان شاء اللّه تعالى.

المسألة الرابعة:

الفروض و هي السهام التي قدرها اللّه سبحانه في كتابه الكريم لبعض الوارثين ستة: و هي الثلثان و النصف، و الثلث، و الرابع، و السدس، و الثمن.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 7، ص: 246

فالثلثان هما فرض للبنتين أو البنات للميت حين لا يكون معهن ولد ذكر للميت أيضا، و حين يكون معهن ابن له و لكنه يكون ممنوعا من الإرث لأنه كافر فلا يرث من المسلم، أو لأنه قاتل لأبيه فلا يرثه، أو لأنه عبد مملوك، فلا يكون في هذه الصور وارثا و لا حاجبا لأخواته بنات الميت عن فرضهن و هو الثلثان، و هما أيضا فرض للأختين أو الأخوات للميت، لأبويه معا أو لأبيه خاصة، حين لا يكون معهن أخ ذكر للميت، أو كان معهن أخ ذكر و لكنه لا يساويهن في المرتبة، و مثال ذلك أن تكون للميت أختان شقيقتان لأمه و أبيه، و يكون له معهما أخ

كلمة التقوى، ج 7، ص: 247

للأب خاصة فلا يكون وارثا للميت معهما و لا حاجبا لهما عن الثلثين، و كذلك إذا كان له أخ ممنوع عن

الإرث لأنه كافر أو قاتل أو عبد مملوك، فلا يكون وارثا و لا حاجبا لهن عن الثلثين، و ان كان مساويا لهن في المرتبة أو أسبق منهن، و مثال ذلك أن يكون الجميع للأبوين، أو يكون الجميع للأب خاصة أو تكون الأخوات الوارثات للأب خاصة و يكون الأخ الممنوع من الإرث للأبوين.

و النصف فرض للبنت الواحدة إذا تركها الميت و لم يكن معها ابن ذكر للميت، أو كان معها ولد ذكر و هو ممنوع من الإرث لما ذكرنا، فلا يرث مع البنت الوارثة و لا يحجبها عن فرضها و هو النصف، و النصف أيضا فرض للأخت الواحدة للميت لأبويه معا أو لأبيه خاصة إذا تركها و ليس معها أخ أصلا، أو كان معها أخ للميت و لكنه ممنوع من الإرث لأن الأخت أسبق منه في المرتبة، أو لأنه كافر أو قاتل كما تقدم فلا يكون وارثا و لا حاجبا لها عن النصف، و ان كان أخا للأبوين و كانت هي أختا للأب خاصة، و النصف أيضا فرض للزوج إذا لم يكن للزوجة ولد منه و لا من غيره، أو كان لها ولد ممنوع من الإرث، فلا يحجب الزوج عن النصف كما سبق في نظائره.

و الثلث فرض للأم إذا لم يكن للميت ولد أو ولد ولد و ان نزل، أو كان للميت ولد و لكنه ممنوع من الإرث على نهج ما تقدم، و لم تكن للميت أخوة يحجبونها عما زاد عن السدس على تفصيل سنذكره في مبحث ميراث الأبوين ان شاء اللّه تعالى، فإذا كان للميت ولد ممنوع من الإرث لم يحجب الأم عن الثلث، و كذلك إذا كان له أخوة لا تجتمع معهم الشروط الآتي

بيانها، فلا يحجبون الأم عن الثلث، و الثلث أيضا فرض الاخوة من الأم ذكورا أو إناثا أو ذكورا و إناثا، إذا كانوا أكثر من واحد يشتركون فيه على السواء.

و الرابع فرض للزوج إذا كان للزوجة الميتة ولد أو ولد ولد غير ممنوع من الإرث، فإذا كان لها ولد أو حفيد ممنوع من الإرث لم يكن حاجبا للزوج عن النصف كما تقدم، و الربع فرض للزوجة أو الزوجات إذا لم يكن للزوج الميت ولد أو حفيد أو كان له و لكنه ممنوع من الإرث،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 248

فإذا كان له ولد أو حفيد غير ممنوع من الإرث ففرض الزوجة الواحدة أو الزوجات المتعددة هو الثمن يقتسمنه بالسوية.

و السدس فرض للأب و للأم إذا كان لابنهما الميت ولد أو حفيد غير ممنوع من الإرث، و السدس فرض الأم أيضا إذا كان لابنها الميت اخوة لأبويه أو لأبيه خاصة مع وجود شرائط الحجب و سيأتي ذكرها كما أشرنا إليه آنفا.

و السدس أيضا فرض الأخ الواحد للميت من أمه ليس معه من كلالة الأم غيره، و الأخت الواحدة من أمه ليس معها غيرها كذلك.

المسألة الخامسة:

قد لا يعين الشارع للوارث سهما معينا يدفع اليه من تركة الميت في جميع الأحوال أو في بعض الحالات دون بعض، فالشارع لا يحدد للأب سهما معينا عند انفراده بميراث ولده، و لا يحدد له نصيبا إذا انفرد هو و الأم بتركة ولدهما و لم يكن له وارث سواهما، و الشارع لا يحدد فرضا خاصا للولد الذكر حين ما ينفرد بميراث أبيه و حين ما يشترك معه ولد آخر أو أولاد آخرون ذكور أو إناث، و الشارع لا يحدد للأخ الذكر الواحد أو المتعدد

فرضا معينا، و لا يحدد للجد و لا للعم و لا للخال و لا لابن العم و لا لابن الخال مقدرا عند الانفراد بالميراث أو عند الاشتراك، و نتيجة ذلك ان هذا القريب يرث من تركة الميت بسبب قرابته منه نصيبا، و هذا النصيب الذي يستحقه من التركة يختلف باختلاف الموارد، فالأب يستحق جميع تركة ولده الميت حين ما ينفرد بميراثه، و هو يأخذ الثلثين منها إذا انفرد هو و الأم بالتركة و لم يكن للأم حاجب عن الثلث و الحاجب لها هم الأخوة عند ما توجد شروط الحجب، و هو يستحق خمسة أسداس التركة في هذا الفرض إذا كان للميت اخوة يحجبون الأم عما زاد عن السدس، و الأب في جميع هذه الفروض يرث من ولده بالقرابة، و مثله القول في الورثة الآخرين.

فالولد يستحق جميع التركة عند انفراده بها، و يستحق نصيبه منها حسب ما تقتضيه القسمة حين ما يشترك معه ولد آخر أو أكثر، ذكر أو أنثى، أو يشترك معه الأبوان أو أحدهما، و هو في جميع الفروض

كلمة التقوى، ج 7، ص: 249

يرث بالقرابة، و كذلك القول في الورثة الآخرين من الاخوة و الأجداد و الأعمام و غيرهم من الذين يرثون بالقرابة، و نظيرهم في ذلك من يرث الميت بسبب الولاء.

المسألة السادسة:

قد تزيد التركة على مقدار السهام المعينة فيها للورثة، فيستحق بعض الورثة أن يرد عليه شي ء من بقية التركة زائدا على نصيبه، وفقا لما يأتي بيانه من الحكم في ذلك، و مثاله ان يموت رجل و له بنت واحدة و زوجة فيكون للبنت نصف التركة و للزوجة ثمنها، و تكون التركة زائدة على السهام المقدرة بثلاثة أثمان التركة، و الحكم في

هذا الفرض أن يرد جميع ما زاد على البنت خاصة و تستحقه زائدا على نصيبها، و مثال ذلك أيضا أن يموت رجل و له بنت واحدة و أم، فيكون للأم سدس التركة، و للبنت نصفها، و تكون التركة زائدة على السهام المقدرة بسدسي التركة، و الحكم في الفرض أن يقسم الزائد على البنت و الأم بنسبة سهميهما فيكون للأم الربع من الزائد، و للبنت ثلاثة أرباعه و سيجي ء تفصيل الحكم فيه.

المسألة السابعة:

من الورثة من يكون إرثه بالفرض دائما، فلا يرث بالقرابة و لا بالرد في جميع الحالات، و هي الزوجة الواحدة و الزوجات المتعددة، و فرضها هو الربع إذا لم يكن للزوج الميت ولد أو حفيد وارث، و إذا كان له ولد أو حفيد ففرضها هو الثمن، و لا تخرج عن ذلك إلا إذا كانت قريبة للزوج في النسب فترثه بالقرابة أيضا غير ميراث الزوجة، و مثال ذلك أن تكون ابنة عمه أو ابنة خاله مثلا و زوجته، و لا وارث له أقرب منها، و هذا هو القسم الأول من أقسام الوارث.

المسألة الثامنة:

و من الورثة من يكون إرثه بالفرض دائما، و قد يرث بالفرض و بالرد أيضا في بعض الحالات، و من هذا القسم: الأم، فإنها ترث السدس دائما من تركة ولدها إذا كان له ولد أو كان لها حاجب و هم الأخوة مع وجود شرائط الحجب، و ترث الثلث دائما إذا لم يكن للميت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 250

ولد و لم يكن لها حاجب، و قد ترث مع الفرض بالرد إذا زادت التركة على السهام، و قد ذكرنا بعض الأمثلة لذلك في المسألة السادسة.

و من هذا النوع: الزوج، فإنه يرث من زوجته نصف تركتها إذا لم يكن لها ولد أو حفيد وارث، و يرث منها ربع التركة إذا كان لها ولد وارث أو حفيد وارث، و يرث منها بالرد إذا لم يكن للزوجة وارث غير الامام على الأقوى، و لا يخرج الزوج عن هذا الحكم إلا إذا كان قريبا لزوجته في النسب، فهو ابن عم لها مثلا أو ابن خال و زوج، و لا وارث لها أقرب منه و لذلك فيرث منها بالقرابة كما

يرث بالزوجية، و قد سبق نظيره في الزوجة، و هذا هو القسم الثاني من أقسام الوارث.

المسألة التاسعة:

و من الورثة من يكون إرثه بالفرض في بعض الحالات و يكون إرثه بالقرابة في بعضها، و قد يرث بالرد عليه في بعض الحالات أيضا، و من هذا القسم الأب، فإنه يرث بالفرض إذا كان للميت ولد أو حفيد وارث و فرضه في هذا الحال هو السدس، و هو يرث بالقرابة إذا لم يكن للميت ولد و لا حفيد أو كان له و لكنه كان ممنوعا من الإرث لأنه كافر أو قاتل للميت أو رق مملوك، و هو يرث كذلك بالرد عليه في بعض الحالات، و مثال ذلك أن يموت زيد و يخلف من بعده أبا و بنتا واحدة، فيرث الأب فرضه و هو السدس كما ذكرناه و ترث البنت فرضها و هو النصف، و تزيد التركة على السهام بسدسين و الحكم في ذلك أن يقسم الزائد على الأب و البنت الوارثين بنسبة سهميهما من التركة، فيأخذ الأب ربع الزائد و تأخذ البنت ثلاثة أرباعه، و مثاله أيضا أن يموت الشخص و يخلف من بعده أبا و بنتين، فيرث الأب السدس كما تقدم و ترث البنتان فرضهما و هو الثلثان، و تزيد التركة على السهام بسدس واحد، و الحكم فيه أن يقسم الزائد على الأب و البنتين بنسبة سهميهما كما سبق، فيكون للأب خمس الزائد و للبنتين أربعة أخماسه.

و من هذا القسم البنت الواحدة للميت، فإنها ترث من أبيها بالفرض و هو نصف التركة إذا لم يكن معها ولد ذكر وارث، و ترث منه بالقرابة إذا كان معها ولد ذكر، و يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، و إذا لم

يكن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 251

معها ولد ذكر ورثت النصف بالفرض كما قلنا و ورثت الباقي بالرد، و كذلك البنتان، فإنهما ترثان بالفرض إذا لم يكن معهما ولد وارث، و فرضهما هو الثلثان و يرد عليهما الباقي يقتسمانه بالسوية، و إذا كان معهما ولد ورثتا بالقرابة و قسمت التركة عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

و من هذا القسم أيضا الأخت الواحدة للميت لأبويه معا أو لأبيه خاصة، و الحكم فيها هو الحكم في البنت الواحدة فترث من أخيها بالفرض إذا لم يكن معها أخ وارث و فرضها هو نصف التركة و يرد عليها الباقي، و ترث منه بالقرابة إذا كان معها أخ وارث و تقسم التركة عليهما للذكر مثل حظ الأنثيين، و كذلك الأخوات فالحال فيهن حال البنات، و هذا هو القسم الثالث من أقسام الوارث.

المسألة العاشرة:

و من الورثة من يكون إرثه بالقرابة دائما و في جميع الحالات، فليس له فرض محدد، و لا تزيد التركة معه على السهام فيأخذ منها بالرد، و من هذا القسم الولد الذكر، و الأولاد المجتمعون ذكورا، أو ذكورا و إناثا، و الأخ الواحد إذا كان للأبوين أو للأب خاصة، و الاخوة المجتمعون إذا كانوا كذلك و كانوا ذكورا، أو ذكورا و إناثا، و الجد و الأجداد المجتمعون، و الأعمام و الأخوال على ما يأتي بيانه في مواضعه ان شاء اللّه تعالى و هذا هو القسم الرابع من الوارث.

المسألة 11:

و من الورثة من يكون إرثه بالولاء خاصة، فليس له فرض محدد يرث به و لا قرابة يرث بها و لا رد، و الوارث في هذا القسم هم المعتق، و ضامن الجريرة، و الامام، و إذا اتفق لأحدهم وجود قرابة يرث بها من الميت كما إذا كان المعتق أخا للميت أو عما أو ابن عم، ورثه بالقرابة و لا موضع معها للإرث بالولاء.

المسألة 12:

لا يرث أهل الطبقة من النسب إذا وجد واحد من أهل الطبقة السابقة عليهم، فلا يرث أحد من الأجداد القريبين أو البعيدين، و لا أحد من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 252

2 الاخوة الأشقاء و غيرهم و أولادهم إذا وجد أب للميت أو أم، أو وجد ولد له أو بنت، أو وجد أحد من أولاد ولده أو بنته، و ان تعددت الواسطة بين الميت و بينهم، و لا يرث أحد من الأعمام و الأخوال القريبين أو البعيدين و لا أحد من أولادهم و ذريتهم، إذا وجد جد للميت أو جدة أو أخ أو أخت، أو ابن أخ أو ابن أخت و هكذا، و لا يرث احد ممن يرث من الميت بالولاء إذا وجد احد ممن يرث منه بالقرابة.

المسألة 12:

لا يمنع الزوج و لا الزوجة عن ميراثهما إذا اجتمع مع أي طبقة من طبقات الوارثين و أصنافهم سواء كان ممن يرث بالفرض أم بالقرابة أم بالولاء، عدا ما تقدم ذكره من وجود الولد أو البنت للميت فيرث الزوج مع عدمه النصف و مع وجوده الربع، و ترث الزوجة مع عدمه الربع و مع وجوده الثمن.

المسألة 14:

لا يمنع القريب البعيد عن الإرث إذا كانوا من أهل طبقة واحدة و كانوا من صنفين، فإذا اجتمع الأب أو الأم مع ولد الولد أو ولد البنت و ان كان بأكثر من واسطة لم يمنع الأب و لا الأم ذلك الحفيد أو السبط عن الإرث و ان كان أقرب الى الميت، لأنهما من صنفين، و كذلك إذا اجتمع الجد القريب أو الجدة مع ولد الأخ أو ولد الأخت لم يمنع الجد أو الجدة ولد الأخ و لا ولد الأخت عن الإرث و ان كانا بأكثر من واسطة أو اجتمع الأخ أو الأخت مع الجد الأعلى بأكثر من واسطة فلا يمنعه من الميراث لأنهما من صنفين.

و يمنع القريب من هو أبعد منه عن الميراث إذا كانا من طبقة واحدة و صنف واحد، فولد الميت و بنته يمنعان ولد ولده و ولد بنته عن الإرث، و ولد الولد بواسطة واحدة يمنع ولد ولده و ولد بنته بواسطتين، و هكذا.

و الأخ و الأخت للميت يمنعان ولد أخيه و ولد أخته، و ولدهما بلا واسطة يمنع ولدهما مع الواسطة لأنهما من صنف واحد، كما ذكرناه في المسألة الأولى، و كذلك في طبقة الأعمام و الأخوال، فالعم و العمة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 253

يمنعان ابن العم و ابن العمة و ابن الخال و

ابن الخالة عن إرثه، و الخال و الخالة يمنعان ابن العم و ابن العمة أيضا و ابن الخال و ابن الخالة عن الإرث، و ما كان من أولادهم بلا واسطة يمنع من كان منهم بواسطة و هكذا، لأن الجميع من صنف واحد كما تقدم في المسألة الأولى، و تلاحظ المسائل المتعلقة بذلك من الفصل الثالث الآتية ان شاء اللّه تعالى.

الفصل الثاني في موانع الإرث

المسألة 15:

ذكر جماعة من العلماء للإرث موانع كثيرة حتى أنهاها الشهيد الأول قدس سره في كتاب الدروس الى عشرين مانعا، و في بعض ما أفاده في ذلك تكلف، و بعض ما ذكره انما هو مانع عن بعض الإرث، و ليس مانعا عن أصل الإرث، كالولد يمنع الأب و الأم حين يجتمع معهما أو مع أحدهما عما زاد عن السدس، و كالولد يحجب الزوج حين يجتمع معه عن النصف، و يمنع الزوجة حين يكون معها عن الربع، و كالاخوة يحجبون الأم عما زاد عن السدس مع وجود شروط الحجب، و نظائر ذلك.

و موانع الإرث المشهورة ثلاثة، و هي الكفر و القتل و الرق، و قد تقدم في الكتاب السابق حكم اللعان، و سنتعرض له هنا ان شاء اللّه على وجه الاجمال، و نتعرض لبعض أحكام الغائب و أحكام الحمل و ميراث ابن الزنا في ما يأتي.

المسألة 16:

لا يرث الكافر من المسلم إذا مات و ان كان أقرب الناس إليه في النسب، من غير فرق بين أصناف الكفار و مللهم، حتى الذمي و المعاهد، و حتى المرتد سواء كان فطريا أم مليا، فإذا مات المسلم انتقلت تركته الى وارثه المسلم و ان كان بعيدا عنه في النسب، و كان له ولد كافر، أو كان له أب و أم كافران، أو كان له أقرباء آخرون من الكفرة أو المرتدين، و إذا لم يكن له رحم أو قريب مسلم يرثه ورثه معتقه أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 254

ضامن جريرته إذا وجدا و كانا مسلمين، فان لم يكن له وارث مسلم من جميع أولئك ورثه امام المسلمين (ع).

المسألة 17:

لا يرث الكافر من قريبه المسلم إذا مات قبله من غير فرق بين أن يكون المسلم شيعيا و غيره من فرق المسلمين.

المسألة 18:

لا يمنع كفر الكافر أحدا يتقرب بواسطته الى الميت عن الإرث منه إذا كان مسلما، و مثال ذلك أن يموت رجل مسلم و يعقب ولدا كافرا، و يكون ولد ولده الكافر مسلما، فيرث الميت المسلم حفيده المسلم و ان كان يتقرب اليه بأب كافر، و مثاله أيضا أن يموت المسلم و له أب كافر، و يكون للميت أخ أو عم مسلم، فيرثه أخوه أو عمه المسلم، و ان كان يتقرب الى الميت بأبيه الكافر.

المسألة 19:

إذا مات رجل كافر و له وارث مسلم اختص هذا الوارث بإرثه إذا كان واحدا أو كان أقرب من الورثة الآخرين و اشترك مع ورثة الميت المسلمين إذا كانوا من أهل طبقته على حسب موازين الميراث، و لم يرث معه أرحام الميت الكفار شيئا و ان كانوا أقرب إليه من الوارث المسلم، فيرث الميت الكافر أخوه المسلم أو عمه أو ابن عمه إذا كان مسلما، و يختص بميراثه و ان كان له ولد أو أب أو أم من الكفار، و نتيجة لذلك فيكون المسلم وارثا للكافر، و مانعا لأرحامه الكفار عن الإرث، و إذا لم يكن للكافر رحم وارث من المسلمين و كان له معتق مسلم أو ضامن جريرة، اختص بميراثه أيضا و لم يرثه أرحامه من الكفار سواء كانوا مع الميت من أهل ملة واحدة أم من ملل متعددة، و إذا لم يكن للميت الكافر وارث من المسلمين غير الامام كانت تركته للوارثين الكفار.

المسألة 20:

إذا مات المرتد الفطري أو الملي و كان له وارث مسلم اختص المسلم بإرثه وحده سواء كان متحدا أم متعددا كما تقدم و منع الوارث

كلمة التقوى، ج 7، ص: 255

المسلم و ان كان واحدا ورثة الميت الكفار عن إرثه و ان كانوا أقرب إليه رحما على نهج ما ذكرناه في الكافر الأصلي سواء بسواء و كذلك إذا كان المسلم وارثا له بالولاء فيختص بإرثه دون أرحامه الكفرة و إذا لم يكن له وارث من المسلمين سوى الامام (ع)، فالقول المشهور بين الأصحاب ان ميراثه يرجع الى الامام كما هو الحكم في المسلمين، و لم أقف لهذا القول على دليل يعتمد عليه، و ظواهر الأدلة تقتضي أن للمرتد في ذلك

حكم الكافر الأصلي سواء كان فطريا أم مليا، فيكون ميراثه في هذه الصورة لورثته من الكفار.

المسألة 21:

إذا مات مسلم و خلف بعده وارثا مسلما و وارثا كافرا، ثم أسلم الوارث الكافر بعد موت المورث فهنا صور تختلف أحكامها.

(الصورة الأولى): أن يكون الوارث المسلم الذي خلفه الميت واحدا، و هو غير الامام، و غير الزوجة، و الحكم في هذه الصورة أن التركة بمجرد موت الميت تنتقل الى الوارث المسلم الواحد، فإذا أسلم الوارث الكافر بعد موت المورث لم يستحق من التركة نصيبا.

(الصورة الثانية): أن يكون الوارث المسلم الباقي بعد موت الميت هو امام المسلمين، فإذا أسلم الوارث الكافر بعد موت مورثه ورث المال بعد إسلامه و لم ينتقل الى الامام (ع).

(الصورة الثالثة): أن تكون وارثة الميت المسلمة هي زوجته وحدها، فإذا أسلم الكافر بعد موت الرجل و كان إسلامه قبل قسمة المال بين الزوجة و الامام، ورثت الزوجة نصيبها من التركة فإذا كان الوارث الذي أسلم ولدا أخذت الزوجة الثمن و ان لم يكن ولدا أخذت الربع، و ورث المسلم الجديد بقية المال و لم تنتقل الى الامام، و إذا كان إسلامه بعد قسمة المال أو مقارنا لها نفذت القسمة و لم يستحق من التركة شيئا.

(الصورة الرابعة): أن يكون الوارث المسلم الذي خلفه الميت متعددا، فإذا أسلم الوارث الكافر بعد قسمة المال بين الوراث المسلمين نفذت القسمة بينهم و استحق كل واحد منهم نصيبه، و لم يستحق المسلم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 256

الجديد من التركة شيئا، و كذلك إذا كان إسلامه مقارنا لقسمة المال بين الورثة فلا يستحق منه نصيبا.

و إذا أسلم قبل ان يقسم المال، شارك الورثة في الميراث إذا كان من أهل طبقتهم،

و لم يرث معهم شيئا إذا كانوا أسبق منه في طبقة الميراث، و ورث المال كله دونهم إذا كان هو أسبق منهم فيها.

المسألة 22:

إذا مات كافر و ترك بعده وارثا مسلما و وارثا كافرا، ثم أسلم الوارث الكافر بعد موت المورث كما في الفرض الآنف ذكره في المسألة الماضية، جرت فيه الصور الأربع التي فصلناها و انطبقت عليه أحكامها.

المسألة 23:

إذا تعدد الوراث المسلمون للميت المسلم أو للميت الكافر كما في الصورة الرابعة الآنف ذكرها، و قسم بعض التركة على الوراث و لم يقسم بعضها، ثم أسلم الوارث الكافر بعد ذلك، جرى في التركة حكمها المتقدم، فلا يرث المسلم الجديد شيئا من البعض الذي جرت قسمته من التركة، و ورث من البعض الآخر الذي لم يقسم، و إذا كان من أهل الطبقة السابقة في الميراث اختص بارث هذا البعض الذي لم يقسم و لم يرث منه الآخرون.

المسألة 24:

إذا مات المسلم و كان جميع ورثته حين موته كفارا، لم يرث أحد منهم شيئا من تركته، و كان وارثه هو امام المسلمين (ع)، و إذا أسلم بعض الورثة بعد موت المورث كان ميراثه لذلك البعض خاصة، و ان كان غيره أقرب منه في النسب و أسبق طبقة في الميراث، و لم يرجع ميراثه الى امام المسلمين، و كذلك الحكم، إذا مات المرتد و كان جميع ورثته كفارا، ثم أسلم بعضهم بعد موته، فيكون البعض الذي أسلم هو الوارث خاصة و لا يرجع إرثه الى الامام.

المسألة 25:

إذا مات الكافر و كان جميع ورثته كفارا كان ميراثه لهم، و إذا أسلم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 257

بعضهم بعد موت مورثه لم يتغير حكم الميراث بسبب ذلك، فيشارك هذا الوارث المسلم بقية الورثة الكفار إذا كان مساويا لهم في الطبقة، و يختص هو بالإرث دونهم إذا كان سابقا عليهم في الطبقة، و يحرم من الميراث إذا كان متأخرا عنهم فيها.

المسألة 26:

يرث المسلم من المسلم إذا تحقق بينهما أحد موجبات الإرث و ان اختلف الوارث و المورث في المذهب و المسلك سواء كانت النظرة بينهما متقاربة أم متباعدة، فلا يمنع هذا الاختلاف المذهبي من أن يرث بعض المسلمين بعضا وفقا لأحكام الميراث في الإسلام، و قد تقدم الكلام في مباحث النجاسات من كتاب الطهارة عما يتعلق ببعض الفرق، و من ينكر بعض ضروريات الدين، و ذكرنا فيها ميزان الكفر و الحكم بالنجاسة، و يكون المدار في التوارث عليه.

المسألة 27:

يتوارث الكفار في ما بينهم و ان كان الوارث و المورث مختلفين في الدين و في الملة، إذا وجد ما بينهما بعض موجبات الإرث من قرابة أو زوجية أو ولاء فيرث اليهودي من المسيحي و من الصابي و المجوسي و الوثني و الملحد و غيرهم، و يرثون منه إذا مات قبلهم، فإذا رجعوا الى المسلمين في حكم ميراثهم ورثناهم كذلك حسب ما فرض اللّه في المواريث، و لهم أن يجروا في المواريث بينهم على ما يقتضيه دينهم.

المسألة 28:

يراد بالمسلم في كتاب الميراث ما يعم المسلم بالأصالة، و هو الكامل المقر بالشهادتين من أي الفرق التي يحكم بإسلامها كما تقدم، سواء كان ملتزما بالعمل وفق مذهبه أم غير ملتزم، و المسلم بالتبعية، كالطفل الذي تنعقد نطفته و يولد و كلا أبويه أو أحدهما مسلم، و كالطفل الذي يسلم أبواه أو أحدهما بعد ولادته و قبل بلوغه، فيكون تابعا للمسلم منهما، و كالمجنون يتبع أبويه أو أحدهما في الإسلام، فتجري على الطفل و على المجنون و ان كانا غير مميزين أحكام المسلم بالأصالة، فيرث المسلم و الكافر، و يرثه المسلم دون الكافر، و يحجب المسلم و الكافر، و يحجبه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 258

المسلم دون الكافر، و قد سبق تفصيل هذه الأحكام في المسائل الماضية و قد يأتي لها مزيد من البيان.

المسألة 29:

و يراد بالكافر في هذا الباب أيضا ما يعم الكافر بالأصالة و الكافر بالتبع، و الكافر بالأصالة كما ذكرنا في المسألة المائة و الرابعة عشرة من كتاب الطهارة، هو الذي لم يعترف بالألوهية أو بالتوحيد أو بالرسالة أو بالمعاد و ان لم ينكر ذلك، و من أنكر أمرا علم ثبوته بالضرورة من الإسلام و هو يعلم بأنه ضروري كذلك و انما يحكم بكفر هذا المنكر لأن إنكاره مع علمه بأنه ضروري يرجع الى تكذيب الرسالة، و قد ألحقنا به في الحكم بعض الأهواء الزائغة فليلاحظ المبحث المشار اليه، و الكافر بالتبعية كالطفل الذي تنعقد نطفته و يولد و كلا أبويه كافران، و المجنون كذلك، فيجري عليهما حكم الكافر بالأصالة، فيرثهما المسلم إذا وجد له ما يوجب الإرث و لا يرثانه و يحجبهما المسلم و لا يحجبانه.

المسألة 30:

تقدم منا في المسألة المائتين و الخامسة و الأربعين من كتاب النكاح بيان المراد من المرتد عن فطرة و المرتد عن ملة و الفارق بينهما، و لا موجب لتكرار ما سبق، فليرجع إليها من أراد.

المسألة 31:

إذا ارتد الرجل عن الإسلام و كان ارتداده عن فطرة، وجب قتله، و انفسخ منه نكاح زوجته و بانت منه سواء كان قد دخل بها أم لم يدخل و وجب عليها أن تعتد منه عدة الوفاة و ان لم يقم عليه الحد بالقتل، و قسمت أمواله الموجودة في حال حدوث ارتداده على ورثته، و ان كان حيا.

المسألة 32:

إذا تاب المرتد الفطري عن ارتداده و رجع الى الإسلام، لم تسقط عنه الأحكام المتقدم ذكرها، فلا يسقط عنه الحد و هو القتل بتوبته، و لا ترجع اليه زوجته، و لا تعود أمواله إلى ملكه، و لا يسقط وجوب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 259

الاعتداد عن زوجته، و تقبل توبته بالإضافة إلى سائر الأحكام، فيحكم عليه بالإسلام و طهارة البدن، و تصح منه العبادات إذا أداها، و يجوز له أن يتزوج بامرأة مسلمة، حتى بزوجته السابقة إذا اتفق معها على تجديد النكاح بعقد مستأنف و ان كانت لا تزال في عدتها منه، و تنطبق عليه أحكام المسلم في الميراث و الحجب.

المسألة 33:

إذا ارتد الرجل عن الإسلام ارتدادا مليا، لم يقتل، بل يستتاب، و لم تنتقل أمواله عن ملكه إلى الورثة إلا إذا مات أو قتل، و قد تقدم بيان أحكامه في نكاحه و بينونة زوجته منه بالارتداد أو بعد الاعتداد في المبحث المشار اليه و تقبل توبته منه إذا رجع الى الإسلام و تنطبق عليه أحكامه.

المسألة 34:

إذا ارتدت المرأة عن الإسلام لم يجب عليها القتل و لم تخرج أموالها عن ملكها بالارتداد و ان كان عن فطرة و لم تنتقل الى ورثتها الا بالموت، و إذا ارتدت انفسخ نكاحها من زوجها فان كان الزوج لم يدخل بها بانت منه حين ارتدادها، و ان كان قد دخل بها وجب عليها أن تعتد منه عدة الطلاق، فإذا هي لم تتب حتى انقضت العدة بانت من الزوج، و من أحكامها انها تحبس و يضيق عليها و تضرب في أوقات الصلاة حتى تتوب و إذا هي تابت و رجعت الى الإسلام قبلت توبتها، و جاز لزوجها أن يتزوجها بعقد جديد، و الأحوط لزوما إذا تابت و أراد الزوج نكاحها و هي في أثناء العدة ان يكون الزواج بعقد جديد كذلك، و قد تقدم هذا في المبحث المذكور سابقا من كتاب النكاح.

المسألة 35:

لا يترتب الأثر على ارتداد الشخص حتى يكون بالغا و عاقلا و مختارا و قاصدا، فلا حكم لارتداد الصبي قبل بلوغه، و لا أثر لارتداد الشخص إذا كان مجنونا و ان كان جنونه أدوارا و حدث ارتداده في دور جنونه، و لا حكم له إذا كان مكرها عليه، و لا حكم له إذا كان هازلا غير جاد أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 260

غافلا غير ملتفت أو غاضبا غضبا يخرج به عن القصد، أو جاهلا لا يعلم معنى الكلمة التي قالها، أو سبقه لسانه بما لا يريد.

المسألة 36:

الثاني من موانع الإرث القتل، فإذا قتل الإنسان أحدا و كان عامدا في فعله و ظالما له، منع القاتل من ارث المقتول، سواء كان ميراثه منه بالفرض أم بالقرابة أم بالولاء، فلا يرث من تركته و لا من ديته إذا صالح أولياء القتيل عن حقهم بالدية.

و إذا قتله عامدا و هو غير ظالم له، لم يمنع ذلك من الإرث، و مثال ذلك أن يقتله قصاصا أو يقتله بحد شرعي يقيمه عليه، أو يقتله دفاعا عن نفسه أو عن عرضه أو عن ماله، فلا يسقط حقه من الميراث، سواء ورث التركة كلها أم بعضها.

المسألة 37:

إذا قتل الإنسان أحدا و كان مخطئا في قتله غير عامد لم يمنعه ذلك عن إرثه إذا كان من طبقات وارثيه، سواء كان القتل خطأ محضا، كما إذا حرك البندقية أو المسدس بيده من غير قصد للرمي فانطلقت الرصاصة و أصابت الرجل و قتلته، و كما إذا سدد الآلة و رمى بها طائرا أو حيوانا فأصابت رميته الشخص من غير عمد و قتلته، أم كان خطأ يشبه العمد، كما إذا ضرب الشخص بشي ء لا يوجب القتل بحسب العادة و لم يقصد بضربه قتله، فأصابه و قتله على خلاف العادة و خلاف القصد فلا يمنعه ذلك من إرثه من التركة، و يشكل الحكم بإرثه من الدية التي تدفع للقتيل في كلا الفرضين، و لا يترك الاحتياط بالرجوع إلى المصالحة فيها.

المسألة 38:

لا يرث القاتل من القتيل شيئا إذا كان عامدا ظالما، سواء باشر قتله بنفسه، فرماه بآلة قاتلة أو ضربه بسيف أو خنجر، أم سبب قتله، فألقاه من جدار أو جبل شاهق أو رماه في بئر عميقة، أو ألقاه إلى سبع مفترس لا يقدر على التخلص منه، أو أمر مجنونا أو طفلا غير مميز بإطلاق النار عليه، أو سلط عليه سلكا كهربائيا مميتا أو غير ذلك

كلمة التقوى، ج 7، ص: 261

من الأفعال التي يعد بها المسبب قاتلا عامدا في نظر العقلاء.

المسألة 39:

إذا أمر الإنسان غيره بقتل أحد و كان المأمور عاقلا و مختارا، فقتله عامدا، فالقاتل هو المباشر للقتل لا الآمر به، و ان كان هذا عاصيا آثما و يحبس حتى يموت، و لكن ذلك لا يمنعه من ارث القتيل إذا كان له ما يوجب الإرث منه.

المسألة 40:

إذا اشترك شخصان في قتل ثالث فقتلاه عامدين ظالمين منعا من ميراثه إذا كان لهما ما يوجب الإرث منه، و يرجع الى كتاب القصاص في حكم قصاص الولي منهما إذا أراد القصاص منهما أو من أحدهما.

المسألة 41:

القتل مانع من الإرث و ان كان القاتل أبا أو أما للمقتول أو ولدا، فإذا قتل الولد أباه أو أمه عامدا ظالما لم يرث منهما شيئا، و إذا قتل الأب ولده أو قتلت الأم ولدها كذلك لم يرث القاتل شيئا، و كذلك الزوجان فإذا قتل الزوج زوجته أو قتلت هي زوجها لم يرث القاتل من المقتول، و إذا كان القتل خطأ محضا أو خطأ يشبه العمد ورث القاتل من تركة المقتول و رجع الى المصالحة في ديته كما ذكرنا في غيرهم من الورثة إذا قتلوا المورث خطأ في كلتا الصورتين.

المسألة 42:

لا يحجب القاتل غيره من الوراث الذين يكونون أبعد منه في الطبقة أو في المرتبة، فإذا قتل الأب ولده و لم يكن للمقتول ولد و لا أم و لا حفيد ورثه اخوانه و أخواته و أجداده و ان كان الأب القاتل موجودا و هو أقرب منهم في طبقة الميراث، و إذا قتل الولد أباه و لم يكن للمقتول أب و لا أم و لا ولد ورثه أولاد ولده و ان كان القاتل أسبق منهم في المرتبة، و لا يمنع القاتل من يتقرب به من الإرث فإذا قتل الولد أباه ورث ولد القاتل جده المقتول إذا لم يكن له وارث أقرب منه و لم تمنعه جريمة أبيه عن إرثه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 262

و إذا قتل الولد أباه لم يحجب زوجة أبيه عن ربع التركة إذا لم يكن للأب المقتول ولد غيره، و لم يحجب أبا المقتول عما زاد عن السدس و لم يحجب أم المقتول عن ذلك إذا لم يكن لها حاجب آخر و هم الاخوة، و قد سبقت الإشارة منا الى هذه الفروض في

أوائل الكتاب.

المسألة 43:

الدية التي تدفع لأولياء القتيل يكون لها حكم تركته، فتقضي منها ديونه إذا كان مدينا، و تؤدى منها وصاياه و يكون الباقي منها و من التركة ميراثا للوارثين بعده، من غير فرق بين أن يكون قتله خطأ محضا أو خطأ يشبه العمد و قد دفعت الدية من أجل ذلك، و أن يكون قتله عمدا ثم صالح القاتل أولياء المقتول عن القصاص بالدية أو أخذت الدية لتعذر القصاص من الجاني بسبب موته أو هربه، و قد ذكرنا الحكم في المسألة الثانية و الستين من كتاب الوصية.

المسألة 44:

الدية بحكم مال المقتول كما قلنا، فيرثها ورثته جميعا غير الممنوعين من الإرث، و قد سبق التردد منا في إرث القاتل منها إذا كان القتل خطأ محضا أو خطأ يشبه العمد، و ان الأحوط الرجوع الى المصالحة فيها.

و الحكم المذكور شامل للزوج و الزوجة، فيرث الباقي منهما من دية صاحبه المقتول، و يمنع من الإرث إذا كان قاتلا أو مشتركا في القتل و كان القتل عمدا و ظلما، و يرجع الى المصالحة إذا كان القتل خطأ أو يشبه العمد.

المسألة 45:

يستثنى من الحكم بميراث الدية من يتقرب بالأم على القول المشهور، فلا يرث منها على هذا القول الاخوة و لا الأخوات من الأم و لا أولادهم، و لا الجد و الجدة للأم، و لا الأخوال و الخالات، و لكن الظاهر اختصاص المنع من ذلك بالاخوة و الأخوات من الأم كما هو ظاهر النصوص فلا يعم جميع من يتقرب بالأم.

المسألة 46:

إذا قتل الشخص عمدا كان للورثة حق القصاص من القاتل، و لا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 263

يرث الزوج و لا الزوجة من حق القصاص شيئا، و إذا وقع التراضي و الصلح بين الورثة و القاتل عن القصاص منه بدفع الدية، ورث الزوجان نصيبهما من الدية كما تقدم.

المسألة 47:

إذا أسقطت الأم جنينها عامدة وجب عليها أن تدفع دية الجنين إلى أبيه، و إذا كان أبوه ميتا وجب عليها أن تدفع الدية إلى وارث الجنين من اخوته و أجداده أو أعمامه أو غيرهم، و لا ترث الأم شيئا من ماله إذا كان له مال و لا من ديته، لأنها قاتلة، و إذا كان مسقط الجنين هو أبوه وجب عليه أن يدفع الدية لأم الجنين، و لا يرث هو من مال الجنين و لا من ديته شيئا لأنه قاتل.

و دية الجنين هي عشرون دينارا من الذهب إذا كان نطفة، و أربعون دينارا إذا كان علقة، و ستون دينارا إذا كان مضغة، و ثمانون دينارا إذا كان عظاما، و مائة دينار إذا كان تام الخلقة و قبل ان تلجه الروح، فإذا تمت خلقته و ولجته الروح كانت ديته دية الإنسان الحي، و الدينار مثقال شرعي من الذهب، و هو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي كما بيناه في كتاب الزكاة.

المسألة 48:

إذا جنى أحد على ميت بعد موته، فقطع رأسه أو يده أو بعض أعضائه، وجب على الجاني أن يدفع الدية المقررة لتلك الجناية على الميت، و تفصيلها مذكور في كتاب الديات، و لا يستحق ورثة الميت من هذه الدية شيئا، بل تصرف في وجوه الخير و البر للميت نفسه.

المسألة 49:

الثالث من موانع الإرث: الرق، فلا يرث العبد المملوك و لا يورث، لا بالفرض و لا بالقرابة و لا بسبب آخر من موجبات الإرث، فلا يرث قريبه الحر إذا مات و ان اتصل به نسبه اتصالا مباشرا، كما إذا كان أبا للميت أو ولدا، فضلا عما إذا كان جدا له أو حفيد أو أخا أو عما أو خالا من الرجال أو النساء أو أولادهم، و لا يرث الزوج العبد زوجته الحرة، و لا الزوجة المملوكة زوجها الحر، و لا ينتقل ميراث

كلمة التقوى، ج 7، ص: 264

العبد الى أحد من أقربائه الأحرار و غير أقربائه و ان قلنا بأن العبد يملك ما بيده من المال، فإذا مات كان جميع ماله لسيده.

و إذا مات قريبه الحر أو ماتت زوجته الحرة أو مات الزوج الحر للأمة المملوكة، انتقل ميراث الميت الى ورثته الأحرار و ان كان العبد أقرب منهم الى الميت في النسب أو السبب، و لا يحجبهم العبد عن الميراث بسبب قرابته.

المسألة 50:

لا يحجب العبد وارثا حرا يتقرب الى الميت بالعبد نفسه، فإذا مات حر و له ولد مملوك و كان لولده المملوك ولد حر، ورث الميت حفيده الحر إذا لم يكن له وارث حر أقرب من حفيده و لم يمنعه رق أبيه عن إرث جده، و إذا مات حر و له أم مملوكة و لأمه المملوكة ولد حر ورث الميت أخوه لأمه و ان تقرب الى الميت بأمه المملوكة.

المسألة 51:

إذا مات الشخص و له وارث حر و وارث مملوك، ثم أعتق الوارث المملوك بعد موت المورث، فللمسألة صور، و لكل صورة منها حكمها.

(الصورة الأولى): ان يكون الوارث الحر الذي خلفه الميت من بعده واحدا لا أكثر، و هو غير الزوجة و غير الامام (ع) فإذا مات المورث انتقل ماله الى وارثه الحر بمجرد موته لعدم الشريك للوارث، فلا يرث العبد من المال شيئا إذا أعتق بعد ذلك.

(الصورة الثانية): أن يكون الوارث الحر الذي تركه الميت هي زوجته، فإذا أعتق العبد الوارث بعد موت المورث و قبل قسمة المال بين الزوجة و الامام (ع) ورثت الزوجة نصيبها و هو الربع إذا لم يكن العبد الذي أعتق ولدا للميت، و هو الثمن إذا كان العبد ولدا، و ورث العبد المعتق بقيمة المال و لم يرجع الميراث الى الامام، و إذا أعتق العبد بعد قسمة المال أو مقارنا معها أخذت الزوجة حصتها و هي الربع سواء كان العبد ولدا أم لم يكن و كان الباقي للإمام و لم يرث العبد المعتق منه شيئا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 265

(الصورة الثالثة): أن يكون وارث الميت هو الامام وحده، فإذا أعتق العبد كان هو الوارث و انتقل اليه المال و لم يرجع

الى الامام (ع).

(الصورة الرابعة): ان يكون الوارث الحر الذي خلفه الميت من بعده متعددا، فإذا أعتق العبد بعد قسمة المال بين الورثة الأحرار أو مقارنا معها نفذت القسمة و أخذ كل وارث منهم حصته التي عينتها له القسمة و لم يرث العبد المعتق شيئا و إذا أعتق قبل القسمة اشترك معهم في الإرث إذا كان مساويا لهم في الطبقة و المرتبة، و اختص هو بالتركة إذا كان سابقا عليهم فلا يرثون معه شيئا.

المسألة 52:

إذا مات أحد و لم يكن له أي وارث في جميع الطبقات سوى عبد مملوك اشتري ذلك المملوك الوارث من مال الميت، و أعتق بعد الشراء على الأحوط، و إذا زاد من التركة شي ء على ثمنه دفع اليه بعد العتق ميراثا، و لا فرق في وجوب الشراء بين أن يكون العبد الذي انحصر الوارث به واحدا أو متعددا، و لا يجوز للمالك العبد أن يمتنع عن بيعه و إذا امتنع عن بيعه قهر على ذلك فيقوم عليه قيمة عادلة و تدفع له القيمة و يؤخذ منه المملوك و يعتق، و يتولى الحاكم الشرعي ذلك.

المسألة 53:

يشكل الحكم بوجوب شراء العبد و عتقه إذا كان للميت ضامن جريرة و لم يكن له وارث آخر غير العبد المملوك و ان كان الأظهر شمول الحكم لذلك أيضا فيشترى العبد من تركة الميت و يعتق.

المسألة 54:

لا يختص الحكم بوجوب شراء العبد و عتقه و توريثه بقية المال في الصورة الآنف ذكرها في المسألتين، بما إذا كان العبد أبا للميت أو أما، فيشمل كل قريب من أقرباء الميت ينحصر به ميراثه إذا كان مملوكا، فيشترى من التركة و يعتق، ثم يدفع له باقي التركة ميراثا.

المسألة 55:

إذا قصرت تركة الميت فلم تف بقيمة العبد لو أريد شراؤه في الصورة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 266

المذكورة لم يجب شراء بعضه و سعيه في الباقي، بل يكون المال ميراثا للإمام (ع)، و لضامن الجريرة في الصورة التي ألحقناها في المسألة الثالثة و الخمسين.

و كذلك إذا كان العبد الوارث متعددا، و قصر نصيب كل واحد منهم من التركة عن قيمته، فلا يجب الشراء، و يرجع جميع التركة ميراثا للإمام (ع)، و إذا و في نصيب بعضهم بقيمته، و قصر نصيب الآخر فلم يف بثمنه، جرى في كل واحد منهما حكمه، فيشترى الأول بنصيبه من التركة و يعتق، و يرجع نصيب الثاني ميراثا للإمام (ع).

المسألة 56:

إذا تحرر بعض العبد المملوك فأعتق منه نصفه مثلا أو ربعه ثم مات أحد أرحامه ورث من تركة الميت بمقدار ما فيه من الحرية، فإذا أعتق نصفه ورث نصف ما يصيبه من المال لو كان جميعه حرا، و إذا أعتق ربعه ورث ربع نصيبه، و إذا مات و ترك مالا، كان لوارثه الحر من المال بمقدار حريته نصفا أو ربعا، و كان للمالك منه بمقدار رقيته.

المسألة 57:

إذا قذف الرجل زوجته بالزنا و لا عنها لينفي عن نفسه حد القذف لعانا جامعا للشرائط انفسخ النكاح بينه و بين الزوجة و حرمت عليه حرمة مؤبدة، فلا ترثه إذا مات قبلها و لا يرثها إذا ماتت هي قبله، و ان كان الموت قبل انتهاء عدة الانفساخ.

المسألة 58:

إذا نفى الرجل الولد عنه، و لا عن امرأته أم الولد لذلك لعانا تام الشرائط انتفى الولد عن نسبه فلا يرث الرجل الولد و لا يرث الولد الرجل، و لا يرث أقرباء الرجل و لا يرثونه، و قد مر ذكر هذا و ما يتعلق به مفصلا في كتاب اللعان، و يأتي التعرض له أيضا في ميراث ولد الملاعنة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 267

الفصل الثالث في الحجب

المسألة 59:

الحجب هو أن يمنع الوارث عن جميع نصيبه من الميراث أو عن بعضه بسبب وجود آخر، و الشخص الآخر الذي يحجب الأول قد يكون وارثا بالفعل للميت، و قد يكون غير وارث، و لكنه من طبقات الوارثين، و قد يكون واحدا و قد يكون متعددا، فإذا كان المنع عن جميع النصيب من الميراث سماه العلماء حجب حرمان، و إذا كان عن بعض النصيب سموه حجب نقصان، فمن أمثلة ذلك منع الأخ و الجد أن يرثا من تركة الميت شيئا إذا وجد له أب أو أم أو ولد، سواء كان الحاجب أو المحجوب واحدا أم متعددا، و يكون ذلك من حجب الحرمان، و يكون الحاجب وارثا بالفعل للميت، و الأخ و الجد المحجوبان غير وارثين بالفعل، و لكنهما من طبقات الوارثين، و من أمثلة ذلك منع الأب أو الأم أو منع كليهما عن أن يرثا من تركة ولدهما ما زاد عن السدس إذا وجد للميت ولد أو بنت أو أكثر، و لا يمنعان عن جميع الميراث فيكون ذلك من حجب النقصان، و الولد و البنت الحاجبان و الأب و الأم المحجوبان كلاهما وارثان بالفعل، و من أمثلة ذلك حجب الأم عما زاد عن السدس من تركة ولدها إذا كان له اخوة و اجتمعت

شروط الحجب الآتي ذكرها و يكون الباقي للأب و يكون ذلك من حجب النقصان، و الأم المحجوبة وارثة بالفعل، و الاخوة الحاجبون لها غير وارثين بالفعل، و لكنهم من طبقات الوارثين.

المسألة 60:

ذكرنا في المسألة الأولى من الكتاب أن طبقات الوارثين من النسب ثلاث، فالطبقة الأولى هي أبو الميت و أمه و أولاده الذكور و الإناث و ذريتهم، و الأب و الأم هما الصنف الأول من هذه الطبقة، و هما مرتبة واحدة كذلك فإن أبا الأب أو أبا الأم انما هو جد و ليس أبا، و أم الأب أو أم الأم إنما هي جدة و ليست أما، و هم من الطبقة الثانية و ليسوا من الطبقة الأولى، و أولاد الميت الذكور و الإناث و ذريتهم هم الصنف الثاني

كلمة التقوى، ج 7، ص: 268

من الطبقة الأولى، و لهذا الصنف مراتب متعددة، فأولاد الميت بغير واسطة هم المرتبة الأولى من الصنف، و أولاد أولاده من الذكور و الإناث هم المرتبة الثانية منه، و هم أبعد من المرتبة الأولى، و كلما تعددت الواسطة بينهم و بين الميت تعددت المرتبة و ازدادت بعدا على المرتبة السابقة عليها.

و الطبقة الثانية من النسب هم الأجداد و الجدات للميت من قبل أبيه و من قبل أمه، و هؤلاء هم الصنف الأول من هذه الطبقة، و للصنف مراتب متعددة فأجداد الميت نفسه و جداته بلا واسطة هم المرتبة الأولى، و أجداد أبيه و أجداد أمه و جداتهما هم المرتبة الثانية من الصنف، و هم أبعد من المرتبة الأولى في النسب، و هكذا كلما زادت الوسائط كثرت المراتب و كانت اللاحقة من المراتب أبعد من سابقتها.

و الصنف الثاني من هذه الطبقة هم أخوة الميت

و أخواته لأحد أبويه أو لكليهما و أولادهم و ذرياتهم، و لهذا الصنف مراتب متعددة، فالإخوة هم المرتبة الأولى، و أولاد الإخوة بلا واسطة هم المرتبة الثانية، و أولاد أولادهم هم المرتبة الثالثة، و تتكثر المراتب بتكثر الوسائط و يكون اللاحق أبعد من السابق.

و الطبقة الثالثة من النسب هم الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و أولادهم و ذريتهم، و هذه الطبقة كلها صنف واحد بحكم الشارع، و لهذا الصنف مراتب متعددة، فأعمام الميت نفسه و عماته و أخواله و خالاته مرتبة واحدة، و أعمام أبي الميت و أمه و عماتهما و أخوالهما و خالاتهما هي المرتبة الثانية، و هي أبعد من الأولى، و أعمام جده أو جدته للأب أو للأم و عماتهم، و أخوالهم و خالاتهم هي المرتبة الثالثة و هي أبعد من الثانية، و هكذا إذا اتفق وجودهم.

و لأولاد الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات في كل مرتبة من المراتب المتصاعدة الآنف ذكرها مراتب متعددة متنازلة على النحو المتقدم في الواسطة و عدمها و في القرب و البعد.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 269

المسألة 61:

لا يرث أحد من الطبقة الثانية في النسب مع وجود واحد من الطبقة الأولى من أي صنف كان منها و في أي مرتبة من مراتب الصنف، و يحجبون مع وجوده عن أصل الإرث حجب حرمان، فلا يرث الأجداد و الجدات قربوا أم بعدوا، و لا الأخوة و الأخوات، و لا أولادهم قربوا أم بعدوا، إذا وجد أب للميت أو أم، أو ولد أو بنت، أو ولد ابن أو ولد بنت، و ان بعدت مرتبته و تعددت الواسطة بين الميت و بينه، و لا يرث معه من بعدهم من

طبقات النسب أو الولاء، و يحجبون به كذلك حجب حرمان.

و لا يرث أحد من الطبقة الثالثة في النسب و لا من طبقات الولاء، إذا وجد واحد من الطبقة الثانية، فلا يرث الأعمام و الأخوال بجميع مراتبهم المتصاعدة، و لا أولاد الأعمام و الأخوال من أي مرتبة كانوا منهم، إذا وجد معهم جد أو جدة قريبة أو بعيدة، أو وجد أخ أو أخت أو أحد من أولاد الاخوة و الأخوات و ان تعددت واسطته، و لا يرث معه أحد من طبقات الوارثين بالولاء، و يحجبون جميعا معه حجب حرمان.

و لا يرث ضامن الجريرة مع وجود المعتق، و لا يرث الامام (ع) مع وجود ضامن الجريرة.

المسألة 62:

إذا كان للميت وارثان من طبقة واحدة في النسب و من صنف واحد في الطبقة و كان أحد الوارثين أقرب الى الميت في المرتبة من الآخر، منع القريب البعيد من الميراث و حجبه حجب حرمان، و لذلك فلا يرث حفيد الميت- و هو ابن ابنه- و لا سبطه- و هو ابن بنته- من التركة شيئا، إذا وجد معهما ابن للميت أو بنت له، و لا يرث حفيده و لا سبطه بواسطتين أو بأكثر، إذا وجد له حفيد أو سبط بواسطة واحدة، و هكذا، فيمنع القريب في المرتبة من كان بعيدا فيها، و يحجبه عن الإرث حجب حرمان.

و لا يرث الجد الأعلى للميت إذا وجد جده أبو أبيه، و لا يرث جد الجد مع وجود جد الأب، و لا يرث ابن أخي الميت إذا وجد أخ له أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 270

أخت، و لا يرث ابن أخ له بواسطة واحدة أو أكثر مع وجود ابن أخ أو ابن أخت بلا

واسطة، فيمنع الأقرب من هو أبعد منه.

و لا يرث عم أبي الميت و لا عم أمه و لا عمتهما، و لا خالهما و لا خالتهما إذا وجد عم الميت نفسه أو عمته أو خاله أو خالته، و لا يرث عم جد الميت أو جدته و لا خالهما مع وجود عم أبيه أو أمه أو خالهما، لاختلافهم في المرتبة، فالأقرب فيها يمنع الأبعد.

المسألة 63:

ذكرنا في المسألة الأولى و في المسألة التاسعة و الخمسين ان الأعمام و الأخوال و أولادهم و ذريتهم صنف واحد كما هم طبقة واحدة، و لذلك فلا يرث ابن العم و لا ابن العمة و لا ابن الخال أو الخالة إذا وجد عم للميت أو عمة، أو وجد له خال أو خالة، و لا يرث حفيد عمه أو عمته و لا حفيد خاله أو خالته إذا وجد له ابن عم أو ابن عمة أو ابن خال أو ابن خالة، و هكذا، فيكون القريب في المرتبة حاجبا للبعيد عن الميراث.

المسألة 64:

و ذكرنا أن الأعمام و الأخوال و ان كانوا صنفا واحدا فان لهذا الصنف الواحد مراتب متعددة متصاعدة بعضها أدنى الى الميت من بعض، و قد بيناها في المسألة التاسعة و الخمسين، و من أجل ذلك حجب عم الميت عم أبيه و خاله عن الميراث إذا وجد معه، و حجب عم أبيه عم جده و خاله إذا اجتمع معه.

و من النتائج البينة لذلك أن يكون أولاد عم الميت نفسه و أولاد خاله و ذريتهم المتنازلة في الترتيب تابعين لمرتبة العم أو الخال نفسه، و من أجل كون ذريتهم مترتبين حجب القريب منهم البعيد كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، و من أجل كونهم تابعين للعم أو الخال في مرتبته يكون أبناء عم الميت و أبناء خاله و ان تعددت وسائطهم مقدمين على أعمام أبي الميت و أعمام أمه و أخوالهما فيحجبونهم عن الميراث إذا وجدوا معهم، و يكون أولاد أعمام أبي الميت و أمه و أخوالهما أيضا تابعين لآبائهم في المرتبة كما قلنا في أولاد عم الميت و خاله، فيمنع عم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 271

أبي

الميت و خاله و عم أم الميت و خالها أولادهم من الميراث إذا وجدوا معهم، و يمنع القريب من ذريتهم البعيد لتعدد الواسطة، و تكون هذه الذرية مقدمة على عم جد الميت و خاله و على عم جدته و خالها و ذريتهم و حاجبة لهم عن الإرث، و تكون ذرية عم الجد أو الجدة و ذرية خالهما تابعة لهذا العم أو الخال الذي تناسلت منه و مقدمة في الرتبة على من بعدهم، و هكذا.

المسألة 65:

يرث الزوج و الزوجة نصيبهما مع جميع طبقات النسب و مع جميع طبقات الولاء، و لا يحجبهما وجود أي وارث عن الإرث حجب حرمان، و يحجبهما الولد عن النصيب الأعلى إذا كان للميت منهما ولد حجب نقصان، فإذا ماتت الزوجة و لم يكن لها ولد ورث زوجها نصف التركة، و ان كان لها ولد ورث الربع منها، و إذا مات الزوج و لم يكن له ولد ورثت زوجته ربع تركته، و ان كان له ولد ورثت الثمن، و قد ذكرنا هذا الحكم مرارا.

المسألة 66:

إذا اجتمع وارثان من طبقة واحدة و كانا من صنفين متعددين لم يمنع الأقرب منهما البعيد عن الإرث فلا يحجب الأب و لا الأم ولد الولد و لا بنته عن الإرث إذا وجدا معهما و ان تعددت الواسطة بينهما و بين الميت، لأنهما من صنفين، و لا يحجب الأب و لا الأم ولد بنت الميت و لا بنتها إذا اجتمعا معهما، و لا يحجب الجد القريب للميت ولد أخي الميت و لا ولد أخته إذا اجتمع معهما و ان تعددت وسائطه و بعدت مرتبته، و لا يحجب الأخ الجد الأعلى و ان بعدت مرتبته كذلك لأنهما من صنفين.

المسألة 67:

إذا اجتمع وارثان من طبقة واحدة في النسب، و من صنف واحد و مرتبة واحدة، و كان أحد الوارثين يتقرب الى الميت بكلا الأبوين و الثاني يتقرب إليه بالأب وحده كان المتقرب بالأبوين حاجبا للمتقرب بالأب عن ميراثه، فإذا ترك الميت أخا أو أختا لأبيه خاصة أو ترك اخوة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 272

متعددين كذلك، و وجد له أخ شقيق أو أخت شقيقة أو اخوة اشقاء متعددون كان الميراث للاشقاء خاصة و لم يرث الاخوة الآخرون شيئا و حجبوا عن الميراث حجب حرمان، و لا يحجب المتقرب للميت بالأبوين أخاه الذي يتقرب إليه بالأم وحدها عن ميراثه، و إذا كان للميت ابن أخ أو ابن أخت لأبيه خاصة واحدا أو متعددا، و وجد معهم ابن أخ شقيق أو ابن أخت شقيقة أو أكثر من ذلك اختص المتقربون بالأبوين بالإرث و منع الآخرون منه، و إذا كان للميت أخ أو اخوة لأب و ابن أخ شقيق كان الميراث للاخوة من الأب لأنهم أقرب الى الميت مرتبة و

لم يرث ابن الأخ الشقيق شيئا.

المسألة 68:

إذا كان للميت عم أو عمة أو أكثر يتقربون إليه بالأب فهم اخوان أبي الميت لأبيه خاصة، و وجد معهم عم للميت يتصل به بالأب و الأم معا، فميراثه لعمه شقيق أبيه و لا يرث معه أعمام الميت و عماته الآخرون، و كذلك الحكم إذا كانت شقيقة أبيه أنثى أو كان العم الشقيق متعددا ذكورا و إناثا فيحجبون أعمامه غير الأشقاء، و لا يحجب بهم أعمامه اخوة أبيه للأم خاصة، فيرثون نصيبهم من التركة.

و إذا كان للميت خال أو خالة أو أخوال يتقربون إليه بالأب، فهم إخوة أم الميت لأبيها، و وجد معهم خال أو أكثر أشقاء لأمه من الذكور أو الإناث فميراثه لأخواله أشقاء أمه و يمنع الآخرون، و لا يحجب بهم اخوان الأم لأمها.

المسألة 69:

إذا كان للميت ابن عم شقيق لأبيه أو ابن عمة شقيقة لأبيه و وجد معه ابن عم يتقرب إليه بالأب خاصة فميراثه كله لابن العم الذي يتصل به بالأبوين سواء كان واحدا أم أكثر و ذكرا أم أنثى، و يحجب به أولاد عمه الذين يتصلون به بالأب خاصة.

و إذا كان له ابن خال شقيق لأمه أو ابن خالة شقيقة لها، و كان معه ابن خال أخ لأمه من أبيها فالميراث كله لابن الخال أو الخالة الذي يتصل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 273

به بالأبوين سواء كان واحدا أم متعددا و ذكرا أم أنثى و يحجب به الآخرون.

و لا يحجب أولاد العم شقيق الأب الخال غير الشقيق للأم عن الميراث و لا يحجبون ابن الخال غير الشقيق، و لا يحجب أولاد الخال شقيق الأم العم غير الشقيق للأب و لا ابن العم غير الشقيق كذلك، بل يكون الخال هو الحاجب

لولد العم عن الميراث في الفرض الأول لأنه أقرب منه في المرتبة، و يكون العم هو الحاجب لولد الخال في الفرض الثاني لأنه أقرب منه.

المسألة 70:

تقدم منا أن أبا الميت و أمه متى اجتمعا مع ابن للميت أو بنت أو أكثر من ولد واحد حجبهما ولد الميت أن يرثا من التركة أزيد من السدس لكل واحد منهما، و تستثنى من عموم هذا الحكم خمسة موارد.

الأول: أن يموت الإنسان و يترك من بعده أبا و بنتا واحدة، فيكون للأب سدس التركة بالفرض، و يكون للبنت الواحدة نصف التركة كذلك، فتكون التركة زائدة على سهمي الأب و البنت بسدسين، و الحكم في هذا الزائد أن يقسم على الأب و البنت أرباعا، و نتيجة ذلك أن يرث الأب بالفرض و الرد ربع التركة و ترث البنت ثلاثة أرباعها و لا يكون الأب محجوبا عما زاد على السدس في هذا المورد.

الثاني: أن يجري نظير ذلك مع الأم، فيترك الميت أما و بنتا واحدة، و يكون التوريث في هذا المورد على نهج ما سبق في المورد الأول، فترث الأم ربع التركة بالفرض و الرد و ترث البنت ثلاثة أرباعها و لا تكون الأم محجوبة بالبنت كما سبق في الأب.

الثالث: أن يموت الشخص و يترك من بعده أبا و أما و بنتا واحدة فيكون لكل واحد من الأبوين سدس التركة، و للبنت نصفها و هو ثلاثة أسداس، و تزيد التركة على السهام بسدس واحد، و الحكم في الزائد أن يقسم على الأبوين و البنت أخماسا، و نتيجة ذلك ان ترث البنت ثلاثة أخماس التركة، و أن يرث كل واحد من الأبوين خمسا منها و لا يكونا محجوبين عما زاد على السدس.

كلمة

التقوى، ج 7، ص: 274

الرابع: ان يموت الميت و يخلف من بعده أبا و بنتين أو عدة بنات، فيكون نصيب الأب سدس التركة بالفرض و يكون نصيب البنتين أو البنات ثلثي التركة، و تزيد التركة على الفرضين بسدس، و الحكم أن يقسم السدس الزائد على الأب و البنات أخماسا، و يكون ميراث الأب خمس التركة و يكون للبنات أربعة أخماسها، و لا تكون البنات حاجبات للأب عما زاد على السدس.

الخامس: أن يجري مثل ذلك مع الأم، فيخلف الميت أما و بنتين أو بنات، و تكون قسمة الميراث بينهن هي القسمة في المورد السابق، فإذا رد السدس الزائد على الأم و البنات أخماسا ورثت الأم الخمس من التركة و ورثت البنات أربعة أخماسها و لا تكون الأم محجوبة بالبنات عما زاد على السدس.

المسألة 71:

إذا مات الولد و خلف من بعده أبا و أما، و كان له اخوة، ورثت الأم من ولدها الميت سدس تركته، و حجبها اخوة الميت أن ترث ما زاد على السدس منها، و ورث الأب باقي التركة و هو خمسة أسداسها، و لا يحجب الاخوة أم الميت عن ذلك حتى تجتمع خمسة شروط:

الأول: أن يكونوا أخوين ذكرين فصاعدا، أو يكونوا أخا واحدا ذكرا و أختين، أو أربع أخوات فأكثر، فلا يحجب الأم أخ ذكر واحد، أو أخ و أخت، أو ثلاث أخوات، و لا يمنعهم من الحجب أن يكونوا أطفالا صغارا أو يكونوا منفصلين عن عائلة أبيهم في حال التوريث.

الثاني: أن يكونوا اخوة للميت لأبيه و أمه أو لأبيه، فلا يحجبون الأم إذا كانوا اخوته من أمه أو كان بعضهم لأبيه و بعضهم لأمه بحيث لا يبلغ الإخوة للأبوين أو للأب خاصة العدد

المعتبر في الحجب.

الثالث: ان يكونوا مسلمين أو بحكم المسلمين و أن يكونوا أحرارا، فلا يحجبون الأم إذا كانوا كفارا أو مرتدين أو كانوا مملوكين، أو كان بعضهم كذلك بحيث كان المسلمون الأحرار منهم لا يبلغون العدد المعتبر في الحجب، و يشكل الحكم باشتراط كونهم غير قاتلين للميت الموروث.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 275

الرابع: أن يكون الأب موجودا حال التوريث، فلا يحجبون الأم إذا كان الأب ميتا في تلك الحال و لا يضر بالحجب ان يموت بعد ذلك، و يشترط أيضا ان يكون الأب وارثا فلا تحجب الأم إذا كان الأب غير وارث لولده لكفر أو قتل أو عبودية.

الخامس: أن يكون الاخوة مولودين في حال التوريث فلا يحجبون الأم إذا كانوا حملا لم يولدوا أو كان بعضهم حملا لم يولد.

الفصل الرابع إذا زادت التركة على الفريضة أو زادت الفريضة على التركة

المسألة 72:

التركة هي كل ما يخلفه الإنسان بعد موته من أموال مملوكة له، منقولة و غير منقولة و أعيان و منافع و حقوق قابلة للانتقال، و منها الأعيان التي ملكها في حياته و ان تأخر قبضها الى ما بعد موته، سواء كانت مشخصة أم كلية، و الديون التي تكون له في ذمم الآخرين، و ديته إذا قتل خطأ أو عمدا يشبه الخطأ، و دية الجنايات عليه إذا لم يدفعها الجاني إلا بعد موته، و دية قتله عمدا إذا صالح أولياؤه قاتله عن حقهم بدفع الدية، و قد ذكرنا هذا في المسألة السادسة و الخمسين و المسألة الثانية و الستين من كتاب الوصية، و فصلنا القول في الدية و ما يتعلق بتوريثها في المسألة الثالثة و الأربعين و ما بعدها من مسائل كتاب الميراث فلتلاحظ.

و كلمة الفريضة حين ما يطلقها الفقهاء في هذا الباب يراد منها السهم المقدر

في كتاب اللّه للوارث الواحد حين ينفرد بالميراث أو مجموعة السهام المقدرة في الكتاب للورثة حين يجتمعون في الإرث.

فإذا مات الميت و ترك من بعده بنتا واحدة أو أختا واحدة لأبويه كليهما أو لأبيه وحده، فالنصف المقدر للبنت أو الأخت هو الفريضة في التركة، و إذا مات الميت و ترك من بعده أبوين و بنتين، فالسدس الواحد للأب، و السدس الآخر للأم، و الثلثان للبنتين، و مجموعة هذه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 276

السهام المقدرة لهم في الكتاب الكريم هي الفريضة المعينة في المورد، و هكذا في ما يشابههما من الفروض.

المسألة 73:

إذا كان الوارث المنفرد أو الورثة المجتمعون للميت ذوي سهام مقدرة في الكتاب، فقد تكون السهام المقدرة لهم مساوية للتركة التي خلفها الميت، فلا تزيد الفريضة على التركة و لا تزيد التركة على السهام و من أمثلة ذلك الفرض الأخير الذي ذكرناه في المسألة المتقدمة، فإذا ترك الميت أبوين و بنتين، ورث كل واحد من الأبوين سدسا من التركة، و ورثت البنتان الثلثين، و مجموعة سهامهم تحيط بالتركة، فلا تزيد التركة و لا تزيد الفريضة، فيأخذ كل وارث منهم حقه و لا خلاف في ذلك.

و قد تزيد التركة على الفريضة، و من أمثلة ذلك الفرض الأول الذي ذكرناه في المسألة السابقة، فإذا ترك الميت بنتا واحدة و لم يخلف سواها من الوارثين في الطبقة الأولى من النسب، أو ترك أختا واحدة و لم يخلف سواها من الوارثين في الطبقة الثانية، ورثت البنت أو الأخت نصف التركة، و زادت التركة على الفريضة بنصفها الآخر، و هذه هي مسألة التعصيب، و الخلاف فيها معروف بين الإمامية و غيرهم و سيأتي بيان الحكم فيها عندنا ان شاء

اللّه تعالى.

و قد تزيد الفريضة على التركة، و من أمثلة ذلك أن تموت امرأة و تخلف من بعدها زوجا و أختين للأبوين أو للأب خاصة، فيكون للزوج نصف التركة، و للأختين الثلثان، و التركة لا تفي بذلك، و من أمثلته أن تموت الزوجة، و تخلف من بعدها أبوين و زوجا و بنتين، فيكون لكل واحد من الأبوين سدس التركة و للبنتين الثلثان و للزوج الربع، و التركة لا تفي بذلك، و هذه هي مسألة العول، و الخلاف فيها معلوم كذلك بين الإمامية و غيرهم، و سنذكر تفصيل الحكم عندنا.

المسألة 74:

لا يرث القريب مع وجود من هو أقرب الى الميت منه في طبقات النسب، و لا يرث القريب مع وجود من هو أقرب الى الميت منه في المرتبة إذا كانا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 277

من صنف واحد و طبقة واحدة، و لا يرث المتقرب بالأب وحده مع وجود من يتقرب الى الميت بالأبوين كليهما، و ان كان صنفهما واحدا و مرتبتهما في الصنف واحدة، و قد ثبت جميع هذا بالقواعد المعلومة من المذهب و بالأدلة المقطوع بثبوتها من الكتاب الكريم و السنة المطهرة، و قد ذكرنا هذا في الفصول المتقدمة، و نتيجة لذلك فيكون ذلك القريب ممنوعا و محجوبا بالوارث الأقرب منه عن الإرث من التركة و ما زاد منها على السهام، من غير فرق بين الذكر و الأنثى و المتقرب الى الميت بالرجال أو بالنساء، و يختص ميراث جميع التركة بالأقرب، سواء انفرد أم تعدد، فإذا كان واحدا أخذ مقدار سهمه من التركة بالفرض، و أخذ الزائد عن سهمه من التركة بالرد لانحصار الميراث به، و إذا كان متعددا أخذ كل وارث منهم فرضه

المعين له في الميراث، ثم قسم الزائد من التركة على الوارثين بنسبة سهم الوارث منهم الى مجموع السهام، فإذا كان سهمه ربع مجموعة السهام أخذ ربع الزائد و إذا كان خمسها أخذ خمس الزائد و إذا كان أكثر من ذلك أخذ بنسبته، و سيتضح ذلك بذكر بعض أمثلته.

المسألة 75:

إذا ترك الميت بنتا واحدة و لم يترك غيرها من أفراد الطبقة الأولى الذين يشتركون معها في الميراث، استحقت نصف التركة بالفرض كما ذكرنا ذلك مرارا، ثم رد النصف الآخر من التركة عليها، لاختصاص الإرث بها، و لا ينتقل الى غيرها، و ان كان للميت أولاد ولد، أو اخوة أو أجداد أو أعمام أو غيرهم من الذكور أو ممن يتقرب الى الميت بالذكور، و كذلك الحكم إذا خلف الميت أختا واحدة للأبوين أو للأب، و لم يترك سواها ممن يشترك معها في الميراث فترث الأخت النصف بالفرض و ترث النصف الآخر بالرد، و لا يستحق أقرباء الميت الآخرون من الزائد شيئا لأنهم محجوبون بالأخت و هي الوارث الأقرب.

و إذا ترك الميت بنتين فصاعدا أو ترك أختين للأبوين أو للأب فصاعدا، كان للبنات أو الأخوات الثلثان بالفرض ثم رد الثلث الباقي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 278

عليهن كما تقدم و لم ينتقل إلى العصبة منه شي ء لأنهم محجوبون بالبنات أو الأخوات.

المسألة 76:

إذا ترك الشخص بعد موته أبا و بنتا واحدة و لا غيرهما، أخذ الأب سدس التركة و أخذت البنت نصف التركة، ثم قسم الزائد من التركة و هو السدسان على الأب و البنت بنسبة سهامهما و مجموع السهام هو أربعة أسداس فيكون للأب ربع الزائد لأن سهمه و هو السدس ربع السهام و للبنت ثلاثة أرباعه.

و كذلك الحكم إذا مات الشخص و له أم و بنت، فيكون التقسيم هو التقسيم في الفرض السابق و النسبة هي النسبة فتأخذ الأم ربع التركة و تأخذ البنت ثلاثة أرباعها.

المسألة 77:

إذا مات الميت و خلف بعده بنتين و أحد الأبوين استحق الأب الموجود منهما سدسا، و استحقت البنتان الثلثين فيكون مجموع سهامهم خمسة أسداس و يقسم الزائد و هو سدس التركة على الأب و البنتين بنسبة سهامهم أخماسا.

المسألة 78:

دلت بعض الصحاح و الحسان بفحواها على أن الاخوة أو الأخوات من الأم لا يزادون في الميراث و لا ينقصون و المقصود من ذلك ان الاخوة من الأم لا يرد عليهم من التركة إذا زادت على الفريضة ليكون ذلك زيادة لهم في ميراثهم و لا يدخل عليهم النقص إذا قصرت التركة فلم تف بالسهام المفروضة بل يأخذون سهمهم كاملا، و قد عمل الأصحاب بذلك و ادعي عليه الإجماع و لم يخالف فيه الا قليل من القدماء، و يستثنى من ذلك ما إذا انفرد الاخوة من الأم بالميراث فإنهم يرثون جميع المال بالفرض و الرد و سيأتي ذكره ان شاء اللّه.

و نتيجة لما ذكرناه فإذا مات الميت و ترك من بعده أختا للأبوين، و أخا واحدا أو أختا من الأم، كان لأخته من أبويه نصف المال بالفرض،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 279

و كان لأخيه أو أخته من أمه السدس بالفرض، ورد الزائد من التركة عن السهمين، و هو السدسان على الأخت من الأبوين وحدها، و لا يرد على الأخ أو الأخت من الأم شي ء.

و كذلك إذا ترك الميت أختا واحدة لأبيه و أخا واحدا أو أختا واحدة لأمه، فيجري الحكم المذكور بعينه و تختص الأخت للأب بالرد.

و نظيره ما إذا خلف الميت أختا واحدة للأبوين أو للأب وحده و خلف معها اثنين أو أكثر من الاخوة أو الأخوات للأم، فترث الأخت الواحدة للأبوين أو الأب نصف التركة و

يرث الاخوة من الأم الثلث يشتركون فيه على السواء، و يرد ما زاد من التركة و هو السدس على الأخت للأبوين أو الأب وحدها، و نظيره أيضا ما إذا خلف أختين لأبويه أو أختين لأبيه وحده و خلف معهما أختا واحدة أو أخا واحدا لأمه، فيكون لأختيه الشقيقتين أو أختيه لأبيه الثلثان من المال، و يكون للأخت أو للأخ من الأم السدس و يرد السدس الباقي من التركة على الأختين الأوليين خاصة.

المسألة 79:

إذا مات الرجل و له ابن أخت شقيقة، و ابن أخ أو أخت لأمه، و لا وارث له سواهما، ورث ابن أخته الشقيقة نصيب أمه من التركة لو كانت هي الوارثة، و نصيبها هو النصف، و ورث ابن أخيه أو أخته للأم نصيب من يتقرب به و هو السدس، ثم رد الباقي من التركة و هو السدسان على ابن الأخت الشقيقة وحده، و لا يرد على ابن الأخ أو الأخت من الأم شي ء، و كذلك الحكم إذا كان الوارث الأول ابن أخته لأبيه فيكون الرد عليه خاصة.

المسألة 80:

لا يرد على الزوج و لا على الزوجة شي ء من فاضل التركة إذا زادت على السهام، فإذا ماتت الزوجة و خلفت زوجا و بنتا واحدة، استحق الزوج ربع التركة، و أخت البنت نصفها، ورد الزائد من التركة و هو الربع على البنت وحدها و لم يستحق الزوج منه شيئا، و إذا ماتت الزوجة و تركت زوجا و أبا أو أما، و بنتا واحدة، أخذ الزوج ربع المال و أخذ الأب أو الأم سدسه، و أخذت البنت النصف، ثم رد الزائد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 280

من المال و هو نصف السدس على الأب الموجود و البنت أرباعا، فيكون للأب أو الأم الربع منه، و للبنت ثلاثة أرباعه و لا يرد على الزوج.

المسألة 81:

إذا مات الرجل و خلف من بعده أختا واحدة لأبويه أو لأبيه خاصة و زوجة، أخذت الأخت نصف التركة بالفرض، و أخذت الزوجة الربع، ورد الربع الفاضل من المال على الأخت وحدها دون الزوجة، و إذا مات و ترك بنتا و زوجة، أخذت الزوجة ثمنها خاصة، و ورثت البنت نصف التركة بالفرض، و أخذت الزائد عليه بالرد، و إذا مات و ترك بعده زوجة و ابنتين، أخذت الزوجة ثمن التركة و ورثت البنتان ثلثي التركة بالفرض و أخذتا الباقي بالرد.

المسألة 82:

إذا مات الزوج و ترك زوجته و لا وارث له سواها غير امام المسلمين (ع) ورثت الزوجة ربع التركة خاصة و كان الباقي ميراثا للإمام على الأقوى.

المسألة 83:

إذا ماتت المرأة و كان وارثها هو زوجها وحده، استحق الزوج نصف المال بالفرض، ثم رد الباقي عليه و لم يرث امام المسلمين منه شيئا.

المسألة 84:

العول هو أن تزيد الفروض المقدرة في الكتاب الكريم للورثة الموجودين للميت على التركة فلا تكون وافية بها في ظاهر الأمر.

فلا تعول الفريضة إذا كان الوارث واحدا، فإنه يأخذ جميع المال بالقرابة أو بالولاء إذا لم يكن له فرض معين، و هو يأخذ السهم المعين له إذا كان صاحب فرض ثم يأخذ بقية المال بالقرابة، لانحصار الإرث به، و لا ينظر الى من هو أبعد منه لأنه محجوب عن الإرث لوجود من هو أقرب.

و لا تعول الفريضة إذا كان الورثة متعددين و كانوا جميعا ممن يرث بالقرابة، فإن لكل واحد منهم قسطه الذي تحدده له الشريعة بمقتضى

كلمة التقوى، ج 7، ص: 281

قرابته و هم يقتسمون المال الموجود بينهم حسب ما تحدده الشريعة من النصب و كيفية الاقتسام و سيأتي تفصيله.

و لا تعول الفريضة إذا كان الورثة متعددين و كان بعضهم ممن يرث بالفرض و بعضهم ممن يرث بالقرابة، فصاحب الفرض يأخذ فرضه المعين له من غير نقص و يرث من لا فرض له بقية المال حسب ما يأتي بيانه.

المسألة 85:

إذا تعدد ورثة الميت و كان جميعهم من أصحاب الفروض، و زادت فروضهم المقدرة لهم في كتاب اللّه على التركة عالت الفريضة بحسب ظاهر الأمر، و قد تواترت النصوص عن أئمة الهدى من أهل البيت (ع) بأن وقوع ذلك من المحال، فاللّه العليم العظيم الذي أحصى كل شي ء عددا و جعل لكل شي ء قدرا، لا يمكن مطلقا أن يشرع حكما يجتمع فيه نصف و ثلثان من تركة واحدة، كما إذا ماتت المرأة و تركت زوجا و أختين للأبوين أو للأب وحده، أو يجتمع فيه نصف و ثلثان و ثلث من تركة، كما إذا تركت المرأة

الميتة زوجا و أختين للأبوين، و اخوة متعددين لأم، أو يجتمع فيه ربع و ثلثان و سدسان من مال واحد، كما إذا ماتت المرأة و خلفت زوجا و بنتين و أبوين، أو غير ذلك من النتائج الممتنعة على العليم الحكيم ليحتاج المسلم الى أن يدخل النقص في الأمثلة المذكورة و شبهها على جميع الورثة.

و قول أهل البيت (ع) في ذلك هو أن القرائن المقطوع بثبوتها في الآيات الكريمة دالة على تعيين من قدم من الورثة و من أخر منهم، فقد نصت الآية على أن للزوج مثلا فرضين مقدرين، فله نصف التركة إذا ماتت زوجته و لم يكن لها ولد و له الربع إذا ماتت و كان لها ولد، و المعنى الصريح لذلك ان الزوج لا يقل نصيبه أبدا عن النصف في المورد الأول، و لا ينقص عن الربع في المورد الثاني، فلا يدخل عليه نقص في الموارد التي يتوهم فيها عول الفريضة، و كذلك القرينة في ميراث الزوجة، فلها الربع كاملا إذا مات عنها الزوج و ليس له ولد، و لها الثمن تاما إذا مات الزوج و له ولد، فلا ينقص نصيبها عن ذلك أبدا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 282

و دلت الآية كذلك على أن للأم فرضين معينين، فلها الثلث من تركة ابنها إذا مات عنها و ليس له ولد و لم يكن لها حاجب من الاخوة، و لها السدس من التركة إذا مات عنها و له ولد أو كان له اخوة يحجبونها، و معنى ذلك ان الأم لا يقل نصيبها عن الثلث في مورده و لا عن السدس في مورده، حتى إذا زادت السهام عن التركة و توهم العول فيها.

و دلت الآية أيضا على

أن الأب يرث ابنه بالقرابة إذا مات و لم يكن له ولد، فليس له فرض محدد في هذه الصورة، و إذا مات ابنه و كان له ولد فللأب سدس تركته، و المعنى الصريح كما في نظائره التي ذكرناها أن الأب لا ينقص عن السدس أبدا في هذا المورد و لا يؤثر على نصيبه عول الفريضة.

و دلت الآية على أن للأخ أو الأخت من الأم إذا كان واحدا سدس تركة الميت فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ، و المعنى الصريح من ذلك ان الاخوة من الأم لا ينقصون عن ذلك في جميع الموارد، و هذه هي الفروض التي قدمها اللّه في كتابه فيجب تقديمها في الميراث إذا زادت السهام على التركة، و بقيت الفروض الأخرى التي ذكرت في الكتاب الكريم و لم تدل القرائن على عدم نقصها في مورد، و هي النصف للبنت الواحدة أو الأخت الواحدة للأب أو الأبوين و الثلثان للبنتين أو البنات، و الأختين أو الأخوات إذا كن للأبوين أو للأب خاصة، فهي وحدها التي يدخل على أهلها النقص إذا زادت السهام.

المسألة 86:

إذا ماتت المرأة و تركت بعد موتها أبا و أما و زوجا و ابنتين، و السهام المقدرة في هذا الفرض هي السدسان، و الربع و الثلثان، فللأب سدس التركة، و للأم سدسها الآخر و للزوج ربعها، و للبنتين أو البنات ثلثاها، و التركة لا تفي بذلك، و النقص لا يدخل على الأب و لا على الأم، و لا على الزوج لما تقدم بيانه في المسألة الماضية، فيأخذ هؤلاء سهامهم من التركة كاملة و يكون النقص على البنات خاصة فيرثن ما بقي من التركة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 283

و

نظيره ما إذا ماتت المرأة و تركت أحد الأبوين و زوجا و ابنتين أو أكثر، فإن للأب أو الأم سدس التركة، و للزوج ربعها و للبنات ثلثيها، و التركة لا تفي بذلك، بل تزيد السهام عليها بنصف سدس، و يكون النقص على البنات فيرثن الباقي من التركة.

و مثله ما إذا ماتت المرأة و تركت أبا و أما و زوجا و بنتا واحدة، فإن التركة لا تفي بأن يؤخذ منها الثلث و هو نصيب أبوي المرأة الميتة و الربع و هو فرض زوجها و النصف و هو حصة بنتها، و تزيد سهام الورثة على التركة بنصف سدس، فيدخل النقص على البنت وحدها لما تقدم ذكره.

المسألة 87:

إذا ماتت المرأة و خلفت زوجا و أختين للأبوين أو للأب خاصة، فللزوج النصف، و للأخوات الثلثان فتزيد السهام على الفريضة بسدس، و يدخل النقص على الأخوات فيرثن ما بقي من التركة بعد نصف الزوج.

المسألة 88:

إذا ماتت المرأة و تركت بعدها زوجا، و أخوة لأمها و أخوات لأبويها فيرث الزوج نصف التركة كاملا و يرث كلالة الأم نصيبهم كاملا أيضا، فإن كان لها أخ واحد للأم أو أخت واحدة فله السدس و ان كان الاخوة من الأم أكثر من واحد ورثوا الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية و كان الباقي للأخوات من أبويها، و كذلك إذا مات الرجل و ترك زوجة و اخوة لأمه و أخوات لأبويه، فتأخذ الزوجة ربعها و يرث الاخوة من الأم ثلثهم و يكون النقص على الأخوات للأبوين فيرثن ما بقي.

الفصل الخامس في ميراث الآباء و الأولاد

المسألة 89:

يراد بالآباء هنا: أبا الميت و أمه بلا واسطة فلا تعم أبا الأب و أبا الأم، و لا أم الأب و أم الأم، فإنهم أجداد و هم من الطبقة الثانية في النسب، و يراد بالأولاد: أبناء الميت لصلبه من الذكور و الإناث، ثم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 284

أولاد ولده من الذكور و الإناث مرتبة بعد مرتبة مهما تناسلوا و تعددت وسائطهم، و جميعهم من الطبقة الأولى في النسب، و قد تقدم ذكر ذلك.

المسألة 90:

إذا مات شخص و ترك أباه وحده و لم يخلف معه أحدا يشترك معه في الميراث ورث الأب جميع مال الميت بالقرابة، و إذا مات و ترك أمه وحدها و لم يخلف معها سواها، ورثت الأم ثلث تركة الميت بالفرض، و ورثت بقية ماله بالقرابة، لانحصار الوارث بها، و لا يستحق العصبة المتأخرون عنها في الطبقة شيئا فإن الأقرب يمنع الأبعد.

المسألة 91:

إذا مات الابن أو البنت و ترك أباه و أمه و لا وارث له غيرهما، فان لم يكن للميت اخوة يحجبون الأم ورثت الأم الثلث من تركة الميت بالفرض، و ورث الأب بقية المال بالقرابة، و ان كان للميت اخوة و اجتمعت شروط الحجب، ورثت الأم سدس التركة فحسب و حجبت عن الزائد، و كان الباقي كله للأب و لم يرث الإخوة منه شيئا، و قد ذكرنا شروط الحجب في المسألة الحادية و السبعين.

المسألة 92:

إذا ماتت امرأة و تركت أباها و زوجها ورث الزوج نصف تركتها بالفرض، و ورث الأب بقية المال بالقرابة، و كذلك الحكم إذا تركت الميتة أمها و زوجها، فللزوج نصف المال بالفرض، و للأم ثلث المال بالفرض، و يرد الزائد من التركة عليها بالقرابة.

المسألة 93:

إذا ماتت امرأة و تركت أباها و أمها و زوجها، أخذ الزوج نصف المال، و أخذت الأم ثلث المال إذا لم يكن للميت اخوة، و أخذت السدس فحسب إذا كان له اخوة حاجبون، و ورث الأب الباقي من المال في كلتا الصورتين.

المسألة 94:

إذا مات الرجل و خلف أباه و زوجته و لا غيرهما، ورثت الزوجة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 285

ربع التركة بالفرض و كان الباقي للأب بالقرابة، و كذلك الحكم إذا خلف الرجل أمه و زوجته، فترث الزوجة الربع و ترث الأم الثلث بالفرض و يرد عليها الباقي بالقرابة.

المسألة 95:

إذا مات الزوج و ترك أبا و أما و زوجة، كان ربع المال للزوجة، و ورثت الأم ثلث المال إذا لم يكن لها حاجب من الأخوة و ورثت السدس خاصة إذا وجد الحاجب، و ورث الأب بقية المال في الصورتين.

المسألة 96:

إذا مات رجل أو امرأة و خلف الميت ولدا ذكرا لصلبه و لا وارث له غيره، ورث الولد جميع التركة بالقرابة، و إذا مات و خلف بنتا واحدة كذلك، ورثت البنت نصف المال بالفرض، ورد باقي المال عليها بالقرابة و لم يستحق العصبة شيئا، و إذا خلف بنتين أو أكثر و ليس له معهن ولد و لا وارث آخر، ورثت البنات ثلثي المال بالفرض ثم رد الثلث الزائد عليهن بالقرابة و اقتسمن الجميع بينهن بالسواء.

المسألة 97:

إذا مات الميت و ترك بعده ولدين ذكرين أو أولادا ذكورا لصلبه و ليس معهم سواهم كانت التركة جميعا لهم و اقتسموها بينهم بالسواء، و إذا خلف بنين ذكورا و بنات ورثوا جميع التركة بالقرابة و اقتسموها بينهم بالتفاضل فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 98:

إذا مات أحد و خلف أبا أو أما و ولدا ذكرا واحدا لصلبه، كان للأب أو الأم سدس التركة، و كان للولد باقي التركة و هو خمسة أسداسها، و إذا مات و ترك أبا أو أما و بنتا واحدة لصلبه، ورث الأب أو الأم سدس التركة بالفرض، و كان للبنت الواحدة نصف التركة بالفرض كذلك، ثم قسم الباقي من التركة و هو السدسان على البنت و الأب الوارث أرباعا، فله الربع منه و للبنت ثلاثة أرباعه، و إذا مات و ترك أبويه كليهما و بنتا واحدة كان لكل واحد من أبيه و أمه سدس من المال بالفرض، و كان للبنت النصف بالفرض كذلك و قسم الباقي و هو السدس

كلمة التقوى، ج 7، ص: 286

على البنت و الأبوين أخماسا فلكل من الأبوين خمس واحد منه و للبنت ثلاثة أخماسه.

المسألة 99:

إذا مات أحد و خلف من بعده أبا أو أما، و بنتين أو عدة بنات فللأب الموجود منهما السدس بالفرض و للبنات الثلثان أربعة أسداس، و قسم الباقي على الأب و البنات أخماسا فللأب خمسه و للبنات أربعة أخماسه، و إذا خلف الميت أبوين و بنتين أو عدة بنات، فللأبوين السدسان بينهما و للبنات الثلثان، و قد تقدم ذكر بعض هذه المسائل في الفصل السابق.

المسألة 100:

إذا اجتمع مع الولد زوج أو زوجة للميت، كان للزوج نصيبه الأدنى، فيكون للزوج ربع التركة بالفرض و يكون للزوجة ثمنها بالفرض أيضا، و ورث الولد بقية المال، فان كان الولد ذكرا واحدا أخذ بقية التركة كلها جميعا بالقرابة، و كذلك إذا كانا ولدين ذكرين أو أولادا ذكورا، فيأخذون بقية المال و يقتسمونها بالتساوي بينهم، و إذا كانوا بنين و بنات فللذكر مثل حظ الأنثيين.

و إذا كان الولد الوارث مع الزوج بنتا واحدة ورثت نصف التركة بالفرض كما تقدم و أخذت الباقي بالقرابة، و إذا كان الولد الوارث مع الزوج بنتين أو بنات فلهن الثلثان و يرد عليهن ما بقي و يقتسمن نصيبهن بالسواء بينهن.

المسألة 101:

إذا ماتت امرأة و تركت من بعدها أبا أو أما، و زوجا، و ولدا ذكرا أو أولادا ذكورا، ورث الأب أو الأم السدس، و أخذ الزوج فرضه الأدنى و هو الربع، و كان للولد أو الأولاد بقية المال يرثونها بالقرابة، و اقتسموها بالتساوي بينهم، و إذا تركت الميتة زوجا و أبوين و ولدا ذكرا أو أولادا ذكورا ورث الزوج ربع التركة، و ورث كل واحد من الأبوين سدسا، و ورث الولد أو الأولاد بقية التركة على نهج ما سبق.

المسألة 102:

إذا مات رجل و ترك من بعده أبا أو أما، و زوجة و ولدا ذكرا أو

كلمة التقوى، ج 7، ص: 287

أولادا ذكورا كان لأبيه أو أمه سدس المال، و كان لزوجته الثمن، و كان لولده أو أولاده بقية المال بالقرابة و اقتسموا نصيبهم على نهج ما تقدم. و إذا ترك الرجل أبويه كليهما و زوجته و ترك ولدا أو أولادا ذكورا، فللأبوين السدسان، و للزوجة الثمن، و للولد أو الأولاد بقية المال.

المسألة 103:

إذا ماتت امرأة و تركت أباها أو أمها، و زوجها و بنتا واحدة، كان للوارث من الأبوين سدس التركة، و كان للزوج الربع بالفرض، و ورثت البنت نصف التركة بالفرض أيضا، و بقي من التركة نصف السدس زائدا على السهام فيقسم على الأب الوارث و البنت أرباعا، للأب الربع منه و للبنت ثلاثة أرباعه و لا يرد على الزوج منه شي ء.

المسألة 104:

إذا ماتت المرأة و خلفت بعد موتها أبا و أما، و زوجا و بنتا، ورث كل واحد من أبيها و أمها سدسا من التركة، و ورث زوجها ربع التركة، و دخل النقص على البنت خاصة و لم يدخل على الأبوين و لا على الزوج منه شي ء فترث البنت بقية المال، و هو أقل من نصيبها بنصف سدس. و إذا خلفت المرأة الميتة من بعدها أبوين و زوجا و بنتين أو بنات، ورث الأبوان السدسين و ورث الزوج الربع و لم يدخل عليهم نقص في سهامهم و دخل النقص على البنتين أو البنات فيرثن بقية المال و هي أقل من الثلثين.

المسألة 105:

إذا مات امرؤ و ترك بعده أبوين و زوجة و بنتين أو عدة بنات، أخذ الأبوان سدسي تركة الميت كاملين و أخذت الزوجة ثمنها تاما و دخل النقص على البنات خاصة فيأخذن بقية المال و هي أقل من الثلثين.

المسألة 106:

الأب و الأم للميت وحدهما صنف واحد من الطبقة الأولى في النسب، و أولاد الميت و أولاد أولاده و ذريتهم المتعاقبة من بعدهم صنف واحد آخر من هذه الطبقة، و لذلك فلا يحجب الأبوان أولاد الميت و لا أولاد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 288

أولاده و لا ذريتهم عن الميراث إذا اجتمعا معهم، و ان كانوا في المرتبة الثالثة أو الرابعة من البطون أو أكثر من ذلك، سواء كانوا من أولاده أو ذريته الذكور أم الإناث.

و أولاد الميت و بناته لصلبه هم المرتبة الأولى من صنفهم، و أولاد أولاده و بناته من الذكور و الإناث هم المرتبة الثانية من الصنف و أولادهم مع الواسطة كذلك هم المرتبة الثالثة، و هكذا تتعدد المراتب مع تناول البطون مرتبة بعد مرتبة، كلما وجد بطن بعد بطن من الذكور أو من الإناث.

و لذلك فلا يرث أولاد الأولاد مع وجود ولد للميت و ان كان واحدا و لا مع وجود بنت و ان كانت واحدة لأنهما أقرب منهم في المرتبة، و لا يرث أهل المرتبة الثالثة من أولاد الأولاد إذا وجد ولد واحد أو بنت واحدة من المرتبة الثانية قبلهم، و هكذا، و قد ذكرنا هذا أكثر من مرة و لكنا نعيد ذكره لصلته بالمقام.

المسألة 107:

يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم إذا فقد آباؤهم جميعا عند موت الجد و لم يوجد منهم أحد، فيرث كل فريق منهم نصيب أبيه أو أمه الذي يتقرب به الى الميت، فإذا مات الرجل و له أولاد ولد ذكر و أولاد بنت، كان لأولاد الولد ثلثا تركة الميت، و اقتسموا النصيب بينهم حسب مواريث الأولاد المتقدم ذكرها، فإذا كان الجميع ذكورا أو إناثا، اقتسموا النصيب بالسواء

بينهم، و إذا كانوا ذكورا و إناثا، فللذكر مثل حظ الأنثيين، و إذا كان الموجود ولد ذكر واحد ورث جميع نصيب أبيه بالقرابة، و إذا كان أنثى واحدة ورثت نصف النصيب بالفرض و الباقي بالرد.

و كان لأولاد البنت نصيب أمهم و هو الثلث من التركة و ورثوه أيضا على التفصيل الذي تقدم بيانه في ميراث أولاد الولد.

المسألة 108:

إذا مات أحد و ترك من بعده أبا أو أما و ولد ولد ذكر، كان لأبي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 289

الميت أو أمه سدس التركة، و كان لولد ولده جميع ما بقي منها، و إذا ترك أبوين و ولد ذكر كان لأبويه السدسان، و لولد ولده الباقي.

و إذا مات الميت و خلف أبا أو أما ولد بنت، ورث أبو الميت أو أمه سدس التركة بالفرض، و أخذ ولد بنته نصيب البنت و هو النصف، ثم رد ربع الباقي على الأب أو الأم، ورد ثلاثة أرباعه على ولد البنت كما هو الحكم في ميراث أمه، و إذا خلف الميت أبوين و ولد بنت، أخذ الأبوان السدسين، و أخذ ولد البنت النصف ثم رد السدس الباقي من التركة على كل واحد من الأبوين و ولد البنت أخماسا، فللأبوين الخمسان منه، و لولد البنت ثلاثة أخماسه كما هو حكم أمه لو كانت هي الوارثة، و كذلك إذا ترك الميت أحد أبويه أو كليهما، و ترك معهما أولاد بنته، فيكون للأب الوارث سدس التركة في الفرض الأول، و لأولاد بنته النصف و يرد الباقي عليهم أرباعا، و يرث كل واحد من الأبوين سدسا في الفرض الثاني، و يرث أولاد البنت النصف و يرد باقي التركة عليهم أخماسا.

المسألة 109:

إذا ورث أولاد البنت نصيب أمهم من الفرض و الرد، و كان جميعهم ذكورا أو إناثا اقتسموه بينهم بالتساوي، و إذا كانوا ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 110:

إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع ولد الولد أو ولد البنت، ورث الزوج نصيبه الأدنى من التركة و هو الربع، و أخذت الزوجة كذلك نصيبها الأدنى و هو الثمن، سواء كان الولد ذكرا أم أنثى، و واحدا أم متعددا.

المسألة 111:

إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأبوين كليهما أو مع أحدهما، و كان للميت ولد ولد أو أولاد ولد، ورث الزوج أو الزوجة و الأبوان فرضهم الآنف ذكره كاملا غير منقوص، و ورث ولد الولد أو أولاد الولد الباقي. و إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأبوين أو أحدهما، و كان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 290

معهم ولد بنت أو أولاد بنت منفردة، أخذ الزوجان و الأبوان نصيبهم تاما، و دخل النقص على ولد البنت أو أولادها خاصة، كما هو حكم أمهم لو كانت هي الوارثة، و كذلك الحكم إذا اجتمعوا مع أولاد البنتين أو البنات منفردات.

المسألة 112:

يختص الولد الأكبر من الأولاد الذكور للميت بالحبوة من تركة أبيه، و الحبوة هي سيف الميت و مصحفه و خاتمه و ثياب بدنه، و إذا كان أكبر أولاد الميت أنثى اختص بها الذكر الأكبر منهم، و إذا كان الذكر واحدا اختص بها و ان كان منفردا أو كان أصغر الجميع، و إذا كان أولاد الميت جميعهن إناثا فلا حبوة و لا اختصاص، و لا حق لسائر الورثة مع وجود الولد الذكر الأكبر في أعيان الحبوة و لا في قيمتها على الأقوى، و يجب دفعها للمحبو من غير عوض، زيادة على نصيبه الذي يناله من ميراث أبيه.

و ليست الحبوة عوضا عن قضاء ما فات الأب الميت من صلاة و صيام فكل واحد من الحكمين المذكورين حكم مستقل بنفسه على الأقوى و لا صلة له بالآخر.

المسألة 113:

لا تدخل في الحبوة راحلة الميت و لا رحله، و الراحلة هي الناقة التي يتخذها الرجل وسيلة للسفر عليها و التنقل من بلد الى بلد، و الرحل هو ما يشد على ظهر الراحلة للركوب عليها كالسرج للفرس و قد تطلق الراحلة على بعض الدواب الأخرى التي تتخذ لقطع المسافات من حمير و بغال و غيرها، و يطلق الرحل على ما يعد للركوب عليها، و على أي حال فلا تشمله الحبوة فضلا عن أن تعم غير الدواب من سيارة و غيرها، و لا يدخل فيها غير المصحف من الكتب، نعم لا يترك الاحتياط بإيقاع المصالحة بين الولد المحبو و سائر الورثة عن غير المصحف من الكتب إذا كانت قليلة و لم تكن لها مالية مهمة فتدفع للمحبو أعيانها بدلا عن مقدار من المال يدفع للورثة احتياطا، و إذا كانت الكتب كثيرة أو

كانت ذات مالية مهمة فلا تجب فيها مراعاة الاحتياط و لا يدخل في الحبوة الدرع

كلمة التقوى، ج 7، ص: 291

و نحوه من معدات الحرب كالطاس و الترس، و الأحوط إيقاع المصالحة كما تقدم في مثل الخنجر و البندقية و المسدس و نحوها من آلات السلاح التي يتخذها الأب لنفسه في حياته.

المسألة 114:

يدخل في حبوة الولد جميع ثياب أبيه الميت، المتحد منها و المتعدد، و ما أعده ليلبسه أعدادا تاما أو اشتراه جاهزا و ان لم يلبسه بالفعل، و يدخل فيها كسوته في الصيف و كسوته في الشتاء و المتوسطة بينهما، و ما كانت من قطن أو صوف أو وبر أو كتان أو جلد أو فرو أو لبد أو غيرها مما يلبس، و يدخل فيها أنواع الألبسة من صغيرة و كبيرة حتى العمامة و الكوفية و القلنسوة و الجورب و القفاز.

و يشكل الحكم بدخول النعل و أنواع الأحذية و الحزام و خصوصا ما كان مصنوعا من الجلد و شبهه، و يشكل الحكم بدخول ما يحرم لبسه كالخاتم من الذهب و ثوب الحرير.

و لا يدخل في الكسوة ما اشتراه أو ملكه الرجل في حياته من الأقمشة و نحوها و لم يفصله أو فصله و لم يكمل إعداده بخياطة أو غيرها، و لا يدخل فيها ما أعده للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته أو سواهم و لا تدخل فيها الساعة و أمثالها.

المسألة 115:

لا يبعد أن حلية المصحف الشريف و غلافه و حمائله و بيته تكون تابعة له، فتدخل في حبوة الولد، و كذلك حلية السيف و قبضته و غمده و حمائله فلا يبعد شمول الحبوة لها فيستحقها الولد المحبو مع السيف.

المسألة 116:

الظاهر أن الحبوة تشمل ما اتحد و ما تعدد من الأعيان المتقدم ذكرها، فإذا كان للميت مصحفان أو سيفان أو خاتمان أو أكثر من ذلك، وجب دفع جميعها للولد المحبو، و قد تقدم ذكر الثياب المتعددة.

المسألة 117:

الذي يظهر من أدلة الحبوة ان المراد بالسيف الذي يحبى به الولد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 292

هو السيف الذي أعده أبوه لنفسه، ليقاتل به و يدافع عدوه عند الحاجة الى ذلك، فلا تشمل السيف الذي يتخذه لمحض الاقتناء و الادخار أو التزين مثلا، و ان المراد بالمصحف هو القرآن الذي أعده الأب لنفسه للتلاوة فيه، فلا يعم المصاحف التي يتخذها للبركة أو لأنها أثر نفيس مثلا، و ان المراد بالخاتم هو الذي يقتنيه ليتختم به للسنة أو للزينة، فلا يشمل الخواتيم التي يقتنيها للاختزان و الادخار أو لغايات أخرى سواها، فلا تدخل مثل هذه الأشياء في حبوة الولد بعد موت أبيه.

و نتيجة لما بيناه فإذا كان الأب في حياته غير قابل للانتفاع ببعض المذكورات لم يدخل ذلك الشي ء في حبوة ولده بعد موته فإذا كان الأب في حياته مشلول اليدين غير قابل لحمل السيف و المقاتلة به، أو كان أعمى غير قابل للتلاوة في المصحف، أو كان مقطوع الكفين غير قابل للبس الخاتم، لم تدخل هذه الأعيان إذا كانت موجودة في حبوة ولده بعد وفاته.

و إذا اتخذ الأب السيف أو المصحف أو الخاتم في حياته و كان سويا قادرا على الانتفاع بها ثم عرضت له هذه الطواري فمنعته عن الانتفاع و الاستعمال لم يمنع عروضها عن دخول هذه الأعيان في حبوة الولد، و كذلك إذا أعد الأعمى المصحف ليتلو فيه غيره و يتابع هو في القراءة، أو أعد

مقطوع اليدين السيف ليدافع به عنه حين يحتاج الى الدفاع و كان من الميسور لهما ذلك لم يكن العمى و قطع اليدين مانعين من دخول المصحف و السيف في الحبوة.

المسألة 118:

إذا كان الولد المحبو غير قابل للانتفاع بالسيف أو المصحف أو الخاتم، فالظاهر ان ذلك لا يمنع من دخول تلك الأعيان في الحبوة، و لا يترك الاحتياط في أن يصالح المحبو سائر الورثة أو يصالحوه عنها في هذا الفرض.

المسألة 119:

إذا ولد للرجل ولدان توأمان، فالأكبر منهما هو أسبقهما في الولادة فهو الذي تكون له الحبوة، و كذلك إذا ولد له ولدان ذكران من زوجتين،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 293

فالأكبر من سبقت ولادته على أخيه، و ان كان الثاني أسبق منه علوقا، كما إذا ولد الأول لستة أشهر من الحمل به و كان الثاني قبله في الحمل و بعده في الولادة.

و إذا تعدد الولد الأكبر للميت- كما إذا ولد له ولدان من زوجتين و اتفقا في آن الولادة- اشتركا في الحبوة على الظاهر.

المسألة 120:

يعتبر في الولد الذي تكون له الحبوة أن يكون ولد الميت لصلبه، فلا يحبى ولد الولد على الظاهر، و ان لم يكن له ولد لصلبه.

المسألة 121:

لا يشترط في استحقاق الولد الحبوة من تركة أبيه أن يكون بالغا في وقت وفاة أبيه، بل و لا يشترط ان يكون مولودا في حال موته فيستحق الحبوة و ان كان جنينا في بطن أمه مضغة أو علقة إذا ولد حيا كما في الميراث، فإذا ولد حيا كذلك استحق الميراث و استحق الحبوة و ان مات بعد ذلك.

المسألة 122:

يختص الولد المحبو بأعيان الحبوة، سواء كان معه شريك في ميراثه من أبيه أم لم يكن، فإذا انفرد في الميراث و لم يكن معه وارث آخر كانت الأعيان الآنف ذكرها حقا له بالحبوة و كان باقي التركة ملكا له بالميراث.

المسألة 123:

لا يشترط في استحقاق الحبوة أن يكون الولد رشيدا، فهو يستحقها و ان كان سفيها محجورا عليه على الأقوى و قد اشترط بعض الأصحاب رحمهم اللّه في استحقاق الحبوة أن يترك الميت مالا زائدا على أعيان الحبوة، و في اشتراط ذلك تردد و اشكال و لا بد من مراعاة الاحتياط.

المسألة 124:

كل ما يمنع من الميراث يكون مانعا من استحقاق الحبوة، فلا يحبى الولد الأكبر إذا كان كافرا أو مرتدا أو قاتلا للموروث أو عبدا مملوكا أو ولد ملاعنة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 294

المسألة 125:

إذا كان الولد الأكبر من اتباع المذاهب التي لا تقول بالحبوة لم تثبت له الحبوة إلزاما له بما يقتضيه قول مذهبه الذي يدين به.

المسألة 126:

إذا كان على الأب الميت دين، نسبت قيمة أعيان الحبوة إلى قيمة مجموع التركة، و أصاب الحبوة من الدين مثل تلك النسبة و كان على الولد المحبو أن يفكها بدفع تلك النسبة من الدين، سواء كان الدين مستغرقا للتركة، أم غير مستغرق، فإذا كان الدين مائة دينار مثلا، و كانت قيمة أعيان الحبوة خمس مجموع قيمة التركة فكها المحبو بعشرين دينارا و هي خمس المائة، و إذا كان الدين ثمانين دينارا، و كانت الحبوة سدس التركة فكها المحبو بثلاثة عشر دينارا و ثلث دينار و هي سدس الثمانين، و كذلك الحكم في كل ما يخرج من أصل التركة كالكفن و مؤنة التجهيز.

المسألة 127:

إذا ملك الأب أعيان حبوته كلها أو بعضها شخصا آخر في حياته ثم مات نفذ تمليكه فيها و حرم منها ولده الأكبر، و كذلك إذا أوصى الميت بأعيان الحبوة أو ببعضها لشخص آخر فلا يكون للولد فيها حق الا إذا زادت على ثلثه، فلا تنفذ الوصية في الزائد إلا بالإجازة.

و إذا أوصى بثلث ماله أو بمقدار معين من المال يسعه الثلث، نفذت الوصية من مجموع التركة و أصاب الحبوة من ذلك بنسبة قيمتها إلى قيمة مجموع التركة كما تقدم في المسألة السابقة.

المسألة 128:

إذا رهن الأب أعيان حبوته أو بعضها في حياته على دين في ذمته ثم مات قبل أن يفي الدين و يفك الرهن وجب وفاء الدين من مجموع التركة، و لحق الحبوة من الدين بنسبة قيمتها الى مجموع التركة كما تقدم، و لا يجوز للولد المحبو أن يأخذ حبوته قبل فكها بأداء ما لحقها من الدين لأن حق الرهن مقدم على الحباء.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 295

المسألة 129:

إذا باع الأب أعيان الحبوة في حياته أو باع بعضها و اشترط لنفسه خيار الفسخ إذا رد الثمن على المشتري ثم مات، لم يجب على الورثة من بعده رد الثمن و فسخ البيع، و جاز لهم ذلك، و لا يجوز للولد الأكبر أخذ أعيان الحبوة و التصرف فيها إلا إذا رد الثمن على المشتري و فسخ البيع.

المسألة 130:

إذا اشتبه الولد الأكبر الذي تكون له الحبوة من تركة أبيه بين ولدين أو أكثر و لم يعلم من هو على التعيين، رجع في تعيينه إلى القرعة، فأيهم عينته القرعة أنه الأكبر دفعت إليه أعيان الحبوة.

الفصل السادس في ميراث الاخوة و الأجداد

المسألة 131:

و هذه هي الطبقة الثانية من طبقات الوارثين في النسب، و لا يرث أحد من أهل هذه الطبقة إذا وجد أحد من الطبقة السابقة عليهم، فلا يرث جد و لا جدة و لا أخ و لا أخت و لا أحد من أولاد الاخوة إذا كان للميت أب أو أم أو ابن أو بنت أو أحد من أولادهم و ان تعددت وسائطه، إلا إذا كان الموجود من الطبقة الأولى ممنوعا من الميراث لكفر أو قتل أو عبودية أو لعان.

المسألة 132:

الأخ هو ابن الأبوين بلا واسطة، و ابن الأب وحده و ابن الأم وحدها، و كذلك الأخت، و يطلق على الإخوة كلالة، و يتبع الاخوة و الأخوات أولادهم ثم ذريتهم بطنا بعد بطن و مرتبة بعد مرتبة من الذكور و الإناث، و يراد بالجد أبو الأب، و أبو الأم بلا واسطة أو بواسطة واحدة أو بأكثر، و قد تقدم ان الاخوة و الأخوات و ذريتهم صنف من هذه الطبقة، و الأجداد و الجدات صنف آخر منها.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 296

المسألة 133:

إذا مات رجل أو امرأة و ترك أخا واحدا لأبيه و أمه معا و لم يكن للميت وارثا غيره ورث الأخ التركة كلها بالقرابة، و كذلك الحكم إذا ترك أخا لأبيه خاصة، فيرث المال كله بالقرابة.

و إذا مات و خلف من بعده أختا واحدة لأبيه و أمه و لا غيرها، و ورثت الأخت نصف التركة بالفرض ورد النصف الآخر عليها بالقرابة لانحصار الوارث بها، و مثله ما إذا خلف بعده أختا واحدة لأبيه و لا غيرها فترث التركة كلها بالفرض و الرد و إذا مات الميت و خلف أخا أو أختا لأمه و لا وارث له سواهما، ورث الوارث منهما سدس التركة بالفرض ورد عليه الباقي بالقرابة.

المسألة 134:

إذا مات رجل أو امرأة و ترك من بعده أخوين أو أكثر و كلهم لأبيه و أمه و لا وارث له غيرهم كان المال كله لهم بالقرابة و اقتسموه بينهم بالمساواة إذا كان جميعهم ذكورا، و إذا كانوا مختلفين ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، و كذلك إذا ترك أخوين أو اخوة لأبيه خاصة و ليس معهم غيرهم، فيأخذون المال و يقتسمونه بالتساوي أو التفاضل على نهج ما تقدم.

و إذا مات و ترك أختين أو أخوات للأبوين و لا غيرهن كان لهن ثلثا تركته بالفرض ورد الباقي عليهن بالقرابة و اقتسمن المال بالمساواة و مثله ما إذا خلف أختين أو أخوات لأبيه، فيكون ميراثهن على نهج ذلك.

و إذا خلف أخوه لأمه ذكورا أو إناثا أو مختلفين كان لهم ثلث التركة بالفرض ورد الباقي عليهم و قسم الجميع عليهم بالتساوي.

المسألة 135:

لا يرث أخ و لا أخت من الأب شيئا من المال إذا كان للميت أخ أو أخت أو أكثر للأبوين معا، فيكونون محجوبين بهم عن الإرث حجب حرمان، فإذا فقد من يتقرب بالأبوين من الاخوة جميعا، أخذ الإخوة المتقربون بالأب وحده ميراثهم و قاموا مقامهم، و قد تقدمت أمثلة من ذلك.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 297

و لا يحجب الاخوة المتقربون بالأبوين أحدا من الاخوة للأم، فإذا ترك الميت أخا أو اخوة من الأبوين و أخا واحدا أو أختا من الأم كان للواحد من الأم سدس التركة، و ورث الأخ أو الاخوة للأبوين بقية المال، فيختص بها إذا كان واحدا، و يقتسمونها بالسوية إذا كانوا متعددين و كانوا ذكورا، و للذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانوا ذكورا و إناثا.

و إذا ترك الميت أخا أو اخوة من

الأبوين و اخوة من الأم، أخذ الاخوة من الأم ثلث التركة و اقتسموه بالتساوي و ان كانوا مختلفين ذكورا و إناثا، و ورث الأخ أو الاخوة من الأبوين بقية المال على سبيل ما تقدم بيانه.

و إذا خلف الميت أخا أو اخوة للأب وحده، و أخا أو اخوة للأم وحدها، ورث الأخ أو الاخوة للأم نصيبهم الآنف ذكره من السدس أو الثلث، و ورث الإخوة للأب باقي المال على سبيل ما ذكرناه في ميراث الأخ و الاخوة من الأبوين.

المسألة 136:

إذا مات رجل أو امرأة و ترك بعده أختا للأبوين، و أخا أو أختا للأم، كان لأخيه أو أخته من أمه سدس التركة، و كان لأخته من أبويه نصف التركة بالفرض و يرد الباقي و هو ثلث التركة عليها بالقرابة، و كذلك إذا ترك أختا للأب و أخا أو أختا للأم، فإن الأخت للأب تقوم مقام الأخت للأبوين عند فقدها في الميراث بالفرض و الرد، و يرث الأخ أو الأخت من الأم سدس التركة خاصة و لا يستحق من الرد شيئا.

و إذا ترك أختا للأبوين أو أختا للأب وحده مع فقد الشقيقة كما قلنا، و ترك معها إخوة للأم، كان لإخوته من أمه ثلث التركة يقتسمونه بينهم بالسوية و ان كانوا مختلفين ذكورا و إناثا، و كان الباقي من المال بالفرض و الرد للأخت من الأبوين وحدها إذا كانت موجودة، و للأخت من الأب وحدها إذا لم تكن له أخت شقيقة.

و إذا مات الميت و خلف أختين أو أخوات للأبوين أو للأب خاصة عند فقد الأشقاء على سبيل ما تقدم، و كان له اخوة للأم، ورث اخوته من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 298

أمه ثلث التركة بينهم

بالتساوي و كان للأختين أو الأخوات من الأبوين أو الأب الثلثان بالتساوي أيضا.

و إذا ترك أخوات كذلك للأبوين أو للأب، و أخا أو أختا واحدة للأم، كان للواحد من الاخوة للأم سدس التركة و كان الباقي للأخوات من الأبوين بالفرض و الرد و إذا لم تكن له أخوات شقيقات فالباقي للأخوات من الأب على سبيل ما تقدم بيانه، و قد ذكرنا بعض هذه المسائل في الفصل الرابع.

المسألة 137:

إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الاخوة أو الأخوات أخذا نصيبهما الأعلى من التركة فيأخذ الزوج النصف و تأخذ الزوجة الربع و لا يرد عليهما شي ء إذا زادت التركة على السهام و لا ينقص من فرضهما شي ء إذا زادت السهام على التركة و كذلك الحكم إذا اجتمعا مع الأجداد أو مع أولاد الاخوة أو مع الاخوة و الأجداد أو معهم و مع أولاد الاخوة.

المسألة 138:

إذا ماتت امرأة و كان لها زوج و أخ لأبويها، أو أخ لأبيها وحده، ورث زوجها نصف التركة بالفرض، و أخذ أخوها الباقي بالقرابة، و إذا ماتت المرأة و لها زوج و أخت واحدة شقيقة أو أخت لأبيها خاصة، ورث الزوج النصف بالفرض، و ورثت الأخت النصف الآخر بالفرض أيضا.

المسألة 139:

إذا ماتت المرأة و تركت زوجا، و تركت معه أخا واحدا أو أختا واحدة لأمها، ورث الزوج نصف التركة بالفرض، و ورث الأخ أو الأخت من الأم سدس التركة بالفرض و كان له الثلث الباقي بالرد، و إذا تركت زوجا و اخوة أو أخوات لأمها، ورث الزوج النصف بالفرض كما تقدم و أخذ الاخوة من الأم ثلث المال بالفرض ورد السدس الباقي عليهم بالقرابة و اقتسموا نصيبهم بالسواء، و لا يرد على الزوج شي ء.

المسألة 140:

إذا ماتت المرأة و لها زوج و أختان أو أخوات للأبوين أو للأب وحده،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 299

ورث الزوج نصف التركة و أخذه تاما لا نقص فيه، و ورث الأخوات الثلثين، و ما بقي من التركة و هو النصف لا يفي بذلك، فيأخذن ما بقي من التركة و يدخل النقص عليهن خاصة، و يقتسمن ما حصل لهن بالسوية بينهن.

المسألة 141:

إذا ماتت المرأة و لها زوج و اخوة للأبوين أو للأب وحده، ورث الزوج نصف التركة بالفرض و أخذ الإخوة بقية المال بالقرابة و اقتسموها بينهم بالتساوي، و إذا كانوا ذكرانا و أناثا، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 142:

إذا ماتت الزوجة، و خلفت بعدها زوجا، و أخا واحدا أو اخوة لأبويها، و أخا أو اخوة لأمها، ورث الزوج نصيبه و هو نصف التركة و أخذه تاما لا نقص فيه، و ورث الأخ من أمها إذا كان واحدا نصيبه و هو السدس و أخذه كذلك تاما لا نقص فيه و كان الباقي من التركة و هو الثلث للأخ الشقيق، فيختص به إذا كان واحدا، و يقتسمه مع أشقائه بالسوية إذا كان متعددا و كان جميعهم ذكورا، و يقتسمونه بالتفاضل إذا كانوا ذكورا و إناثا، و يأخذ الاخوة من الأم إذا كانوا متعددين نصيبهم و هو الثلث تاما، و يقتسمونه بينهم بالتساوي، و يكون الباقي من التركة و هو السدس للأخ أو للاخوة الأشقاء على سبيل ما تقدم.

و كذلك الحكم إذا تركت الميتة مع الزوج أخا أو أخوة لأبيها، و أخا أو اخوة لأمها، فيكون الميراث و الاختصاص و التقسيم كما سبق بيانه، فإن الإخوة للأب يقومون مقام الاخوة الأشقاء في كل ما ذكر.

المسألة 143:

إذا ماتت الزوجة و تركت من بعدها زوجا و أختا واحدة لأبويها، أو أختا لأبيها وحده مع فقد الشقيقة، و تركت معهما أخا أو اخوة لأمها، ورث الزوج النصف، و ورث الأخ من الأم نصيبه و هو السدس إذا كان واحدا، و الثلث إذا كان متعددا، و دخل النقص على نصيب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 300

الأخت الشقيقة أو الأخت للأب، فتأخذ الباقي من التركة و هو الثلث أو السدس بدلا عن النصف.

المسألة 144:

إذا ماتت الزوجة و لها زوج و اختان شقيقتان أو أكثر و أخ واحد أو اخوة متعددون لأمها، ورث الزوج النصف، و أخذ الأخ أو الاخوة من الأم نصيبهم و هو السدس للواحد و الثلث للمتعدد منهم، و دخل النقص على الأخوات الشقيقات، فيأخذن الباقي و يقتسمنه بالسواء، و كذلك إذا كان الأخوات للأب بدلا عن الأخوات الشقيقات كما تكرر ذكره.

المسألة 145:

إذا مات الرجل و ترك زوجة و أخا واحدا شقيقا، فربع تركته للزوجة، و باقي المال كله للأخ الشقيق، و إذا لم يكن له أخ شقيق، و له أخ واحد لأبيه ورث ميراث الأخ الشقيق، و إذا مات الميت و ترك زوجة و اخوة أشقاء، ورثت الزوجة ربعها، و اقتسم الاخوة الأشقاء بقية التركة بينهم على التساوي إذا كان الجميع ذكورا، و على التفاضل إذا كانوا ذكورا و إناثا، فإذا لم يكن له اخوة أشقاء و كان له اخوة لأبيه قاموا مقام الأشقاء و ورثوا ميراثهم.

و إذا ترك زوجة و أخا لأم ورثت الزوجة ربع التركة و ورث الأخ من الأم سدس التركة بالفرض و أخذ باقي التركة بالرد، و إذا كان اخوته من الأم أكثر من واحد كان لهم ثلث التركة بالفرض و البقية بالرد و اقتسموا ميراثهم بالتساوي.

المسألة 146:

إذا مات الميت و ترك زوجة و أختا شقيقة كان للزوجة الربع، و ورثت الأخت نصف المال بالفرض، و الباقي بالرد، و إذا لم تكن له أخت شقيقة و كانت له أخت للأب ورثت ميراثها.

المسألة 147:

إذا خلف الرجل من بعده زوجة و أخا واحدا أو اخوة لأبويه، و أخا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 301

أو اخوة لأمه، ورثت الزوجة ربعها و كان للأخ من الأم سدسه إذا كان واحدا و ثلثه إذا كان متعددا، و ورث الأخ الشقيق بقية المال و اختص بها إذا كان واحدا و اشترك فيها مع أشقائه إذا كانوا متعددين، و إذا كانوا ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، و إذا فقد الاخوة الأشقاء و كان للميت إخوة لأبيه قاموا مقامهم و ورثوا ميراثهم.

المسألة 148:

إذا خلف الرجل زوجة و أختين شقيقتين أو أكثر، فللزوجة الربع و للأخوات الثلثان بالفرض و ترد عليهن بقية التركة و هي نصف السدس و لا تستحق الزوجة منها شيئا، و تقوم الأخوات من الأب مقام الأخوات الشقيقات في الميراث إذا فقدن.

المسألة 149:

إذا مات أحد و ترك من بعده زوجة و أختا لأبويه، و ترك معهما أخا أو أخوة لأمه، ورثت الزوجة الربع، و ورث الواحد من كلالة الأم السدس، و أخت الأخت من الأبوين نصف المال بالفرض و أخذت الباقي من التركة و هو نصف السدس بالقرابة، و هذا إذا كان الأخ من الأم واحدا، و إذا كان الاخوة من الأم متعددين ورثوا الثلث من التركة و اقتسموه بينهم بالسوية و أخذت الزوجة ربعها، و نقص فرض الأخت من الأبوين، فتأخذ الباقي من التركة و هو أقل من نصيبها بنصف سدس.

و إذا لم تكن للميت أخت للأبوين و كانت له أخت للأب قامت مقامها في الميراث المذكور و استحقت نصيبها.

المسألة 150:

إذا مات أحد و كانت له زوجة و أختان شقيقتان أو أكثر، و له أخ واحد من الأم أو أكثر من واحد، ورثت زوجة الميت ربع تركته تاما، و أخذ الواحد من كلالة أمه سدس التركة تاما، و استحق الأخوات الشقيقات باقي المال و هو أقل من نصيبهن بنصف سدس، و إذا كان الاخوة من الأم أكثر من واحد ورثوا ثلث التركة و ورثت الزوجة ربعها، و كان نصيب الأخوات الشقيقات أقل من فرضهن و هو الثلثان بسدس

كلمة التقوى، ج 7، ص: 302

و نصف، و تقوم الأخوات من الأب مقام الأخوات الشقيقات إذا فقدن فيرثن الباقي من التركة و يدخل عليهن النقص في كلا الفرضين أيضا.

المسألة 151:

إذا ترك الميت جده لأبيه و ليس له وارث آخر، ورث الجد جميع التركة من غير فرق بين الجد القريب و الجد مع الواسطة كجد الأب وجد الجد إذا اتفق وجوده، و مثله في الحكم ما إذا ترك جده لأمه بواسطة أو بغير واسطة فيرث الجد المال كله إذا لم يكن للميت وارث غيره، و كذلك الجدة للأب و الجدة للأم، فترث التركة عند انفرادها و انحصار الإرث بها.

المسألة 152:

إذا مات الشخص و ترك جده أبا أبيه وجدته أم أبيه و لا غيرهما ورث الجد ثلثي التركة و ورثت الجدة ثلثها، و كذلك إذا خلف الميت جد أبيه و جدة أبيه بلا واسطة أو مع الواسطة فيكون للجدة الثلث و للجد الثلثان إذا كانا يتقربان الى الميت بالأب كما ذكرنا و كانا في مرتبة واحدة، و إذا اختلف الجد و الجدة في المرتبة فكان أحدهما بلا واسطة و الآخر مع الواسطة أو كان أحدهما بواسطة و الثاني بواسطتين منع الأقرب الأبعد من الميراث.

المسألة 153:

إذا مات الشخص و ترك جده أبا أمه وجدته أم أمه، و ليس له وارث غيرهما ورثا جميع التركة و اقتسماها بينهما بالتساوي، و كذلك إذا خلف جد أمه وجدتها بلا واسطة أو مع الواسطة فيرثان جميع المال و يقتسمانه بالسوية إذا كان الجد و الجدة في مرتبة واحدة و كانا يتقربان الى الميت بالأم، و إذا اختلفا في المرتبة كما ذكرنا في المسألة المتقدمة منع الأقرب الأبعد من الميراث.

المسألة 154:

إذا خلف الميت من بعده جده أبا أبيه وجده أبا أمه و انحصر الوارث بهما، ورث الجد أبو الأب ثلثي التركة و هو نصيب الأب، لأنه يتقرب الى الميت به، و ورث الجد أبو الأم ثلث التركة و هو نصيب الأم، لأنه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 303

يتقرب الى الميت بها، و كذلك إذا ترك الميت جدته أم أبيه، و جده أبا أمه أو جدته أم أمه، فيكون للجدة أم الأب الثلثان نصيب الأب، و للجد أبي الأم أو الجدة أم الأم ثلث التركة و هو نصيب الأم.

المسألة 155:

إذا ترك الميت من بعده جده أبا أبيه وجدته أم أبيه، و ترك معهما جده أبا أمه وجدته أم أمه، ورث جده وجدته لأبيه ثلثي التركة كما بينا في ما تقدم و اقتسما النصيب بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، و ورث جده وجدته لأمه ثلث التركة، و اقتسماه بينهما بالتساوي فللذكر مثل حظ الأنثى.

المسألة 156:

الأجداد و الجدات صنف واحد من طبقتهما في النسب، فإذا اختلفوا في المرتبة منع القريب البعيد، فيمنع الجد أو الجدة بلا واسطة الجد و الجدة بواسطة، و يمنع من يتقرب منهم الى الميت بواسطة واحدة من يتقرب اليه بواسطتين سواء كان المانع القريب و الممنوع البعيد كلاهما ممن يتقرب الى الميت بالأب أم ممن يتقرب بالأم، أم كان أحدهما ممن يتصل بالأب و الثاني ممن يتصل بالأم.

المسألة 157:

إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الجد أبى الأب أو مع الجدة أم الأب، أو مع الجد أبي الأم أو الجدة أم الأم، ورث الزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى فيأخذ الزوج النصف و تأخذ الزوجة الربع، و كانت البقية من التركة للجد الوارث أو الجدة الوارثة.

و إذا اجتمع الزوج مع جد امرأته الميتة وجدتها و كلاهما لأبيها ورث زوجها نصف التركة و كان الباقي لجدها وجدتها و اقتسما نصيبهما للذكر مثل حظ الأنثيين، و كذلك إذا مات الزوج و ترك زوجته وجده وجدته لأبيه فتأخذ الزوجة الربع، و يقسم الباقي بين جد الميت وجدته بالتفاضل.

المسألة 158:

إذا ماتت المرأة و تركت زوجا و جدا و جدة من قبل أمها، ورث

كلمة التقوى، ج 7، ص: 304

الزوج النصف و اقتسم جد الميتة وجدتها بقية المال بالسواء ما بينهما، و كذلك إذا مات الرجل و ترك زوجته وجده وجدته لأمه، فتأخذ الزوجة الربع و يقسم الباقي بين جد الميت وجدته للأم بالتساوي.

المسألة 159:

إذا ماتت المرأة و تركت بعدها زوجا وجدا لأب وجدا لأم، ورث زوجها نصف التركة و أخذ جدها أبو أمها ثلث التركة و دخل النقص على نصيب جدها لأبيها فيكون له الباقي و هو سدس التركة، و مثله ما إذا تركت الميتة زوجا و جدا لأب، و تركت معهما جدا و جدة لأم، فيرث الزوج النصف، و يرث جدها وجدتها أبوا أمها ثلث التركة يقتسمانه بالسوية و يكون الباقي و هو السدس للجد أبى الأب، و كذلك إذا تركت زوجا و جدا و جدة لأب، و تركت معهم جدا لأم، أو جدة لأم أو تركت كليهما، فللزوج النصف، و لجدها أو جدتها لأمها أو لكليهما ثلث التركة بالسوية و الباقي و هو السدس لجدها وجدتها لأبيها للذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 160:

و على النهج السابق بيانه يجري الحكم في الزوجة إذا اجتمعت مع الأجداد في نظير الفروض المتقدمة، فتأخذ الزوجة ربع التركة في جميع الحالات، و يأخذ الجد الموجود أو الجدة الموجودة أو كلاهما بقية التركة عند الانفراد، و يأخذ المتقرب بالأم جدا أو جدة أو كلاهما ثلث التركة تاما، ثم يكون الباقي للمتقرب بالأب عند الاجتماع.

المسألة 161:

الجد و الجدة يقاسمان الاخوة الميراث إذا اجتمعا معهم على التفاصيل الآتي بيانها، من غير فرق بين أن يكون الجد و الجدة قريبين في المرتبة إلى الميت أو بعيدين عنه بواسطة أو أكثر، فلا يحجب الأخ الجد عن الميراث و ان تعددت واسطته كجد الأب وجد الجد، و يقاسمان أولاد الاخوة في الميراث إذا اجتمعا بهم عند فقد الاخوة، فلا يحجب الجد و ان كان قريبا ابن الأخ أو الأخت عن الميراث و ان تعددت واسطته.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 305

المسألة 162:

إذا اجتمع الأجداد مع الاخوة في الميراث و اتحدت جهة النسب بينهما كان الجد بمنزلة الأخ، فالجد للأب بمنزلة الأخ للأبوين أو الأب فيرث كميراثه و يقاسمه في الحصة، و الجدة من قبل الأب بمنزلة الأخت للأبوين أو الأب ترث ميراثها و تقاسمها في الحصة، و الجد من قبل الأم بمنزلة الأخ للأم يرث ميراثه و يقاسمه نصيبه، و لا ينزل الجد منزلة الأخ إذا لم يتحد معه في جهة النسب و ان اجتمع معه في الميراث.

و مثال ذلك أن يموت شخص و له أخ أو اخوة لأبيه وجد لأمه، فلا يكون هذا الجد بمنزلة الأخ للأم لعدم وجود أخ لأم للميت، و لا بمنزلة الأخ للأب لعدم اتحاده معه في جهة النسب، فلا يرث ميراث الأخ، بل يرث ميراث الجد للأم و هو ثلث التركة كما ذكرناه في المسألة المائة و الرابعة و الخمسين. و مثال ذلك أيضا أن يموت انسان و له جد لأبيه و اخوة لأمه، فلا يكون هذا الجد بمنزلة الأخ للأب لعدم وجوده و لا بمنزلة الأخ للأم لعدم اتحاده معه في جهة النسب، بل يرث نصيب الجد للأب

و هو الثلثان، و سنوضح تفاصيل ذلك ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 163:

إذا مات أحد و ترك جدا أو جدة أو أكثر من ذلك و كانوا جميعا من قبل أبيه، و خلف معهم أخا أو أختا أو أكثر من ذلك و كلهم لأبويه أو لأبيه خاصة، كان الجد بمنزلة الأخ، و كانت الجدة بمنزلة الأخت، لاتحاد جهة النسب ما بينهم، فكلهم يتقرب الى الميت من جهة أبيه، فيقسم المال بينهم كما يقسم بين الإخوة للأب، فإن كان الجميع ذكورا أو كان الجميع إناثا اقتسموا المال بالسواء، و ان كانوا مختلفين ذكورا و إناثا اقتسموه بالتفاضل بينهم فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 164:

إذا مات الميت و ترك جدا أو جدة أو أكثر من ذلك و كانوا جميعا من قبل امه، و خلف معهم أخا واحدا أو أختا أو أكثر من ذلك و كلهم من قبل أمه أيضا، ورث الأجداد و الاخوة كلهم ميراث الأخوة للأم،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 306

فيقسمون التركة ما بينهم بالتساوي و ان كان بعضهم ذكورا و بعضهم إناثا.

المسألة 165:

إذا خلف الإنسان بعد موته جدا أو أجدادا من قبل أبيه و معهم اخوة من قبل أبيه أيضا، و ترك كذلك جدا أو أجدادا من قبل أمه، و معهم اخوة من قبل أمه أيضا ورث المتقربون بالأم من الأجداد و الاخوة ثلث التركة، و اقتسموه ما بينهم بالتساوي سواء كانوا ذكورا أم إناثا أم مختلفين كما هو الحكم في ميراث الاخوة من الأم، و ورث الفريق الآخر المتقرب بالأب من الأجداد و الاخوة ثلثي التركة، و اقتسموه بالتساوي إذا كان جميعهم ذكورا، أو إناثا، و إذا كانوا متفرقين ذكورا و إناثا اقتسموه بالتفاضل فللذكر ضعف نصيب الأنثى.

المسألة 166:

إذا ترك الإنسان بعد موته جدا واحدا أو أجدادا متعددين و كلهم من قبل أبيه خاصة، و خلف معهم أخا أو اخوة من قبل أمه خاصة، ورث الأخ أو الأخت من الأم إذا كان واحدا سدس التركة، و إذا كان الاخوة من الأم أكثر من واحد ورثوا ثلث التركة، و اقتسموه بينهم بالمساواة، و ورث الجد أو الأجداد من قبل الأب بقية المال فيكون لهم خمسة أسداس التركة في الصورة الأولى، و يكون لهم الثلثان في الصورة الثانية، فيختص به الجد أو الجدة إذا كان الوارث منهم متحدا، و يقتسمونه بالتساوي إذا كانوا متعددين و كان الجميع ذكورا أو كان الجميع إناثا، و إذا كانوا مختلفين ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 167:

إذا مات أحد و ترك من بعده جدا واحدا أو أجدادا متعددين من قبل أمه، و ترك معهم أخا أو اخوة متعددين من قبل أبيه ورث الجد المتقرب بالأم إذا كان واحدا ثلث التركة و اختص به، و كذلك إذا كان جدة منفردة، و اقتسموا الثلث بالمساواة إذا كانوا متعددين كما هو الحكم في ميراث من يتقرب بالأم، و ورث الأخ من الأب ثلثي التركة، و يختص

كلمة التقوى، ج 7، ص: 307

به إذا كان واحدا و يقتسمه بالتساوي مع إخوته إذا كانوا متعددين و كان الجميع ذكورا، و بالتفاضل إذا كانوا ذكورا و إناثا.

المسألة 168:

إذا مات الميت و ترك من بعده جدا واحدا أو أجدادا لأمه، و ترك معهم أختين أو أكثر لأبويه أو لأبيه خاصة، ورث الجد أو الأجداد من قبل أمه ثلث التركة على سبيل ما تقدم بيانه في ميراث الأجداد من الأم، و ورثت الأختان للأبوين أو الأب ثلثي التركة.

المسألة 169:

إذا ترك الميت من بعده جدا واحدا أو أجدادا من قبل أمه كما في الفرض المتقدم و ترك معهم أختا واحدة لأبويه أو لأبيه خاصة، كان ميراث الجد الواحد أو الأجداد المتعددين لأمه كما تقدم، و ورثت الأخت نصف التركة، و لا يترك الاحتياط بالمصالحة بين الأخت و الأجداد في السدس الباقي من التركة زائدا عن الفريضة.

المسألة 170:

إذا مات الشخص و ترك جدا واحدا أو أجدادا و كلهم من قبل أبيه، وجدا أو أجدادا من قبل أمه، و ترك معهم أخا أو أخوة لأبيه، ورث الفريق المتقرب بالأم ثلث التركة، فيختص به إذا كان جدا واحدا أو جدة و يقتسمه الفريق بالسوية إذا كان أجدادا متعددين، و ورث الفريض المتقرب بالأب من اخوة و أجداد ثلثي التركة فيقتسمونه بالمساواة إذا كان جميعهم ذكورا و بالتفاضل إذا كانوا ذكورا و إناثا، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

المسألة 171:

إذا مات الميت و ترك من بعده جدا أو أجدادا من قبل أبيه، وجدا أو أجدادا من قبل أمه كما في الفرض المتقدم و ترك معهم أخا أو اخوة لأمه، ورث الفريق المتقرب بالأم من اخوة و أجداد ثلث التركة و تقاسموه بينهم بالسوية، و ورث الأجداد المتقربون بالأب ثلثي التركة، و اقتسموه بالتساوي إذا كانوا ذكورا أو إناثا و بالتفاضل إذا كانوا مختلفين ذكورا و إناثا، و اختص به إذا كان جدا واحدا أو جدة واحدة.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 308

المسألة 172:

إذا مات الميت و ترك من بعده جدا أو أجدادا متعددين لأبيه و ترك معهم اخوة لأبيه أيضا و اخوة لأمه، ورث المتقرب بالأم إذا كان أخا واحدا أو أختا واحدة سدس التركة، و ورث ثلث التركة إذا كان اخوة أو أخوات متعددة و اقتسموه بالسوية، و ورث الاخوة و الأجداد من قبل أبيه بقية المال في كلتا الصورتين فلهم خمسة أسداس التركة إذا كان الأخ للأم واحدا و لهم الثلثان إذا كان متعددا، و اقتسموا النصيب بالتساوي إذا اتحدوا في الذكورة و الأنوثة، و اقتسموه بالتفاضل إذا اختلفوا فيهما.

المسألة 173:

إذا ترك الميت جدا أو أجدادا من قبل أمه خاصة، و ترك معهم اخوة من قبل أبيه و اخوة من قبل أمه، ورث من يتقرب بالأم من الاخوة و الأجداد ثلث التركة و اقتسموه بالسوية، و كان الباقي للأخ أو الاخوة من الأب على نهج ما تقدم بيانه مرارا.

المسألة 174:

قد تجتمع للإنسان في الوجود و لو نادرا أجداد متعددون من قبل أبيه أو من قبل أمه من الذكور أو من الإناث أو من كليهما في الطبقات العليا من الأجداد و الجدات كأجداد الأب و أجداد الجد، فأجداد الإنسان القريبون إليه أربعة، جد و جدة لأبيه، و جد و جدة لأمه، و أجداد أبيه أربعة و أجداد أمه أربعة، و هكذا كلما بعدت المرتبة تضاعف العدد و من أجل ذلك ذكرنا الأمثلة لاجتماع الأجداد في المسائل المتقدمة، فليتنبه لذلك.

المسألة 175:

الأجداد و الجدات صنف واحد، و لذلك فيمنع الأقرب الى الميت منهم من هو أبعد منه من الميراث إذا اجتمع به، فلا يرث جد الأب و لا جد الأم، إذا وجد جد للميت نفسه من قبل أبيه أو أمه، و لا يرث جد جده إذا وجد له جد أب أو جد أم، و قد استثنى بعض الأكابر من ذلك ما إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 309

لم يزاحم الجد البعيد الجد القريب في ميراثه، و قد ذكر موردين لا تحصل فيهما المزاحمة.

أحدهما: أن يترك الميت من بعده أخوه لأمه وجدا قريبا من قبل أبيه، و يترك معهما جدا بعيدا من قبل أمه، فان اخوة الميت لأمه يستحقون ثلث التركة، و الجد البعيد من قبل الأم إذا ورث فإنما يرث من هذا الثلث و يشارك الاخوة فيه، و لا يزاحم الجد للأب في نصيبه و هو الثلثان الباقيان، و لذلك فلا يكون الجد القريب مانعا للجد البعيد ان يشارك الاخوة في الثلث.

الثاني: أن يترك الميت من بعده إخوة لأبيه وجدا قريبا من قبل أمه، و يترك معهما جدا بعيدا من قبل أبيه، فإن الجد القريب من جهة

الأم يأخذ ثلث التركة تاما من غير مزاحمة، و الجد البعيد من قبل الأب إنما يشارك الإخوة للأب في الثلثين الآخرين من التركة، فلا يمنعه الجد للأم من ذلك لعدم المزاحمة.

و ما أفاده في ذلك له وجه قوي من حيث الاعتبار الموجب لانصراف الأدلة عن المنع في الموردين، و لكن الأحوط إيقاع المصالحة بين الجد البعيد و من يشاركه من الاخوة في الميراث في كلا الموردين بل لا يترك هذا الاحتياط.

المسألة 176:

لا يرث أولاد إخوة الميت مع وجود أحد من اخوته، و ان اختلفوا في جهة النسب، فلا يرث أولاد أخي الميت لأبيه و أمه، و لا أولاد أخته كذلك، إذا وجد أخ أو أخت من أبيه، و لا يرث أولاد أخيه أو أخته لأبويه أو لأبيه خاصة، إذا وجد أخ له من أم أو أخت له من أم، فقد تبين أن الأقرب يمنع الأبعد من الميراث إذا كانا من صنف واحد، و تلاحظ المسألة الآتية و ما فيها من الاحتياط في بعض فروض هذه المسألة.

المسألة 177:

استثنى بعض الأساتذة من الحكم المذكور في المسألة السابقة ما إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 310

كان ابن أخي الميت لا يزاحم أخا الميت في ميراثه، فلا يكون الأخ في هذه الصورة مانعا عن ميراث ابن الأخ نظير ما تقدم في المسألة المائة و الخامسة و السبعين، و ذكر لذلك موردا واحدا، و هو أن يترك الميت من بعده أخا له من أبيه وجدا من قبل أمه، و يترك معهما ابن أخ من قبل أمه أيضا، فإن الجد من قبل الأم يستحق ثلث التركة و يكون الباقي من التركة و هو الثلثان ميراثا للأخ من قبل الأب لا يزاحمه فيه أحد، و ابن الأخ من قبل الأم إذا ورث فإنما يشارك الجد أبا الأم في الثلث، فلا يكون الأخ للأب مانعا عن ميراث ابن الأخ للأم في هذه الصورة، و هذا الاستثناء غير بعيد من حيث الاعتبار الموجب للانصراف كما ذكرنا في نظيره قبل مسألتين، و لكن الاحتياط بالمصالحة بين ابن الأخ للأم و الجد للأم في مشاركته ميراثه لا يترك.

المسألة 178:

إذا فقد الاخوة و الأخوات من الأبوين و من الأب خاصة و من الأم خاصة، أو كان الموجود منهم ممنوعا من الإرث لكفر أو قتل أو رق أو لعان، ورث الميت أبناء أخيه إذا وجدوا، و قاموا مقام آبائهم في الميراث، و في مقاسمة الأجداد إذا كانوا موجودين، و في منع المراتب و الطبقات المتأخرة عنهم من الوارثين، فلا يرث العم و لا الخال و لا أحد من طبقتهما مع ابن الأخ أو ابن الأخت إذا وجد، و لا يرث ولد ولد الأخ أو ولد ولد الأخت مع وجود ولد أخيه لصلبه أو وجود

ولد أخته بلا واسطة و هكذا مع تنازل المراتب فيمنع الأقرب الأبعد منهم.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 7، ص: 310

المسألة 179:

يرث ولد الأخ نصيب أبيه إذا فقد أو منع من الميراث لبعض الموانع الشرعية منه، سواء كان الولد واحدا أم متعددا، و ذكرا أم أنثى، و يرث ولد الأخت نصيب أمه كذلك على النحو المذكور، فيقدر الأخ أبو الولد موجودا و وارثا عند وفاة أخيه الميت و ان لم يكن موجودا أو وارثا بالفعل، فما يستحقه من تركة أخيه شرعا يكون ميراثا لولده الموجود بالفعل، و تقدر الأخت أم الولد موجودة و وارثة عند وفاة أخيها الميت، فما تستحقه من تركته يكون ميراثا لولدها الموجود بالفعل.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 311

المسألة 180:

إذا مات الشخص و ترك من بعده ولد أخ لأبويه أو لأبيه خاصة، ورث جميع المال بالقرابة لعمه الميت، فان ذلك هو نصيب أبيه لو كان هو الوارث، فإذا كان الولد واحدا، أخذ المال كله بالقرابة إذا كان ذكرا، و أخذته بالفرض و الرد إذا كانت أنثى، و إذا كانوا أولادا متعددين اقتسموا المال بينهم بالسواء إذا كانوا ذكورا أو كانوا إناثا، و اقتسموه بالتفاضل إذا اختلفوا ذكورا و إناثا.

المسألة 181:

إذا مات الشخص و ترك من بعده أولاد أخوين أو أولاد إخوة لأبويه أو لأبيه خاصة، كان لكل فريق من الأولاد نصيب أبيه من التركة، فإذا كانوا أولاد أخوين كان لكل فريق نصف التركة و إذا كانوا أولاد ثلاثة اخوة كان لكل فريق ثلث التركة، و هكذا، ثم اقتسم كل فريق نصيبه الذي استحقه على سبيل ما تقدم بيانه في المسألة السابقة، فيختص به إذا كان ولدا واحدا، و يقتسمه بالسواء إذا كان أولادا متعددين و متحدين في الذكورة أو الأنوثة، و يقتسمونه بالتفاضل إذا تعددوا ذكورا و إناثا.

المسألة 182:

إذا ترك الميت من بعده أولاد اخوة و أخوات لأبويه أو لأبيه خاصة، قسم المال على اخوة الميت و أخواته آباء الأولاد الوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين، و ورث الفريق من الأولاد نصيب أبيهم إذا كانوا أولاد أخ ذكر، و نصيب أمهم إذا كانوا أولاد أخت، و اقتسم كل فريق نصيبه على النحو المتقدم ذكره.

المسألة 183:

إذا ترك الميت من بعده أولاد أخت واحدة لأبويه أو لأبيه خاصة ورث أولادها جميع التركة بالفرض و الرد كما هو الحكم في ميراث أمهم، و اقتسموا المال على سبيل ما تقدم، و كذلك إذا ترك الميت من بعده أولاد أختين أو أولاد أخوات لأبويه أو لأبيه خاصة، فيرث الأولاد المال

كلمة التقوى، ج 7، ص: 312

كله بالفرض و الرد كما هو الحكم في ميراث أمهاتهم و اقتسموه بينهم كما سبق تفصيله.

المسألة 184:

إذا خلف الميت من بعده أولاد أخ أو أخت من قبل أمه، و لم يخلف وارثا سواهم استحق أولاد الأخ أو الأخت سدس التركة بالفرض و ورثوا بقية التركة بالقرابة، و اقتسموا الجميع ما بينهم بالسواء و ان كانوا ذكورا و إناثا، و إذا كان ولد الأخ أو الأخت للأم واحدا اختص بالتركة كلها.

و إذا خلف الميت أولاد اخوة أو أخوات متعددة من قبل أمه، قسم المال على عدد الاخوة و الأخوات الآباء بالسوية، و كان لكل فريق من أولادهم نصيب أبيه أو نصيب أمه يقتسمه بالسواء ما بين أفراده كذلك.

المسألة 185:

إذا خلف الميت من بعده أولاد أخ لأمه و أولاد أخ لأبويه أو لأبيه خاصة، كان لأولاد الأخ أو الأخت من أمه سدس التركة و اقتسموه بالسواء، و كان بقية المال لأولاد الأخ من الأبوين أو من الأب خاصة، و اقتسموه بالسواء أو بالتفاضل بينهم على نهج ما سبق تفصيله.

المسألة 186:

إذا ترك الميت من بعده أولاد إخوة متعددين من قبل أمه، و أولاد أخ واحد أو أخوة متعددين لأبويه أو لأبيه خاصة كان لأولاد الاخوة من الأم ثلث التركة، فيقسم الثلث على عدد الإخوة آبائهم بالسواء و يختص كل فريق من أولادهم بحصة أبيه من الثلث و تقسم الحصة بين أفرادهم بالسواء، و كان الباقي من التركة و هو الثلثان لأولاد الأخ للأبوين أو الأب فيقتسمونه بالتساوي أو التفاضل كما سبق، و إذا تعدد الإخوة آباؤهم قسم باقي التركة بين الاخوة أنفسهم على نهج ما مضى و كان نصيب كل واحد من الاخوة لأولاده يقسم بينهم كذلك.

المسألة 187:

إذا كان للميت ولد أخ للأبوين أو أولاد أخ أو اخوة للأبوين و وجد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 313

معهم ولد أو أولاد لإخوة من أبيه خاصة لم يرث أولاد أخيه من أبيه من التركة شيئا و حجبهم أولاد الأخ الشقيق عن الميراث حجب حرمان، و ان كان الوارث الموجود بنت أخ شقيق أو ولد أخت شقيقة أو بنت أخت شقيقة، و قد ذكرنا هذا الحكم في المسألة السابعة و الستين.

المسألة 188:

إذا فقد اخوة الميت جميعا و فقد أولادهم لأصلابهم، ورث الميت أولاد ولد أخيه على التفاصيل التي تقدم ذكرها في أولادهم بلا واسطة، و كذلك إذا وجد بعضهم و كان الموجود ممنوعا من الإرث، و هكذا إذا تعددت المراتب و الوسائط، و الأقرب منهم يمنع الأبعد.

المسألة 189:

إذا اجتمع الزوج مع أولاد الأخ أو الأخت ورث نصيبه الأعلى و هو النصف، و إذا اجتمعت الزوجة معهم ورثت الربع، و جرت التفاصيل التي تقدم بيانها في اجتماع الزوجين مع اخوة الميت أنفسهم، و لا ضرورة لإعادتها.

الفصل السابع في ميراث الأعمام و الأخوال

المسألة 190:

هذه هي الطبقة الثالثة من الوارثين من النسب، و انما يرث أفراد هذه الطبقة إذا فقد من قبلهم من طبقة الآباء و الأولاد، و من الأجداد و الأخوة و أبنائهم، أو كان الموجود منهم ممنوعا من الإرث شرعا، هنالك فقط يستحق أفراد هذه الطبقة ميراث قريبهم الميت، و يكونون أولى به في كتاب اللّه، و تتناولهم الآية الكريمة في الحكم درجة بعد درجة متصاعدة في كل من الأعمام و الأخوال، و مرتبة بعد مرتبة متنازلة في أبناء كل درجة منهم.

المسألة 191:

العم هو أخو رجل ينتمي إليه الإنسان بالولادة، سواء كان الرجل أباه بلا واسطة أم مع الواسطة، و العمة هي أخت ذلك الرجل، و الخال

كلمة التقوى، ج 7، ص: 314

هو أخو امرأة ينتمي إليها الإنسان بالولادة كذلك، سواء كانت أمه بلا واسطة أم مع الواسطة، و الخالة هي أخت تلك المرأة، و لذلك فتكون للعمومة و الخؤولة درجات متصاعدة.

فالعم هو أخو أبي الميت لأبيه و أمه، أو لأبيه خاصة، أو لأمه خاصة، و العمة هي أخت أبي الميت للأبوين كليهما أو لأحدهما خاصة، و الخال هو أخو أم الميت لأبيها و أمها، أو لأبيها خاصة أو لأمها خاصة، و الخالة هي أخت أمه لأبويها أو لأحد أبويها خاصة، و هؤلاء هم الدرجة الأولى من الأعمام و الأخوال.

و العم أيضا أخو جد الميت القريب، و العمة أخت جده و الخال أخو جدته القريبة و الخالة أخت جدته على نهج ما ذكرناه في نسبتهم من كلا الأبوين أو من أحدهما، و هؤلاء هم الدرجة الثانية من الطبقة، و العم أيضا أخو جد أبي الميت و العمة أخت جد أبيه، و الخال أخو جدة أمه و الخالة

أخت جدة أمه للأبوين أو للأب أو للأم خاصة، و هذه هي الدرجة الثالثة منهم، و هكذا كلما ارتفع النسب درجة ارتفعت العمومة و الخؤولة معها درجة.

و لكل واحدة من هذه الدرجات أبناء أعمام و أبناء عمات و أبناء أخوال و أبناء خالات يتنازلون مع توالد الأبناء مرتبة بعد مرتبة، و قد ذكرنا هذا من قبل.

و من هذه الطبقة أيضا أعمام الأم و عماتها و أخوالها و خالاتها و أعمام أم الأب و أخوالها درجة بعد درجة و أبناؤهم مرتبة بعد مرتبة ما دامت صلتهم بالميت تعد في نظر أهل العرف قرابة و رحما، حتى تتناهى في البعد و تسقط الرحم لكثرة البعد في نظر العقلاء. و الأعمام و الأخوال و درجاتهم و أبناؤهم بحكم صنف واحد، فيحجب الأقرب في الدرجة أو في المرتبة منهم الأبعد.

المسألة 192:

إذا مات الميت و ترك من بعده عما و لم يترك معه وارثا آخر، ورث العم المال كله، سواء كان أخا أبيه، أم أخا جده القريب أم أخا أحد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 315

أجداده الآخرين من قبل أبي الميت أو من قبل أمه، و سواء كانت أخوته لأبي الميت أو لجده للأبوين أم للأب خاصة أم للأم خاصة، فيستحق المال بالقرابة لانحصار الوارث به. و كذلك إذا مات الميت و ترك عمة واحدة على الوصف الذي بيناه في العم و لم يترك سواها، فيكون لها ميراث الميت كله بالقرابة.

المسألة 193:

إذا مات الشخص و ترك من بعده عمين أو أعماما ذكورا متساوين في الدرجة و متحدين في جهة النسب، فكلهم اخوة أبي الميت مثلا أو اخوة أبي أبيه أو اخوة أحد أجداده الآخرين، و كلهم اخوة ذلك الأب أو الجد لأبويه أو لأبيه خاصة أو لأمه خاصة، و لم يترك سواهم من الوارثين، ورث الأعمام المذكورون جميع المال و اقتسموه بالمساواة بينهم، و كذلك إذا مات الميت و ترك عمتين أو عمات على الوصف الذي ذكرناه، متساويات في الدرجة و متحدات في جهة النسب و لم يترك وارثا سواهن ورثت العمات المال و اقتسمنه بالسواء بينهن.

المسألة 194:

إذا مات الشخص و ترك من بعده عما أو أعماما متعددين و ترك معهم عمة أو عمات، و كان جميعهم متساوين في الدرجة و متحدين في جهة النسب على الوصف الذي ذكرناه، ورثوا المال كله كما تقدم في نظيره لانحصار الوارث بهم و اقتسموا المال بينهم بالتفاضل، فللذكر مثل حظ الأنثيين، من غير فرق بين ان يكونوا اخوة أبي الميت أو اخوة جده من قبل أمه أو من قبل أبيه أو من قبل أبويه كليهما على الأقوى.

المسألة 195:

إذا مات الميت و ترك أعماما و عمات وارثين من درجة واحدة و لكنهم مختلفون في جهة النسب فبعضهم اخوة أبي الميت من أبويه كليهما و بعضهم اخوته من أبيه و بعضهم اخوته من أمه، لم يرث الميت أعمامه من قبل الأب خاصة و كان الميراث للأعمام من الأبوين و من الأم خاصة، و أشكل الحكم في تقسيم التركة عليهم.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 316

و قد أفتى المشهور من العلماء بأن المتقرب بالأم يجري فيه حكم كلالة الأم، فإذا كان عما واحدا أو عمة واحدة ورث السدس وحده، و إذا كان متعددا ورث ثلث التركة و اقتسموه بالتساوي فللذكر مثل حظ الأنثى، و ان ما زاد من التركة على السدس في الفرض الأول و على الثلث في الفرض الثاني يكون للأعمام المتقربين بالأبوين و يتقاسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا فقد المتقربون بالأبوين قام الأعمام المتقربون بالأب وحده مقامهم في ميراثهم على النحو المذكور.

و لا يبعد أن يكون الأعمام المتقربون بالأم كالأعمام المتقربين بالأبوين في الإرث من جميع المال لا من السدس و الثلث على الخصوص و أن ميراثهم جميعا بالتفاضل، فإذا فقد المتقربون بالأبوين قام المتقربون

بالأب وحده مقامهم، و لكن الأحوط إيقاع المصالحة بينهم في ذلك بل لا يترك الاحتياط فيه.

المسألة 196:

إذا ترك الميت من بعده خالا و لم يترك وارثا غيره، ورث الخال التركة كلها سواء كان أخا أم الميت أم أخا جدته لأمه أم أخا احدى جداته الأخرى القريبة أو البعيدة، و سواء كانت اخوته لأم الميت أو لجدته من قبل كلا الأبوين أم للأب خاصة أم للأب خاصة، فيستحق المال كله لانحصار الوارث به، و مثله في الحكم ما إذا ترك الميت خالة كذلك و انفردت بالميراث فترث المال كله.

المسألة 197:

إذا خلف الميت من بعده خالين أو أخوالا ذكورا متساوين في الدرجة و متحدين في جهة النسب على الوجه الذي ذكرنا في العم في المسألة المائة و الثالثة و التسعين، و لم يكن له وارث سواهم ورث الأخوال المال كله و اقتسموه بالمساواة بينهم، و مثله في الحكم ما إذا ترك خالتين أو خالات متعددة على الوصف المذكور فهن متساويات في الدرجة و متحدات في نسبتهن إلى أم الميت أو الى جدته فيرثن التركة و يقتسمنها على السواء بينهن.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 317

المسألة 198:

إذا مات أحد و ترك من بعده خالا واحدا أو أكثر و ترك معه خالة واحدة أو أكثر، و هم من أهل درجة واحدة، و متحدون في جهة النسب للميت، فكلهم اشقاء أمه مثلا لأبويها أو كلهم اخوانها لأبيها فقط، أو لأمها فقط، ورثوا المال جميعا، و المشهور أنهم يقتسمون المال بينهم بالسواء فللذكر مثل حظ الأنثى، و الأحوط الرجوع الى المصالحة بينهم في ذلك.

المسألة 199:

إذا مات أحد و ترك أخوالا متفرقين في جهة نسبهم الى الميت فبعضهم اخوان أمه من قبل أبويها، و بعضهم اخوانها لأبيها خاصة و بعضهم اخوانها لأمها، اختص الميراث بالأخوال المتقربين بالأبوين و الأخوال المتقربين بالأم، و لم يرث المتقربون بالأب خاصة، و إذا فقد المتقربون بالأبوين قام المتقربون بالأب مقامهم و أخذوا ميراثهم.

و قد أفتى المشهور بأن للخال المتقرب بالأم سدس التركة إذا كان واحدا، سواء كان ذكرا أم أنثى، و أن له ثلث التركة إذا كان أكثر من واحد، و اقتسمه بالمساواة بين أفراده الذكور و الإناث، و أن الباقي من التركة بعد السدس و الثلث للأخوال المتقربين بالأبوين، و يقتسمونه بالمساواة أيضا، و إذا لم يوجد المتقربون بالأبوين فالباقي للمتقربين بالأب خاصة يرثونه على السواء. و المسألة مشكلة لخلوها عن النصوص فلا يترك الاحتياط بالمصالحة.

المسألة 200:

إذا ترك الميت من بعده عما واحدا أو أعماما، و خالا واحدا أو أخوالا، ورث الأخوال ثلث التركة و اقتسموا النصيب بينهم على النحو الذي تقدم تفصيله إذا كانوا متعددين، و إذا كان الوارث منهم خالا واحدا أو خالة واحدة انفرد بميراث الثلث كله. و ورث الأعمام ثلثي التركة، و اقتسموا النصيب بينهم بالتساوي إذا كان الجميع ذكورا أو إناثا، و بالتفاضل إذا كان مختلفين في ذلك، و الأحوط المصالحة

كلمة التقوى، ج 7، ص: 318

في صورة التفرق كما ذكرنا في المسألة المائة و الخامسة و التسعين. و إذا كان الموجود منهم عما واحدا أو عمة واحدة ورث جميع الثلثين.

المسألة 201:

إذا خلفت المرأة الميتة زوجا و عما أو عمة، كان للزوج نصيبه و هو نصف التركة و كان الباقي منها للعم أو العمة، سواء كانت قرابتهما لأبي الميتة من كلا الأبوين أم لأحدهما خاصة، و إذا تركت زوجا مع أعمام و عمات، أخذ الزوج نصف التركة، و اقتسم الأعمام أو العمات النصف الآخر بينهم بالسواء، و إذا كانوا ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، و رجعوا إلى المصالحة مع تفرقهم في جهة النسب و إذا خلف الرجل الميت زوجة مع عم له أو عمة، أو أعمام متعددين، ورثت الزوجة ربع التركة، و ورث العم أو العمة أو الأعمام بقية المال على نهج ما بيناه في الفرضين السابقين.

المسألة 202:

إذا تركت المرأة بعد موتها زوجا و خالا أو خالة على نهج ما ذكرناه في العم و العمة، أخذ الزوج النصف و الباقي من التركة يكون للخال أو الخالة، و إذا خلفت مع الزوج أخوالا أو خالات، ورث الزوج النصف و ورث الأخوال أو الخالات الباقي بالتساوي إذا كانوا متحدين في جهة النسب و متفقين في الذكورة و الأنوثة كما هو ظاهر الفرض، و إذا اختلفوا في الذكورة و الأنوثة روعي الاحتياط المتقدم في المسألة المائة و الثامنة و التسعين و ما بعدها، و كذلك إذا كانوا مختلفين في جهة النسب، فبعضهم للأبوين أو الأب و بعضهم للأم فيراعى الاحتياط المتقدم في المسألة المائة و التاسعة و التسعين.

و إذا ترك الميت زوجة مع خال أو خالة أو مع أخوال ورثت الزوجة ربعها، و ورث الخال أو الخالة الباقي إذا كان منفردا، و اقتسمه على نهج ما ذكرناه إذا كان متعددا من التساوي أو الاحتياط بالمصالحة في مواردها.

المسألة 203:

إذا كان للمرأة الميتة زوج و عم و خال، كان للزوج نصف التركة،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 319

و ورث الخال ثلث التركة و أخذ العم بقية المال، و كذلك الحكم إذا تركت مع الزوج عمة و خالة فيكون الميراث كذلك، و إذا تعدد العم و تعدد الخال، أخذ الزوج النصف و أخذ الأخوال الثلث و اقتسموه بالتساوي إذا كان جميعهم ذكورا أو إناثا، و إذا كانوا مختلفين ذكورا و إناثا روعي الاحتياط المتقدم، و ورث الأعمام بقية المال على نهج ما سبق بيانه من التساوي و التفاضل أو المصالحة إذا اختلفوا في جهة النسب.

المسألة 204:

تقدم منا أن الأعمام و الأخوال و أولادهم بحكم الصنف الواحد شرعا، و نتيجة لذلك، فيمنع الأقرب منهم الأبعد في الدرجة و في المرتبة، فلا يرث الميت عم أبيه و لا عمة أبيه و لا عم أمه، و لا عمة أمه و لا احد من أخوالهما و لا خالاتهما إذا وجد أحد من الدرجة الأولى، و هم عم الميت نفسه أو عمته أو خاله أو خالته أو أولادهم، و لا يرث عم جد الميت أو عمته من قبل أبيه أو من قبل أمه و لا أخوالهم و لا خالاتهم إذا وجد أحد من الدرجة الثانية و هم عم أبي الميت و عمته و خاله و خالته و من يتبعهم من أبنائهم، و هكذا.

المسألة 205:

و لا يرث ابن عم و لا ابنة عم و لا ابن عمة و لا ابنة عمة و لا ابن خال أو ابنة خال و لا ابن خالة أو ابنة خالة مع وجود عم أو عمة أو خال أو خالة، و يكون الميراث لمن في المرتبة الأولى و ان كان واحدا، و لا يرث أبناء أي درجة مع وجود أحد من أهل الدرجة نفسها.

المسألة 206:

إذا فقد الأعمام و الأخوال جميعا أو منعوا عن الميراث لبعض الموانع الشرعية من كفر أو ارتداد أو قتل أو رق قام أولاد الأعمام و الأخوال مقامهم في الميراث، و ورث الولد نصيب من يتقرب به الى الميت من الأب أو الأم. فإذا كان للميت ابن عم واحد و لم يكن معه وارث غيره، ورث ابن العم المال كله، كما هو الحكم في ميراث العم نفسه إذا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 320

كان موجودا، و كذلك الحكم في بنت العم و ابن العمة و ابنة العمة، إذا وجد واحد منهم و انفرد بالإرث كما هو حكم آبائهم.

و إذا كان للميت أبناء عم واحد أو بنات عم واحد، ورثوا المال كله و اقتسموه بالسواء بينهم إذا اتفقوا في الذكورة و الأنوثة، و اقتسموه بالتفاضل حين يختلفون فيهما.

و إذا كان للميت أولاد أعمام متعددين، فرض الأعمام الآباء موجودين حين موت الميت و قسمت تركته عليهم بالتساوي إذا كانوا متحدين في الذكورة و الأنوثة، و بالتفاضل إذا كانوا مختلفين فيهما، و رجعوا الى الصلح مع تعدد جهة النسب فما أصاب أي فرد منهم من التركة كان نصيبا لأولاده سواء كان هو ذكرا أم أنثى، و قسم النصيب على الأولاد على النهج الآنف ذكره من

التساوي أو التفاضل.

المسألة 207:

إذا كان للميت ابن خال واحد أو بنت خال أو ابن خالة أو بنت خالة كذلك، و انفرد بالميراث، ورث المال كله، كما هو الحكم في ميراث الخال و الخالة حين ينفردان، و إذا كان للميت أبناء خال واحد أو بنات خال واحد ورثوا المال كما يرثه أبوهم إذا انفرد، و اقتسموه بالمساواة، و إذا اختلفوا في الذكورة و الأنوثة رجعوا إلى المصالحة بينهم على الأحوط، و كذلك الحكم في أولاد الخالة الواحدة.

و إذا كان للميت أولاد أخوال متعددين، فرض الأخوال آباؤهم موجودين حين موت الميت، و قسمت التركة عليهم على نهج ما تقدم في ميراث الأخوال، فما استحقه الواحد منهم من التركة قسم على أولاده مع مراعاة الاحتياط الذي ذكرناه في ذلك المبحث.

المسألة 208:

إذا مات الميت و له ولد عم أو عمة، و ولد خال أو خالة، كان لولد عمه نصيب العم من التركة و هو الثلثان و كان لولد خاله نصيب الخال منها و هو الثلث، فإذا انفرد ابن العم أو ابنة العم، أو ابن العمة أو بنتها و لم يشاركه من بني العم وارث غيره آخذ جميع الثلثين، و إذا تعدد أولاد العم الواحد أو العمة الواحدة اقتسموا الثلثين على سبيل

كلمة التقوى، ج 7، ص: 321

ما فصلناه من التساوي إذا اتفقوا في الذكورة و الأنوثة، و التفاضل إذا اختلفوا فيهما، و الرجوع الى المصالحة إذا تعددت جهة النسب. و إذا انفرد ابن الخال أو بنت الخال أو ابن الخالة أو بنتها و لم يشاركه غيره من بني الخال في الميراث، ورث جميع الثلث، و إذا تعدد أولاد الخال الواحد أو الخالة الواحدة اقتسموا الثلث في ما بينهم مع الاحتياط الذي تقدم

ذكره.

المسألة 209:

إذا ترك الميت من بعده أولاد أعمام متعددين، و أولاد أخوال متعددين، كان الثلثان نصيبا للأعمام فيقسم عليهم على نهج ما تقدم و ما أصاب العم الواحد من الثلثين يكون ميراثا لأولاده، يقسم عليهم بالتساوي أو التفاضل، و ما أصاب العمة من ذلك يقسم على أولادها كذلك، و كان الثلث نصيبا للأخوال فيقسم عليهم حسب ما تقدم بيانه في ميراث الأخوال، و ما أصاب أي فرد منهم يكون ميراثا لأولاده يقسم عليهم حسب ما تقدم من مراعاة الاحتياط.

المسألة 210:

ذكرنا أن الأقرب من الأعمام و الأخوال و أبنائهم يمنع الأبعد و يحجبه عن الميراث حجب حرمان، و قد استثني من ذلك مورد واحد ثبت استثناؤه بالأدلة المعتبرة، و هو ما إذا ترك الميت ابن عم شقيق لأبيه، و ترك معه عما له من قبل الأب خاصة، فإن ابن العم الشقيق أحق بميراثه من العم غير الشقيق، فيختص بالتركة و يمنع العم من الإرث، و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون ابن العم الشقيق واحدا أو متعددا، و لا بين أن يكون العم الممنوع من الإرث واحدا أو متعددا كذلك و لا بين أن يكون معهما زوج أو زوجة أو لا يكون، فيكون ابن العم أحق بالميراث من العم في جميع ذلك.

نعم، يشكل الحكم إذا اجتمع معهما خال أو خالة أو أكثر، و لا تترك مراعاة الاحتياط في هذا الفرض و نحوه.

المسألة 211:

إذا مات الشخص و خلف من بعده عم أبيه و عمة أبيه و لم يترك

كلمة التقوى، ج 7، ص: 322

سواهما كان المال لهما و اقتسماه بينهما للذكر ضعف الأنثى فللعم الثلثان و للعمة الثلث، و إذا ترك خال أبيه و خالته و لا غيرهما، ورثا المال و الأحوط المصالحة بينهما في قسمته، و إذا ترك عم أمه و عمتها لا غيرهما، ورثا التركة و اقتسماها بالتساوي، و كذلك إذا خلف خال أمه و خالتها.

و إذا خلف الميت عم أبيه و عمته، و خال أبيه و خالته، و ترك معهم أيضا عم أمه و عمتها و خالها و خالتها ورث المتقربون بالأم ثلث التركة و اقتسموه بالسواء، و ورث المتقربون بالأب ثلثي التركة و لا يترك الاحتياط أن يكون الاقتسام بينهم بالمصالحة.

المسألة 212:

قد يتحقق للشخص سببان من الأسباب الموجبة للإرث، و من أمثلة ذلك أن يتزوج الرجل ابنة عمه أو ابنة خاله فيتحقق له بذلك سبب الزوجية و سبب القربى، و من الأمثلة أن يزوج الرجل بنت ابنه من ولد ولده الآخر، فإذا ولد منهما ولد، كان الرجل جدا لهذا الولد من قبل أبيه وجدا له من قبل أمه، و كان الولد ابن ابن الرجل و ابن بنته، و من أمثلة ذلك أن يزوج الرجل أخاه من أبيه بأخته لأمه، فإذا ولد منهما ولد كان الرجل عما للولد من قبل الأب، و خالا له من قبل الأم، و كان ولد الرجل ابن عم لذلك الولد و ابن خال، و من أمثلة ذلك أن تتزوج امرأة رجلا فتلد منه ولدا ثم يتزوجها أخوه من بعده فتلد له ولدا، فيكون ولدها من زوجها الثاني أخا لولدها الأول

من أمه و ابن عم له من قبل أبيه.

فإذا اتفق للوارث مثل ذلك ورث الميت بكلا السببين إذا لم يحجب أحدهما الآخر و لم يمنع من الإرث بمانع غيره. فإذا ماتت المرأة في المثال الأول و ليس لها وارث غير زوجها و هو ابن عمها، ورث النصف لأنه زوجها، و ورث الباقي لأنه ابن عمها، و إذا كان لها وارث آخر أقرب من ابن العم ورث منها نصيب الزوج و منع من الإرث الآخر.

و إذا مات الولد في المثال الثاني و لا وارث له أقرب من جده، ورث الجد منه نصيب جده لأبيه و نصيب جده لأمه، و إذا مات الجد و بقي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 323

الولد و لا وارث للجد أقرب منه ورث الولد منه نصيب ابن ابنه و نصيب ابن بنته.

و إذا مات أحد الولدين في المثال الأخير و لا وارث له أقرب من الولد الآخر، ورثه لأنه أخوه لأمه و لم يرث منه ميراث ابن عمه.

المسألة 213:

إذا اجتمع للميت وارثان أحدهما يستحق الإرث منه بسبب واحد و الثاني يستحق الإرث منه بسببين، ورث الأول نصيبه الواحد الذي استحقه من التركة، و ورث الثاني النصيبين اللذين استحقهما، و لم يحجب الثاني الأول، من حيث انه يرث بسببين، فإذا ماتت المرأة و تركت زوجها و هو ابن عمها و تركت معه ابن عم آخر أو أبناء عم آخرين، ورث الزوج النصف لأنه زوج، و قاسمه أبناء العم الآخرون بقية التركة فأخذ الزوج حصته منها، و أخذ الآخرون حصصهم، و كذا الحال في الأمثلة الأخرى.

المسألة 214:

إذا زوج الرجل أخاه من أبيه بأخته من قبل أمه، و ولد لأخيه منها ولد كان الرجل عما للولد من قبل أبيه، و خالا له من قبل أمه، كما ذكرنا في المسألة المائتين و الثانية عشرة، فإذا مات الولد و ليس له وارث أقرب من ذلك الرجل ورث من تركته نصيب العمومة من قبل الأب و نصيب الخؤولة من قبل الأم، فإذا كان للولد عم أو عمة للأبوين، لم يرث الرجل منه نصيب العمومة للأب، فإنه يكون محجوبا عنه بوجود العمومة للأبوين، و يرث منه نصيب الخؤولة للأم.

الفصل الثامن في ميراث الأزواج

المسألة 215:

يثبت التوارث بين الرجل و المرأة إذا حصل عقد النكاح بينهما و كان النكاح بينهما دائما، و ان لم يدخل الرجل بالمرأة، فإذا مات الرجل بعد العقد و قبل الدخول، أو ماتت المرأة كذلك ورث الحي منهما

كلمة التقوى، ج 7، ص: 324

الميت، و كذلك إذا عقد على الطفلة الصغيرة وليها الشرعي أو عقد على الطفل الصغير وليه مع اجتماع شروط الولاية في الوليين، ثم مات أحد الطفلين بعد العقد و قبل البلوغ أو بعد البلوغ و قبل الدخول ورث الموجود منهما من تركة الميت نصيب الزوجية.

المسألة 216:

لا يرث الرجل من تركة المرأة إذا ماتت قبله، و لا ترث المرأة من تركة الرجل إذا مات قبلها، و كان العقد بينهما منقطعا غير دائم، و ان كانت المدة في النكاح طويلة، إلا إذا شرط أحدهما لنفسه في عقد النكاح بينهما ان يرث صاحبه إذا مات قبله، أو شرط الرجل و المرأة التوارث بينهما من كلا الجانبين، فيثبت الميراث لمن اشترط له ذلك، و لا يثبت للآخر الذي لم يشترط له، و قد ذكرنا هذا في المسألة الثلاثمائة و الثالثة من كتاب النكاح.

المسألة 217:

المرأة المطلقة طلاقا رجعيا من زوجها بحكم الزوجة ما دامت في أيام عدتها منه، فإذا ماتت الزوجة أو مات الزوج في أثناء العدة ورث الحي منهما الميت و ان كان الموت قبل انتهاء العدة بلحظات، و إذا انقضت العدة ثم مات أحدهما لم يرثه الآخر و ان كان الموت بعد العدة بلحظات، و إذا كان الطلاق بائنا انقطعت العصمة بين الزوجين فلا يرث أحدهما صاحبه و ان كان موته في أثناء العدة أو بعد الطلاق بفترة وجيزة، و لا فرق في الحكم المذكور في المسألة بين أن يكون الزوج المطلق صحيحا أو مريضا إذا كان في غير مرضه الذي مات فيه.

المسألة 218:

إذا طلق الرجل امرأته و هو مريض و استمر به ذلك المرض الى أن مات فيه، ورثته الزوجة التي طلقها إذا كان موته قبل أن تنقضي سنة من يوم طلاقها، و لا فرق في الحكم بين أن يكون الطلاق رجعيا أو بائنا، و لا بين أن تكون المرأة ذات عدة من الزوج و أن تكون ممن لا عدة لها كالمطلقة الصغيرة و غير المدخول بها و اليائسة من المحيض.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 325

و يشترط في إرثها من الرجل أن يموت في مرضه الذي طلقها فيه، فلا ترثه إذا بري ء من مرضه و مات بعد البرء بسبب آخر، أو بمرض يشبه ذلك المرض، إلا إذا كان موته و هي في العدة الرجعية منه.

و يشترط في ثبوت الإرث لها أن لا تتزوج بعد الطلاق منه برجل آخر، فإذا تزوجت غيره لم ترث من المطلق إذا مات.

و يشترط فيه أن يكون موت المطلق قبل أن تنقضي السنة من حين الطلاق، فإذا مات بعد انقضاء السنة و

لو بيوم و نحوه لم ترث منه.

و يشترط أن لا يكون طلاق الرجل لها بطلب منها أن يكون خلعا أو مبارأة، فلا ارث لها منه بعد الطلاق إذا كان طلاقها كذلك، و قد ذكرنا هذا الحكم في المسألة المائة و الرابعة من كتاب الطلاق.

المسألة 219:

إذا طلق الرجل المرأة في مرض موته و لم يقصد الإضرار بها في طلاقه إياها أو حرمانها من الميراث، بل أراد مصلحة تعود إلى المرأة في اعتقاده، كما إذا كانت شابة و هو كبير السن، فطلقها للتزوج بغيره إذا شاءت، و كما إذا خشي عليها العدوي من مرضه فطلقها لذلك، ففي جريان الحكم الذي ذكرناه في المسألة السابقة إشكال، فلا يترك الاحتياط بالمصالحة بين الورثة و بينها إذا مات الرجل بعد الطلاق و قبل انتهاء السنة.

المسألة 220:

إذا ماتت المرأة و تركت من بعدها زوجا كان للزوج نصف تركتها إذا لم يكن للمرأة ولد ذكر أو أنثى، فإذا كان لها ولد كان للزوج ربع التركة، سواء كان الولد من الرجل نفسه أم من زوج آخر، و كذلك إذا كان لها ولد و ان تعددت الواسطة ما بينه و بين المرأة من الذكور أو الإناث.

و إذا مات الرجل و ترك من بعده زوجة كان للزوجة ربع تركته إذا لم يكن للرجل ولد ذكر أو أنثى، فإذا كان له ولد كان للزوجة ثمن التركة، سواء كان الولد من الزوجة نفسها أم من امرأة أخرى و ان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 326

كانت أمة، و كذلك إذا كان له ولد ولد من الذكور أو الإناث، و ان تعددت الواسطة ما بينه و بين الرجل.

المسألة 221:

إذا مات الرجل و ترك أكثر من زوجة واحدة اشتركن في نصيب الزوجية، فان لم يكن للرجل ولد أو ولد ولد اشتركت زوجاته في ربع التركة، و إذا كان له ولد اشتركن في الثمن، و اقتسمن النصيب بينهن بالتساوي.

المسألة 222:

تقدم في المسألة المائتين و الثامنة عشرة حكم المريض إذا طلق امرأته في مرض الموت، فإذا طلق أربع زوجات في مرض موته، ثم تزوج أربعا أخرى و دخل بهن، ثم مات قبل ان تنقضي السنة من طلاق زوجاته الأولى كان ربع التركة أو ثمنها نصيبا للزوجات الثمان فيقتسمنه بينهن على السواء.

المسألة 223:

إذا ماتت المرأة و لم يوجد لها وارث غير زوجها و غير امام المسلمين (ع) كان جميع ميراثها للزوج على الأقوى، فيرث نصف التركة بالفرض و يأخذ نصفها الآخر بالرد، و لا يرد على الزوج شي ء من التركة في غير هذا الفرض، و إذا مات الرجل و لم يكن له وارث غير زوجته و امام المسلمين، ورثت الزوجة منه ربع التركة و كان الباقي للإمام (ع) و لا يرد على الزوجة شي ء من التركة في هذا الفرض و لا في غيره.

المسألة 224:

يجتمع الزوج و الزوجة مع طبقات الوارث الأخرى في جميع درجاتهم و مراتبهم، و لا يحجبهما وجود أي وارث منهم عن الميراث حجب حرمان، و إذا اجتمعا مع ولد للميت منهما حجبهما حجب نقصان كما ذكرنا، و قد تقدمت في الفصول المتقدمة أمثلة كثيرة لاجتماع الزوج و الزوجة مع سائر الورثة و سنذكر اجتماعهما مع المعتق و ضامن الجريرة.

المسألة 225:

إذا عقد الرجل لنفسه عقد النكاح على امرأة في أثناء مرضه الذي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 327

كان سببا لموته في ما بعد، كانت صحة العقد مشروطة بدخوله بالمرأة التي عقد عليها كما ذكرناه في المسألة المائتين و الثالثة و السبعين من كتاب النكاح، فإذا دخل بالمرأة بعد العقد عليها كشف ذلك عن صحة العقد و ترتبت عليه أحكامه، و إذا هو لم يدخل بها حتى مات هو أو ماتت هي قبله، كشف ذلك عن بطلان العقد، فلا يثبت لها مهر و لا نفقة، و لا ترثه المرأة إذا مات قبلها، و لا يرثها هو إذا ماتت قبله، و هذا الحكم مختص بالفرض المذكور و لا يعم غيره، فإذا عقد على المرأة و هو صحيح ثم مرض مرضا كان سببا لموته صح عقده و ان لم يدخل بها، و ورثته المرأة إذا مات قبلها و ورثها إذا ماتت قبله، و كذلك الحكم إذا عقد على المرأة و هو مريض ثم بري ء من مرضه، ثم مات قبل الدخول بها بسبب آخر فترثه المرأة و يرثها إذا كانت هي الميتة.

المسألة 226:

إذا كانت للرجل أربع زوجات دائمات، فطلق واحدة منهن، و تزوج بعد طلاقها بامرأة أخرى، ثم مات الرجل، و لم يعلم بعد موته أي الزوجات الأربع الأول هي المطلقة، أخذت الزوجة الأخيرة نصيبها تاما، فان كان للرجل ولد أخذت ربع الثمن، و ان لم يكن له ولد أخذت ربع الربع، ثم قسم الباقي من الثمن أو الربع و هو ثلاثة أرباعه على الزوجات الأربع الأول جميعهن و اقتسمنه بالسواء.

و لا يتعدى هذا الحكم عن الفرض المذكور، فإذا كانت الزوجات الأول أقل من أربع، أو كانت المطلقة منهن

أكثر من واحدة أو اشتبهت المطلقة بين اثنتين منهن أو بين ثلاث، أو كان الفراق بفسخ أو حصل غير ذلك من الفروض لم يجر الحكم المذكور بل تستخرج المطلقة أو المفسوخة منهن بالقرعة، و يدفع الثمن أو الربع للباقي من الزوجات مع الزوجة الأخيرة و يقسم بينهن على السواء.

المسألة 227:

لا فرق بين الزوج و غيره من سائر الورثة، فهو يرث النصف أو الربع من جميع ما تتركه الزوجة إذا ماتت قبله من الأموال و الأعيان المنقولة و غير المنقولة و من الأراضي و البساتين و الدور و العمارات

كلمة التقوى، ج 7، ص: 328

و العقارات و الشجر و النخيل و المياه و العيون و المنافع و الديون و غيرها من المملوكات، حتى الصداق الذي تملكه في ذمته أو في ذمة غيره.

المسألة 228:

ترث الزوجة نصيبها و هو الربع أو الثمن مما ترك الزوج بعد موته من الأموال و الأعيان المنقولة كالنقود و الأمتعة و الأثاث و الفرش و الأدوات و الأجهزة و الحيوان و السفن و وسائل النقل و غيرها مما ينقل و يحول و يتخذ للاستعمال أو للاقتناء أو للتجارة و الاسترباح، و لا ترث من الأراضي التي يملكها خالية أو مشغولة بالبناء أو بالغرس أو الزرع، كأراضي العمارات و الدور و المساكن و المحلات، و أراضي الضياع و البساتين و المزارع و غيرها، فلا ترث من الأرض في جميع ذلك لا من عينها و لا من قيمتها، و ترث من قيمة الأبنية المقامة على الأرض من عمارات و دور و مساكن و محلات و حوانيت و من قيمة الأشجار و النخيل و الأشياء و الآلات الثابتة في أراضي الضياع و البساتين و المزارع و المنازل و أشباهها، و لا ترث من أعيان تلك الأشياء الثابتة في الأرض، و لا فرق في الأحكام المذكورة بين الزوجة ذات الولد من الزوج و غيرها.

و على وجه الإجمال، فهي لا ترث من الأرض شيئا، لا من عينها و لا من قيمتها سواء كانت فارغة أم مشغولة ببناء

أم بزرع أم بغرس، أم بغيرها من الأمور التي تشغل بها الأرض، و لا ترث من أعيان الأشياء و الأبنية و الأبواب و الأخشاب و الأشجار و النخيل و الآلات الثابتة في الأرض و ترث من قيمتها خاصة، و ترث من غير ذلك من الأشياء و المملوكات المنقولة في شتى أنواعها و أجناسها.

المسألة 229:

يعتبر في تقويم الأبنية و الأشجار و النخيل و الأشياء الثابتة في الأرض أن يفرض جميع ذلك ثابتا في مواضعه من الأرض و قائما عليها من غير استحقاق أجرة على ثباته في الأرض، ثم يقومه الموثوقون من أهل الخبرة كذلك، فيكون للزوجة ربع هذه القيمة إذا لم يكن للميت ولد، و يكون لها ثمنها إذا كان له ولد.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 329

المسألة 230:

يجوز للمرأة ان تطالب الوارث بدفع حصتها من القيمة، و يجوز له أن يتفق معها فيؤخر دفع نصيبها من القيمة، و يدفع لها حصتها من أجرة البناء و من أجرة الشجر و النخيل و الأشياء الثابتة مدة معينة فتكون له منافعها في تلك المدة، و إذا لم يدفع لها القيمة و لم يدفع لها منافع حصتها مدة، جاز لها ان تطالبه بالأجرة في تلك المدة.

المسألة 231:

إذا مات الرجل و كانت النخيل و الأشجار مثمرة في ذلك الحين استحقت الزوجة حصتها من عين الثمرة الموجودة، فيجب على الوارث دفع حصتها من العين إليها إذا لم ترض بالقيمة، و إذا أخر الوارث دفع حصتها من قيمة النخيل و الشجر سنة أو أكثر و تجددت لها ثمار في تلك الفترة استحقت المرأة حصتها من عين الثمار المتجددة، و جاز لها أن تطالب الوارث بها، و كذلك الحكم في جميع المنافع و النماءات التي تتجدد للعين في تلك المدة الى ان يدفع الوارث لها حصتها من قيمة الأصول.

المسألة 232:

الظاهر أنه يجوز للوارث ان يدفع للمرأة حصتها من نفس العين من الشجر و البناء إذا هو اختار ذلك و لا يحق للمرأة ان تجبره على دفع القيمة، و إذا بذل لها الحصة من نفس العين، ثم أراد أن يعدل الى بذل القيمة، أشكل الحكم بوجوب قبول القيمة بعد ذلك.

المسألة 233:

إذا قلع من الضيعة أو البستان بعض النخيل أو الأشجار بعد ان كان ثابتا جاز للمرأة أن تطالب الوارث بحصتها من نفس النخيل و الشجر المقلوع و لم تجبر على قبول القيمة و يجري عليها حكم الأعيان المنقولة، و كذلك إذا انهدم البناء الثابت، فلها المطالبة بالحصة من الأنقاض و الأخشاب و الأجزاء المنهدمة، و لم تجبر على قبول القيمة.

المسألة 234:

إذا كان البناء مشرفا على الانهدام و لم ينهدم بعد، أو كان الشجر أو النخيل متهيئا للانكسار أو الانقلاع و لم ينكسر و لم ينقلع بالفعل، جاز

كلمة التقوى، ج 7، ص: 330

للوارث أن يدفع قيمته كما في البناء و الشجر الثابت، و لا يجبر على دفع العين الى أن ينهدم البناء أو ينكسر الشجر بالفعل، و كذلك فسيل النخيل و ودي الشجر المستعد للقلع، فيجري عليه حكم الثابت و يدفع الوارث للمرأة حصتها من قيمته و لا يجبر على دفع العين ما لم يقلع بالفعل.

و كذلك الدولاب الذي ينصب في البستان للسقي، و العرائش أو الأخشاب و الجذوع التي تنبت في الأرض لتلقى عليها أغصان الكرم و الأشجار المتسلقة، و البيوت التي تتخذ في البساتين و الضياع من القصب أو السعف و نحوها، فإنما تستحق الزوجة حصتها من القيمة لا من العين ما لم تقلع و تكون من الأعيان المنقولة.

المسألة 235:

ترث الزوجة حصتها من قيمة الآلات و وسائل السقي و الري في العيون و الأنهار و الآبار و القنوات التي تكون في الضياع و البساتين و في بعض الدور و المساكن و غيرها، و تملك الحصة من الماء الموجود فيها حال موت الزوج و الذي تعلق به ملكه، فترث الربع أو الثمن من الماء نفسه و لا يجبرها الوارث على أخذ قيمته.

المسألة 236:

ما يحفر في أرض بعض الدور و الضياع من السراديب، و الإنفاق لبعض المنافع و الأغراض، ترث الزوجة ربعها أو ثمنها من قيمته كالأبنية التي تكون على وجه الأرض، و مثله ما إذا كان الرجل قد حفر في المنزل أو في البستان بئرا و لم يصل بعد الى الماء، فتستحق حصتها من قيمته كالأبنية، إلا إذا أهمل بعد حفره لعدم الفائدة فيه و أصبح مما لا قيمة له.

الفصل التاسع في الميراث بالولاء

المسألة 237:

يثبت الميراث بالولاء في ثلاثة أقسام منه مترتبة ما بينها، و هي ولاء العتق، ثم ولاء ضمان الجريرة، ثم ولاء الإمامة، فلا يرث المتأخر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 331

منها إذا وجد من هو أسبق منه في المرتبة، على الوجوه و الشروط التي سيأتي بيانها.

القسم الأول: ولاء العتق
المسألة 238:

إذا أعتق السيد مملوكه أو مملوكته ثبت للسيد الولاء عليه بسبب عتقه و كان له ميراثه بعد موته مع وجود ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يكون السيد متبرعا بعتق المملوك لوجه اللّه تعالى، فلا يثبت له الولاء على العتيق و لا يستحق ميراثه إذا كان عتق المملوك واجبا عليه لكفارة، أو لنذر أو عهد أو يمين، و متى أعتقه لبعض هذه الأسباب و لم يكن للعتيق وارث من أرحامه كان سائبة، فان تولى أحدا من الناس و ضمن الولي جريرته كما سيأتي كان هذا الضامن عاقلته في حياته و وارثه بعد موته، و ان لم يتول أحدا و لم يضمن جريرته ضامن، فعاقلته في حياته و وارثه بعد موته هو امام المسلمين (ع).

و كذلك إذا نكل المالك بالعبد أو مثل به فقطع بعض أعضائه أو عطل بعض جوارحه أو أوقع به بعض أنواع التنكيل الأخرى، فإن العبد ينعتق بسبب ذلك قهرا عليه و يكون سائبة و لا سبيل للمالك عليه و لا حق له في ميراثه.

المسألة 239:

إذا ملك الإنسان أحد آبائه أو أمهاته من الرضاع أو ملك أحد أولاده من الرضاع، أو ملك الرجل احدى محارمه النساء من الرضاع كذلك انعتق ذلك المملوك قهرا عليه و لم يستقر ملكه له و قد ذكرنا هذا في المسألة الأربعمائة و الخمسين من كتاب التجارة، فإذا مات ذلك العتيق و ليس له وارث قريب من أرحامه كان سائبة، و لم يثبت للرجل الذي انعتق عليه حق الولاء، لأنه غير متبرع بعتقه، و لا يقع مثل هذا الفرض في من ينعتق عليه من حيث النسب لوجود الوارث من النسب، و هو المعتق نفسه إذا لم يكن وارث أقرب منه.

المسألة 240:

قد يوجب الرجل على نفسه عتق رقبة بنذر أو عهد أو يمين، و لا

كلمة التقوى، ج 7، ص: 332

يقصد عبدا معينا، ثم يختار عبدا خاصا فيعتقه وفاء لما أوجب على نفسه، و قد ينذر أو يعاهد اللّه أو يقسم به على أن يعتق العبد المعين، ثم يعتق العبد الذي عينه في صيغة نذره أو عهده أو يمينه، و هو في كلتا الحالين وفاء لما أوجب اللّه عليه من العتق، و لا يكون متبرعا به، و يكون العبد بعد عتقه سائبة كما سبق، و لا يكون للرجل ولاء في عتقه و لا حق له في ميراثه.

المسألة 241:

إذا وجب العتق على زيد مثلا لكفارة أو نذر أو غيرهما فتبرع عمرو بالعتق عنه، كان العبد العتيق سائبة كما في الموارد المتقدمة، و لم يكن لمعتقه عليه ولاء و لا حق في الميراث، سواء كان قريبا لمن تبرع عنه أم بعيدا عنه.

المسألة 242:

الشرط الثاني: من شروط ولاء العتق، ان لا يتبرأ المعتق من ضمان جريرة العتيق إذا هو جنى جناية على أحد من الناس، فإذا أعتق العبد و تبرأ من جريرته كذلك سقط عنه ضمان الجريرة و لم يثبت له ولاء العتق و لم يكن له حق في ميراثه، و لا يشترط في التبرؤ من الجريرة أن يشهد على ذلك فإذا تبرأ منها سقط عنه ضمانها و ان لم يشهد عليه.

المسألة 243:

الشرط الثالث: ان لا يوجد للعتيق ذو رحم يدخل في طبقات النسب من الوارثين، فإذا وجد له ذلك، كان هو الوارث و ان كان رحما بعيدا و لم يرث المعتق منه شيئا.

المسألة 244:

لا يمنع المعتق عن الإرث أن تكون للرجل العتيق زوجة أو يكون للعتيقة زوج، فإذا وجد أحدهما كان للزوج النصف و للزوجة الربع و كان الباقي للمعتق، فان المفروض أن لا يكون للعتيق وارث آخر ولد أو غيره.

المسألة 245:

إذا كان العبد مشتركا بين جماعة في ملكه، فاشتركوا كذلك في

كلمة التقوى، ج 7، ص: 333

عتقه، كان ولاؤه مشتركا بينهم بمقدار حصصهم، فإذا مات العتيق كان ميراثهم من تركته بتلك النسبة، فمن أعتق نصفه كان له نصف الولاء و أخذ نصف التركة، و من أعتق ربعه كان له ربع الولاء و ورث ربع التركة و هكذا، من غير فرق بين ان يكون الجميع ذكورا أو إناثا، أو مختلفين ذكورا و إناثا.

المسألة 246:

إذا أعتق المالك عبده على الوجه الآنف ذكره اختص بولاء عتيقه في حياته، و انفرد بميراثه إذا مات و المنعم لا يزال حيا، و إذا مات المنعم و العتيق لا يزال موجودا، فان كان المنعم رجلا انتقل الولاء بعد موته إلى أبيه و أولاده الذكور خاصة، و لا ينتقل الى ورثته من النساء كالأم و البنات و الزوجة، فإذا لم يكن له أب و لا ولد أو كان أولاده إناثا انتقل الولاء الى عصبته من الرجال، و إذا كان له أولاد ذكور قاموا مقام آبائهم فورثوا الولاء و انتقل الى كل منهم نصيب من يتقرب به و لم ينتقل الولاء معهم إلى العصبة من الاخوة و غيرهم.

المسألة 247:

إذا مات المنعم الرجل و لم يكن له أب و لا ولد و لا أولاد أولاد ذكور و ان تعددت واسطتهم انتقل الولاء إلى إخوته من قبل أبيه و أجداده من قبل أبيه كذلك و لا ينتقل إلى أخواته أو جداته و لا إلى أجداده أو اخوانه من قبل أمه، فإذا فقد أولئك انتقل الولاء إلى الأعمام من قبل الأب و لم ينتقل الى العمات و لا الأخوال و لا الخالات.

المسألة 248:

إذا كانت المنعمة امرأة و ماتت و عتيقها لا يزال موجودا، انتقل الولاء بعد موتها إلى العصبة بني أبيها، و لم ينتقل إلى أولادها الذكور أو الإناث أو أولادهم، و يشكل الحكم في الأب إذا كان موجودا، هل يعد من العصبة أم لا.

المسألة 249:

إذا مات المنعم و ليس له وارث من ذوي قرابته، فان كان له منعم قد أعتق رقبته على الوجه المتقدم ذكره كان وارثا له، و كذلك إذا كان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 334

له ضامن جريرة، فان لم يكن له وارث، فميراثه لإمام المسلمين، و لا يستحق عتيقه من ميراثه شيئا.

المسألة 250:

لا يصح للمنعم أن يبيع الولاء على شخص آخر أو يهبه إياه، و لا يصح لمن باعه العبد ان يشترط عليه في البيع ان يكون الولاء له إذا أعتقه.

المسألة 251:

إذا مات الرجل المنعم قبل ان يموت العتيق، و كان للمنعم ولدان انتقل ميراث الولاء إليهما بالمناصفة، فإذا مات أحد الولدين و له أولاد ثم مات العتيق بعد ذلك كان نصف تركته للولد الباقي للمنعم، و النصف الثاني لأولاد ولده الميت.

القسم الثاني: ولاء ضامن الجريرة
المسألة 252:

السائبة هو الشخص الذي لا قرابة له و لا أولياء يكونون له عاقلة، و يتحملون عنه الدية إذا جنى على أحد جناية أو حدث حدثا يستوجب الأرش، سواء كان في أصله عبدا مملوكا أعتقه سيده في أمر واجب عليه أم انعتق قهرا على سيده لتنكيله به كما ذكرنا، أم لبراءة معتقه من جريرته، أم كان في أصله حرا و لا وارث له و لا عاقلة.

و الجريرة هي الجناية و الذنب، و قد سميت بذلك لما تجره على فاعلها من العقوبة في الدنيا أو في الآخرة أو في كلتيهما، و يراد بها هاهنا: ما يجنيه الإنسان على غيره من أمر يستوجب دية أو أرشا، و ضمان الجريرة هو الشخص الذي يتعاقد معه السائبة على ان يكون عاقلة له و وليا، يضمن عنه ما يجنيه من جناية توجب الدية عليه.

المسألة 253:

التولي في ضمان الجريرة عقد يكون بين الضامن و المضمون، و لذلك فلا بد فيه من الإيجاب و القبول، و لا بد في كل من الموجب و القابل و أن يكونا جامعين للشروط المعتبرة في العقود، من البلوغ و العقل و الاختيار

كلمة التقوى، ج 7، ص: 335

و القصد، فلا يصح العقد و لا تترتب عليه آثاره إذا فقد بعض الشروط المذكورة في الموجب أو في القابل.

و لا يشترط في صحة العقد أن يكون إنشاؤه بصيغة مخصوصة، فيكفي في صحته أن ينشأ الإيجاب و القبول منهما بأي لفظ يكون دالا على المعنى المقصود عرفا، و يصح أن يكون الإيجاب من الشخص المضمون و هو السائبة، فيقول للشخص الآخر الذي يريده أن يتولاه و يضمن عنه جريرته: عاقدتك أو واليتك على أن تعقل عني إذا أنا جنيت جناية

في حياتي و ترثني بعد موتي، فيقول الضامن: قبلت معاقدتك على ذلك، أو قبلت ولاءك، أو رضيت بذلك، و يصح أن يكون الإيجاب من ضامن الجريرة، فيقول للسائبة المضمون: عاقدتك على أن أعقل عنك و أدفع الدية عنك ان أنت جنيت في حياتك أو أحدثت ما يوجب ذلك، و أرثك بعد موتك، فيقول المضمون: قبلت المعاقدة على ذلك، أو رضيت بها، أو قبلت ولاءك، و العقل هنا بمعنى الدية، فمعنى قوله أعقل عنك: أدفع الدية عنك.

فإذا تم الإيجاب و القبول بينهما كذلك، صح العقد و ترتبت عليه آثاره، فيكون الضامن عاقلة للمضمون في حياته و يكون ميراثه له بعد موته.

المسألة 254:

الظاهر أنه يكفي في ضمان الجريرة أن ينشئ الموجب المعاقدة بينه و بين صاحبه على أن يعقل الضامن عن المضمون منهما و يدفع عنه الدية إذا حدثت منه جناية من غير أن يذكر الإرث بعد الموت، فيقول الضامن مثل: عاقدتك على أن أكون عاقلة لك أؤدي عنك الدية إذا أنت جنيت في حياتك، و يقول السائبة المضمون: قبلت المعاقدة منك على ذلك، أو يقول المضمون للضامن: عاقدتك على أن تعقل عني إذا أنا جنيت على أحد، و يقول الضامن: قبلت المعاقدة منك على ذلك، أو يقول المضمون للضامن: عاقدتك على أن تعقل عني إذا أنا جنيت على أحد، و يقول الضامن: قبلت المعاقدة، فيصح العقد المذكور و يترتب عليه أن الضامن يرثه بعد الموت، و إذا تعاقد الشخصان بينهما على الإرث وحده، فقال

كلمة التقوى، ج 7، ص: 336

المضمون مثلا للضامن: عاقدتك على أن ترثني بعد موتي و لم يذكرا ضمان الدية، أشكل الحكم بالصحة، و خصوصا إذا أريد منه ترتب ثبوت الإرث و ضمان

الدية كليهما، بل عدم الصحة لا يخلو من قوة.

المسألة 255:

لا يقع عقد التولي في ضمان الجريرة إلا مع سائبة لا عاقلة له و لا وارث كما ذكرنا، فإذا كان للشخص أحد يعقل عنه من أقاربه أو ولي عتقه، لم يصح عقد الولاء معه، و لم يترتب على العقد معه أثر شرعي، فعاقلته و وارثه هو قريبه أو ولي عتقه، و إذا فقد القريب و ولي العتق بعد ذلك و أصبح الرجل سائبة احتاج في الولاء الى تجديد العقد مع الضامن إذا شاء و لم يكف العقد الأول، و نتيجة لذلك، فلا ميراث لضامن الجريرة إلا إذا فقد كل وارث للمضمون من أرحامه و أولياء عتقه.

المسألة 256:

إذا كان كل واحد من الضامن و المضمون سائبة لا عاقلة له و لا وارث من أقاربه و أولياء عتقه، أمكن أن يتولى كل واحد منهما صاحبه و يكون عاقلة له و وارثا، فيقول أحدهما للآخر: عاقدتك على أن تعقل عني في حياتي إذا أنا جنيت على أحد من الناس و أعقل عنك إذا أنت جنيت و على ان ترثني إذا أنا مت قبلك و أرثك إذا مت قبلي، و يقول الآخر قبلت المعاقدة على ذلك، فإذا تم العقد بينهما كذلك صح، و لزم ترتيب الأثر من العقل و الإرث.

المسألة 257:

الظاهر انه يصح ان يشترك اثنان أو أكثر في ضمان جريرة شخص واحد بعقد واحد، فيصبحون شركاء في العقل عنه إذا جنى، و شركاء في ميراث تركته إذا مات، و يصح ان يضمن رجل واحد جريرة شخصين أو أشخاص متعددين فيجب عليه أن يؤدي عن كل واحد منهم ديته إذا جنى، و يكون له ميراثه إذا مات.

المسألة 258:

إذا انفرد ضامن الجريرة ورث تركة الميت كلها، و إذا اجتمع معه زوج ورث الزوج النصف و كان للضامن النصف الآخر، و إذا اجتمعت

كلمة التقوى، ج 7، ص: 337

معه زوجة أو زوجات كان لها الربع و ورث الضامن الباقي.

المسألة 259:

إذا مات ضامن الجريرة قبل الشخص المضمون سقط الولاء بموته و لم ينتقل الولاء إلى الورثة من بعده، فلا يعقلون عن المضمون إذا جنى و لا يرثونه إذا مات.

و إذا كان ضمان الجريرة مشتركا كما ذكرناه في المسألة المائتين و السابعة و الخمسين فمات أحد الشركاء سقط ولاؤه خاصة و بقي ولاء الشركاء الآخرين بمقدار حصصهم من الولاء، فيضمنون عن الرجل من الدية بمقدار تلك الحصص و يرثون من التركة بمقدارها كذلك، فإذا كانوا ثلاثة و مات أحدهم كان لكل واحد من الشريكين الباقيين ثلث الولاء فيضمن ثلث الدية و يرث ثلث المال.

القسم الثالث: ولاء الإمامة
المسألة 260:

إذا مات الميت و لم يكن له وارث من ذوي قرابته و لا معتق و لا ضامن جريرة فميراثه لإمام المسلمين عليه و على آبائه أفضل الصلاة و السلام، و قد ذكرنا هذا في المسألة المائة و السابعة و الستين من كتاب الخمس، و في عدة مواضع من هذا الكتاب.

المسألة 261:

إذا ماتت امرأة و تركت من بعدها زوجا، و لا وارث لها معه غير امام المسلمين (ع)، ورث الزوج نصف التركة بالفرض، و أخذ النصف الثاني من التركة بالرد على القول الأصح، و لم يكن لإمام المسلمين شي ء من التركة، سواء كان الزوج قد دخل بالمرأة أم لا، بل و ان كانت صغيرة دون البلوغ.

و إذا مات رجل و ترك له زوجة صغيرة أو كبيرة و لا وارث له غيرها امام المسلمين (ع) ورثت الزوجة ربع التركة، و ورث الإمام ثلاثة أرباعها و قد ذكرنا هذا في عدة مسائل، و كذلك إذا ترك الميت زوجتين

كلمة التقوى، ج 7، ص: 338

أو أكثر مع امام المسلمين، و لا فرق في الحكم بين أن تكون الزوجة أو الزوجات مدخولا بهن أولا.

المسألة 262:

الأحوط لزوما في أيام غيبة الإمام (ع) أن يصرف ميراث من لا وارث له على الفقراء من المؤمنين بل في فقراء بلد الميت خاصة، و أن يكون ذلك بمراجعة الفقيه الجامع للشرائط.

الفصل العاشر في اللواحق و هو يحتوي على عدة مباحث:

المبحث الأول في ميراث الحمل
المسألة 263:

الحمل في بطن أمه يرث غيره إذا مات، و كان الحمل من طبقات الوارثين له، و يرثه غيره، بشرط أن ينفصل الحمل من بطن أمه حيا حين ولادته، فإذا انفصل منها بالولادة و عرفت حياته بعد الانفصال ببكاء أو بصوت أو بحركة تدل على وجود الحياة فيه استحق نصيبه من تركة مورثه الميت، و إذا عرفت حياته كذلك ثم مات بعدها ورثه أقرب الموجودين إليه.

المسألة 264:

لا يشترط في ميراث الحمل و توريثه أن تكون قد ولجته الروح حال موت مورثه أو يكون قد مضت على الحمل به فترة طويلة، بل يكفي في ذلك أن يكون قد انعقدت نطفته حملا في بطن أمه حين موت المورث، و لا يشترط ان يستتم حين ولادته مدة الحمل، بل يكفي كما ذكرناه أن ينفصل انفصالا تاما من بطن أمه ثم يتحرك بعد الانفصال حركة تدل على وجود الحياة فيه و ان لم تتم له مدة الحمل أو لم يستكمل بعض الأطوار التي يمر بها الجنين بعد ولوج الروح فيه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 339

المسألة 265:

لا يكفي في ثبوت الميراث أن يخرج بعضه أو أكثره من بطن أمه في حال الولادة و يستهل صائحا إذا كان ذلك قبل الانفصال أو انفصل ميتا أو تحرك بعد انفصاله حركة لا تدل على الحياة فلا يرث و لا يورث في هذه الحالات.

المسألة 266:

تقبل شهادة النساء و ان كن منفردات إذا شهدن بتحقق الشروط المذكورة و تمت فيهن شروط البينة.

المسألة 267:

لا يختص الحكم في ميراث الحمل بأن يكون الجنين ولدا للميت أو ولد ولده كما قد يتوهم، بل يعم غيره من طبقات الوارثين، فقد يكون الحمل أخا وارثا للميت أو ابن أخ، أو عما أو ابن عم، أو خالا أو ابن خال، أو غير ذلك، فإذا وجدت الشروط ثبت التوارث، و هو واضح، و نحن نذكره للتنبيه خشية الالتباس.

المسألة 268:

إذا مات الرجل و ترك من بعده اخوة أو أجدادا أو بني اخوة و ترك زوجته حاملا، لم يرث اخوته أو أجداده أو بنو اخوته من تركته شيئا حتى تستبين حال الحمل، فإذا انفصل الجنين حيا كما اشترطنا في ما تقدم ورث المال كله، و حجب الأجداد و الاخوة و أبناءهم عن الميراث، فإنهم لا يرثون مع الولد، و إذا انفصل ميتا كان الميراث لهم على المناهج التي تقدم بيانها في ميراث أهل الطبقة الثانية، و كذلك الحكم إذا مات الرجل و ترك أعماما أو أخوالا أو أولادهم من أهل الطبقة الثالثة و ترك زوجته حاملا، فيمنعون عن الميراث حتى تتبين حال الحمل فيختص بالإرث إذا ولد حيا، و يكون الميراث لهم إذا انفصل ميتا، و كذلك إذا مات الميت و ترك من بعده أولاد ولد، و ترك زوجته حاملا، فلا يرث الأحفاد شيئا حتى يستبين أمر الجنين في ولادته فيكون المال له دونهم في الفرض الأول، و تكون التركة لهم دونه في الفرض الثاني.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 340

المسألة 269:

إذا مات الميت و ترك من بعده أبا و أما، أو أحدهما، و ترك زوجته حاملا، و لا وارث غيرهم، أخذ الأب سدسا من التركة، و أخذت الأم سدسا، و أخذت الزوجة ثمنا، و انتظر في الباقي حتى يستبين أمر الجنين، فان ولدته أمه حيا، كان الباقي من التركة ميراثا له خاصة، و ان وضعته ميتا، أخذت الزوجة ثمن التركة حتى يكمل لها الربع و أخذت الأم سدسا آخر إذا لم يكن لها حاجب من الاخوة فيتم لها الثلث و كان الباقي للأب في كلا الفرضين.

المسألة 270:

إذا مات الرجل و ترك بعده ولدا أو أولادا و ترك زوجته حاملا، أخذت الزوجة فرضها و هو الثمن، فان فرضها لا يتغير بسبب الحمل لوجود ولد غيره، و كذلك إذا كان للميت معهم أب أو أم أو كلاهما فان فرض كل منهما و هو السدس لا يتغير بسبب الحمل لوجود ولد غيره، و كان الباقي من التركة للأولاد الموجودين مع الحمل.

فإن رضي الأولاد الموجودون بتأخير القسمة حتى تضع المرأة حملها و يستبين أمره، انتظر كذلك و قسم باقي التركة حسب ما يتبين من الحال، و إذا لم يقبل الموجودون بتأخير حصصهم، عزل للحمل نصيب ولدين ذكرين و وزع الباقي منه على الموجودين منهم.

فإذا وضعت المرأة حملها و كان حيا دفع اليه نصيبه حسب ما ظهر من أمره، فإذا وضعت ذكرين ورثا ما عزل لهما، و إذا وضعت ذكرا و أنثى، أو وضعت أنثيين، أو ذكرا واحدا، أو أنثى واحدة، أخذ المولود نصيبه كما أخذ اخوته و قسم الزائد على جميع الأولاد كما فرض اللّه لهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، و إذا وضعته ميتا لم يرث شيئا و قسم

ما عزل له على اخوته كما فرض لهم.

و كذلك الحال إذا كان الورثة من المراتب الأخرى في الميراث أو من أهل الطبقات الأخرى و كان الحمل منهم، فيعزل له نصيب ذكرين و يتم الأمر على المنهج المذكور.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 341

المسألة 271:

عزل نصيب ذكرين للحمل في الفروض المتقدم ذكرها و شبهها انما هو احتياط لحفظ ما يحتمل أن يكون نصيبا للجنين بعد أن تضعه أمه حيا، و لا يختص به الحمل قبل أن ينفصل، و نتيجة لذلك، فلا يختص بالحمل نماء ذلك المال إذا نما في مدة عزله، و لا يكون تلفه منه خاصة إذا تلف في تلك المدة، فإذا ولد الحمل حيا قسم المال كله حسب ما تبين من الحال، فيدفع لكل من الجنين المولود و من بقية الورثة حصصهم من مجموع المال و من نمائه، و إذا تلف من المال شي ء في تلك المدة كان تلفه من الجميع.

المسألة 272:

لا فرق في الحكم بين ان يسقط الجنين من بطن أمه بنفسه أو بجناية جان آخر، فإذا كان حيا بعد ان انفصل من بطن أمه كما تقدم ورث، و ان سقط ميتا لم يرث و ان كان حيا قبل ان ينفصل.

المسألة 273:

تقدم في المسألة الحادية و السبعين انه يشترط في حجب الاخوة للأم عما زاد على السدس أن يكونوا مولودين بالفعل حين الإرث، فلا يحجبونها إذا كانوا حملا لم يولدوا، أو كان بعضهم حملا في بطن أمه لم يولد و ان ولدوا بعد ذلك و كانوا أحياء.

المسألة 274:

إذا مات الرجل و ترك ولدا ذكرا، و خلف زوجته حاملا، ورثت الزوجة ثمن التركة، و أخذ الولد الموجود ثلث الباقي من التركة، و عزل الثلثان منه للحمل الى أن يتضح امره حين ولادته، و إذا مات الميت و ترك بنتا واحدة و زوجة حاملا، أخذت الزوجة الثمن، و أخذت البنت الموجودة خمس باقي التركة، و عزلت أربعة أخماسه للحمل الى أن تتبين حاله في الولادة، و إذا مات الميت و ترك بعده ولدا و بنتا، أخذت الزوجة ثمنها، و قسم الباقي أسباعا فكان للولد الموجود سبعان منه و للبنت سبع واحد، و عزل للحمل أربعة أسباعه، و هي نصيب ذكرين حتى يظهر أمر الحمل، و هكذا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 342

و يجري مثل ذلك إذا ترك الميت بعده اخوة أو أخوات متفقين في جهة النسب و كان بعضهم حملا في بطن أمه، أو ترك أعماما أو عمات متفقين في جهة النسب و كان بعضهم حملا كذلك، فيعزل للحمل نصيب ذكرين الى ان تستبين الحال بالولادة.

المسألة 275:

إذا وضعت الأم حملها حتى انفصل من بطنها و تحرك الجنين بعد انفصاله عنها حركة تدل على وجود الحياة فيه، فحرك يده مثلا أو رجله أو شخص ببصره، أو صدر منه ما يشبه ذلك، ورث نصيبه من تركة الميت كما بيناه، و ان لم يظهر منه صياح أو بكاء، فإذا مات بعد ذلك، انتقل المال الذي ورثه إلى وارثه من بعده، و ان كان غير مستقر الحياة في هذه المدة.

المسألة 276:

يجب على الجاني دفع دية الجنين إذا أسقطه أو قتله عامدا أو مخطئا، و يرثها كل وارث يرث دية القتيل، و قد ذكرنا من يرث الدية و من يمنع منها في المسألة الرابعة و الأربعين و ما بعدها، و ذكرنا تفصيل دية الجنين في المسألة السابعة و الأربعين فليلاحظ ذلك.

المبحث الثاني في ميراث المفقود
المسألة 277:

لا يثبت الميراث و لا تجري أحكامه و آثاره حتى يعلم بموت المورث، أو يثبت ذلك ببينة شرعية أو بوجه شرعي آخر، فإذا غاب الشخص غيبة طويلة و انقطع خبره و لم يعلم أ هو حي أم ميت، لم تنتقل أمواله إلى ورثته بمجرد ذلك، و لم يجز لهم التصرف في حصصهم منها، و ان طالت المدة حتى يثبت موته بأحد المثبتات أو تمر مدة لا يعيش المفقود الى مثلها، و مثال ذلك أن يغيب الرجل و هو ابن ثمانين سنة، و تستمر غيبته عشرين عاما، فيكون قد بلغ منذ ولادته مائة عام، و مثله لا يعيش أكثر منها بحسب العادة، فيقطع بسبب ذلك أو يطمأن اطمئنانا كاملا بموته.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 343

و الحكم المذكور هو ما تقتضيه القواعد الثابتة في الشريعة، و تدل عليه النصوص الآمرة بحفظ مال المفقود الذي لا يدري من عليه الحق أين يطلبه، و لا يدري أ حي هو أم ميت، و لا يعرف له وارثا و لا نسبا و لا ولدا، و الدالة على وجوب طلبه مهما طالت المدة، و النصوص الأخرى الدالة على ذلك، و على لزوم الوصية به إذا خاف من بيده المال من حدوث حدث عليه، و النصوص الواردة في رجل يموت و يبقى له مال عند أحد، و لم تعرف له ورثة و لا

قرابة حيث دلت على أن المال يحفظ و يترك على حاله حتى يجي ء له طالب، و حتى الروايات الدالة على أن مال الرجل المفقود إذا كان له ورثة ملاء بماله اقتسموه بينهم، فإذا هو جاء ردوا المال عليه، فان ظاهر هذه الروايات ان ذلك نوع من الايتمان على المال لصاحبه و الحفظ له حتى يعلم حاله و ليس من قسمة المواريث المألوفة.

المسألة 278:

إذا فقد الشخص لبعض الطواري التي أوجبت فقده، كغيبة في سفر طويل، أو حدوث حادثة غرق أو غزوة، أو قتال أو ما يشبه ذلك، حتى انقطع خبره فلم يعلم انه حي بعدها أم ميت، وجب التربص و الانتظار في تركته مدة أربع سنين كاملة يفحص فيها عن المفقود في الأطراف و النواحي التي يحتمل وجوده فيها على النحو الذي تقدم تفصيله في المسألة المائة و العشرين من كتاب الطلاق في حكم زوجة المفقود، فإذا انقضت مدة التربص كلها و تم الطلب و الفحص فيها عن المفقود على الوجه الذي بيناه هناك و لم يستبن له خبر و لم تعلم له حال حكم بموته شرعا، و قسمت تركته على وارثيه الموجودين في ذلك الحين، و لا يستحق الوارث الذي مات في أيام فقد الرجل قبل مدة التربص أو مات في أثناء المدة و قبل تمام الفحص، فلا يرث من تركة المفقود شيئا.

المسألة 279:

إذا انتهت المدة المضروبة للتربص، و تم الفحص في جميع المدة على الوجه المطلوب، ثم مات بعض أقارب المفقود بعد ذلك لم يرث المفقود من تركته شيئا، و إذا مات قريبه في أثناء المدة و قبل أن يتم الفحص ورث المفقود نصيبه من تركة ذلك القريب.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 344

المبحث الثالث: في ميراث ولد الملاعنة و ولد الزنا
المسألة 280:

إذا نفى الرجل نسب الولد الذي ولدته زوجته عن نفسه، أو نفى الحمل الذي في بطنها عن نفسه على الوجه الذي تقدم بيانه في فصل اللعان، و جرى اللعان بين الرجل و المرأة على ذلك انقطعت نسبة الولد الى الرجل شرعا، فلا يعود الرجل أبا للولد، و لا يكون الولد ابنا شرعيا للرجل، و انقطع النسب بين الولد و أقرباء الرجل، فلا يكونون بعد اللعان للولد أرحاما، و لا يكون هو لهم قريبا، فلا يرث الولد من الرجل إذا مات قبله و لا يرث أبناء الولد من الرجل إذا مات قبلهم، و لا يرث الرجل من الولد و لا من أبنائه إذا مات بعضهم قبله، و لا يرث الولد و لا أبناؤه من أقرباء الرجل و لا يرثون منه، لانقطاع النسب الشرعي بينهم بسبب اللعان، فلا يكون أولاد الرجل له اخوة لأبيه، و لا يكون آباء الرجل و أمهاته للولد أجدادا و جدات، و لا يكون اخوة الرجل و لا أخواته للولد أعماما و لا عمات، و هكذا في طبقات النسب التي تتصل به من قبل الأب.

المسألة 281:

يثبت النسب الشرعي بين ولد الملاعنة و بين أمه، و لا تجوز نسبته الى الزنا، فإذا قذفه أحد بعد اللعان بنسبته الى الزنا استوجب حد القذف بذلك، و يثبت نسب الولد مع الأرحام الذين يتصلون به من قبل أمه، فأولادها اخوة شرعيون له من قبل أمه، حتى أولادها من ذلك الرجل نفسه، فهم اخوة له من قبل أمه خاصة، و ليسوا اخوة اشقاء، و آباء الأم و أمهاتها أجداد له و جدات، و اخوانها و أخواتها أخوال له و خالات، فيصح نسبه إليهم و يثبت التوارث بينه و

بينهم، سواء كذب الرجل نفسه، فاعترف بالولد بعد اللعان، أم لم يكذب نفسه و لم يعترف بالنسب.

المسألة 282:

إذا نفى الرجل نسب الجنين في بطن زوجته الحامل عن نفسه، و لا عن الزوجة، انتفى نسب الحمل عنه، سواء ولدت واحدا أم اثنين أم أكثر، فلا نسب بينه و بينهم و لا توارث لهم معه و لا مع أقاربه.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 345

المسألة 283:

إذا نفى الرجل الولد أو الجنين عن نفسه و تم اللعان على ذلك، ثم كذب الرجل نفسه بعد اللعان، فاعترف بأن الولد أو الجنين منه و انه كاذب في لعانه، نفذ إقراره في حقه خاصة فإذا مات الرجل ورثه الولد إذا كان موجودا، و إذا مات الولد قبله لم يرث الرجل منه شيئا، و لا يترتب على إقراره أثر من آثار النسب غير ذلك فلا يحل للولد النظر الى محارمه من قبل الأب مثلا، و لا يرث من أقرباء الأب إذا ماتوا قبله كما لا يرثون منه إذا مات قبلهم و ان اعترفوا بنسبه و أنكروا اللعان على الرجل.

المسألة 284:

إذا أنكر الرجل نسبة الحمل اليه و نفاه عن نفسه، و لا عن الزوجة، لعانا تاما فوضعت ولدين، ثبت النسب بينهما من حيث الأم خاصة، و لم يثبت بينهما نسب الأب، فهما أخوان لأم و ليسا أخوين لأب، فإذا مات أحدهما قبل الآخر و ليس له وارث أقرب منه، فللموجود منهما من تركة الميت ميراث الأخ للأم.

المسألة 285:

لا فرق بين ولد الملاعنة و غيره في النصيب إذا ورث من أمه أو من أحد أقاربها، فإذا ماتت الأم و ليس لها وارث غيره، ورث التركة كلها سواء كان ذكرا أم أنثى على التفاصيل التي بيناها في ميراث الولد الذكر أو الأنثى، و إذا تركت عدة أولاد و هو أحدهم جرى فيهم حكم ميراث الأولاد المتعددين من حيث مقدار النصيب، و من حيث الإرث بالرد في بعض الفروض، و من حيث الاقتسام بالتساوي أو بالتفاضل، و إذا مات بعض قرابة الأم قسم المال بين ورثته و استحق ولد الملاعنة نصيبه من التركة بحسب الموازين الشرعية في الميراث و في كيفية الاقتسام.

المسألة 286:

إذا مات ولد الملاعنة ورثته أمه و أولاده الذكور و الإناث من أهل الطبقة الأولى، فإذا لم يكن له أولاد قام مقامهم أولادهم، و كان ميراثهم على الموازين التي تقدم بيانها في ميراث الأم و الأولاد.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 346

فإذا ترك أمه وحدها، ورثت ثلث المال بالفرض و استحقت الباقي بالرد، و إذا ترك ولدا ذكرا و لم يترك معه غيره، ورث المال كله بالقرابة، و إذا خلف ولدين ذكرين أو أولادا ذكورا، ورثوا جميع التركة و اقتسموها بالسواء.

و إذا خلف بعده بنتا واحدة ورثت نصف المال بالفرض و الباقي بالرد، و إذا خلف بعده بنتين أو أكثر، ورثن ثلثي التركة بالفرض و الباقي بالرد و اقتسمن الجميع بينهن بالسواء، و إذا خلف بعده أولادا و بنات اقتسموا المال لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

و إذا ترك أما و ولدا ذكرا أو أولادا ذكورا، كان للأم سدس التركة و كان الباقي للولد أو الأولاد على النهج الآنف ذكره، و إذا ترك بعده أما و

بنتا كان للأم السدس و للبنت النصف، ورد الثلث الباقي من التركة على الأم و البنت أرباعا، فللأم منه الربع و للبنت ثلاثة أرباعه، إلى آخر ما فصلنا ذكره في مبحث ميراث الآباء و الأولاد.

المسألة 287:

إذا لم تكن لولد الملاعنة أم و لا أولاد و لا أحفاد، ورثه أجداده و جداته من قبل أمه و اخوته و أخواته من قبلها على نهج ما ذكرناه في ميراث الطبقة الثانية و إذا لم يكن له اخوة قام أولادهم مقامهم، و إذا فقد أهل الطبقة الثانية ورثه الأخوال و الخالات و أولادهم، و إذا فقد الأقرباء الوارثون، ورثه المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم امام المسلمين (ع).

المسألة 288:

إذا ترك ولد الملاعنة بعد موته زوجة أو زوجا أخذ نصيب الزوجية فيأخذ الزوج النصف و تأخذ الزوجة الربع ان لم يكن له ولد و يأخذ الزوج الربع و الزوجة الثمن ان كان له ولد و يكون الباقي للورثة الآخرين.

المسألة 289:

إذا تعارف الشخصان ما بينهما، و كانا بالغين عاقلين مختارين، و أقر أحدهما بأن الآخر ولده، أو أخوه أو قريبه في النسب، و صدقه

كلمة التقوى، ج 7، ص: 347

الآخر في قوله، و لم يعلم بكذبهما، نفذ إقرارهما في حقهما و توارثا على ذلك، فإذا مات أحدهما ورثه الآخر إذا لم يكن له وارث أقرب منه، و لم يحتج إلى إقامة البينة على وجود النسب ما بينهما، و يشكل الحكم بثبوت التوارث بينهما إذا وجد للميت وارث آخر مساو للوارث المقر به أو أبعد منه، و لا يترك الاحتياط.

و يشكل الحكم أيضا بالتعدي من الشخصين المتعارفين الى غيرهما من أقربائهما، و لا يترك الاحتياط فيه كذلك.

المسألة 290:

لا يتحقق النسب من الزنا لا من قبل الرجل الزاني و لا من قبل المرأة الزانية، فلا يرث ابن الزنا أباه و لا أحدا ممن يتصل به من قبل أبيه إذا مات أحدهم قبله، و لا يرثونه إذا هو مات قبلهم، و لا يرث أمه و لا أقرباءها و لا يرثون منه كذلك.

و ينحصر النسب المقتضي للتوارث بينه و بين أولاده من النكاح الصحيح ذكورا و إناثا، و أولاد أولاده كذلك، و يقع التوارث معه أيضا بسبب الزوجية، فإذا تزوج ابن الزنا ثم مات ورثت الزوجة بعد موته الربع أو الثمن، و إذا تزوجت بنت الزنا ثم ماتت، كان للزوج النصف أو الربع، و إذا لم يكن له عقب ورثه المعتق، ثم ضامن الجريرة، فان لم يكن له وارث ورثه امام المسلمين (ع).

المسألة 291:

الولد من نكاح الشبهة كالولد من النكاح الصحيح، فيثبت النسب بينه و بين الواطئ بالشبهة، و بينه و بين أقرباء الواطئ، فأولاد الواطئ اخوة له، و آباؤه و أمهاته أجداد و جدات للولد، و اخوة الواطئ و أخواته أعمام و عمات، و يقع التوارث بينهم من غير فرق بينه و بين المولود بالنكاح الصحيح، و يثبت النسب بين المولود بالشبهة و بين المرأة الموطوءة بالشبهة، و بينه و بين قرابتها من أولاد و آباء و اخوان على نهج ما ذكر في الرجل، و يقع التوارث بينه و بينهم كذلك و يجري في الجميع على طبقات الوارثين في النكاح الصحيح أيضا.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 348

المسألة 292:

يلحق الولد بالواطي إذا كان وطؤه عن شبهة، و يثبت بينهما النسب و يقع بينهما التوارث كما ذكرنا، سواء كانت الأم مشتبهة كذلك أم كانت عالمة بالتحريم، و يلحق الولد بالأم إذا كانت مشتبهة، و يثبت النسب بينها و بين الولد و يثبت التوارث، سواء كان الأب مشتبها أيضا أم كان عالما بالتحريم.

و إذا اختلف الرجل و المرأة، فكان أحدهما معتقدا لإباحة الوطء و كان الآخر عالما بالحرمة اختص كل واحد منهما بحكمه، فيكون العالم بالحرمة منهما زانيا، فلا يلحق به الولد و لا يصح معه النسب و لا يقع التوارث، و يصح النسب و يقع التوارث مع الآخر المعتقد للإباحة.

المسألة 293:

تعرضنا لبيان المراد من وطء الشبهة الذي يلحق به النسب في المسألة المائة و الحادية و الثلاثين من كتاب النكاح، و في المسألة المائة و السادسة و الثلاثين من كتاب الطلاق، فليرجع إليهما لتعلقهما بهذه الأحكام، و الشبهة من الرجل و المرأة في ذلك على حد سواء، فالمعنى المراد فيهما واحد، و الأحكام فيهما واحدة.

المبحث الرابع في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم
المسألة 294:

إذا سبق أحد الشخصين المتوارثين فمات قبل قريبه، و بقي الآخر حيا بعده، كان الباقي وارثا، و الميت منهما مورثا، مع توفر شروط التوارث فيهما، و مثال ذلك أن يموت الأب قبل ولده أو يموت الولد قبل أبيه، و أن يموت الأخ قبل أخيه أو أخته، أو بالعكس، و إذا اقترن موت الشخصين لبعض الطواري أو في بعض الحالات، لم يرث أحدهما من الآخر شيئا، لعدم وجود شرط الإرث، و هو بقاء الوارث حيا بعد موت الموروث، و يكون الميراث للأحياء من الوارثين.

و قد يلتبس الأمر في بعض الحالات، فلا يدرى أسبق أحد الشخصين على صاحبه بالموت أم تقارنا، فيشكل الحكم بالإرث و عدمه، ما لم

كلمة التقوى، ج 7، ص: 349

يحرز وجود الشرط المذكور بقرينة توجب العلم أو بأمارة شرعية تدل عليه أو أصل شرعي يعتمد عليه.

المسألة 295:

إذا مات شخصان في حادثة غرق أو انهدام بيت أو جدار عليهما، و كان بين الغريقين أو المهدوم عليهما نسب أو سبب يوجب الإرث لكل من الشخصين للآخر، ورث كل واحد من الشخصين صاحبه شرعا، مع وجود الشروط الآتي ذكرها، سواء انفرد بميراثه وحده، لعدم وجود وارث غيره، أم كان معه وارث آخر يشاركه في ميراث التركة، و هكذا إذا كان الغرقى أو المهدوم عليهم أكثر من اثنين مع توفر الشروط فيهم جميعا.

و يشترط في ثبوت التوارث بين الغرقى و المهدوم عليهم، أولا: أن يكون لكل واحد منهم نسب أو سبب يوجب الإرث بالفعل من الآخرين كما ذكرنا، فلا يحكم بالتوارث إذا كان ممنوعا من الإرث لوجود وارث أقرب منه، أو لوجود مانع له من الإرث كالكفر و الرق و القتل.

و يشترط في ثبوت هذا الحكم ثانيا:

أن يكون لكل واحد من موتى الحادثة مال أو يكون لأحدهم مال، ليحكم بانتقاله الى الميت الآخر، و إذا لم يكن لأحدهم مال لم يكن للحكم بالتوارث أثر.

و يشترط فيه ثالثا: أن يجهل من سبق موته منهم، فإذا غرق الأب و الولد مثلا، و علم بأن الأب مات قبل الولد كان الوارث هو الولد لتحقق شرط الميراث فيه و هو حياته بعد أبيه، و لم يرث الأب منه شيئا، و إذا علم بأن الولد مات قبل الأب كان الوارث هو الأب و لم يرث الولد منه شيئا، و هو واضح، و انما يحكم بالتوارث للدليل الخاص مع الجهل بالسابق منهما بالموت قبل صاحبه.

المسألة 296:

إذا مات الشخصان في حادثة الغرق أو الهدم، و اجتمعت فيهما الشروط التي ذكرناها في المسألة المتقدمة ورث كل واحد من الشخصين نصيبه من تركة الآخر التي خلفها بعد موته، و لا يرث من المال الذي

كلمة التقوى، ج 7، ص: 350

ينتقل الى الآخر بالميراث بسبب الحادثة نفسها من هذا الوارث أو من غيره من موتى الحادثة.

فإذا غرق أب و ولد، و ترك الأب بعده مائتي دينار، و ترك الولد بعده مائة دينار، ورث الأب نصيبه الشرعي من المائة التي تركها ولده حين الغرق خاصة، و يعود ذلك ميراثا لورثة الأب الإحياء بعد الحادثة، و ورث الولد نصيبه الشرعي من المائتين التي تركها أبوه، و يعود ذلك ميراثا لورثة الولد الأحياء بعد الحادثة، و لا يرث الأب شيئا من المال الذي ورثه الولد من تركة الأب نفسه، و لا يرث الولد شيئا من المال الذي ورثه الأب من تركة الولد نفسه بسبب الحادثة.

و هكذا إذا غرق أخوان و خلف كل واحد منهما

مالا، ورث كل واحد من الأخوين من مال أخيه الغريق معه الذي تركه عند الموت دون المال الذي ينتقل إليه بالإرث في الحادثة نفسها.

المسألة 297:

إذا مات الغريقان أو المهدوم عليهما، و اجتمعت فيهما الشروط الآنف ذكرها، ورث بعضهما من بعض على طبق الموازين الشرعية في الميراث، فقد ينفرد الوارث منهما بالتركة كلها، و مثال ذلك ان يغرق الأب و الولد معا، و لا وارث للأب مع الولد الغريق، فيأخذ الولد تركة الأب كلها، و لا وارث للولد أيضا مع الأب الغريق، فيأخذ الأب تركة الولد كلها، ثم ينتقل ميراث كل واحد منهما الى ورثته الأحياء من المراتب أو من الطبقات الأخرى.

و قد ينفرد أحدهما بتركة صاحبه فيأخذها جميعا و يشترك الثاني مع وارث غيره، فيأخذ كل منهما نصيبه المعين له شرعا، و مثال ذلك:

أن يغرق الأب و الولد، و لا وارث للولد غير أبيه، فتكون تركة الولد الغريق كلها للأب، و يكون للأب ولدان ذكران أحدهما الغريق معه، فيقسم المال الأصلي للأب نصفين: أحدهما لولده الغريق معه، و النصف الآخر لولده الثاني، ثم ينتقل نصيب الولد الغريق من تركة أبيه إلى ورثته الأحياء، و يعود نصيب الأب و هو جميع تركة ابنه الغريق، و يعود معه النصف الثاني من تركة الأب نفسه ميراثا لولده الحي.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 351

و قد يشترك كل من الغريقين مع وارث آخر أو أكثر، فيأخذ نصيبه المقدر له خاصة من تركة الغريق الثاني، و مثال ذلك أن يغرق أخوان، يرث أحدهما الآخر، و يكون لهما اخوة آخرون يرثون منهما أيضا، فتقسم تركة كل من الغريقين على اخوته جميعا و منهم أخوه الغريق معه، ثم ينتقل نصيبه إلى إخوته الأحياء.

المسألة 298:

إذا مات الغريقان أو المهدوم عليهما، و ترك أحدهما مالا، و لم يترك الثاني بعد موته شيئا يورث، اختص حكم التوارث بأحد الطرفين، فيرث

الغريق الذي لا مال له نصيبه من تركة الآخر، فينفرد بالتركة كلها إذا لم يكن معه وارث غيره، و يأخذ حصته المقدرة له إذا وجد معه شريك آخر، ثم ينتقل ما استحقه من المال الى ورثته الأحياء من بعده، و لا يرث الغريق الآخر شيئا، فقد فرضنا انه لا مال لصاحبه ليرث منه، و لا يرث من تركة نفسه بعد ما تنتقل الى الغريق الآخر بالميراث.

المسألة 299:

إذا غرق الزوج و الزوجة فماتا، ورث الزوج نصف تركة زوجته إذا لم يكن لها ولد منه و لا من غيره، ورث ربع التركة إذا كان لها ولد، و ورثت الزوجة ربع تركة الزوج إذا لم يكن له ولد و أخذت الثمن ان كان له ولد، ثم ينتقل ما ورثه الزوج من مال زوجته و هو النصف أو الربع، و ما بقي من تركته بعد إخراج نصيب الزوجة و هو الربع أو الثمن و يعود جميع ذلك ميراثا لورثة الزوج الأحياء.

و ينتقل ما ورثته الزوجة من مال زوجها و هو الربع أو الثمن، و ما بقي من تركتها بعد إخراج نصيب الزوج منها و هو النصف أو الربع فيكون جميع ذلك ميراثا لورثة الزوجة الأحياء.

المسألة 300:

إذا غرقت الزوجة و بنتها و بقي الزوج و هو أبو البنت، كان للزوج ربع تركة الزوجة، سواء كان للزوجة ولد آخر غير البنت الغريقة معها أم لا، و كان الباقي من تركة الزوجة لبنتها بالفرض و الرد إذا لم يكن

كلمة التقوى، ج 7، ص: 352

معها من يشاركها في الميراث، و قسمت تركة البنت الغريقة على أبيها و أمها فللأم الثلث و للأب الثلثان.

و إذا غرق الزوج و بنته و بقيت الزوجة و هي أم البنت، ورثت الزوجة الثمن من تركة زوجها، و كان الباقي للبنت بالفرض و الرد إذا لم يكن معها من يشاركها في ميراث أبيها، و قسمت تركة البنت على أبيها و أمها فللأم ثلث التركة، و لأبيها الغريق الثلثان.

و من ذلك يعلم الحكم بالتوريث في ما إذا غرق الزوج و الزوجة و البنت، فيرث بعضهم من بعض من تركته الأصلية، و لا يرث منه مما

وصل اليه بالميراث من غريق معه سواء كان هو الغريق الذي ورثه أم غيره، و يرجع ما يصل اليه بالميراث من الغرقى أنفسهم إلى ورثته الأحياء خاصة، و كذلك إذا زاد الغرقى أو المهدوم عليهم عن ثلاثة.

المسألة 301:

إذا غرق شخصان و كان أحدهما يرث الآخر بالفعل، و كان الآخر لا يرث الأول لوجود من هو أقرب منه، أشكل الحكم بالتوريث من طرف واحد، و من أمثلة ذلك أن يغرق أخوان شقيقان، و يكون للكبير منهما ولد، فلا يرثه اخوه الغريق معه لوجود ولده، و لا يكون للصغير وارث غير أخيه لأنه أقرب الناس إليه، ففي توريث الكبير من الصغير في هذا الفرض إشكال.

المسألة 302:

قد تعرض بعض الحالات من الغرقى أو المهدوم عليهم، يكون بعض الأشخاص في الحادثة وارثا للأشخاص الآخرين بالفعل، و يكون الأشخاص الآخرون فيها غير وارثين الا على فرض غير معلوم، و مثال ذلك أن يغرق الرجل و يغرق معه ولداه، فان التوارث بين الأب و الولدين معلوم على كل حال، و لكن التوارث بين الولدين لا يكون حتى يعلم بموت الأب قبلهما فان الأخوين لا يتوارثان الا بعد فقد الأب، و هذا الفرض غير معلوم، و من أجل ذلك فلا يصح الحكم بالتوارث في مثل هذه الحالة لعدم إحراز الشرط المعتبر في التوارث.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 353

المسألة 303:

لا يترك الاحتياط بأن يقدم من هو أضعف نصيبا من صاحبه، فيورث قبل الآخر، ثم يورث من هو أكثر نصيبا بعده، و ان لم يكن لهذا التقديم أثر في تكثير حصة الوارث، فقد سبق ان التوريث بينهم انما هو في التركة الأصلية و لا يشمل ما وصل اليه بالميراث من موتى الحادثة الآخرين.

المسألة 304:

المدار أن تتحد حادثة الغرق أو الهدم التي أوجبت موت الغرقى و المهدوم عليهم، و من أجل ذلك فلا يعتبر أن تتحد السفينة التي غرقوا فيها أو البيت الذي انهدم عليهم، فإذا ركبوا في سفينتين أو أكثر و غرقت السفن معا في أمكنة متقاربة من البحر بسبب عاصفة شديدة واحدة أو بسبب هياج البحر و نحو ذلك و غرق الأشخاص للحادثة فالظاهر شمول الحكم لموتى الحادثة إذا اجتمعت فيهم شروط الحكم، و كذلك في حادثة الهدم فلا يشترط اتحاد البيت. بل لا يبعد شمول الحكم لما يوجب الهدم من الهزة الأرضية فانهدمت بها عدة منازل متقاربة في وقت واحد فمات الأشخاص و اشتبه المتقدم و المتأخر، و لا يشمل الحكم ما إذا تباعدت البيوت أو اختلفت الأوقات بحيث لا تعد حادثة واحدة.

المسألة 305:

لا يحكم بالتوارث على الأظهر بين الشخصين أو الأشخاص إذا ماتوا بغير الغرق و الهدم من الأسباب التي توجب الاشتباه في التقدم و التأخر في الموت، كحوادث التصادم و التحطم في وسائل النقل من سيارات و قطارات و طائرات و غيرها، أو ماتوا حتف أنوفهم كذلك من غير سبب ظاهر، أو ماتوا في حوادث حريق أو معركة قتال و شبه ذلك فلا يتعدى في الحكم الى غير الغرقى و المهدوم عليهم.

فان علم بتقارنهم بالموت أو احتمل ذلك لم يرث بعضهم من بعض، لعدم إحراز شرط الميراث، و ان علم بسبق بعضهم على بعض في الموت و لم يعلم السابق منهم على التعيين رجع الى القرعة، و إذا جهل السبق

كلمة التقوى، ج 7، ص: 354

و التأخر بينهم أشكل الحكم فيه، فلا يترك الرجوع في ذلك الى الاحتياط، و خصوصا إذا علم التاريخ في

موت أحدهم و جهل في الآخرين.

المبحث الخامس: في ميراث الخنثى
المسألة 306:

الخنثى انسان يكون له فرج الذكر و قبل الأنثى معا، و من أجل ذلك يلتبس أمره: أذكر هو فيعطى ميراث الذكور، أم أنثى فيعطى ميراث الإناث؟ فإن وضح من القرائن أو من فحوص من يعتمد عليه من أهل الخبرة أن أحد العضوين بعينه هو الأصلي فيه و ان الثاني هو الزائد في خلقته لحقه حكمه، و من ذلك ان يحتلم بعد بلوغه من عضو الذكورة فقط كما يحتلم الرجال، فيكون له حكم الرجال، أو يحيض من جهاز الأنوثة فقط كما تحيض الإناث، فيكون له حكم النساء.

فان لم يتضح حاله بشي ء من ذلك، نظر إليه في البول فان كان بوله يخرج من فرج الرجل خاصة فهو ذكر، و ان كان بوله من قبل الأنثى فهو أنثى، و ان كان يبول من كلا الفرجين لوحظ أيهما أسبق في ابتداء البول، فان كان بوله يبدأ من الذكر أولا فهو ذكر و ان كان يبدر من قبل الأنثى أولا فهو أنثى، و ان تساويا في ذلك عول على قوة الدفع و الانبعاث منه فأيهما كان الانبعاث منه أقوى و أكثر، لحقه حكمه، و يشكل التعويل على انقطاع البول أخيرا كما يراه جماعة، و يشكل الاعتماد على رواية عد الأضلاع كما ذهب اليه آخرون.

المسألة 307:

إذا ترك الميت من بعده ولدا ذكرا و ولدا خنثى، و لم يتضح أمر الخنثى بشي ء من العلامات الشرعية الآنف ذكرها، دفع اليه نصف ميراث الذكر و نصف ميراث الأنثى.

و كيفية تقسيم الفريضة بينهما، أن يفرض الخنثى ذكرا، و معنى ذلك ان الميت ترك ولدين ذكرين، فتكون التركة على هذا التقدير سهمين لكل من الولدين سهم، ثم يفرض الخنثى أنثى، و نتيجة ذلك ان الميت ترك

ولدا ذكرا و أنثى و تكون التركة ثلاثة سهام، سهمان منها للذكر

كلمة التقوى، ج 7، ص: 355

و سهم للأنثى، و الاثنان و الثلاثة من الأعداد المتباينة و القاعدة فيها أن يضرب أحد العددين في الآخر، و حاصل ضرب الاثنين في الثلاثة يبلغ ستة، فإذا أردنا تنصيف حصة الذكر و حصة الأنثى لنستخرج بذلك نصيب الخنثى ضربنا الستة في اثنين لأنها مخرج النصف و حاصل الضرب اثنا عشر، و يجعل ذلك أصل الفريضة.

فإذا فرضنا الخنثى ذكرا كان نصيبه منها ستة، و إذا فرضناه أنثى كان نصيبه منها أربعة، و مجموع النصيبين يبلغ عشرة، فيعطى الخنثى نصف ذلك و هو خمسة، و يدفع للذكر سبعة من الاثني عشر.

و إذا خلف الميت من بعده بنتا واحدة و ولدا خنثى اتبعت الطريقة المتقدمة في كيفية التقسيم، لاتحاد السبيل في الفرضين، و نصيب الخنثى من الاثنى عشر إذا فرضناه ذكرا هو ثمانية، و نصيبه إذا فرضناه أنثى هو ستة، و مجموع النصيبين أربعة عشر، فيدفع له نصف ذلك و هو سبعة و تعطى الأنثى خمسة.

المسألة 308:

إذا ترك الميت من بعده ولدين ذكرين و ولدا خنثى، فكيفية تقسيم التركة بينهم أن يفرض الخنثى ذكرا، فتكون الفريضة ثلاثة سهام، لكل ولد سهم، ثم يفرض أنثى، فتكون الفريضة خمسة، لكل واحد من الولدين الذكرين سهمان، و للخنثى و قد فرضناه أنثى سهم واحد، فتضرب الثلاثة في الخمسة لأنهما عددان متباينان كما تقدم و حاصل الضرب خمسة عشر، ثم يضرب ذلك في اثنين و هي مخرج النصف، فيبلغ حاصل الضرب ثلاثين، و يكون ذلك أصل الفريضة.

فإذا فرضنا الخنثى ذكرا كان نصيبه من الثلاثين عشرة، و لكل واحد من الذكرين عشرة أيضا، و إذا

فرضناه أنثى كان نصيبه من الثلاثين ستة و هي خمسها، و لكل واحد من الولدين الذكرين اثنا عشر و هي خمسان منها، و مجموع نصيبي الخنثى في الفرضين يبلغ ستة عشر، فيدفع له نصف ذلك و هو ثمانية، و يكون لكل واحد من الذكرين أحد عشر.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 356

المسألة 309:

إذا ترك الميت بنتين و ترك معهما ولدا خنثى، فرضنا الخنثى أولا ولدا ذكرا فتقسم التركة إلى أربعة سهام، لكل واحدة من البنتين سهم واحد، و للخنثى و قد فرضناه ذكرا سهمان، ثم فرضناه أنثى فتكون القسمة ثلاثة سهام، لكل واحدة من البنتين و للخنثى و قد فرضناه أنثى سهم واحد، ثم ضربنا الأربعة في ثلاثة لأنهما عددان متباينان، و حاصل الضرب هو اثنا عشر، ثم ضربنا الاثني عشر في اثنين لأننا نريد التنصيف للخنثى، و حاصل ضرب ذلك يبلغ أربعة و عشرين، و نصيب الخنثى من الأربعة و العشرين إذا فرضناه ذكرا هو اثنا عشر، و نصيبه منها إذا فرضناه أنثى هو ثمانية، و مجموع النصيبين هو عشرون، فيدفع له نصفهما و هو عشرة، و يدفع لكل واحدة من البنتين سبعة من الأربعة و العشرين.

المسألة 310:

إذا ترك الميت ولدا خنثى و لم يترك معه ولدا غيره ذكرا و لا أنثى أخذ نصيب الولد كله، فإذا لم يكن معه وارث آخر انفرد بالتركة كلها، و إذا كان معه أب أو أم للميت أخذ الأب و الأم نصيبهما و هو السدس و كان الباقي للولد الخنثى، و إذا كان معه زوج أو زوجة للميت أخذ الزوج الربع أو أخذت الزوجة الثمن و كان الباقي للخنثى.

المسألة 311:

تجري الأحكام الآنف ذكرها في ميراث الخنثى إذا كان أخا للميت و اجتمع مع اخوة له أو أخوات، أو كان عما للميت و اجتمع مع أعمام له أو عمات، و كان الذكر يختلف عن الأنثى في مقدار النصيب، فتتبع الأحكام و الطرائق المتقدمة في كيفية التقسيم.

المسألة 312:

إذا ولد انسان له رأسان و صدران على حقو واحد اعتبر حاله في ايقاظه عند استغراقه في النوم، فان استيقظ أحدهما و لم يستيقظ الآخر فهما اثنان فيرثان من قريبهما إذا مات عنهما ميراث شخصين،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 357

و ان انتبها معا فهو شخص واحد فيستحق ميراث واحد، و كذلك إذا كان له رأسان على بدن واحد.

و قد ورد عن الامام الصادق (ع) وجود الحالة الأولى في عهد أمير المؤمنين (ع)، و تكرر في النقل وجود مثلها في فترات أخرى من التأريخ، و قد رأيت جنينا من المعزى ولدته أمه على عكس هذه الحالة فكان له رأس واحد، و يدان و صدر واحد على بطنين و أربعة أرجل، و كان ميتا.

المسألة 313:

تتبع العلامة المذكورة بالإضافة إلى سائر الأحكام الأخرى أيضا كما تتبع في الميراث، فإذا نبه أحدهما من نومه فاستيقظ و لم يستيقظ الآخر، حكم عليهما بالتعدد من حيث الأحكام الأخرى، فتجب الصلاة و الصيام و الحج مثلا على كل واحد منهما، و تجب عليه الطهارة إذا حدث له أحد أسبابها من حدث أكبر أو حدث أصغر، فيجب عليه أن يغسل أعضاء الوضوء الخاصة به كالوجه و اليدين و يمسح رأسه ثم يمسح القدمين المشتركة بينه و بين الآخر فإذا فعل ذلك و صلى صحت صلاته و ان لم يتطهر الآخر و لم يصل، سواء كان الحدث الأصغر خاصا به كما إذا نام و لم ينم الآخر أم كان مشتركا بينهما كما إذا بال أو تغوط لأن مخرج البول و الغائط فيهما واحد فيكون حدث أحدهما حدثا للآخر.

و إذا أحدث بالحدث الأكبر و كان الحدث خاصا به كما إذا مس الميت وجب عليه أن

يغسل أعالي بدنه الخاصة به و يغسل الأسافل المشتركة بينه و بين الآخر و هي من الحقو فما تحته فيغتسل كذلك على النهج الشرعي للغسل من الحدث و يصح غسله و تصح صلاته به، و كذلك إذا اغتسل من الجنابة أو من الحيض أو الأحداث الأخرى، و ان وجب الغسل على الآخر أيضا لاتحاد المخرج فالحدث من أحدهما حدث من الآخر و إذا امتثل أحدهما على الوجه الصحيح صح غسله و صحت صلاته و ان لم يمتثل الآخر فلم يغتسل أو اغتسل و لم يصل.

و إذا كانا ينتبهان من النوم معا إذا نبه أحدهما حكم بأنه شخص واحد في الأحكام فعليه أن يأتي بصلاة واحدة و صوم واحد و حج واحد

كلمة التقوى، ج 7، ص: 358

و هكذا و إذا أحدث وجب عليه غسل جميع ما يغسل من أعضاء الوضوء من بدنه و مسح ما يمسح منها و لا يكتفى بغسل بعض دون بعض أو بمسح بعض دون بعض، و يسهل الأمر ندرة وجود مثله.

المسألة 314:

إذا ولد انسان و لم يكن له فرج ذكر و لا قبل أنثى، بل كان له ثقب يبول منه أو كان يبول و يتغوط من دبره، رجع في أمره الى القرعة، فيكتب على سهم (عبد اللّه) و يكتب على سهم آخر (أمة اللّه) و يطرح السهمان في سهام أخرى غير مكتوبة، ثم يقول من يوقع القرعة كما في صحيحة الفضيل بن يسار: اللهم أنت اللّه لا إله إلا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب، و تشوش السهام ثم يعمل على

أول سهم يخرج من السهمين المكتوبين، فيكون التوريث عليه، و كذلك إذا ولد المولود حيا فغرق قبل أن يعلم حاله أذكر هو أو أنثى، فيرجع الى القرعة.

المسألة 315:

لا يترك الاحتياط بقراءة الدعاء المذكور، و القرعة المذكورة انما هي لبيان حاله في الميراث خاصة فلا تترتب عليها أحكامه الأخرى، و إذا اتفق لذلك الإنسان ميراث آخر احتاج الى قرعة أخرى و لم يعمل فيه على القرعة الأولى.

الفصل الحادي عشر في مخارج الفروض و طريقة الحساب

المسألة 316:

الفروض هي الحصص المخصوصة التي حددها اللّه سبحانه في الكتاب لبعض الوارثين، و هي ستة، و قد ذكرناها و ذكرنا الوارثين الذين عينها اللّه لهم في المسألة الرابعة من كتاب الميراث.

و مخرج الفرض هو أقل عدد يخرج منه الفرض صحيحا من غير كسر، و مخارج الفروض المذكورة خمسة، فالاثنان أقل عدد يخرج

كلمة التقوى، ج 7، ص: 359

منه النصف صحيحا من غير كسر، فهي مخرج النصف، و الثلاثة أقل عدد يخرج منه الثلث و الثلثان، فهي مخرجهما، و الأربعة أقل عدد يخرج منه الربع، و الستة مخرج السدس و الثمانية مخرج الثمن.

فإذا اجتمع وارثان يستحق كل واحد نصف التركة، قسمت التركة سهمين متساويين و أخذ كل واحد منهما سهما، و مثال ذلك أن تموت امرأة و تترك بعدها زوجا و أختا واحدة لأبوين أو أختا لأب، فتنصف التركة بين الزوج و الأخت بالسواء، و كذلك إذا اجتمع وارث يستحق النصف مع وارث يستحق بقية المال، و مثاله أن تموت المرأة و لها زوج و أخ شقيق أو أخ لأب، فيأخذ الزوج النصف، و يرث الأخ البقية.

و إذا اجتمع فريقان من الورثة، فريق يستحق ثلث التركة، و فريق يستحق الثلثين، قسم المال ثلاثة سهام متساوية، و دفع واحد منها للفريق الأول، و اعطي السهمان الآخران الى الفريق الثاني، و مثال ذلك ان يموت الميت و له اخوة متعددون لأمه، و أخوات لأبويه كليهما أو لأبيه خاصة، فيقسم

المال بين الفريقين كذلك و يدفع الثلث لكلالة الأم بالسوية و يدفع الثلثان للأخوات بالسوية، و كذلك إذا ورث الفريق الأول الثلث، و ورث الفريق الثاني بقية المال، و مثاله أن يموت الميت و له اخوة متعددون لأمه، و أخ أو اخوة متعددون لأبويه كليهما أو لأبيه خاصة، فيدفع الثلث لكلالة الأم و يدفع الباقي للإخوة الآخرين أو يموت الميت و له أب و له أم و ليس له اخوة يحجبون الأم، فيدفع للأم ثلث المال و يدفع للأب الباقي من المال.

و إذا اجتمع وارثان يستحق أحدهما الربع و يرث الثاني ما بقي من التركة، قسم المال أربعة سهام متساوية، و دفع للوارث الأول منها سهم واحد، و كان للوارث الثاني ثلاثة سهام، و من أمثلة ذلك أن تموت المرأة و لها زوج و ولد فتقسم تركتها أربعة أقسام كما ذكرناه فيأخذ الزوج سهما و يرث الولد ثلاثة سهام، و من أمثلته أيضا ان يموت الرجل و يترك زوجة و أبا، أو يترك زوجة و أخا لأب، فتقسم تركته أربعة سهام متساوية و يدفع للزوجة أحدها و يدفع للأب أو الأخ ما بقي.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 360

و إذا اجتمع وارثان يرث أحدهما السدس و يستحق الآخر ما بقي، و مثاله أن يموت الميت و له أب و ولد، أو أم و ولد فتقسم التركة ستة سهام و يعطى الأب أو الأم سهما واحدا و يدفع الباقي للولد، و مثاله أيضا ان يموت الميت و له أخ أو أخت لأمه، و أم أو أخوة لأبويه، فيعطى الأخ أو الأخت لأمه سهما واحدا من ستة، و يكون الباقي للأخ أو الأخوة الأشقاء.

و إذا اجتمع وارثان يرث

أحدهما الثمن و يرث الآخر ما بقي و مثاله ان يموت الرجل و يترك بعده زوجة و ولدا فتقسم تركته ثمانية سهام و يدفع للزوجة واحد منها و يعطى الولد ما بقي.

المسألة 317:

إذا كان للميت وارثان و كلاهما من أصحاب الفروض، نظر في مخرج كل من الفرضين المعينين لهما و طبقت ما بينهما قاعدة الحساب الآتي بيانها، و سنذكر بعض الأمثلة الموضحة لها، و كذلك إذا كان الورثة أصحاب الفروض أكثر من اثنين، و انما يعمل ذلك لتكون سهام الوارثين ذوي الفروض أعدادا صحيحة لا كسر فيها، و مثله ما إذا كان الفريق الوارث بالفرض ممن تنكسر سهامه إذا قسمت على عدد افراده، كما إذا كانت سهامه المفروضة له أربعة و كانت أفراده خمسة أو ستة، فتتبع قاعدة الحساب الآتية بين عدد سهامه و عدد أفراده لتكثر السهام و يتخلص من الكسر.

المسألة 318:

كل عدد نلاحظه مع عدد آخر فقد يكونان متساويين في المقدار، كخمسة مع خمسة و عشرة مع عشرة، و عشرين مع عشرين و مائة مع مائة، و قد يكونان مختلفين فيه، و إذا اختلفا في المقدار، فقد يكون العدد الأقل منهما يفني العدد الأكثر إذا أسقطناه منه مرتين أو أكثر حتى لا يبقى من العدد الأكثر شي ء، و مثال ذلك خمسة مع عشرة أو مع خمسة عشر أو مع عشرين، فانا إذا أسقطنا الخمسة مرتين لم يبق من العشرة شي ء في المثال الأول، و إذا أسقطناها ثلاث مرات لم يبق

كلمة التقوى، ج 7، ص: 361

شي ء في المثال الثاني، و إذا أسقطناها أربع مرات لم يبق شي ء في المثال الثالث، و هكذا، و يسمى العددان متداخلين.

و إذا كان العدد الأقل لا يفني العدد الأكثر، فقد يكون لهما عدد آخر يفنيهما معا إذا أسقطناه منهما كذلك، فلا يبقى من العدد الأقل و لا من الأكثر شي ء، و مثال ذلك الأربعة و الستة، و الأربعة و العشرة،

فإن الاثنين تفني الأربعة إذا أسقطناها منها مرتين و تفني الستة إذا أسقطناها منها ثلاث مرات في المثال الأول، و تفني العشرة إذا أسقطناها خمسا في المثال الثاني، و من أمثلة ذلك الستة و التسعة و الخمسة عشرة، فإن عدد الثلاثة يفنيها بالإسقاط مرارا، و من أمثلة ذلك الثمانية و الاثنا عشر و العشرون، فإن الأربعة تفنيها جميعا إذا أسقطت منها مرارا، و هكذا، و يسمى العددان متوافقين، و وفقهما هو ذلك العدد الذي أفناهما بإسقاطه منهما.

فإذا كان العدد الذي يفنيهما هو الاثنين، فهما متوافقان بالنصف، و ذلك لأن الاثنين أقل عدد يخرج منه النصف صحيحا من غير كسر، و هما متوافقان بالثلث إذا كان العدد الذي يفنيهما هو الثلاثة، و متوافقان بالربع إذا كان هو الأربعة، و هكذا هما متوافقان بالخمس إذا عدتهما الخمسة، و بالسدس إذا أفنتهما الستة و بالسبع إذا عدتهما السبعة، و بالثمن و بالتسع و بالعشر، من حيث ان العدد الذي اتفقا فيه و الذي أفناهما هو مخرج هذه الكسور.

و قد يكون للعددين المختلفين أكثر من عدد واحد إذا أسقطناه منهما مرارا أفناهما معا، و مثال ذلك الاثنا عشر، و الثمانية عشر، فإنهما يفنيان معا إذا أسقطناهما اثنين اثنين، و يفنيان إذا أسقطناهما ثلاثة ثلاثة و يفنيان كذلك إذا أسقطناهما ستة ستة، فهما متوافقان بالنصف و متوافقان بالثلث و متوافقان بالسدس، و من أمثلته العشرون و الثلاثون، فهما يفنيان إذا أسقطناهما اثنين اثنين و إذا أسقطناهما خمسة خمسة، و عشرة عشرة، فهما متوافقان بالنصف و بالخمس، و بالعشر، و المعتبر عند أهل الحساب في هذه الحالة هو أقلها جزءا،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 362

فالاثنا عشر و الثمانية عشر متوافقان بالسدس،

و العشرون و الثلاثون متوافقان بالعشر.

و قد يتوافق العددان بجزء من أحد عشر و مثال ذلك الثلاثة و الثلاثون و الأربعة و الأربعون، أو بجزء من سبعة عشر و مثاله الأربعة و الثلاثون و الواحد و الخمسون، أو بجزء من تسعة عشر، و مثاله الثمانية و الثلاثون و السبعة و الخمسون، و نحو ذلك.

و قد لا يكون للعددين المختلفين عدد آخر يفنيهما معا غير الواحد و مثال ذلك الثلاثة و الأربعة، و الخمسة و الستة، و السبعة و الثمانية فيسمى العددان متباينين، و نتيجة لذلك فالعددان اما متماثلان أو متداخلان أو متوافقان أو متباينان.

المسألة 319:

إذا اجتمع للميت وارثان من ذوي الفروض يرث كل واحد منهما النصف، و مثال ذلك أن تموت المرأة و لها زوج و لها أخت واحدة لأبوين أو لأب، فإن فرض الزوج هو النصف، و فرض الأخت الواحدة هو النصف أيضا، و قد ذكرنا أن مخرج النصف هو الاثنان، فإذا لاحظنا مخرج كل واحد من النصفين كان ذلك من العددين المتماثلين، فيكتفى بأحدهما كما هو القاعدة في العددين المتماثلين، فيرث الزوج سهما و ترث الأخت سهما، و كذلك إذا اجتمع الثلث و الثلثان، كما إذا ترك الميت أختين أو أكثر لأب، و ترك معهن اخوة لأم، فإن الأخوات من الأب يرثن الثلثين و الاخوة المتعددون من كلالة الأم يرثون الثلث، و مخرج الثلثين هو الثلاثة، و مخرج الثلث هو الثلاثة أيضا فالعددان متماثلان يكتفى بأحدهما في تصحيح أصل الفريضة عند قسمتها.

المسألة 320:

إذا كان العددان متداخلين اكتفي في تصحيح أصل الفريضة بالعدد الأكثر منهما، كما إذا ترك الميت وارثين من أصحاب الفروض و كان أحدهما يرث النصف و الثاني يرث الربع، و مثال ذلك ان تخلف الميتة زوجا و بنتا واحدة، فالبنت الواحدة ترث النصف و مخرجه اثنان، و الزوج يرث الربع و مخرجه أربعة، و هما عددان متداخلان، فان

كلمة التقوى، ج 7، ص: 363

الاثنين تفني الأربعة إذا أسقطت منها مرتين، فيكتفى بالأكثر و منه تصح الفريضة، فيرث الزوج سهما واحدا من الأربعة و ترث البنت سهمين ثم يرد السهم الباقي على البنت، و كذلك إذا مات الرجل و خلف زوجة و أختا واحدة للأبوين أو للأب خاصة، فالزوجة ترث الربع و الأخت ترث النصف، فتكون القسمة من الأربعة كما في المثال السابق.

و منه ما إذا

ترك الميت زوجة و بنتا واحدة، فإن البنت ترث النصف و مخرجه الاثنان، و الزوجة ترث الثمن و مخرجه الثمانية و هما عددان متداخلان يفني الأقل الأكثر، فيكتفى بالثمانية في تصحيح الفريضة.

و من أمثلته أن يموت الميت و يترك بعده بنتا واحدة و أحد الأبوين، فالبنت ترث النصف و مخرجه اثنان، و أحد الأبوين يرث السدس و مخرجه ستة، و الاثنان و الستة عددان متداخلان، فيكتفى بالأكثر منهما و هو الستة و منه تصح الفريضة و من أمثلته أن يموت الميت و يترك بعده ابنتين و أبوين، فالابنتان ترثان الثلثين و مخرج الثلثين هو الثلاثة، و الأب و الأم يرثان السدسين و مخرج السدس هو الستة، و هما عددان متداخلان فيكتفى بالأكثر.

المسألة 321:

إذا كان العددان متوافقين ضرب وفق أحد العددين بالعدد الآخر و كان حاصل الضرب هو أصل الفريضة، كما إذا ترك الميت بعده وارثا يستحق ربع التركة و ترك معه وارثا يستحق السدس، و من أمثلة ذلك ان تموت المرأة و تخلف بعدها أحد أبويها، و تخلف معه زوجا و ولدا، فالزوج يستحق الربع و الأب يستحق السدس لوجود الولد، و مخرج الربع هو الأربعة، و مخرج السدس هو الستة، و الأربعة و الستة عددان متوافقان بالنصف، فان العدد الذي يفنيهما معا هو الاثنان و هو مخرج النصف، فيضرب نصف الأربعة في ستة، أو تضرب نصف الستة في الأربعة و حاصل الضرب اثنا عشر و يكون ذلك أصل الفريضة، فللزوج منها ثلاثة و هو ربعها و للأب منها اثنان و هو سدسها و الباقي للولد.

و من أمثلته أن يموت الرجل و له زوجة، و واحد من كلالة الأم،

كلمة التقوى، ج 7، ص: 364

فللزوجة الربع،

و للواحد من كلالة الأم السدس و يكون الحال فيه كما سبق في المثال الأول.

و من أمثلته أيضا أن يموت الرجل و يترك بعده زوجة و ولدا و أحد أبويه، فيستحق الأب السدس و تستحق الزوجة الثمن لوجود الولد، و مخرج السدس هو الستة، و مخرج الثمن هو الثمانية، و هما متوافقان بالنصف، فيضرب نصف الستة في الثمانية أو يضرب نصف الثمانية في الستة و حاصل الضرب أربعة و عشرون و يكون ذلك أصل الفريضة، فللأب منها أربعة و هو سدسها، و للزوجة منها ثلاثة و هو ثمنها، و يكون الباقي للولد.

المسألة 322:

إذا كان العددان متباينين ضرب أحد العددين بالآخر و ما يحصل من الضرب يكون هو أصل الفريضة، كما إذا ترك الميت وارثا يستحق الربع من التركة و وارثا آخر يستحق الثلث منها، أو يستحق الثلثين، و من أمثلة ذلك أن يموت رجل فيترك زوجة و أما، ففرض الزوجة الربع و مخرجه الأربعة، و فرض الأم هو الثلث و مخرجه الثلاثة، و الثلاثة و الأربعة عددان متباينان، فيضرب أحدهما بالآخر و ما ينتج من الضرب و هو اثنا عشر يكون أصل الفريضة فللزوجة منه ثلاثة و للأم منه أربعة، ثم يرد ما بقي منه على الأم.

و من أمثلته أيضا ان يموت شخص و يترك زوجة و أختين لأب، فللزوجة ربع التركة و للأختين الثلثان و مخرجهما أيضا هما الأربعة و الثلاثة و يجري فيهما البيان السابق كله، و من أمثلة ذلك أن تموت امرأة و لها زوج و أم، و فرض الزوج هو نصف التركة و مخرج النصف اثنان، و فرض الأم الثلث و مخرجه ثلاثة و العددان متباينان، فيضرب أحدهما بالآخر و ما

حصل من الضرب و هو ستة يكون أصل الفريضة، فللزوج نصفه و هو ثلاثة و للأم ثلثه و هو اثنان ثم يرد الباقي على الأم.

المسألة 323:

إذا ترك الميت ورثة من أصحاب الفروض و قسمت التركة عليهم بحسب فروضهم على المناهج التي تقدم بيانها فطابقت سهامهم من

كلمة التقوى، ج 7، ص: 365

الفريضة عددهم من غير زيادة و لا نقص، أخذ كل وارث منهم سهمه الذي حدد له و قد ذكرنا بعض الأمثلة لذلك.

و إذا تعدد أصحاب أحد الفروض فانكسرت سهامهم التي استحقوها بسبب الفرض على عددهم، لوحظ عدد سهامهم و عدد رؤوسهم، فان كان العددان متباينين، ضرب عدد رؤوسهم بأصل الفريضة و كان الناتج من هذا الضرب هو أصل الفريضة و صح تقسيمه على الجميع بلا كسر.

و مثال ذلك أن يموت شخص و له أب و أم و خمس بنات، فان كل واحد من الأبوين يستحق سدسا من التركة، و مخرج السدس هو الستة، و البنات يرثن ثلثي التركة، و مخرجهما هو الثلاثة، و الثلاثة و الستة عددان متداخلان فإن الثلاثة تفني الستة إذا أسقطت منها مرتين، و لذلك فيكتفى بالعدد الأكثر و هو الستة و يجعل هو أصل الفريضة كما ذكرنا في العددين المتداخلين، فيأخذ كل واحد من الأبوين واحدا من الستة، و يكون للبنات الثلثان منها و هو أربعة فتنكسر عليهن، فقد فرضنا أن عددهن خمسة، و الخمسة تباين الأربعة و هو عدد سهامهن، و لذلك فيضرب عددهن و هو الخمسة بأصل الفريضة و هو الستة كما ذكرنا في العددين المتباينين، و حاصل ضربهما يبلغ ثلاثين، و يجعل ذلك أصل الفريضة فللأب و الأم السدسان منه و هما عشرة لكل واحد منهما خمسة،

و للبنات الخمس الثلثان منه و هو عشرون يقسم عليهن بالسواء فلكل واحدة منهن أربعة.

و إذا فرضنا عدد البنات سبعة، و هو أيضا يباين الأربعة عدد سهامهن من الستة، فتضرب السبعة و هو عدد البنات بالستة و هو أصل الفريضة و ينتج ذلك اثنين و أربعين فنجعله أصل الفريضة و يصح تقسيمه من غير كسر، فللأب و الأم سدسا ذلك و هما أربعة عشر، و للبنات الثلثان و هما ثمانية و عشرون لكل واحدة منهن أربعة.

و من أمثلة ذلك أن يترك الميت بعده أبا و أما و أربع زوجات، فان للأم ثلث التركة و مخرجه ثلاثة و للزوجات الربع، و مخرجه أربعة و هما عددان متباينان فيضرب أحدهما بالآخر و يجعل الحاصل من الضرب

كلمة التقوى، ج 7، ص: 366

و هو اثنا عشر أصل الفريضة، فللأم الثلث و هو أربعة و للزوجات الربع و هو ثلاثة فتنكسر سهامهن عليهن و عدد سهامهن و هو ثلاثة يباين عددهن و هو أربعة فيضرب عددهن بأصل الفريضة و يكون حاصل الضرب ثمانية و أربعين، فترث الأم منه الثلث و هو ستة عشر، و ترث الزوجات الربع و هو اثنا عشر لكل واحدة منهن ثلاثة و يكون للأب بقية المال.

و إذا كان عدد أصحاب الفرض و عدد سهامهم متوافقين، ضرب الوفق من عددهم في أصل الفريضة و كان حاصل الضرب هو أصل الفريضة و صحت منه القسمة.

و مثال ذلك أن يموت أحد و يترك بعده أختا واحدة لأبوين أو لأب، و أربعة اخوة، لأم، فإن أصل الفريضة ستة و هي ما يحصل من ضرب مخرج النصف و هو اثنان في مخرج الثلث و هو ثلاثة و النصف هو فرض

الأخت الواحدة و الثلث هو فرض الاخوة للأم و قد تكرر منا ذكر ذلك، فترث الأخت النصف من الستة، و ترث الاخوة للأم الثلث منها و هو اثنان و هذا العدد ينكسر عليهم لأن عددهم أربعة، و عدد السهام و هو اثنان يوافق عددهم و هو الأربعة بالنصف، و ان كانا متداخلين أيضا، فإن التداخل غير معتبر في المقام من غير خلاف، فيضرب نصف عددهم و هو اثنان في أصل الفريضة و هو ستة و حاصل ضربهما اثنا عشر يجعل أصل الفريضة و تصح منه القسمة، فللأخت نصف الاثني عشر و هو ستة، و للأخوة من الأم الثلث منها و هو أربعة فلكل واحد واحد، ثم يرد الباقي على الأخت للأب وحدها.

و من أمثلة ذلك ان يموت شخص و له أب و أم و ست بنات، فلكل واحد من الأبوين السدس و للبنات الثلثان، و أصل الفريضة ستة و هي مخرج السدس و الثلثين، فيرث الأب واحدا من الستة و ترث الأم واحدا و ترث البنات أربعة، و هذا العدد ينكسر عليهن لأنهن ست، و الأربعة و هي عدد السهام توافق الستة بالنصف، فيضرب نصف عددهن و هو ثلاثة في أصل الفريضة و هو ستة و حاصل الضرب ثمانية عشر يكون أصل الفريضة، فللأب و الأم منه السدسان فلكل واحد منهما ثلاثة، و للبنات الثلثان و هو اثنا عشر فلكل واحدة منهن اثنان.

كلمة التقوى، ج 7، ص: 367

و قد تنكسر السهام على أكثر من فريق واحد، و هي كثيرة الصور و الشقوق، و استخراجها و تطبيقها صعب على العامة من الناس و لذلك أضربنا عن ذكرها و أضربنا عن بيان المناسخات في الفرائض، و من

أرادها فليطلبها من مطولات الأصحاب قدس اللّه أسرارهم.

و الحمد للّه رب العالمين بجميع محامده كلها على جميع نعمه كلها و كما يرضاه لنفسه و الصلاة الدائمة المباركة على خير خلقه محمد و آله المطهرين صلاة يرضاها لهم و تؤدي لهم عنا حقوقهم و تعمنا و جميع المؤمنين و المؤمنات بالبركة و الرحمة و الفضل و النعمة في دنيانا و آخرتنا انه أرحم الراحمين و خير المعطين.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.